الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"بدت المنازل فاتَّئِد يا حادي".. قصيدة لأحمد تقي الدين في ذكرى وفاته

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحتفي الأوساط الثقافية والفنية، اليوم الأحد، بذكرى وفاة الشاعر اللبناني والقاضي أحمد تقي الدين، الذي ظل طيلة حياته يعمل بالسلك القضائي حتى وفاته، سلك مسلك جده الشيخ أحمد الكبير وكذلك أبناءه، أشتهر بالعفة والنزاهة والعدل، وصفه الشعراء بأنه بشاعر عبقري وحكيما يعالج مشكلات الأمة، بفكر ثابت ورأي سديد ومدارك واسعة، بفضل عطاؤه الأدبي والقضائي المستنير جعله ينال وسام الاستحقاق اللبناني بعد رحيله.
ألف تقي الدين العديد من القصائد والدواوين إلى جانب مجموعة من المراجع والأحكام من بينها قصيدة "بدتِ المنازل فاْتَّئِدْ يا حادي".
بدتِ المنازل فاْتَّئِدْ يا حادي
هذي معاهدُ حِكمتي ورَشادي
هذي ربوعُ الأشرفيةِ كلّما
بانت تلفّت للرّبوع فؤادي
هذا هو القفص الذي فارقتُه
والقلبُ طائرُ هذه الأعواد
فإذا حننتُ إلى مجاثم أَسره
فكما يحنّ الحرّ للأصفاد
هذا هو الصرح الذي يفعتْ به
نفسي فغنَّتْ آيةَ الإنشاد
صرحٌ حمى بعلومه عَلَمَ الهُدى
وحمى بنهضته لِواءَ الضّاد
وخرجتُ للدنيا أَزفُّ شَهادتي
ثمِلًا كأني أعظمُ القوّاد
فرأيت أَني في الحياة كمبتدٍ
ورأيت ما حصّلتُه كمبادي
فرجعت تلميذًا أُزجّي قاربي
في بحرها المتلاطم الإزباد
ورأيت من أنوائه وخُطوبه
ما يستخفُّ بأَثقل الأَطواد
ماء أُجاج لا يَطيب لشارب
فإذا شربتَ فأَنتَ دومًا صادي
ورجعت للبرّ الأمين ترابُه
فوجدت فيه سُنّةَ الآساد
هذي هي الدنيا يسودُ قويُّها
وضعيفُها يمشي إلى اْستعباد
ودخلتُ في سلك القضاء مجاهدًا
وحمِدتُ في فتح القلوب جهادي
ومشيتُ في روح التُّقى والدينِ
مكتفيًا باخلاصي وقلّةِ زادي
فأَنا الغنيُّ بعفةٍ وعدالةٍ
وأَنا الفقيرُ لحكمةٍ وسَداد
ودعوتُ للإصلاح دعوةَ فاهمٍ
للدّينِ لا يرضى عن الإلحاد
فرأيت تيّار التجدّد جارفًا
عبثًا يُحاوَلُ ردُّه بعِناد
فلنمشِ في بحر الجديد بحكمةٍ
فهي السفينةُ والنبيُّ الهادي
ونظرتُ في الأوطان نظرةَ مصلحٍ
وجد العلوم مطيّةَ الإسعاد
فرأيت أن الغرب يرقى للسُّهى
والشرقُ يلهو في ثَرَى الأجداد
عبثًا نرى الإصلاح إن لم نطَّرِحْ
ما قد ورَثِنا من سَقيم تِلاد
ونظرتُ في الأزياء كيف تحكَّمتْ
وغدت حِلاها رِبقةَ الأجياد
فرأيت أّن الزّي في أحكامه
مَلِكُ الملوك وسيدُ الأمجاد
عبثًا نصادم بالكلام فُتوحَه
وجيوشُه تحتلّ في الأكباد
فَلْنَبغِ منه رحمةً فلعلّه
يعفو عن الفقراء والزُّهًّاد
ونظرتُ في الشعراء نظرةَ صاحب
فرأيت سوق الشعر رهنَ كسَاد
كثرت بضاعتُنا وقلّ مريدُها
لخلّوها من مُسحةِ الإنشاد
الشعر صوتُ النفس في أعماقها
فإذا نطقتَ به فأنتَ الشادي
وإذا نظمتم فانظموا في نهضةِ
الأوطان لا في زينبٍ وسُعاد
ونظرتُ في الأخلاق ما بين الورى
فرأيتُها تبكي على الأَجداد
في كل يوم للغَواية مشهدٌ
وبكل صَقع للخَلاعة نادي
فإذا أردتم للهداية معهدًا
فاْبنوا بيوت العلم فهو الهادي
ونظرتُ في لبنانَ مَوردٍ
عذبٍ على المصطاف والوَرّد
فرأيت في أبنائه عجبًا هُمُ
فيه ضِعافٌ في خمول بادي
وإذا نأوا عنه رأيتَ ضعيفَهم
يستصغر الإخطار كالآساد
مجموعُهم في أرضه مستضعَفٌ
والفردُ ممتاز على الأفراد
فهموا من الأديان عكس مُرادِها
لا ما أراد نبيُّها والفادي
والدّينُ إن يُفَهم وإن يُتبَع هدىً
ودِعايةٌ للخير والإسعاد
لكنه في الشرق آفةُ أَهله
للنقص في الأخلاق والإرشاد
هذي بلادي والبلادُ عزيزةٌ
عندي ولو جارتْ عليَّ بلادي
وأَنا اْبنُ لبنانٍ ووارثُ أّرزه
وموّرِثٌ لولائه أَولادي