رؤيته الجديدة في الشعر جعلته يصبح اتجاها منفردا في شكل القصيدة الحديثة، إنه الشاعر الفرنسي شارل بودلير، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الخميس.
كتب بودلير قصيدة النثر، محاولًا بذلك إيجاد روح الموسيقى في الشعر بعيدًا عن الكلمات والوزن والقافية، بعيدًا عن النغم والنظرة الكلاسيكية لمفهوم القصيدة، وأيضًا لاستيعاب العديد من تناقضات الحياة اليومية.
هذه المحاولة التي بحثت عن الموسيقى في التنافر والشر وفي السلوك البشري الغريب وفي الحب المنكسر والرغبات المكبوتة وفي العواطف التي لم تجد قلبًا تأنس إليه وتفيض ببوحها تجاهه.
وفي قصيدة له بعنوان "موت الفقراء" يقول بودلير:
إنه الموت الذي يعزّي واحسرتاه
وهو الذي يحملنا على الحياة
إنه غاية الحياة والأمل الوحيد
الذي يرفعنا ويبعث كالإكسير النشوة في نفوسنا
ويزوّدنا بالجرأة التي تجعلنا نتابع الطريق إلى النهاية
عبر الإعصار والثلج والجليد
هو الضوء المتموّج في آفاقنا السّود
إنه الفندق الذائع الصيت
الذي يوفر الطعام والراحة والنوم
إنه الملاك الذي يحمل بين أصابعه السحرية
الرقاد ونعمة الأحلام السعيدة
ويسوي مضاجع الفقراء والعراة
هو مجد الآلهة ومخزن الغلال الرمزي
وكيس نقود الفقراء وموطنهم القديم
إنه الرواق المفتوح على الآفاق
المجهولة...