الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

أحزاب المعارضة التركية تبدأ التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت تركيا خلال المرحلة الماضية الكثير من التفاعلات الداخلية على مستوى الأحزاب السياسية، خاصة مع إعلان كل من أحمد داود أوغلو وعلى باباجان اعتزامهما تأسيس حزبين جديدين لمواجهة حزب العدالة والتنمية، اللذان كانا من المؤسسين له.
وتمثل هذه التحولات بداية للتأثير في الساحة السياسية التركية في الانتخابات المقبلة بسبب التحركات المعلنة وغير المعلنة بين أطراف سياسية فاعلة تسعى للدخول إلى مسار المنافسة ضد حزب العدالة والتنمية الحاكم وقياداته.
وتأتى هذه التحولات الداخلية بالتوازى مع مجموعة من الضغوط الإقليمية والدولية التى تتعرض لها تركيا، وهو ما يمكن أن يسهم في زيادة مستوى تأثيرها على حزب العدالة والتنمية الحاكم.
ويشار إلى أن هذه التحركات من جانب الأحزاب المعارضة والشخصيات البارزة المنشقة عن حزب العدالة والتنمية جاءت للتحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
ضغوط متزايدة
أعلن حزب الشعوب الديموقراطى الكردى في فبراير الماضى، من خلال مؤتمره الاعتيادي، والّذى عُقد في أنقرة بمشاركة الآلاف من أنصاره وقياديه ونوابه في البرلمان التركي، بالإضافة إلى وفود من عشرات الدول العربية والأوروبية والآسيوية وشخصياتٍ كردية من كُردستان العراق وإيران، وتم انتخاب متهات سانجار، وهو عضو في البرلمان التركى منذ عام ٢٠١٥، رئيسًا مشتركًا جديدًا للحزب خلفًا للرئيس المشترك السابق سيزاى تميلي، وبالتزامن مع ذلك أعلن على باباجان عن إطلاق حزبه الجديد في تركيا ١٠ مارس ٢٠٢٠، وأن الحزب سوف يحمل رقم ١١ بين الأحزاب المشاركة في البرلمان التركيا.
وبرزت التحضيرات لتأسيس تحالف سياسى جديد يضم حزب المستقبل بقيادة أحمد داود أوغلو من خلال حزب المستقبل والحزب المزمع تأسيسه من قبل على باباجان، بالإضافة إلى حزب أو حزبين آخرين، وذلك إزاء «تحالف الجمهور» المكوّن من حزبى العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية، و«تحالف الشعب» المكوّن من أحزاب الشعب الجمهورى و«الصالح» و«السعادة» والحزب الديمقراطي، وتزيد خطوات المعارضة من أزمات أردوغان الداخلية، والخارجية؛ حيث تراجعت أسهم حزب «العدالة والتنمية» في تركيا خلال الانتخابات الأخيرة، كما تورطت تركيا في صراعات إقليمية ودولية عدة، لم تجد حتى الآن طريقة للخروج منها. وضمن نفس السياق فإن هناك العديد من العوامل الداخلية والخارجية التى من الممكن أن تدعم هذه التحركات من أهمها:
أظهرت نتائج الانتخابات البلدية المنعقدة في مارس الماضى، تراجعًا كبيرًا في حجم التأييد الذى كان يستحوذ عليه حزب العدالة والتنمية الحاكم، والتى تمكنت المعارضة التركية وتحالفها(تحالف الأمة) من مواجهة سياسات الرئيس التركى أردوغان بعدما سيطرت على الكثير من المدن الكبرى في إسطنبول وأنقرة وأزمير وغيرها من المدن، ومن ثم فإن ذلك يؤشر على توجهات المعارضة المضى في مواجهة حزب العدالة والتنمية الحاكم في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية القادمة.
وشهد حزب العدالة والتنمية الحاكم العديد من الانشقاقات الداخلية التى من شأنها أن تؤثر على قواعده التصويتية، خاصة أن بعض من هؤلاء المنشقين يمثلون قوة كبيرة في الحزب؛ حيث يعد على باباجان مهندس الاقتصاد التركى وتطويره، كما يعد أحمد داود أوغلو مهندس السياسة الخارجية التركية ورائدها الذى أسس لفكرة العمق الاستراتيجى والتى سمحت لتركيا بتعزيز نفوذها، كما أن الاثنين يتمتعان بالصفات الكاريزمية التى من الممكن أن تكون عاملًا مهمًا في مواجهة الرئيس التركى أردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ومن خلال توظيف الضغوط الاقتصادية التى تواجهها تركيا بسبب سياستها الإقليمية والدولية، والتى أثرت على سياسة حزب العدالة والتنمية الداخلية والخارجية فيما يتعلق بالعقوبات الاقتصادية من خلال الولايات المتحدة والدول الأوروبية أو من خلال تراجع نمو الاقتصاد التركى وزيادة مستوى البطالة وارتفاع نسبة التضخم وتراجع سعر صرف الليرة، يمكن للأحزاب الجديدة أو أحزاب المعارضة مواجهة السياسات التى ينتهجها حزب العدالة والتنمية خاصة أنها تمثل العامل المهم في زيادة هذه الضغوط.
تنخرط تركيا في الكثير من أزمات المنطقة العربية بصورة مباشرة من دون أن تحقق نجاح في سياستها الخارجية، وهو ما انعكس على تراجع الدور الإقليمى التركى ونفوذه، وامتد الأمر ليؤثر على السياسة الداخلية التركية بعدما حاول الرئيس أردوغان تدويل بعض الأزمات الداخلية بتوجيه الرأى العام التركى نحو المخاطر الخارجية مثل الأزمة السورية والليبية وعلاقاتها المتوترة مع دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة بسبب العديد من الملفات من أهمها ملف اللاجئين والتقارب مع الجانب الروسي.
انعكاسات سلبية
من المحتمل أن تتسبب هذه الملفات تجاه تعزيز الزخم للحراك الداخلى من جانب الأحزاب التركية المعارضة أو تلك الوليدة في التأثير على شعبية حزب العدالة والتنمية، خاصة أن كل الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة شهدت تراجعًا كبيرًا في النسب التى حصل عليها الحزب بداية من الاستفتاء على التعديلات الدستورية في ١٦ أبريل ٢٠١٧، مرورًا بالانتخابات البلدية في مارس الماضى، ومن ثم فإن توجهات الأحزاب الجديدة تتجه نحو تغيير المعادلة السياسية الداخلية، من خلال التحالف بين الأحزاب الجديدة والأحزاب المعارضة أو العمل على التحرك بصورة منفردة للضغط على حزب العدالة التنمية، وضمن هذا السياق فمن الممكن أن تأتى التحالفات الانتخابية الجديدة على غرار الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يونيو ٢٠١٨؛ حيث خاض حزب العدالة والتنمية الانتخابات بالتحالف مع حزب الحركة القومية، وتحالف الأمة بين حزب الشعب الجمهورى (CHP)، وحزب الجيد (İP)، والحزب الديمقراطى الشعبى (HDP) وحزب السعادة (SP). بينما خاضت باقى الأحزاب المعركة الانتخابية بصورة منفردة.
ورغم الانتقادات الداخلية للسياسات التى ينتهجها الرئيس التركى أردوغان، وتكاتف المعارضة لمواجهته إلا أنه عمل على مواجهة هذه الضغوط؛ حيث قام بعزل ٣٠ من رؤساء البلديات الفائزين بالانتخابات المحليّة، واعتقلت عددًا منهم أبرزهم رئيس بلدية ديار بكر المعزول عدنان سلجوك مزراكلى والرئيسة السابقة لبلدية ديار بكر، غولتن كشناك في ١٩أغسطس ٢٠١٩، وضمن نفس السياق يستغل أردوغان صلاحياته الدستورية التى أقرها في ظروف استثنائية من خلال التعديلات الدستورية في أبريل ٢٠١٧، لتوسيع صلاحياته والتى من بينها المواد رقم ١٢٣ و١٢٦ و١٢٧ من الدستور، والتى تمنح الحكومة صلاحية الوصاية الإدارية أى أن هذه المواد من الصرامة بحيث لا تترك للإدارات المحلية (رؤساء البلديات) مجالًا للتحرك بحرية من دون موافقة الحكومة وموظفيها المحليين الممثلين بالمحافظ أو من ينوب عنه، كما وتمثل هذه القرارات من وجهة نظر المعارضة انتصارًا إضافيًّا لهم، بعد انتصارهم في عدد من كبرى المدن التركية، وخاصة اسطنبول وأنقرة وإزمير، وتأكيدًا على صواب رؤيتهم بخصوص مسار حركة العدالة والتنمية الذى يشهد تراجعًا في الفترة الأخيرة.
وفى إطار سياسة المعارضة الهادفة إلى مواجهة نفوذ أردوغان المتزايد، التقى رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في مدينة ديار بكر نهاية شهر أغسطس، وتحديدًا في ٣١ أغسطس الماضى، برؤساء البلديات الثلاثة المقالين، وتوجه «أوغلو» إلى ضريح طاهر التشي، رئيس نقابة المحامين في «ديار بكر» والناشط من أجل الحقوق الكردية الذى اغتيل عام ٢٠١٥، كبداية لتعضيد الجهود بين الأحزاب وبناء جسور الثقة لمواجهة حزب العدالة والتنمية، ومن المحتمل أن ينتهج نفس النهج الأحزاب الجديدة المنشقة عن حزب العدالة والتنمية بقيادة أحمد داود أوغلو وعلى باباجان لمحاولة بناء قاعدة شعبية في مواجهة السياسات التى يتبناها أردوغان داخليًا وخارجيًا.
ورغم أن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا دأب منذ وصوله إلى الحكم في عام ٢٠٠٢ على إجراء استطلاعات الرأى لجسّ نبض الناخبين وتوجهاتهم، إلا أن الرئيس رجب طيب أردوغان لم يعد يولى اهتمامًا كبيرًا لهذه الأدوات بعدما انخفض عدد مؤيديه، وهذا ما يؤشر بصورة كبيرة على تراجع نفوذه على المستوى الداخلى في مواجهة نجاحات المعارضة التى ظهرت بصورة كبيرة في المرحلة الماضية والتى ستمتد تأثيراتها على مستقبل حزب العدالة والتنمية السياسي.