الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

"درس كورونا".. لا تتحدث عن الحرية وأنت لا تفعل ما يحميك إلا مجبرا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكتب لكم بمنطق: «اعقلها وتوكل»، فاعقلها جيدا حتى لا تضر نفسك ومن حولك، هذا وباء ليس فيه استخفاف، فهنا موضع الجد ولا يصح بحال من الأحوال أن نتخذه سُخرية، فلو كنت تضر نفسك فقط، كنا سنتناقش في معايير الحرية، لكنك بتصرف غير مسئول تضر البشرية، فدعك من عبارات التواكل على الله، ودعك من عبارات الاستسلام، فالله سبحانه وتعالى قال: "ولا تلقوا بأيديكم في التهلكة"، أنت المسئول الأول عن حماية روحك.. أنت رب أسرتك، فتحلى بالشجاعة والجرأة في اتخاذ القرار، تلك محنة واختبار لإرادة الجميع، لمن يؤمن بأنه خليفة الله في الأرض وأن التكليف الرباني له بالإعمار وليس بالدمار.. فالزموا بيوتكم، وكفوا عن الترويج بأن هذا غضب من الله، وغضب من السماء، وإنذار باقتراب القيامة، لا تتشدقون بأحاديث كاذبة ولا تشتتوا انتباه الناس.. لا تهولوا الأمر لدرجة الفزع ولا تهونوه.. لكن اعقلوا.. كما عقلها عمر بن الخطاب في أحداث «طاعون عمواس»، حيث كان روشتة التعامل في الأزمة بعد المشاورة: «إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها، فلا تخرجوا فرارا منه»، وبرغم ذلك حصد هذا الطاعون أرواح كثيرا من الصحابة في الشام حتى خلف عمرو بن العاص رضى الله عنه، معاذ بن جبل في ولاية الشام وخطب في الناس طالبًا منهم أن يشعلوا النار ويختبئوا منه في الجبال بأراض مرتفعة بحيث يبعدهم عن الهواء الملوث في المناطق المنخفضة، وهكذا رفع الطاعون عن أهل الشام، وكان ذلك اجتهادًا موفقًا من ابن العاص مخالفًا فيه هدي سابقيه.
إذا لم يعجبك كل ما مضى فتعالى نناقشها بالعقل دون دلائل سابقة، نحن في الوضع العادي لدينا أزمات في أجهزة الرعاية وفي أسِرة المستشفيات، ولكم قرأنا وشاهدنا عن حالات كثيرة لا تجد أسِرة رعاية، وأطفال لا تجد حضانات، ومنظومة صحية تحاول الحكومة رفع كفاءتها بعدما طالتها يد الإهمال لعقود طويلة، ومع الفرض أن هذا الكورونا اللعين ليس مميتا لكنه ينتشر بسرعة رهيبة فيصيب قرى ومحافظات والكثير من الأطفال وكبار السن يحتاجون أجهزة رعاية.. كيف سنوفر لهم ذلك ونحن في الظروف العادية نعجز عن التوفير؟ إذا ليس هناك بديل سوى التزام البيوت لتجنب تفشي الوباء وانتشاره.
دعك من أسِرة الرعاية، لكن فكر مليا فى الرعب الذي سيصيب أسرة لو تم اكتشاف حالة بها، بل الرعب الذي سيصيب المنطقة! لو كنت أبا أو كنتِ أما كيف يكون وقع نبأ إصابة طفلكما لا قدر الله؟ تخيلوا السيناريوهات المؤلمة والموجعة للمرض أو حتى للوفاة لتدركوا أن الوقاية سهلة وأن النجاة سهلة ولكن بقليل من الالتزام، فاللامبالاة ليس من الدين في شيء، وليست من الحكمة في شيء وليست من النخوة في شيء وليست من المودة في شيء.
وأخيرا هذا اختبار لكل المجتمعات يكشف مدى تماسكها ووحدتها ليس أمام هذا الوباء، لكن أمام هذا العدو وأي عدو.. شق الصف خيانة.. ضرر المواطنين خيانة.. التهاون في حفظ الأمن والسلامة العامة خيانة.. الاستهتار والسخرية خيانة.
لا تتحدث عن الحرية والديمقراطية وأنت لا تفعل ما يحميك ويحمي أسرتك إلا مجبرا أو بفرض غرامة أو بحظر وحجر.. اعقلها وتوكل.. فما أجمل النظافة ولكن ما أعظمها عندما تكون في عقولنا.