الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

«الشغالة».. خطر نائم في البيوت.. مكاتب التخديم سمسرة ونصب.. الأجنبيات تدخل مصر بصورة غير شرعية ولا يوجد قانون للمحاسبة.. إيمان دويدار: احذروا مربيات الأطفال.. ثريا عبد الجواد: الأم الحاضر الغائب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ترى بعض الأسر في مصر، أن استقدام الخادمات ليس رفاهية داخل البيوت، بل بات شيئًا ضروريًا عند الكثير، وبخاصة الطبقات مرتفعة الدخل، أو ممن يحتاج إلى استقدام الخادمات من أجل المساعدة في أعمال المنزل ورعاية الأطفال والمسنين، وهناك من يؤيد وجودهن تحت مبرر «المضطر يلجأ إلى خادمة»، والبعض الآخر يرفض ذلك، بحجة أن وجودهن في البيت خطر نائم وقابل للانفجار.


وبالرغم من اعتقاد أصحاب الرأى الأول، بأن استقدام الخادمات أو المربيات شيء طبيعى لمنحهم الفرصة في قضاء مصالحهم وأعمالهم المختلفة، إلا أن هناك جدلا مثارا حول الإيجابيات والسلبيات، لأسباب تتعلق بدوافع استقدامهم لخادمات أو سيدات للعمل بالتربية كبديل للآباء والأمهات بالمنازل، خاصة مع انتشار الكثير من الحوادث التى برزت بالمجتمع خلال الفترة الماضية.
فلا يكاد يمر وقت حتى نسمع عن جرائم سرقة، أو تعرض أطفال أو كبار سن للعنف، وغيرها من الحوادث، التى يكون بطلها الخادمة بالمنزل في بعض الأحيان.

تكرار جرائم الخادمات يثير الجدل حول جدوى استقدامهن
تشير جرائم الخادمات في مصر، إلى وقائع مختلفة ومتنوعة حدثت خلال الفترة الأخيرة، منها قيام خادمة بتصوير سيدة مسنة خلال توسلها لها لمساعدتها على قضاء حاجتها، ولكن الخادمة رفضت ذلك، وصورت السيدة المسنة، التى تدعى «ص»، ٧٥ عاما، ونشرت الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبررت الخادمة والمتهمة بالواقعة المُعروفة إعلاميًا بـ «سيدة فيديو الحمام»، ما فعلته خلال تحقيقات نيابة الطالبية، قائلة: «كنت عاوزة أحرق دمها، لأنها كانت تعاملنى بقسوة وتهددنى بالطرد وقطع عيشى؛ فقررت أن أنتقم منها، وأنشر الفيديو»، لينتهى مصيرها إلى السجن.
وتكررت جرائم الخادمات، ولكن هذه المرة كانت عبارة عن سرقة ارتكبتها خادمة بالتعاون مع عامل، حيث سرقا مشغولات ذهبية قدرت بـ ٥ أطقم ذهب وأموالا من منزل إحدى الضحايا، والتى قامت بالإبلاغ عن الخادمة بقسم مصر الجديدة، حيث تبين صحة البلاغ ليتم حبس الخادمة والعامل بعد اعترافهما ومواجهتهما بالواقعة التى حدثت خلال شهر فبراير الماضي.



مكاتب تخديم 
يشار إلى أنه توجد الكثير من مكاتب التخديم التى تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي في الدعاية للحصول على خادمة مناسبة، بمقابل مادى يختلف باختلاف الجنسية والاحتياج، وهو ما يحمل شكل الإعلان.
حيث تعرض تلك الصفحات أرقام هواتف، وما إن تضع أحد المنشورات حتى تنهال التعليقات الراغبة في الحصول على خادمات من خلال الصفحة، وهو ما يبرره أحد أصحاب تلك الصفحات لـ«البوابة نيوز» بأنه أمر شرعى تماما.
ولفت صاحب مكتب تخديم، رفض ذكر اسمه لـ«البوابة نيوز»، إلى أن المكتب لديه سجل تجارى ويعمل بصورة شرعية تمامًا؛ حيث إن السمعة هى الميزان والمعيار في هذا النوع من العمل حسب كلامه، لافتًا إلى أن الحاجة إلى خادمات أمر مطلوب بشدة خاصة من العائلات التى لديها ظروف خاصة ككبار السن ومن بحاجة إلى رعاية طبية وغيرها.
وتعد مكاتب التخديم أحد أبرز الأماكن التى يمكن الاستدلال بها للحصول على خادمات بمصر، فهى مكاتب تخصص لتشغيل السيدات والرجال كخدم أو طباخين أو رعاية مسنين أو جليسات أطفال، ولا يقتصر الأمر على المصريات؛ حيث توجد خدمة أخرى تتمثل في خادمات أفريقيات من مختلف الدول كالكاميرون وأوغندا وإثيوبيا، أو أسيويات كالفلبينيات ومن مختلف الجنسيات، وهو ما يختلف في التسعير حسب كل جنسية وحسب طبيعة العمل.



مكاتب للنصب
يؤكد صبرى عبد العال، أحد المتضررين من مكاتب التخديم، أنه يجب على الجميع أن يأخذ احتياطاته من مكاتب التخديم ولا يثق فيها ثقة كاملة، مستشهد بتعرضه لعملية نصب من أحد السماسرة الذين يعملون في مجال توفير الخادمات لمن يطلب بتوفير مقابل مادى له.
وأوضح أن حادث النصب الذى تعرض له، تمثل في دفعه مقابل مادى كبير تجاوز ألف دولار نظير استقدام خادمة إثيوبية للعمل لديه بالمنزل بإقامة دائمة، ويشمل المبلغ تذكرة الطائرة والكشف الصحى ورسوم المطار، وكان من المفترض أن تأتى «الشغالة» بصورة رسمية، ولكن بعد أن حصل الرجل على العمولة مقابل استقدام الشغالة وبعد عملها نحو ثلاثة أشهر في الخدمة سحبها لمكان آخر، وهو ما فوجئ به، مشيرا إلى أن مشكلته أنه لم يكن على دراية بأن الخادمة دخلت البلاد بصورة غير شرعية، فكل همه كان إرضاء صاحبة المنزل بصرف النظر عن راتب الخادمة الذى يبلغ نحو ١٥٠ دولارًا وربما أكثر شهريًا، كما هو حال الخادمات الأجنبيات بمصر.
وأشار «عبد العال» إلى أن الخطأ لا يقع من الخادمة أو الشغالة، ولكن من صاحب المنزل نفسه، الذى استقبل خادمات دون إقامة شرعية في بعض الأحيان، لافتا إلى أن المشكلة دوما كانت عدم وجود قانون يعاقب الأسرة على إيواء شغالة أجنبية لا تحمل إقامة شرعية، وإنما يمكن ترحيلها، كما لا يتم ترحيلها في بعض الأحيان حال كونها سودانية وفق مبادئ الحريات الثلاثة التى وقعت عليها مصر، وهو ما يفتح الباب للنصب واستخدام الخادمة لأكثر من مرة من السمسار أو صاحب الشركة.
وترى هيام محمود، سيدة في الأربعين من عمرها، أن استقدام الخادمات بالمنزل أمرا ليس سلبيا على الدوام، وتابعت: «هناك نواح إيجابية، خاصة بالنسبة لمن لديه مشكلات صحية تتطلب استقدام خادمة بالمنزل، أو الحاجة إلى طاهية للمساعدة في أعمال المنزل، شريطة أن تكون تلك الخادمة موثوق منها ومن أمانتها».
ولفتت إلى أنها استقطبت خادمة للعمل بالمنزل لمساعدتها في طهى الطعام وتنظيف الشقة، لافتة إلى أن الأمر يكون له مزايا في تلك الحالة، مؤكدة أن الثقة والنظافة هى العامل الأساسى الذى قامت على أساسه بالاختيار.
وقالت جميلة أحمد، ربة منزل، إن استقدام خادمة بالمنزل أمر لا تشجع أن يكون بصورة دائمة؛ حيث يمكن التعاقد مع خادمة لتأتى مرة كل شهر، أو كل فترة معينة، لتنظيف المنزل أو الطهي، مشيرة إلى أن الخوف يكون من الشخص الغريب عن المنزل، ويتطلب هذا قدر من الحرص في التعامل.
بينما رأت ندى عزت، موظفة حكومية، أن الخادمة يكون لها دور إيجابى في رعاية السيدات الكبيرات حال احتجن إلى الرعاية في غياب الأبناء أو الأزواج، مشيرة إلى أن صديقتها اتجهت إلى استقدام خادمة لرعاية والدتها كبيرة السن، وهو أمر مطلوب في تلك الحالة، خاصة أن السيدة مريضة وتحتاج إلى الرعاية، لافتة إلى أنه برغم ذلك فيجب الحرص على أن تكون الخادمة تهتم بالمعايير الخاصة بالنظافة والطهى وغيرها من المظاهر المهمة التى يحتاجها كل منزل.



خطر على الأطفال
برغم إيجابيات الخادمات، فإن استقدام من يطلق عليهن جليسات الأطفال أو المربيات، قد يكون أمرًا سلبيًا، بحسب تأكيدات الدكتورة إيمان دويدار، استشارى الطب النفسي.
وقالت، إنه إذا كان تواجد الخادمة لنظافة المنزل أو المساعدة في أعمال منزلية كالطبخ أو قضاء بعض حاجات الأسرة، فهذا أمر لا يوجد عليه مشكلة، مؤكدة أن المشكلة الحقيقية تنبع من اتجاه بعض الأسر للاعتماد على الخادمات في تربية الأطفال خلال أغلب الوقت كبديل عن الآباء والأمهات، وهو ما يحدث في بعض الأسر التى تتجه إلى العمل، محذرة من تبعات ذلك، خاصة أن هذا يعد من أهم أسباب تعرض الأطفال للدمار النفسى والمادي، لأنه في مراحل معينة من الطفولة يكون الطفل بحاجة لتواجد الآباء والأمهات في حياته.
ووجهت استشارى الطب النفسى رسالة إلى الأمهات بعدم ترك أطفالهن للخادمة، قائلة: «الأم هى الأولى بالرعاية»، مستنكرة اتجاه بعض الأسر إلى الاعتماد على الخادمات في قضاء حاجات الأطفال الأساسية.
ولفتت «دويدار» إلى أن خطر الاعتماد على الخادمات في تربية الأطفال، يتمثل في أن المربية تقوم بعمل الأم في الوقت، الذى تنصرف هى فيه لقضاء حاجاتها، ليكون الطفل هنا هو الضحية، موضحة أن الكارثة هى أنه قد تنشأ علاقة بين الطفل والمربية أكبر من علاقته بالأم، فتصبح هنا أحب إليه من والدته، في ظل معايشتها للطفل والتعامل معه باستمرار، وقد يكره الطفل والدته ويتجه للانجذاب للمربية في حالة قيام الأم بتوبيخه في العديد من الحالات، ما يجعل العلاقة بين الأم وابنها علاقة بها شد وجذب.
وأوضحت أن الأم للأسف في بعض الحالات لا تفيق إلا حينما تقع الكارثة، وليست الخطورة ترك الطفل وحده لساعات مع المربية أو الخادمة، ولكن الخطورة الحقيقية هو تعلق الطفل بالمربية وعدم اهتمامه بوالدته فيكون وجودها مثل عدمه.
وأشارت استشارى الطب النفسى، إلى أن من مضاعفات ذلك أيضا أن الأطفال يعولون آمالا كبيرة على مربيتهم، وأنها التى تستطيع حمايتهم من خلال تلبية احتياجاتهم النفسية والمادية وهو ما يجعلها تحل محل الأم.
وقالت إن ذلك يؤدى إلى ابتعاد الطفل عن والدته وقربه يزداد بمربيته، وتزداد الخطورة هنا إذا كان الطفل ذكرا، فيتعلق بها أكثر وأكثر، وبخاصة إذا كانت تعامله برفق لم يجده من أمه؛ حيث إن استمرار مربيته معه حتى مرحلة المراهقة وما بعدها قد يجعل الطفل يرتبط بها جنسيا.
وحذرت استشارى الطب النفسى من أن الأطفال قد يتعرضون للأذى النفسى والبدنى من جراء المعاملة السيئة من قبل المربية، نتيجة لعدم الصبر عليهم، فيما يرتكبوه من أخطاء، فلا تجيد التعامل معهم إلا بالعنف والعدوان الموجه للطفل منها، ما ينتج لنا أطفالا يعانون العنف والعدوان والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية الأخرى، مؤكدة أن الطفل الذى يفتقد حنان أمه صغيرا إلى أن يتجاوز مرحلة الطفولة المتأخرة لا يصدقها أبدا عند عودتها إليه مرة أخرى حتى لو أقسمت له على حبها له ورغبتها في أن يكون أفضل إنسان في العالم.



بدورها، قالت الدكتورة رحاب العوضي، استشارى الصحة النفسية، إن وجود الخادمات داخل المنازل مقتصر على الطبقات الاجتماعية الغنية داخل المجتمع المصري، حيث تلجأ بعض الأمهات إلى الاستعانة بخادمة من أجل العمل أو أداء بعض الأعمال التى تستغرق وقتا طويلا بعيدة عن أطفالها، وهو سلوك خاطئ تماما من الأم خلال مرحلة معينة من مراحل حياة الأطفال يكونون في أمس الحاجة إلى تواجد الأم بينهم.
وأوضحت استشارى الصحة النفسية، أن مرحلة الطفولة المبكرة ومراحل التعلم الأساسية يكون الطفل خلالها بحاجة إلى الأم، لأنه يكون في طور التمييز، فيبدأ في التفرقة بين الصواب من الخطأ، وبين القريب من البعيد وغيرها.
وأشارت إلى أن تلك المرحلة العمرية من حياة الطفل لا يمكن تغييب دور الأم عن حياة ابنها أو بنتها حتى لا يكون هناك خلل في التربية وتظهر علاقات شاذة أو سيئة، وقد تصبح شخصية الطفل غير طبيعية حال عدم اتباع ذلك، والاتجاه إلى استقدام المربية أو الخادمة بالمنزل.
وأشارت العوضى إلى أنه حينما ينشأ الطفل دون حضور الأم، فلا يمكن معرفة المتغيرات التى تؤثر فيه، ولا تستطيع التعرف على سلوكه، الأمر الذى يجعلها لا تعرف أسلوب التعامل معه، وهو ما يضره فيما بعد أثناء فترة المراهقة، حينما لا يجد أمه بجواره ويتجه إلى أصدقاء السوء خلال دراسته الجامعية، ويتبع ذلك العديد من أنماط السلوك السلبية بسبب غياب دور الأم في حياته وإهمالها له، وتتفاوت خطورة ذلك الفكر الذى يحمله الطفل من صغره حتى وصوله لمرحلة متقدمة من السن.



مشكلات نفسية 
رأت الدكتورة ثريا عبد الجواد، أستاذة علم النفس، أن أبرز المشكلات النفسية التى يعانيها الطفل والتى تؤثر بالسلب فيه، هو شعور الطفل بالافتقاد لأمه وغياب حضورها بالمنزل وعدم أداء أعمالها المتمثلة في مراعاة ذويها وطهى الطعام وأعمال المنزل، مشيرة إلى أن ذلك أمر محدود داخل مصر حيث ينحصر عمل الخادمات على الطهى وأعمال المنزل، وهو ما تحرص عليه الكثير من الأمهات اللهم إلا في طبقات اجتماعية معينة، وقد تكون تلك الخادمات من دول أخرى مثل الفلبين وماليزيا، وهو ما يحتمل تعليم الطفل سلوكيات معينة سواء إيجابية أو سلبية، ويكون لذلك آثار أخرى من الناحية النفسية وعدم وجود ارتباط بين الأم والخادمة.
وأشارت إلى أن بعض الأمهات قد يرين أن الأمر شىء طبيعى ولا تأثير سلبى على الأطفال، بحجة وجود دول أخرى بها مربيات، مثل الدول الغربية، ولكن الثابت أنه لا وجه للمقارنة بين الأم المصرية والأم بدول أخرى وغيرها.
واعتبرت أن الأم المصرية لها خلفية ثقافية معينة تجعلها مميزة عن غيرها من الأمهات بدول العالم، مثلها مثل الأمهات العربيات، واللاتى يهتممن بأبنائهن، ولا يتركن الباب مفتوحا لتنامى العلاقة بين أبنائها والخادمات أو المربيات بالمنازل.