الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"تكريم شهداء كورونا".. المفتي: لا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية في اعتراض إجراءات الدفن..و"الأشراف" تطلق مبادرة لتصحيح اللغط حول جثامينهم.. والأزهر: التنمر من المصابين سلوك ذميم

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تسبب موقف أهالي إحدى قرى محافظة الدقهلية صباح اليوم، في اعتراض إجراءات الدفن الشرعي لإحدى الشهيدات جراء الإصابة بجائحة كورونا المستجد، في حالة من الاستياء والإنكار دفعت المؤسسة الدينية إلى إدانتها وبيان مخالفتها من الناحية الشرعية والإنسانية وبيان تعارضها مع أخلاق وقيم المجتمع المصري. 


وعلق مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام، على التجمهر لرفض دفن شهداء كورونا بأنه أفعال غوغائية لا تمتُّ لديننا ولا قيمنا ولا أخلاقنا بأدنى صلة.
وقال علام إن من أهم مظاهر تكريم الإنسان بعد خروج روحه التعجيلُ بالصلاة عليه وتشييع جنازته ثم دفنه، وهذا ما أجمعت عليه أمة الإسلام منذ عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، مشددا على أنه لا يجوز بحال من الأحوال ارتكاب الأفعال المُشينة من التنمر الذي يعاني منه مرضى الكورونا -شفاهم الله- أو التجمهر الذي يعاني منه أهل الميت -رحمه الله- عند دفنه، ولا يجوز اتباع الأساليب الغوغائية -كالاعتراض على دفن شهداء فيروس كورونا- التي لا تمتُّ إلى ديننا ولا إلى قيمنا ولا إلى أخلاقنا بأدنى صلة.

وأضاف أنه قد شاع على ألسنتنا جميعًا قول إمام السلف أيوب السختياني رضي الله عنه: (إكرام الميت دفنه) ويؤيده ما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ فَلَا تَحْبِسُوهُ وَأَسْرِعُوا بِهِ إِلَى قَبْرِهِ).
وعلى ذلك فلا يجوز لأي إنسان أن يحرم أخاه الإنسان من هذا الحق الإلهي المتمثل في الدفن الذي قال الله فيه: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى}.
وأشار علام إلى أن المتوفى إذا كان قد لقي ربه متأثرًا بفيروس الكورونا فهو في حكم الشهيد عند الله تعالى لما وجد من ألم وتعب ومعاناة حتى لقي الله تعالى صابرًا محتسبا، فإذا كان المتوفى من الأطباء المرابطين الذين يواجهون الموت في كل لحظة ويضحون براحتهم بل بأرواحهم من أجل سلامة ونجاة غيرهم، فالامتنان والاحترام والتوقير في حقهم واجب والمسارعة بالتكريم لهم أوجب.
وأضاف المفتي أنه يجب على من حضر من المسلمين وجوبًا كفائيًّا أن يسارعوا بدفنه بالطريقة الشرعية المعهودة مع اتباع كافة الإجراءات والمعايير الصحية التي وضعتها الجهات المختصة لضمان أمن وسلامة المشرفين والحاضرين، وبما يضمن عدم انتشار الفيروس إلى منطقة الدفن والمناطق المجاورة.
ودعا مفتي الجمهورية جميع المصريين إلى أن يعملوا جميعًا على سد أبواب الفتن بعدم الاستماع إلى الشائعات المغرضة، وألا يستمعوا إلا لكلام أهل العلم والاختصاص، وأن يتناصحوا وأن يتراحموا وأن يتعاونوا على البر والتقوى، ولنكن كما قال صلى الله عليه وآله وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا".



التحقير والتنمر بالمصابين سلوك ذميم منهيٌ عنه شرعًا
في الوقت نفسه، تستمر خطورة فيروس كورونا في كل أنحاء العالم، بشكل سريع ومتزايد، إلا أن الأزمة لم تقتصر على المرض فقط وإنما أيضا بتنمر البعض على المصابين والإساءة إليهم.
وقرر بعض المصابين عدم الإفصاح عن إصابتهم بسبب الخوف من نظرة الناس إليهم، وتجنب أن يكونوا من المنبوذين.
ما دفع دار الإفتاء، عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيس بوك» إلى القول بأن التشاؤم والاستهزاء والتحقير والتنمر بالمصابين والمرضى سلوك ذميم منهيٌ عنه شرعًا.



ليست ذنبًا أو خطيئة 
في حين، أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى، أن الإسلامُ أعلى مِن قيمة السَّلام، وأرشدَ أتباعه إلى الاتصاف بكلِّ حَسَنٍ جميل، والانتهاء عن كلِّ فاحش بذيء، حتى يعمَّ السَّلامُ البلاد، ويَسْلَم كل شيء في الكون من لسان المؤمن ويده.
وأضاف أنه لا عجبَ -إذا كانت هذه رسالة الإسلام- أن يكون أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة هو حُسن خُلُقِه، قال ﷺ: «أَثْقَلُ شَيْءٍ فِي مِيزَانِ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُسْنُ الْخُلُقِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَيُبْغِضُ الْفَاحِشَ الْبَذِيَّ» [الأدب المفرد].
وشدد على أن التَّنمُّر من السّلوكيات المرفوضة التي تُنافي قيمتي السَّلام وحُسْن الخُلق في شريعة الإسلام، موضحا معناه لمن لا يعرفه بأنه: شكلٌ من أشكال الانتقاص والإيذاء والسُّخرية يُوجَّه إلى فرد أو مجموعة، ويؤثر بالسَّلب على صحتهم، وسلامتهم النَّفسيَّة -هذا بشكل عام-، وهو لا شك سُلوكٌ شائنٌ.
وأشار إلى أن هذا السُّلوك يزداد إجرمًا وشناعةً إذا عُومل به إنسانٌ لمجرد إصابته بمرض هو لم يختره لنفسه؛ وإنَّما قدَّره الله عليه، وكُلُّ إنسانٍ مُعرَّض لأن يكون موضعه -لا قدَّر الله-.
ولفت إلى أن الإسلامُ حرم الإيذاء والاعتداء ولو بكلمة أو نظرة؛ فقال تعالى: {وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقَالَ سيِّدُنا رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» [سنن ابن ماجه].
وقال الأزهر إن الضَّرر الذي وجَّه الإسلام لإزالته ليس الجسديّ فقط، وإنما وجَّه -كذلك- لإزالة الضَّرر النفسيّ الذي قد يكون أقسَى وأبعد أثرًا من الجَسَديّ، وإذا كان الإسلامُ قد دعا المُسلمَ إلى الأخذ بأسباب السَّلامة، واتباع إرشادات الوقاية حين مُعَاملة مريضٍ مُصَابٍ بمرضٍ مُعدٍ وقال في ذلك ﷺ: «وفِرَّ مِنْ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنْ الْأَسَدِ» [صحيح البخاري]. 
واستكمل: دعا الإسلام في الوقت نفسه إلى الحِفاظ على صِحَّة المريض النَّفسية؛ فقال ﷺ في شأن الجُذام أيضًا -وهو مرض معدٍ-: «لا تُدِيمُوا النَّظرَ إلى المَجْذُومينَ» [سنن ابن ماجه] ؛ أي لا تُطيلوا إليهم النَّظر، ولا تُّكرِّروا النَّظر لمَوَاطن المَرضِ؛ كي لا تتسببوا في إيذاء المَريضِ بنظراتكم، ولا شَكَّ أنَّ الانتباه لمُعاملة المريض، وعدم انتقاصه بكلمة أو تصرُّف خُلقٌ رفيعٌ مأمورٌ به من باب أولى.
وتابع: دعا الإسلام إلى احترام بني الإنسان وإكرامهم أصحاء ومرضى، أحياءً وأمواتًا؛ فقال تعالى: «وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..» [الإسراء: 70]، ودعا كذلك إلى مُداوة المرضى، والإحسان إليهم، والتَّألم لألمهم؛ فقال ﷺ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى» [مُتفق عليه].
وأوضح المركز أنَّ الإصابة بفيروس كُورونا ليست ذنبًا أو خطيئة ينبغي على المُصاب بها إخفاءها عن النَّاس؛ كي لا يُعيَّر؛ بل هو مرض كأي مرضٍ، ولا منقصَة فيه، وكلُّ إنسانٍ مُعرَّض للإصابة به، ونتائج إخفاء الإصابة به -من قِبَلِ المُصَابين- كارثية.
ويُفتي مركز الأزهر بحرمة إيذاء المُصاب به، أو الإساءة إليه ولو بنظرة، وبوجوب إكرام بني الإنسان في حَيَاتِهم وبعد مَوتِهم، داعيا إلى ضرورة تقديم الدَّعم النَّفسيّ لكلِّ مُصابي كُورونا وأُسَرهم، وإلى تكاتف أبناء الوطن جميعًا للقيام بواجبهم كلٌ في مَيدانِه وبما يستطيعه إلى أن تتجاوز مِصرنا الحبيبة هذه الأزمة بسَلامٍ وسَلامةٍ إنْ شاء الله تعالى.



مبادرة تصحيح اللغط حول خطورة جثمان المتوفي بكورونا 

بينما أعربت نقابة السادة الأشراف عن شديد اعتزازها بالدور البطولي الذي يقوم به أطباء مصر في مواجهة الوباء العالمي "الكورونا"، مؤكدة على أنها لاتفوت صغيرة ولا كبيرة من المجهود الخرافي الذي يقوم به "جيش مصر الأبيض".
وأبدت النقابة، أسفها البالغ على ما بدر من بعض الأهالي في قرية "شبرا البهو" من رفض دفن الطبيبة المتوفاة بفيروس كورونا، مؤكدة على أن ذلك لايعبر بأي حال من الأحوال عما يكنه الشعب المصري للأطباء، ومدى العرفان والجميل لتضحياتهم المقدسة في تلك الفترة الاستثنائية من عمر العالم.
وثمنت النقابة التحرك الأمني الفعال في الدقهلية، وسرعة التدخل للسماح لأسرة الطبيبة بدفنها، لتعلن النقابة عن أنها بصدد تدشين حزمة إجراءات عاجلة على أكثر من صعيد ومستوى خلال الفترة المقبلة، لمجابهة خطر كورونا من ناحية، والتوعية بشأنه وتصحيح المغلوط من وجهات النظر من ناحية أخرى.
ونوت النقابة تحريك جهود وحملات التوعية الواسعة والشاملة في ربوع البلاد، حول خطورة كورونا، وكيفية التعامل الأمثل للوقاية من الإصابة بالفيروس، وذلك بالتوازي تماما مع مجهودات لتصحيح وجهات النظر التي توصم المصاب بكورونا، وتؤدي للتنمر عليه وإيذاءه معنويا.
وأعلنت النقابة التنسيق مع وزارة الصحة بمختلف قطاعاتها، لاستيفاء المعلومات الصحيحة بشأن مريض كورونا، وحتى المتوفيين جراء الفيروس، وتوضيح قيام الوزارة بالخطوات السليمة في الغسل والدفن، والتي تحول تماما دون أي عدوى، ولا تستدعي بأي شكل حالة الفزع من المتوفيين، والتي وصلت إلى رفض دفنهم.
كما تسعى النقابة للتنسيق مع كافة المؤسسات الدينية في البلاد، في مقدمتهم الأزهر الشريف والكنيسة المصرية ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، لتوضيح صحيح المعلومات حول الكيفية الصحيحة لدفن مصابي كورونا، بهدف تطمين المواطنين إلى عدم خطورة الجثامين طالما يتم التعامل مع الأمر باحترافية شديدة اتبعتها الدولة المصرية في كافة الإجراءات منذ اليوم الأول لظهور الفيروس.
وفي هذا الإطار، ثمنت النقابة الجهود الشاملة التي يقوم بها الرئيس عبدالفتاح السيسي، ورئيس الحكومة مصطفى مدبولي، سواء للمكافحة أو التوعية، وتقديم كافة أشكال وسبل الدعم الصحي والاقتصادي للدولة ومواطنيها، معربة عن ثقتها في قدرة وصلابة الدولة المصرية على عبور أزمة كورونا وتخطيها بسلام.