يتناول الباحث المسرحي العراقي الدكتور قيس عودة قاسم، في كتابه "الموسيقى والمكان.. آلية تصوير المكان المفترض في موسيقى العرض المسرحي"، الذي صدر حديثا عن الهيئة العربية للمسرح، المكان المسرحي بوصفه أحد العناصر المهمة الذي يحوي الأحداث الدرامية، فقد رافقت الموسيقى أحداث المسرح تاريخيا، ولم يقتصر دور الموسيقى على مصاحبة الحوار وملئ الفراغات، بل أخذت مساحة واسعة في محاكاة الأحداث الدرامية وتصوير الفضاء المسرحي، إذ يمكن أن تأخذ الموسيقى وظيفة درامية تلعب دورا إبلاغيا بمكان الحدث تمنحه أبعادا افتراضية ذات دلالات وشفرات غير موجودة، تنتجها صورة الموسيقى بشكل افتراضي، والتي تشكل نوعا من التأثيث السمعي.
ويرى المؤلف أن صورة الألحان تمتلك نظاما من العلاقات المتجانسة والدلالات المتناغمة التي تكون صورة متخيلة "افتراضية" للمكان في العرض المسرحي، وهنا المكان ليس ذلك المكان المجسد بل هو المكان الذي نسمعه، مكان متخيل افتراضي يتجسد بأصوات ومؤثرات الموسيقى وإيقاعاتها التي ترافقه. كما يتناول المؤلف في كتابه الصورة الدرامية للعرض المسرحي، مفهوم المكان قراءة في الفكر الفلسفي، والمكان في فكر الفلاسفة المحدثين، تصوير المكان بين الواقع والخيال، والموسيقى والتكوين الافتراضي لصورة المكان الدرامي، صورة المكان بين مفهوم المؤلف الموسيقي ورؤى الإخراج المسرحي، منتهيا بتحليل بعض النماذج المسرحية، فمن غير الممكن أن تكون هناك أية أحداث ما لم يكن هناك ثمة مكان، أنه ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، ولطالما كانت مثار جدل في تحقيق العمل الفني ولا سيما المسرح، على مستوى الكتابة والعرض المسرحي، باعتبار أن لكل عرض مسرحي حدوده المكانية الافتراضية.
