الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

إدارة الشخصيات المستفزة في مجال العمل

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلعب العلاقات الإنسانية في كل مناحى الحياة دورًا مهمًا في تحديد درجة الصحة العامة للأفراد والمجتمعات، وهناك بعض الأشخاص الذين دائمًا ما يصدر عنهم تصرفات وسلوكيات تجعل من الصعب التعامل معهم بشكل طبيعى، وإنما بدرجة عالية من الحذر والتحكم في انفعالاتنا وردود أفعالنا، وهؤلاء موجودون في كل مكان، وكل واحد منا يعرف منهم شخصًا واحدًا على الأقل، ومن المحتمل أن نكون نحن أنفسنا نتسم بصفات تسبب السخط والغضب لمن حولنا وتجعل منا شخصيات مستفزة يصعب التعامل معها، وأيًا كان الدافع وراء سلوكيات وتصرفات الشخصيات المستفزة تظل هناك حقيقة مؤكدة وهى أنهم يمثلون مصدرًا حقيقيًا للقلق والإزعاج في حياتنا.
وتتخذ الشخصية المستفزة أشكالًا متعددة منها العدائية، والمتعالية، والمندفعة، والمعارضة التى تعترض على كل فكرة تطرح، والثرثارة التى تتحدث في موضوعات خارج السياق، والمشاغبة التى تتفنن في عرقلة سير العمل، والديكتاتورية التى ترفض أى أفكار أخرى، والهامسة التى تهمس مع الآخرين أثناء اجتماع أو حوار مهم، وغير المهتمة والمترددة التى لا تشارك في المناقشة أو الحوار، والذكية التى تتفنن في طرح أسئلة خادعة ببراعة متناهية.
ويُجمل Cary Sutherland، هذه الشخصيات أيًا كان موقعها الوظيفى في ثلاثة أنماط رئيسة: الأولى مثيرة للغضب، والثانية عدائية، والثالثة ميالة للإجهاد، وتتسم الأولى في الغالب بالبديهة والعناد، وعدم اللياقة، وسلاطة اللسان، والتعالي، والنقد، والرغبة في السيطرة، أما الثانية فتتسم بالصراحة والتحدي وإلقاء اللوم على الآخرين والهجوم بدلًا من الدفاع، وتتضح عدائيتها من خلال الحركات الجسدية، والعبوس، والضغط على الشفتين بقوة، وعدم الكشف عن الأسنان، والحملقة بالعينين، والخطاب الحاد، والصوت العالي، ومقاطعة الآخرين، وسرعة الغضب، وكثرة الانتقاد، وأما الثالثة فتتسم بتقديس العمل وإنجازه حتى في العطلات، والعيش في استعجال وسباق دائم مع الزمن، حتى في المشى والأكل والقيادة والأفعال والأقوال، وترفض الانتظار بل وتكرهه، وغالبًا ما تستخدم لغة الجسد كالتلويح باليد، والتخاطب بصوت عالٍ وعدائي، كما أنها تهتم بالعمل فقط، وتعيش في حالة تنافس دائم مع نفسها أو مع غيرها.
والواقع أن هذه الشخصيات قد تكون في المنزل أو في العمل أو بين الأصدقاء، ومن الصعب تحديد الدوافع التى تدفع الشخص المستفز للتصرف بهذا الشكل، ولكن الغالب أنه يريد أن يحظى باهتمام وتأييد وربما بإعجاب الآخرين من حوله. وغالبًا ماتكون هذه الشخصيات منفرة في مجال العمل نظرًا لميلها لعدم قبول الهزيمة وعدم مساندة الآخرين؛ من منطلق القناعة بأنهم دائمًا على حق، وأن لديهم الحل الأمثل لأبة مشكلة، ومن ثم التعامل مع الآخر على أساس أنه لا أحد يطابق معاييرهم، وقد يؤثر سلوك الشخص المستفز سلبًا على الروح المعنوية ويؤدى إلى تراجع الأداء وانخفاض مؤشرات العمل، وقد يتحول الشخص المستفز أيضًا إلى قدوة فيعزز الطابع الاستفزازى في مكان العمل مما يزيد الأمر سوءًا ويجعل المؤسسة تعيش في حالة من التوتر والقلق.
وحيث إنه من المبادئ الأساسية في توجيه السلوك أنه يتحدد بنتائجه، فإن البشر يكتسبون السلوك إذا تبعته مكافأة أو ثواب، كما أنهم يتجنبونه إذا ترتب عليه فقدان مكافأة أو عقاب، شريطة أن يكون هذا العقاب مباشرًا ويتكرر مع تكرار السلوك، ومن ثم فوقف السلوك المستفز يتطلب منا أن نجعل صاحبه يدرك أنه لن يجنى أى فائدة من سلوكه، مع التعزيز الإيجابي للسلوك المرغوب.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا: طالما أن هذه الشخصيات في حياتنا فكيف نتعامل معها ـ خاصة في مجال العمل؟!.
الواقع أن التعامل مع الشخصيات المستفزة غالبًا ما يشعرنا بالغضب، فإما أن نرد الهجوم بهجوم وينعكس ذلك سلبًا علينا من النواحى الصحية والاجتماعية والعملية، وإما أن ننسحب ونصاب بالإحباط وفقدان احترام الذات والآخرين. ولكى نتجنب ذلك هناك بعض الاستراتيجيات والأساليب التى يمكن اتباعها في التعاطى مع هذه الشخصيات، نجملها على النحو التالى:
• الشخصية المثيرة للغضب:
ابق هادئًا، وتنفس ببطء وبشكل منضبط، ودعه يخرج كل ما لديه، ولا تشابهه في سلوكه، ولكن لا تسمح له بالسيطرة على سلوكك أو السيطرة على النقاش، وأشعره أن أسلوبه محبط ويثير غضبك، وذلك من خلال طرح الأفكار والحقائق، واستخدام عبارات وأفكار إبداعية تحافظ على احترامه.
• الشخصية العدائية:
ابق هادئًا، وتنفس ببطء، واصغ لكلامه، وابحث عن نقاط في كلامه لموافقته، وكن موجزًا في رفض أفكاره بـ(لا) ولا تكن دفاعيًا أو عدائيًا.
• الشخصية المجهدة:
هذه الشخصية لا تستمع بشكل جيد؛ ولكنها تعبر عن أفكار الآخرين وتستكمل حديثهم ولا تهتم بالوقت، وهى ليست شخصية سيئة، ومن ثم تجنب الغضب والتحدى معها، وحاول التقرب إليها بوسائل مباشرة وغير مباشرة لضمان ولائها، وأفصح عن مشاعرك تجاهها مما يزيد من الثقة بينكما.
• الشخصية المتعالية:
وجه إليها أسئلة صعبة، أو أعد تعليقاتها لباقى الأعضاء لمناقشتها.
• الشخصية المندفعة:
اشكرها وأعط فرصة لأعضاء آخرين للاشتراك في المناقشة.
• الشخصية المعارضة:
حافظ على هدوئك، واشكرها، واطرح أفكارها الخاطئة على الأعضاء لمناقشتها. 
• الشخصية الثرثارة: 
قاطعها واشكرها، ثم اطرح النقاط المطلوب مناقشتها، وتابع الموضوع.
• الشخصية المشاغبة:
احتفظ بهدوئك، ووضح أهمية الحوار والغرض الأساسي من اللقاء.
• الشخصية الديكتاتورية:
اطرح أفكارها على باقى الأعضاء للمناقشة، وذكرها بضيق الوقت، وباستعدادك لمناقشة أفكارها فيما بعد
• الشخصية الهامسة:
لا تحرجه وادعه باسمه واسأله سؤالًا سهلًا أو أعد النقطة الأخيرة للحديث واسأله عن ملاحظاته حولها.
• الشخصية كثيرة الأخطاء:
علق على ملاحظاتها بالقول: هذه وجهة نظر في الموضوع، ولكن كيف يمكن التوفيق بينها وبين وجهة النظر الأخرى؟ (اذكر وجهة النظر الصحيحة)
•الشخصية الاعتمادية:
شجعه بصورة مستمرة لتقديم أفكاره، بخاصة عندما يخف الحماس تجاه مناقشة الموضوع المطروح.
• الشخصية الخائفة:
اسألها أسئلة سهلة، واثن عليها كلما كان ذلك ممكنًا، واجعلها تشعر بأهميتها.
• الشخصية غير المهتمة:
اسألها عن وظيفتها، وبين لها كيف يمكنها أن تستفيد من الموضوع المطروح للنقاش.
• الشخصية الذكية:
كن يقظًا للأسئلة التى تطرحها، وقم بعرضها على المجموعة للإجابة عنها.