الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

في ذكرى ميلاده.. مصادفات تقود "خليفة" للوقوع في سحر "بيسوا"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ظل القاص الراحل محمد حسن خليفة يحلم باليوم الذي ينشر فيه مجموعته القصصية الأولى، لكنه في اللحظة التي أصدر فيها مجموعته "إعلان عن قلب وحيد" لم يتمتع بمتابعة ردود الأفعال والإعداد لمشروع كتابه الثاني، فأثناء مشاركته في أول أيام معرض القاهرة الدولي للكتاب، في يناير الماضي، وعقب جولة قصيرة بعد حفل توقيع مجموعته القصصية يرحل خليفة إثر إصابته بسكتة قلبية.
خليفة، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الاثنين، لم يكن تجاوز عامه الثالث والعشرين حين اختطفه الموت، إذ كان ينتظر حصوله على بكالوريوس كلية الزراعة.
تربطه بعائلته علاقات أسرية طيبة للغاية، فالأسرة تتكون من أم وأخ وأختين هم جميعا من يبقون حوله خاصة بعد رحيل والده، من بين كتابته في مجموعته القصصية الوحيدة يمكننا أن نشير إلى وقوع خليفة في سحر الكاتب البرتغالي بيسوا، حيث كانت أولى المصادفات التي ساعدت في ذلك وفاة بيسوا في نفس السن التي توفي فيها والده، كلاهما مات وهو يبلغ من العمر سبعة وأربعين عامًا. 
فرناندو بيسوا، هو الشخصية التي سيطرت بشكل كبير على تفكير القاص الراحل "خليفة"، بيسوا فيلسوف وشاعر ومترجم برتغالي، أخذت كتاباته شكلا مليئا بالحزن والميل ناحية التعبير عن تعاسة الإنسان وثقل الحياة، له مقولة مشهورة تترجم بـ"كل منا يعيش حياتين: واحدة في الحلم، والأخرى تأخذنا إلى القبر"، ويتضح من خلالها مدى ميله ناحية الحلم لصناعة حياة بديلة عن السيئة التي تقودنا جبرا ناحية القبر.
كلمات بيسوا ليست الوحيدة التي أوقعت "خليفة" في حبه وسحره، إنما أيضا حياته الخاصة وشكله الذي ظهر فيه، تأثر مثلا بالقبعة السوداء والمعطف الأسود وشاربه المميز ونظارته البيضاء التي تكشف عن مدى بؤس الحياة التي أثقلته، لكن هذا رغم تأثيره ورغم ما كشف عنه خليفة في قصته "أنا وبيسوا" فإن هناك عاملا مهما جدا، اعتبره خليفة "مصادفة غريبة" حين عرف أن "بيسوا" كان يعاني من حالات مزاجية متقلبة مثله تمامًا، وأن "بيسوا" مات في السابعة والأربعين مثل أبيه أيضا.
"أنا الآن بجوار بيسوا الذي مات وعمره سبع وأربعون سنة تمامًا مثل السن الذي توفى فيه أبى، يا للمصادفة الغريبة".
ومن هنا يستطيع القاريء أن يتفهم هدف الكاتب من رغبته في تسمية المجموعة "أنا بيسوا" بدلا من الاسم الذي استقر عليه في النهاية "إعلان عن قلب وحيد"، وأن يتفهم الإهداء الذي كتبه في بداية المجموعة إلى أبيه –رحمه الله- وأن يتفهم أيضا التصدير الذي اقتبسه من كاتبه المفضل "بيسوا" من كتاب "اللاطمأنينة" وجاء فيه: "أنا ضواحي بلدة غير موجودة، التعليق المسترسل على كتاب لم يُكتب قط. أنا لا أحد على الإطلاق. لا أعرف كيف أشعر، كيف أفكَّر، كيف أريد. أنا شخصية في رواية غير مكتوبة، انطلق في الهواء، متناثرًا ولم يحدث قط أن كنت بين أحلام شخص لم يعرف كيف يكملني ".