"يمنحنا الشِّعر قدرةَ لَمْس اللامحسوس، وسَماع تيَّار الصمت الذي يغطّي فضاءً دَمَرَّهُ الأرَق"، "الصورة الشَّعرية هي عِناقُ الحقائق المتضادة"
هكذا كان يرى الشاعر المكسيكي "أكتافيو باث"، عالم الشعر والشعراء، والذي تحل اليوم الموافق 31 من مارس الذكرى الـ 106 على ميلاد صاحب نوبل في اللآداب، ليكون أول شاعر وأديب مكسيكي يفوز بهذه الجائزة.
حاول باث من خلال أعماله أن يتحرى عن شخصية الإنسان المكسيكي ويسبر أغوارها، كما عمل على إبراز القضايا التي سيطرت على فكره وهي الحب والزمن والوحدة، إذا قالت عنه "الأكاديمية السويدية" في حيثيات اعطائه جائزة نوبل:" أن أكتافيو باث فاز بجائزة نوبل لا لعمل معين من أعماله الأدبية، ولكن تكريمًا لمجمل كتاباته الشعرية والنثرية المتقدة بالعاطفة، والتي تتسم بآفاق ثقافية واسعة وتتميز بذكاء وطاقة إنسانية وقّادة".
عُرف "باث" بمعارضته الشديدة للفاشية، كما عمل دبلوماسيًا لبلاده في عدة دول، ولدى بإحدى ضواحي مدينة مكسيكو العاصمة لأب مكسيكي وأم من جنوب إسبانيا، كان لوالدته الأثر الكبير في تجربته الحياتية فكانت منذ طفولته تحثه على القراءة والإطلاع، وعندما برزت موهبته الشعرية كانت تشجعه على تحقيق طموحاته الأدبية.
تشعب نشاطه في عدة مجالات، فإلى جانب كونه شاعرًا، فقد كتب أيضًا العديد من الدراسات النقدية والتاريخية والمقالات السياسية، نشر "باث" أول أشعاره وهو في السابعة عشرة من عمره، ثم التقى بالشاعر التشيلي بثبلو نيرودا وتأثر بشعره، وفي عام 1936 شجعه نيرودا على زيارة إسبانيا لحضور مؤتمر الأدباء بمدينة فالنسيا، وكانت الحرب الأهلية الإسبانية على أشدها في ذلك الوقت.
وشملت كتابات "أكتافيو باث" الشعر والفن والدين والتاريخ والسياسة والنقد الأدبي، ونشرت له خمسة دواوين شعرية صدر أولها سنة 1949 وآخرها سنة 1987، ومن أهم أعماله كتاب "متاهة العزلة" و"حرية تحت كلمة"، و"فصل من العنف" و"فلامنورا".
حصل على عدد من الجوائز ومنها جائزة ثيربانتس - وهي أكبر جائزة أدبية تمنح لكتاب اللغة الإسبانية - عام 1981، وجائزة ت. س. إليوت من الولايات المتحدة الأمريكية عام 1987، كما رشح باث لجائزة نوبل عدة مرات خلال الثمانينيات ولكنه لم يفز بها إلا عام 1990.
