الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

العمال بالقطاع الخاص في مصر.. هل تدفع "بنود القوة القاهرة" الشركات لتقليل العمالة أثناء أزمة كورونا؟.. وخبراء الاقتصاد: اللجوء لخفض الرواتب ويطالبون الدولة بإجراءات لحماية العمال

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في ظل أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، في عدد من دول العالم، وظهوره في مصر أيضًا وفقًا للبيانات الرسمية التي تعلن عنها وزارة الصحة والسكان يوميًا بنسب الإصابة والوفيات، واتخاذ الحكومة العديد من الإجراءات الاحترازية والوقائية المختلفة، التي وصلت لفرض حظر التجوال في البلاد بدءًا من الساعة السابعة مساءً وحتى السادسة صباحًا، تظهر أزمة تعاقد الموظفين والعمال بشركات القطاع الخاص والتزاماتها لحماية العاملين بها.



يأتي ذلك في ظل توقف العديد من الأنشطة الاقتصادية نتيجة تطبيق الدولة حظر التجوال، ما يزيد من احتمالية عدم وفاء شركات القطاع الخاص بالتزاماتها التعاقدية في الأيام المقبلة، ففي أي تعاقد لهذه الشركات من المفترض وجود بنود "القوة القاهرة"، والتي تتيح لطرفي التعاقد وقف الاتفاقات التعاقدية في حالة الظروف الخارجة عن الإرادة، وكي يحدث ذلك، يجب أن يجعل هذا الحدث الوفاء بالاتفاق أو جزء منه مستحيلًا، وكلما طالت الظروف الخارجة عن الإرادة، كلما تعطلت الالتزامات المفروضة على طرف التعاقد دون توقيع عقوبات عليه، أما إذا كان العقد لا يشمل حالات "القوة القاهرة"، يمكن لطرف التعاقد اللجوء إلى القضاء لإثبات أن "القوة القاهرة" منعته من الوفاء بالتزاماته التعاقدية.
فقد يضطر أصحاب هذه الشركات إذا طالت الأزمة لإنهاء العقود وفتح مجال لدفع مكافآت نهاية الخدمة، فهناك حالة من الغموض حول هذا الأمر، وفي الوقت ذاته يسعى القطاع الخاص إلى تفادي أحكام قانون العمل بهذا الشأن، خاصةً بعد تأثر التدفقات النقدية لديهم، بما في ذلك الشروط التي تفرض عليهم دفع 50% من أجور الموظفين في حال تم تعليق العمل مؤقتًا، والسعي إلى خفض المصروفات المفروضة على هذه الشركات.
فمنذ بداية أزمة تفشي فيروس "كورونا" في الصين، أصدرت الحكومة الصينية قرارًا لإثبات القوة القاهرة لموظفين وعمال الشركات الخاصة، لتعفي العديد من الشركات من التزاماتها في حالة خرق التعاقد، ومنذ بداية الشهر الحالي، أصدرت الصين نحو 4800 شهادة للشركات، تغطي عقودا بقيمة 53 مليار دولار.
ومن ناحيته، يقول الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إنه في ظل تطبيق الدولة قرار "حظر التجوال" لن يؤثر على عدد ساعات العمل في القطاع الخاص، حيث ينتهي الحظر في تمام الساعة السابعة مساءً كل يوم وحتى الساعة السادسة صباحًا، فخلال هذه المدة معظم الوظائف ستكون قد أنهت دوام العمل الخاص بها قبل بدء توقيت الحظر، مشيرًا إلى أن الدولة اتخذت العديد من الإجراءات للمؤسسات التابعة لها، والتي تستطيع تنظيم توقيت عملها مثل البنوك وسوق الأوراق المالية والبورصة، حيث ينتهي التداول في تمام الساعة 1.30 مساءً.
وتسأل الإدريسي، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، عن كيفية تعاون القطاع الخاص مع الدولة لمواجهة أزمة انتشار فيروس "كورونا"، فهذه ظروف استثنائية يعاني منها العالم أجمع، موضحًا أن الدولة قدمت للقطاع الخاص بشكل عام سواء المشروعات الصغيرة والمتوسطة أو المشروعات الكبرى ورجال الأعمال، مجموعة من الحوافز والمساعدات الضخمة جدًا مثل تخفيض أسعار الفائدة وتأجيل القروض لمدة 6 أشهر، ومنها المرتبطة بأسعار الطاقة مثل الغاز الطبيعي والكهرباء، وتوفير مليار جنيه للمصدرين وغيرها من الإجراءات الاقتصادية الداعمة لمختلف القطاعات.
ويضيف، أن الدولة قدمت هذا الدعم والحوافز أيضًا كي يحافظ القطاع الخاص على العمالة المتوفرة لديهم، وليس لتسريحها في ظل هذه الظروف الاستثنائية، وفقًا لمبدأ "الدولة بتحافظ عليك علشان تحافظ على غيرك"، وتقليل نزيف الخسائر الاقتصادية في هذه الظروف التي يعاني منها العالم أجمع، حيث تشريع قانون العمل لم يضع في الحسبان مواجهة الدولة لفيروس قاتل يهدد المواطنين عالميًا.
وأكد أن تسريح القطاع الخاص للموظفين والعمال أو تقليل رواتبهم أمر بعيد كل البعد عن الدعم الذي توفره الدولة لهم ولكافة الموظفين في ظل الظروف الراهنة الصعبة التي تواجهها البلاد، مضيفًا أنه من المتوقع حدوث تقليل المرتبات لموظفي القطاع الخاص، لأن حجم الإنتاجية انخفض مقارنةً بحجمها في الظروف الطبيعية، فلم تحقق بعض الشركات المكاسب المادية التي كانت تحققها قبل الأزمة، وكذلك العامل لم ينتج بنفس كمية الإنتاج التي كان ينتجها من قبل، وبالتالي التخفيض وارد حدوثه ولكنه يكون بنسب مقبولة، وليس بوصول التخفيض لنسبة 50% على سبيل المثال، فهذا أمر مبالغ فيه بشكل كبير جدًا، حيث إن معظم العاملين في هذا القطاع وخاصةً أصحاب الدخول المنخفضة الذي كانت رواتبهم في الظروف العادية تكفيهم إلى حد ما، وفي حالة التخفيض سيكون الأمر صعب جدًا عليهم.
وأوضح، أنه ليس جميع شركات القطاع الخاص تأثرت سلبًا بأزمة فيروس كورونا، فهناك شركات لم تتأثر على الإطلاق وأخرى تأثرت بنسبة كبيرة وشركات تأثرت سلبًا بنسبة قليلة، وذلك على حسب طبيعة عمل الشركة، فإن شركات الصناعات الغذائية تأثرت سلبًا مقارنةً بشركات أخرى تعمل في مجال الأدوية أو المستحضرات الطبية، والتي حققت مكاسب وليس خسائر خلال هذه الأزمة.

ويرى الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادي، أن القطاع الخاص يكون معدلته الرئيسية هي العائد والتكلفة، وفي حالة الهزات الاقتصادية أو أي ظروف تؤثر على إنتاجيته وأرباحه التي يحققها، فإن أول ما يفكر فيه هي موقف "العمالة" التي لديه وتأثيرها على مدى إمكانية استمرار أرباحه ووجود مستلزماته في السوق، موضحًا أن أحد اختياراته هي "تقليل وراتب العمالة مع الإبقاء عليهم" أو "تسريح بعضهم لتحقيق نوع من أنواع التوازن".
ويستكمل أبو زيد، في تصريح خاص لـ"البوابة نيوز"، أن العامل في القطاع الخاص يواجه الضرر في ظل الأزمة الراهنة، بالتالي لا بد أن تتخذ الدولة إجراءات أو قرارات تستطيع من خلالها الحفاظ على هؤلاء العمال في وقت الأزمات، وتكون بمثابة "سلاح رادع" أمام الشركات وأصحابها في أي وقت من الممكن أن يضروا بالعمال أو تسريحهم مما يؤثر على ارتفاع معدل البطالة في مصر، لافتًا إلى أنه في ظل أزمة فيروس "كورونا" هناك بعض الشركات بدأت صرف نصف وراتب العمال لديها بناءً على انخفاض على ساعات العمل وانخفاض الإنتاج أيضًا "في حالة الشركات والمصانع الإنتاجية" مما سيؤثر على ربحية وإنتاج المصانع.
ويضيف، أنه لا بد من إجراء بعض التعديلات الجوهرية على قانون العمل في الوقت الراهن، لأنه هناك بعض الأزمات التي يعاني منها الموظفين في القطاع الخاص، مشددًا على ضرورة تعديل القانون وسد الثغرات الموجودة به، بحيث يحفظ حقوق العامل وصاحب العمل على حدًا سواء، مشيرًا إلى أن القطاع الخاص يمثل في مصر أكثر من 55% من حجم الشركات العاملة حاليًا، فإن شركات القطاع الخاص أو قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة مهمة جدًا في نمو وتحسن الاقتصاد المصري، بالإضافة إلى خطط واستراتيجيات الدولة وإمكانياتها.