الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المصدرون في زمن الوباء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قمت باتصال هاتفى بأحد أساتذتى الذى يعمل بدولة خليجية خلال الأسبوع الماضي أردت الاطمئنان عليه في ظل تطبيق كل هذه الإجراءات الطارئة في كثير من جهات كوكب الأرض، أتانى صوته قلقًا مضطربًا، يكاد أن يتحول لثورة غضب، أخبرنى أن الدول التى تحيا على استيراد كل شيء، حين يتوقف عنها سيل الصادرات فإنها تعيش وسط أشباح المستقبل، إذ أن البترول يأتى بثروات طائلة، يمكن لأصحابها أن يشتروا كل ما يريدون عبر الاستيراد، فماذا لو أن الثروة كانت لديك ولكن كل البشر محتاجون لكل ما ينتجون تصبح في حصار طائل الثراء، وتبدأ في تبادل حوارات هيتشكوكية من الخوف، على الرغم من أن دول العالم أظهرت تكاتفًا بينها وبين بعضها البعض إلى حد بعيد، إلا أنك يجب ألا تتوقف عن التفكير في تأمين ذاتك في ظل التطورات المتلاحقة.
تتمتع الدول التى تقدم إنتاجًا غزيرًا من منتج معين بفرصة كبيرة لزيادة صادراتها، إذ أن العالم صار يطلب أكثر حين يجد من يعطي، لا تعطى هذه الصادرات لاقتصاد الدول المصدرة انتعاشًا اقتصاديًا لأنها تعانى بالفعل من ذات الوباء، وتوقفت لديها عجلة العمل في كثير من المجالات وحقول العمل، إلا أنه يعطيها قدرًا من التحسن قد يمثل في وقت ما مع ازدياد الكساد العالمى إلى قبلة حياة تأتى في وقت حرج من حياة هذه الدول. 
تأتى الصادرات المصرية ضمن الصور المشرقة لهذا الجانب في الاقتصاد العالمى، إذ أعلنت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات عن ارتفاع قيمة صادرات مصر غير البترولية خلال شهرى يناير وفبراير ٢٠٢٠م بقيمة ١٤٠ مليون دولار لتسجل ٤.٣٩٤ مليار دولار، رغم تفشى الوباء الذى أوقف جانبًا كبيرًا من حركة التجارة العالمية، مقابل ٤.٢٥٤ مليار دولار بنفس الفترة من ٢٠١٩م. وارتفعت الصادرات في يناير ٢٠٢٠م بنحو ٨٥ مليون دولار بنسبة ٤٪ لتبلغ ٢.١٨٨ مليار دولار مقارنة ٢.١٠٣ مليار دولار خلال يناير ٢٠١٩م، فيما ارتفعت خلال فبراير ٢٠٢٠م بنحو ٥٥ مليون دولار لتسجل ٢.٢٠٦ مليار دولار مقابل ٢.٠١٥١ مليار دولار في ٢٠١٩م. وكشفت الرقابة على الصادرات أن ٢٠ سلعة غذائية حققت ٢٤٠ مليون دولار، وتصدرت قائمة الصادرات المصرية خلال فبراير ٢٠٢٠م أبرزها الحمضيات الطازجة أو المجففة والبطاطس الطازجة والمبردة والخضر المجمدة والجبن والشيكولاتة والفواكه الطازجة، وزادت قيمة الصادرات ٤ مجالس تصديرية، حيث كان من أبرزها "المجلس التصديرى للصناعات الغذائية" ليسجل ما قيمته ٢٧٩ مليون دولار في يناير الماضى مقارنة بـ٢٤١ مليون دولار خلال نفس الشهر من العام السابق، ثم جاء "المجلس التصديرى لمواد البناء" بقيمة ٤٩٤ مليون دولار مقارنة ب٤٤٧ مليون دولار" في يناير ٢٠١٩م. وارتفعت صادرات "المجلس التصديرى للسلع الهندسية والإلكترونية" خلال يناير ٢٠٢٠م لتسجل ما قيمته١٨٣ مليون دولار مقارنة ١٦٨ خلال يناير ٢٠١٩م، كما زادت صادرات "المجلس التصديرى للمفروشات" لتبلغ٤٤ مليون دولار خلال مقابل ٤٢ مليون دولار.
إذا كانت بعض الدول ارتفعت صادراتها في وقت الوباء، فإن هناك دولا يرتبط اقتصادها بشكل كبير بالصين وتعرضت لموجات عاتية من الوباء ستكون في مقدمة الدول المتضررة في تلك الفترة، وفى مقدمتها ألمانيا وسلوفاكيا وبلغاريا. ويُتوقع أن تؤدى تبعات كورونا إلى تآكل ما بين ٠.٠٥٪ و٠.١٪ من الناتج المحلى الإجمالى لتلك البلدان لكل هبوط قدره نحو ١٪ من النتاج المحلى الإجمالى للصين وهى نسبة ضئيلة حين مقارنتها بالدول الأخرى التى ترتبط بعلاقات تجارية مع بكين. تقول وكالة موديز في تقريرها إن الدول المصدرة للسلع والبضائع قبل الوباء بغزارة ستكون هى أكثر الدول تأثرًا بتبعات الوباء الاقتصادية. وحدد التقرير دولًا على غرار تايوان وسنغافورة وفيتنام وتايوان وماليزيا وكوريا الجنوبية كأكثر الدول تأثرًا من تبعات الفيروس القاتل الذى أودى بحياة نحو ألف شخص حتى الآن. وتطرقت موديز في تقريرها إلى الدول المصدرة للسلع، والتى تعتمد على الصين كسوق رئيسية لسلعها الأولية وبالتحديد في القارة السمراء والخليج.
إذن قد يكون الدرس الأول المستفاد من الأزمة أن عليك أن تحافظ على إنتاجك مهما كان ضئيلًا، بشرط أن تقتل من يعملون على الإنتاج. وهو القانون التى يسير عليه المجتمع الدولى عرفيًا حتى الآن.