الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

«كورونا» يفضح ضعف وفساد نظام الملالى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
وزير الصحة يواجه أكبر أزمة في تاريخ إيران.. وبرلمانى يتهم الحكومة بالاستهتار بعد تفشى الفيروس
بينما تكافح حكومة الرئيس الإيرانى حسن روحانى لاحتواء أزمة تفشى فيروس كورونا مع وزير جديد للصحة، تواصل الشبكة السياسية الشخصية للمرشد الأعلى على خامنئى وتيار المحافظين مراقبة الحكومة المحاصرة بالفعل في لحظة حاسمة من تاريخ دولة الملالي؛ فعلى الرغم من أن وزير الصحة الإيرانى الحالى سعيد نمكى، تولى منصبه منذ نحو العام، لكنه يواجه أكبر الأزمات الصحية حتى الآن.
وفى هذا السياق، أشار الكاتب جايسون برودسكى مدير برنامج السياسات في مؤسسة «الاتحاد ضد إيران النووية»، إلى إنه لطالما كان هناك جدل ومشادات بين وزراء الصحة والرؤساء على مر التاريخ داخل إيران على خلفية المشكلات المحاطة بوضع الميزانية العامة للبلاد.
ففى عام ٢٠١٢ أقال الرئيس الإيرانى آنذاك محمود أحمدى نجاد أول وزيرة للصحة «مرضية وحيد داستجيردي» بعد تعليقات قالت فيها: «سمعت أن السيارات الفاخرة تم استيرادها بدولارات مدعومة، لكننى لا أعرف ماذا حدث للدولارات التى كان من المفترض تخصيصها لاستيراد الأدوية».
وبالمثل، صدرت عدة شكاوى عن وزير الصحة الذى تم تعيينه في الفترة الأولى لروحانى «حسن زاده هاشمي» من نقص الميزانية المخصصة للصحة في إيران في ذلك الوقت وتقدم باستقالته لهذا السبب، وقال في ذلك: «أنا عامل مجتهد ولدى تسامح كبير، هذه ليست قضايا جديدة، وأنا لم أعمل على جعل هذه القضايا علنية حتى الآن، لقد كتبت العديد من الرسائل إلى الرئيس، حدثت أشياء كثيرة ولم أخبر أحدًا».

إرث من الأزمات
وورث وزير الصحة الحالى سعيد نمكى، هذا الإرث؛ حيث يعتبر نمكى هو أول وزير للصحة من غير الأطباء؛ وهو أول صيدلى حاصل على دكتوراة في علم الأدوية يخدم على رأس وزارة الصحة منذ عام ١٩٧٩، فعلى الرغم من افتقاره إلى المكانة التى كان يتمتع بها أسلافه، لكن بالإضافة إلى كونه أستاذًا جامعيًا، عمل سابقًا كنائب في منظمة التخطيط والميزانية، وزارة الصحة وإدارة البيئة، كما أنه يعتبر أكثر من مجرد تكنوقراط إدارى على عكس الوزراء السابقين، الذين خدموا إما كأطباء أكاديميين بارزين، أو سياسيين بقاعدة دعم موجودة أو قادة على مستوى وزارى داخل ساحات السلطة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
في السياق ذاته، يؤكد الكاتب على وجود عدد كبير من العقبات التى تواجه وزير الصحة الإيرانى سعيد نمكى يتمثل أبرزها في أكبر أزمة صحية مرت على تاريخ الجمهورية الإسلامية، وهى تفشى فيروس -كوفيد ١٩) المعروف بكورونا، ويتزامن ذلك مع صعود التيار المحافظ في مجلس الشورى الإسلامى (البرلمان) الجديد الذى تقع في سلطاته قرارات إقالة المسئولين، ولكن ستقع عليه أيضًا مسئولية إدارة الأزمة في هذه الفترة الحرجة.
ففى أواخر فبراير ٢٠٢٠، اتهم برلمانى من قبل الحكومة بعدم الإبلاغ عن المدى الواسع لانتشار فيروس كورونا التاجى في مدينته وعدم أخذ هذه المسألة على محمل الجد، وفى هذا الإطار، تساءل نائب رئيس البرلمان الإيرانى الحالي، ووزير الصحة السابق مسعود بيزيكيان، عن أسباب عدم عزل مدينة قم عند ظهور الفيروس للمرة الأولى، قائلًا: «لو كنت وزيرًا للصحة، كنت سأقوم بفرض الحجر الصحى على مدينة قم منذ اليوم الأول، ولما سمحت للناس بمغادرة منازلهم».

سوء إدارة
وعليه، بات الخلاف شديدًا لدرجة أن على لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، كتب رسالة إلى المرشد الأعلى لإيران في الأيام الأخيرة يطلب فيها أن يتولى روحانى رئاسة فريق عمل وطنى لمكافحة الفيروس المستجد، الذى كانت تديره وزارة الصحة سابقًا، على خلفية شكاوى عدد كبير من المُشرعين بسوء إدارة وزير الصحة الحالى سعيد نمكى للأزمة.
ومن هنا، تشير تقارير إعلامية إيرانية إلى أن المرشد الأعلى آية الله على خامنئى طالب روحانى بذلك، لذا من المتوقع التركيز بشكل كبير على عمل وزارة الصحة عندما يعقد البرلمان دورته الجديدة في مايو٢٠٢٠. 
يتوازى ذلك، مع محاولة خامنئى التدخل في الأزمة من خلال استخدام شبكة حرسه القديمة لمواجهة الآثار السلبية لانتشار الفيروس؛ ففى الأيام الأولى من الأزمة، دعا المرشد الأعلى طبيبه الشخصى ووزير الصحة السابق، على رضا ماراندي، لاطلاعه على مخاطر هذا الفيروس المستجد والتحضير لمقابلة تليفزيونية لتوعية المواطنين في الشوارع.
وبالإضافة إلى مسئوليات ماراندى الطبية فهو يعمل أيضًا رئيسًا لأكاديمية العلوم الطبية الإيرانية وهو رجل دولة قديم في مكتب المرشد الأعلى وله كلمة مسموعة عندما يتعلق الأمر بالسياسة الصحية في البلاد؛ حيث يمكن مقارنة نفوذ ماراندى في مجال الرعاية الصحية بنفوذ وزير الخارجية الإيرانى الأطول خدمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية على أكبر ولايتي، والذى يعمل حاليًا مستشارًا لخامنئى في السياسة الخارجية.
وتعتبر الزيارة التى قام بها وزير الصحة السابق على رضا ماراندى علامة مهمة ومميزة فيما يتعلق بالخط الآخر المتعلق بالمرشد الأعلى والموازى لحكومة روحانى في البلاد، ولكن في الواقع فإنه الأكثر نفوذا وتأثيرًا.
وبينما تبذل حكومة روحانى بالتعاون مع وزير الصحة الحالى سعيد نمكى جهود كثيرة لمكافحة فيروس كورونا، تواصل الشبكة الشخصية للزعيم الأعلى مراقبة حكومة روحانى التى تمر بأكبر أزمة في تاريخ إيران، ظهرت آثارها السلبية على كل الأصعدة السياسية، الاقتصادية والاجتماعية.

قاعدة الحرس الثوري
في خضم هذه الجهود الحثيثة التى تبذلها جهات عدة على مستوى الجمهورية الإسلامية، أقام الحرس الثورى الإيرانى - الذى يقدم تقاريره مباشرة إلى المرشد الأعلى - قاعدته الخاصة به - «شفا»- لمكافحة الفيروس التاجي، على الرغم من أن الأمر المُعلن هو التعاون بين المؤسسات المختلفة، إلا أن وجود الحرس الثورى الإيرانى وامتلاكه للدور الأكثر بروزًا في الأزمة هو دليل على تنافس الكيانات الخاضعة لسيطرة المرشد الأعلى على خامنئى وربما استبدالها بالجهود التى تقودها إدارة روحاني، حتى وصل الأمر إلى ظهور شائعات عن نية وزير الصحة الاستقالة بسبب الاقتتال الداخلي.
ويشير الكاتب إلى أنه على الرغم من وجود لافتة جديدة في ميدان «فالياسر» في طهران - توجه الشكر للعاملين في مجال الرعاية الصحية، إلا أن إدارة روحانى تواجه ضغوطًا مزدوجة من مراكز السلطة المنتخبة وغير المنتخبة في إيران، الأمر الذى يتوازى مع تراجع الاقتصاد جراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية وهو ما يشير إلى إمكانية حدوث المزيد من الاضطرابات السياسية في الأشهر القليلة القادمة.