الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كورونا VS إيطاليا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يكترث أحد بما يحدث حوله من مصائب وربما لا يصدقها حتى يتجرع من هذا الكأس فيبدأ في الشعور بحجم الخطر والكارثة التي يشهدها الناس.
تقريبا هذا ما حدث بالضبط حين تم اكتشاف هذه السلالة الجديدة من فيروس كورونا عام 2019، والذي لم يصب البشر من قبل. تم اكتشاف الفيروس في الصين، تلك الدولة البعيدة، فلم يهتم أحد في إيطاليا بالأمر.
في فبراير الماضى، انتشر فيروس كورونا في شمال إيطاليا بسرعة كبيرة، طالبت الحكومة الإيطالية من الشعب ضرورة الحفاظ على هدوئهم وعدم الذعر، معلنة أن الأمر مجرد مرض أقوى بقليل من نزلات البرد، وأضافت أن الفيروس الجديد خطير فقط على كبار السن والأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة. 
وبالرغم من إغلاق المدارس العامة لمدة أسبوع، استمر باقي الشعب الإيطالي خاصة البالغين في ممارسة روتين حياتهم من: عمل وذهاب لمطاعم وبارات وملاهي ليلية ودور سينما. 
أصاب الفيروس الكثير من الناس لدرجة أن السلطات بدأت تشعر بالقلق، لم يصب الفيروس فقط الفئات الضعيفة من الناس، أصاب الجميع بالفعل.
بعد ذلك بدأ السياسيون بتقسيم إيطاليا إلى مناطق، المنطقة الحمراء: منطقة ميلانو، حيث عدد هائل من المصابين؛ المنطقة البرتقالية، المجاورة لمنطقة لومبارديا والمنطقة الصفراء، حيث الخطر الأقل. 
طالب السياسيون الإيطاليون من الشعب البقاء في المنزل لتجنب انتشار الفيروس، كما جددوا قرار إغلاق المدارس والمتاحف ودور السينما، وكانت المطاعم والحانات تعمل من الساعة 6 صباحًا حتى الساعة 6 مساءً، لم تكن تلك الإجراءات كافية، فهذا الفيروس معدٍ وخطير للغاية، أكثر مما تتوقعون.
تم إعلان إيطاليا بالكامل منطقة حمراء، وصارت الإجراءات والقيود أقوى؛ حيث لا يمكن لأحد الخروج إلا للذهاب إلى السوبر ماركت أو الصيدلية أو العمل. توقف الشرطة المواطنين السائرين في الشوارع للتحقق من سبب خروجهم من بيوتهم والتأكد أن الدافع للخروج قوي، وإن لم يكن كذلك يتم دفع غرامة. 
أصبحت المستشفيات مكتظة بالمرضى وأُرْهِق الأطباء والممرضات، وأصبح البقاء في المنزل هو السبيل الوحيد لتجنب زيادة عدد الضحايا أكثر فأكثر.
لم يكن المرء يتوقع يوما أن الحياة العادية نعمة كبيرة بهذا الشكل، لم نشعر بذلك إلا حين حرمنا منها، حقيقة الأمر أن الخضوع لتلك التعليمات أمر صعب للغاية، فنحن الشعب الذي يشعر بالدفء وقت العناق، نحب التجمعات ومشاركة الأصدقاء تفاصيل الحياة اليومية، نتحدث بود وتتلامس الأيدى لتأكيد الوصل، نجلس وكأننا محتضنون بعضنا البعض، نحن نستمتع بالحياة معا، أما الآن ما نحاول القيام به هو البقاء منفصلين متباعدين، نغني في الشرفة، نتشارك ذكريات حياتنا لكن عن بعد، نقوم بجولات افتراضية في بلدنا الجميلة، ننظم الحفلات لكن في الواقع الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، نجري مكالمات الفيديو، هذه هي طرقنا لنشعر بالحياة معًا، لأننا سنموت وحدنا.
أصبحت مهمتنا أن نتعامل بذكاء، نحاول التغيير، لأن الفيروس اللعين غير حياتنا، من جذورها، لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الوضع، نأمل قريبا،
كان من الممكن أن نحافظ على حياة العديد من الناس لو أننا اتخذنا تلك الإجراءات من البداية. 
والآن أرى أن العديد من الدول الأخرى يستهترون كما استهترنا ويتعاملون مع ذلك المرض كما تعاملنا في البداية. ولذلك أود أن أقول للجميع: ابقوا آمنين، إنها ليست مزحة، فأنت تخاطر بحياتك أو كل الأشياء الجميلة في العالم، أرجوكم ابقوا في المنزل.