الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

دراسة جديدة حول تاريخ الأوبئة في مصر وتماسك الأمة لمكافحتها

المستشار الدكتور
المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أجري الفقيه المصرى المستشار الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، دراسة قضائية تشريعية عنوان " تشريعات الصحة الوقائية ووعى الأمة المصرية وتماسكها عبر تاريخها في مواجهة الأوبئة تحصين من فيروس كورونا وتأمين لصحة المواطنين. دراسة تحليلية في ضوء: تشريعات الصحة الوقائية وأسبقية الروح المعنوية للأمة المصرية منذ عام 1889 قبل نشأة المنظمات الدولية وخلق بعض الدول حتى قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 768 لسنة 2020" ايمانا منا بأن ما نقدمه للقارئ يزيد الوعى بين المواطنين ويبث روح الثقافة القانونية للصحة الوقائية حول مخاطر فيروس كورونا.
ونعرض في الجزء الأول لأهم ما تضمنته دراسة الدكتور محمد خفاجى عن تشريعات الصحة الوقائية ووعى الأمة المصرية وتماسكها عبر تاريخها في مواجهة الأوبئة تحصين من فيروس كورونا وتأمين لصحة المواطنين في النقاط التالية:
قال الدكتور محمد خفاجى، إن الصحة العامة من أسمى الأهداف التى تعمل الدول على بلوغها، وذلك من أجل استمرارحياة البشرية، لذاباتت الصحة العامة وحماية المواطنين من العدوى من الأمراض وفيروسات الوبائية من الموضوعات العالمية، ويمكن القول بأن الأمة المصرية قد تميزت عن كثير من الأمم وأولت الصحة العامة وحمايتها من الأوبئة عناية فائقة وذلك منذ 130 عاما قبل نشأة المنظمات الدولية ومنظمة الصحة العالمية بل قبل خلق العديد من الدول في العصر الحديث واستمر ذات النهج طوال عصور الملكية وعصور الجمهورية حتى يومنا هذا.
وأضاف أن نجاح الدولة المصرية في مواجهة الفيروسات الوبائية يرجع كذلك إلى تماسك الأمة المصرية عبر تاريخها الطويل بما تميز به المصريون من روح التكاتف الاجتماعي في مواجهة الأوبئة العامة، خاصة وأن فيروس كورونا حصد اَلاف الأروح في جميع أنحاء العالم سيما في الأمم المتقدمة في كافة المجالات، وتمكَن فيروس كورونا من دول عظمى كأمريكا والصين والمانيا وانجلترا وفرنسا وغيرها، ووقفت مشدوهة عاجزة عن مواجهة طوفانه عليها.
أكد " خفاجى"، أن الرئيس القائد عبد الفتاح السيسي يعطى صحة المواطنين الأولوية القصوى وحمايتهم من الوباء والمتابعة الموقوتة لإجراءات مكافحة انتشار فيروس كورونا، وأنه كلف الحكومة والأجهزة التنفيذية المختصة باتخاذ اللازم نحو تطوير الإجراءات الاحترازية المتبعة على مستوى الدولة والمواطن لتحقيق السلامة للمصريين، وبما لا يؤثر على متطلبات الحياة اليومية للمواطن وهذا ما أعلنه السيد الرئيس على صفحته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وإعمالًا لهذا التكليف الرئاسى أصدر رئيس مجلس الوزراء القرار رقم 768 لسنة 2020 متضمنا العديد من الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية لمواجهة هذا الوباء العالمى، وهو القرار الذى يواكب روح العصر برؤية وقائية واحترازية تكفل القضاء على انتشار فيروس كورونا حال استمرار نهج الأمة المصرية لما اتصفت به عبر التاريخ في أشد المحن الوبائية بالالتزام الكامل بالإجراءات.
وأشار الدكتور محمد خفاجى، أن توفير الثقافة الوقائية للمواطنين التى أحوج ما نكون إليها في ظل تلك الفترة العصيبة من تاريخ انتشار وباء كورونا في جميع أنحاء العالم من حولنا.وأن الروح المعنوية للشعوب مسألة غاية في الأهمية في مجال الحماية الوقائية تجاه فيروس عالمى شرس بلا هوادة لا يرحم ولا يستثنى جنسا بشريا من الوصول إليه في الكرة الأرضية خاصة وأنه صوب كل شراسته الهجومية نحو الدول العظمى الحاكمة للمجتمع الدولى التى وقفت أمامه في ذهول ودهشة لم يشفع لها كبريائها الذى حطمه على عتبة رؤسائها، متالعًا:" إن الحماية الوقائية للأمة المصرية من وباء كورونا العالمى تستهدف تحقيق الوقاية العامة من تفشي أخطر الأمراض المعدية الوبائية القاتلة، لتوفير رعاية الصحة الجماعية، بعد أن سخَرت الدولة المصرية جميع الوسائل والسبل لحماية الصحة العامة للمواطنين".
وأوضح " خفاجى"، أن موضوع الثقافة الوقائية من الأمراض الوبائية من الموضوعات المهمة في تاريخ الشعوب للتغلب على وباء كورونا القاتل والقصد منها تعرف الناس على الإجراءات السليمة والاتجاهات السديدة لوقاية المجتمع ورفع مستوى الصحة العامة لدى الجميع، فلم تعد الإجراءات الوقائية قاصرة فحسب على الكوادر الصحية المتخصصة وإنما تتشارك فيه جميع العلوم والتخصصات وقت الأزمات بحسبان أن التثقيف الوقائى ينصب أساسًا على سلوكيات الأفراد والجماعات داخل المجتمع بما يقتضيه من التكاتف الاجتماعي بالمعلومات التى تؤثر ايجابيا في سلوكهم نحو الوقاية من الوباء اللعين، وحتى يمكن الوصول للسياسة الثقافية الوقائية إلى بر الأمان يتوجب التعاون بين المسئولين والمواطنين لترجمة جميع الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية إلى أنماط سلوكية للناس داخل المجتمع وتزويدهم بمفاهيم وقيم وقائية لاستنهاض الهمم لوقاية المجتمع ككل بمختلف الفئات العمرية والوظيفية والاجتماعية.
ويكمل الدكتور محمد خفاجى، من يتعرف على الإرادة المصرية عبر التاريخ سيجد أنه إزاء الأمراض الوبائية تميزت الأمة المصرية بالتماسك والتكاتف بصلابة في مواجهة كثير من المحن الوبائية، وأنها اجتازت بيقين كل الصعاب بفضل هذا التلاحم في البناء الاجتماعي والالتزام وقت شدائد الأمراض المعدية، وفى ظل وباء كورونا لا خيار للأمة المصرية من النجاة سوى أن تشق طريقها الصحيح بتنوير فكر الشعب، وأمام الشائعات التى تطلقها الجماعة الإرهابية تجاه هذا الوباء بالتهويل تارة والتهوين تارة أخرى للنيل من تماسك الشعب المصرى تبدو الحاجة ماسة إلى بيئة صحية في الفضاء الثقافي والفكري عن الحماية الوقائية، فهناك خوف من المستقبل من وباء كورونا، لكننا كأمة مصرية نواجهه بقراءة تاريخ الأجيال المصرية العظيمة التى سبقتنا في التعامل مع الأوبئة.
وأكد " خفاجى"، إن المؤثرات النفسية في تقوية قدرة وعزيمة الأمة المصرية تؤثر في الحالة المعنوية للشعب، وتستهدف نمو الشعور بالثقة في الذات، وزيادة قوة الحماس في الالتزام بإجراءات الحماية الوقائية التى وضعتها الدولة، وتنمي روح الولاء للوطن فتماسك المجتمع ووحدته وتسانده وتضامنه يساعد على رفع الروح المعنوية في تجاوز المحنة الوبائية، بإظهار القوة والبأس بالعزم والتصميم والصمود والتساند والتلاحم والتماسك في مواجهة شدائد وباء الجائحة، وأن الإنسان المصرى الأصيل بطبعه يميل إلى الالتحام والالتصاق بمجتمعه عندما يواجه خطر الأوبئة الجائحة، والمجتمع بالتزامه في جميع الإجراءات الاحترازية يتوحد ويتماسك ويأتلف حول تنمية مشاعر الوحدة والتعاون، فهى السلاح ليواجه بها مشاعر السخط أو الحنق، خاصة وأن الحرب النفسية بشأن وباء كورونا لا تعرف الحدود الجغرافية لأنها تمارس عبر الفضاء الافتراضى، وتنطلق لتجوب العالم كله، وأن تاريخ الأمة المصرية يكشف النقاب عن أنها أمة قوية في معنوياتها وعزيمتها وصلابة إرادتها.
يقول الدكتور محمد خفاجى أنه في عام 1889 صدر الأمر العالي الصادر في 31 يناير سنة 1889 بشأن الرقابة الصحية على الأشخاص القادمين للقطر المصري من جهة موبوءة ببعض الأمراض المعدية، ومن ثم تكون مصر عام 1889 أول دولة في التاريخ الإنسانى للمجتمع الدولى وقبل نشأة المنظمات الدولية تقر نظام الرقابة الصحية على الأجانب القادمين إليها حماية للمصريين من الأوبئة من دول أخرى برا وبحرا قبل اختراع الطائرة من الأخوين أورفيل وويلبر رايت عام 1903، ثم الأمر العالي الصادر في 17 ديسمبر سنة 1890 بشأن التطعيم الواقي من مرض الجدري المعدل الأمر العالي في 6 أغسطس سنة 1897 وبالقانون رقم 9 لسنة 1917، مضيفًا إن القول بأن مصر بلد حضارة لم يأت من فراغ حتى في كيفية مواجهة الأوبئة وحماية المواطنين من الأمراض المعدية، فقد سبقت المنظمات الدولية قبل نشأتها في أول صورة لها وهى عصبة الأمم كأول منظمة أمن دولية تأسست عقب مؤتمر باريس للسلام عام 1919 الذى أنهى الحرب العالمية الأولى وضمت نحو 58 دولة واستمرت حتى عام 1946 لفشلها، ثم تلتها منظمة الأمم المتحدة، فالأمة المصرية سبقت العالم في حماية مواطنيها من الأوبئة العامة بفضل صلابتها وتماسكها الاجتماعي في مواجهة الأوبئة العامة، وقد عرفت القوانين التى تواجه السياسة الوقائية ضد الأوبئة والأمراض المعدية قبل نشأة منظمة الصحة العالمية وقبل إنشاء منظمة الأمم المتحدة ومن قبلها عصبة الأمم، بل وقبل خلق العديد من الدول في العصر الحديث.
يقول الدكتور محمد خفاجى بالإضافة إلى الأوامر العالية المتقدمة في نهاية القرن التاسع عشر ومع بداية القرن العشرين وقبل الحرب العالمية الأولى التى بدأت 28 يوليو 1914 حتى 11 نوفمبر 1918صدر في مصر القانون رقم 1 لسنة 1906 بشأن نقل الخرق، ثم القانون رقم 15 لسنة 1912 بشأن الاحتياطات الصحية من الأمراض المعدية والقوانين المعدلة له، ثم القرار الصادر من وزارة الداخلية بتاريخ 14 يونيو سنة 1914 بشأن المراقبة على الحجاج، ثم القانون رقم 10 لسنة 1917 بشأن الاحتياطات التي يعمل بها للوقاية من الكوليرا، الذى عُدل بالقانون رقم 3 لسنة 1927، وقبل الحرب العالمية الثانية التى بدأت 1 سبتمبر 1939 وانتهت في 2 سبتمبر 1945، صدر القانون رقم 21 لسنة 1920 بشأن جلب فرش الحلاقة للقطر المصري المعدل بالقانون رقم 18 لسنة 1928؛ ثم المرسوم الصادر في 21 مايو سنة 1930 بمنع انتشار مرض البستاكوز بين الإنسان والطيور؛ ثم القانون رقم 109 لسنة 1931 بشأن التطعيم باللقاح الواقي من الأمراض المعدية؛ ثم القانون رقم 24 لسنة 1940 بتاريخ 25/4/1940 بشأن الالتزام بالتحصين بالحقن الواقي من الدفتريا، إلى عُدل بالمرسوم بقانون رقم 307 لسنة 1952، وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، صدر القانون رقم 143 لسنة 1947 بتاريخ 6/10/1947 بشأن تخويل وزير الصحة العمومية بعض الاختصاصات المبينة بالمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 الخاص بشئون التموين ؛ ثم القانون رقم 144 لسنة 1947 بشأن تداول الطعم الواقي من مرض الكوليرا؛ ثم القانون رقم 149 لسنة 1947 بفرض بعض القيود للوقاية من الكوليرا؛ ثم القانون رقم 150 لسنة 1947 بفرض عقوبة على مخالفة أوامر الاستيلاء والتكاليف الصادرة في سبيل مكافحة وباء الكوليرا؛ ثم القانون رقم 953 لسنة 1947 باتخاذ تدابير للمحافظة على الصحة العامة عند ظهور وباء الكوليرا أو الطاعون؛ ثم القانون رقم 158 لسنة 1950 بمكافحة الأمراض الزهرية، ثم القانون رقم 123 لسنة 1956 بالتحصين الإجبارى ضد الدرن، ثم القانون رقم 137 لسنة 1958 بشأن الاحتياطات الصحية للوقاية من الأمراض المعدية بالإقليم المصري الذى ظل معمولًا به حتى اليوم.