السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"أردوغان" يتاجر بالوباء.. اللاجئون السوريون بين الإهمال الطبي في تركيا ودفعهم نحو الحدود دون إجراءات

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تتزايد المخاوف الدولية من انتشار فيروس كورونا، وفى ضوء ذلك أعلنت السلطات التركية احتجاز ١٢ شخصًا من بينهم ١٠ سائحين صينيين وتركيين في الحجر الطبى بعد الاشتباه في إصابتهم بالفيروس، وفى وقت سابق رحلت تركيا سائحة صينية، كانت موجودة في مدينة قونية، إلى بلدها مرة أخرى، بعد حجزها بالحجر الصحى بأحد المستشفيات الحكومية للاشتباه في إصابتها بفيروس كورونا القاتل..
ومع الانتشار الهائل لفيروس كورونا في معظم دول العالم، بما يشبه الكابوس الذى يخيم على العالم، بدأت العديد من الدول في أخذ كافة احتياطات السلامة والأمان لمنع انتشار الفيروس بين مواطنيها والمقيمين بها، وتعد مخيمات اللاجئين أكثر الأماكن عرضة للانتقال السريع للفيروس، بسبب تكدس عدد كبير من الأشخاص داخلها، ما يثير مخاوف البعض من تجمعات اللاجئين السوريين على الحدود التركية..


توظيف كورونا
لا يوجد ملف أو أزمة لم تستغلها تركيا في تحقيق بعض المكاسب السياسية والاقتصادية، ويزيد من أهمية هذا الملف جانبان يتمثلان في الخوف الدولى من تفاقم أزمة اللاجئين في الكثير من المناطق، والجانب الآخر يرتبط بانتقال العدوى لمثل هذه المجموعات في ظل تدنى مستويات الرعاية الطبية في الظروف العادية.
الحصول على دعم أوروبى
يمثل ملف اللاجئين من أهم الملفات المرتبطة بالأمن الأوروبى، خاصة أنها تحاول مواجهة تصاعد هذا الخطر بمختلف الطرق وضمن نفس السياق قدمت دول الاتحاد الأوروبى حزم مالية كبيرة إلى تركيا كمساهمة منها في تحسين الأوضاع الخاصة باللاجئين، ولكن مع تزايد الإصابات بمرض كورونا فمن المحتمل أن تتزايد في هذا الشأن أعداد الإصابات بين صفوف اللاجئين، خاصة أنه ينتشر بسرعة كبيرة في الكثير من المناطق ومن بين هذه الدول تركيا.
إهمال اللاجئين
تستضيف تركيا اليوم أكثر من ٣ ملايين لاجئ سورى، أى أكثر من أى دولة أخرى في العالم، غير أنها أعلنت فجأة أنها لم تعد ملتزمة بالاتفاق مع دول الاتحاد الأوروبى الذى تم توقيعه في مارس ٢٠١٦، وهو قرار جاء بعد مقتل ٣٣ جنديًا تركيًا في إدلب السورية، آخر معقل للمعارضة المسلحة المدعومة من تركيا، ومن ثم عدم توجيه الرعاية الصحية لهم في مواجهة انتشار مرض كورونا، ومن ثم انتشار العدوى بينهم بصورة كبيرة ما يمكن أن ينعكس على المسار السياسى التركى داخليًا وخارجيًا مثل محاولة الالتفاف على مشكلات تركيا الداخلية لتوجيه الرأى العام لهذه الإخطار، وخارجيًا من خلال الضغط على الدول المجاورة في دول الاتحاد الأوروبى بهذه القضية.
وبدت هناك حالة من التوتر الشديد على الحدود اليونانية التركية بعد أن نفذت أنقرة تهديداتها، فيما يتعلق بفتح الأبواب أمام المهاجرين نحو الحدود الأوروبية، في الوقت الذى أعلنت فيه اليونان أنها منعت ٤ آلاف مهاجر من دخول البلاد، مع توارد بعض الأنباء عن اشتباكات بين قوات الأمن اليونانية واللاجئين على الحدود.
قلق يونانى من دخول اللاجئين دون تدابير وقائية


أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أن الاتحاد الأوروبى يترقب حالة القلق الموجودة على الحدود التركية باتجاه دول الاتحاد الأوروبى، خاصة بلغاريا واليونان مع المهاجرين وقوات الأمن اليونانية على خلفية رغبتهم في دخول الأراضى اليونانية، لذا تتمثل الأولوية القصوى للمفوضية الأوروبية في هذه المرحلة هى تقديم الدعم الكامل لليونان وبلغاريا عن طريق تعزيز حضور الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود البرية للبلدين.
ويتمثل أهم المحددات التى دفعت الحكومة اليونانية لاتخاذ هذا الإجراء في الخوف من تفشى فيروس كورونا بين مواطنيها، خاصة من قبل المهاجرين القادمين من تركيا التى تعتبر من أقل الدول استعدادًا لمواجهة كورونا، فضلًا عن أنها كانت من آخر الدول التى اتخذت قرارًا بغلق حدودها مع إيران التى باتت بمثابة المصدر الرئيسى للفيروس لدول المنطقة.
فبينما تتخوف اليونان وغالبية الدول الأوروبية من تفشى فيروس كورونا داخل حدودها، تعد اليونان في الوقت الحالى من أولى الدول المعرضة لانتشاره على خلفية وقوف الآلاف من المهاجرين السوريين على حدودها، في الوقت الذى لم تتخذ فيه الحكومة التركية أى تدابير لحماية هؤلاء المهاجرين من الفيروس قبل فتح حدودها لهم. يتوازى ذلك مع أن مجرد وجود المهاجرين السوريين في هذا الوضع غير الإنسانى من المحتمل أن يعمل على انتشار الفيروس بصورة كبيرة، كما أن ذلك يحدث في إطار غياب شبه كامل لوجود منظمات أو هيئات طبية من شأنها اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هؤلاء اللاجئين من خطر انتشار الفيروس.
فشل الحكومة التركية في حماية اللاجئين من الفيروس
لا يحمل المهاجرون العالقون على الحدود بين اليونان وتركيا، أى مستحضرات طبية مثل الكمامات والمنظفات المعقمة التى من شأنها حمايتهم من خطر الفيروس، لا سيما أنهم باتوا في وضع حرج للغاية؛ فلا هم قادرون على دخول اليونان وغير راغبين في العودة إلى تركيا مرة أخرى على خلفية الوضع المتدهور للمعيشة الذى وجدوه هناك، فعلى الرغم من اتخاذ أنقرة بعض التدابير اللازمة لوقاية مواطنيها على الحدود مع العراق، فإن ذلك لم يحدث فيما يتعلق بوضع اللاجئين السوريين على الحدود مع الدول الأوروبية، وبخاصة اليونان. في السياق ذاته، أعلنت أثينا تشديد قبضتها على الحدود مع أنقرة على خلفية خوفها الشديد من انتشار الفيروس بين مواطنيها إذا سمحت بدخول اللاجئين.
ولم تكتف الحكومة اليونانية بتشديد قبضتها الأمنية على حدودها فقط لمنع دخول اللاجئين، بل قامت بالأمر ذاته فيما يتعلق بحدودها على بحر إيجة؛ حيث يعيش الآلاف منهم في أوضاع غير إنسانية، فضلًا عن أنهم أكثر عرضة للعدوى من غيرهم على خلفية عدم وجود التدابير اللازمة للوقاية. كما تعتبر اليونان من أقل الدول التى سجلت حالات إصابة للفيروس، لذا، فإن دخول هذا العدد الهائل من المهاجرين إلى أراضيها يعنى احتمال زيادة عدد المصابين، وبالتالى عدد الوفيات. وعليه، أكد نائب وزير الخارجية اليونانى «ميلتياديس فارفيتسيوتيس»، أن ابتزازات الرئيس التركى رجب طيب أردوغان لن تنجح كليًا في اختراق الحدود الأوروبية، فضلًا عن أنه لن يتم التسامح مع أى دخول غير قانونى للأراضى اليونانية، معلنًا أن الحدود اليونانية محمية بشكل جيد، ولكن الأمر الأصعب يتمثل بالنسبة لهم في مراقبة الحدود البحرية نحو الجزر اليونانية في بحر إيجة.


إهمال تركى
يرى البعض أن تركيا تأخرت في أخذها الخطوات الوقائية من الفيروس، خاصة إغلاق حدودها مع جارتها إيران، الدولة التى انتشر فيها كورونا انتشار النار في الهشيم، تمهلت تركيا بعض الوقت قبل أن تشرع بتقليل العبور بينها وبين إيران، فقد أعلنت تركيا عبر وزير الصحة التركى فخر الدين قوجة، إغلاق المعابر الحدودية مع إيران بشكل مؤقت، لمنع انتقال فيروس «كورونا» الجديد لها. وكانت تركيا قررت توقيف مؤقت من جانب واحد لجميع الرحلات الجوية الدولية (القادمة من إيران)، ومنعت دخول ٨ مواطنين إيرانيين إلى تركيا، بسبب وجود أعراض الإصابة بفيروس كورونا.
لكن مع ذلك رأى البعض تأخرًا كبيرًا من تركيا في تحجيم الحدود بما يمنع وصول فيروس كورونا إليها، وضعفًا في إجراءاتها للوقاية من المرض، وترد تركيا على الاتهامات بأنها نجحت حتى الآن في منع انتقال الفيروس إلى أراضيها، بفضل التدابير الفعالة التى اتخذتها الحكومة مبكرا، وأن ما دفعها لإعلان حالة الطوارئ هو ظهور الفيروس في إيران وارتفاع الإصابات والوفيات بها، وكانت تركيا قد اتخذت القرار بعد أن قامت اللجنة العلمية التركية حول فيروس كورونا، ببحث كافة الاحتمالات الواردة لانتقال الفيروس من إيران إلى تركيا، كما أكد على ذلك وزير الصحة التركى.
وكانت تركيا ممثلة في لجنتها العلمية لعلاج كورونا، قد عقدت اجتماعات مع السلطات الإيرانية، وبعدها أصدرت اللجنة تعليماتها بشأن اتخاذ كافة التدابير الوقائية لحماية المواطنين والمقيمين فيها وخفضت نتيجة لهذه الاجتماعات وما نتج عنها من حركة المرور عبر المعابر الحدودية مع إيران، وإغلاق جميع المعابر البرية ورحلات القطارات، أمام حركة العبور باتجاه تركيا وإبقائها مفتوحة باتجاه إيران. التدابير التى اتخذتها تركيا شملت كذلك غلق المنفذ الحدودى بين ولاية هكارى، شرقى البلاد، وإيران، وتشديد الإجراءات الطبية عند منفذ «أوزوملو» بين الولاية والعراق. إلا أن البعض يذهب للتشكيك في شفافية الحكومة التركية فيما يخص انتشار الفيروس، فتركيا وإلى اليوم لم تسجل أى إصابات بالفيروس، وهو ما يطرح لدى البعض العديد من علامات الاستفهام، نظرًا للموقع الجغرافى الذى تشغله تركيا، فتركيا تتوسط العديد من البلدان التى أعلنت عن انتشار الفيروس بها، خاصة إيران والتى تأتى بعد الصين مباشرة في عدد الإصابات والوفيات جراء الفيروس، وتشكيك البعض يأتى من هذا الجانب، ويتعجب هؤلاء من عدم ظهور أى حالة إصابة بتركيا، خاصة أنها تتميز بقدر كبير من التنوع من حيث الجنسيات التى تحيا بها، إذ تربط بين قارتين لذا فحركة الانتقال بها كبيرة للغاية، وهو ما يزيد من احتمالية انتقال المرض إليها، البعض يرى أيضًا أن تركيا لا تولى عمليات الفحص أهمية كبيرة، أو القدر الكافى من الرعاية، ويرجع هؤلاء السبب وراء ذلك في الانشغال التركى الحالى بالمعارك الخارجية، خاصة في الداخل السورى، فتركيا اليوم وكما يرى البعض توجه جل اهتمامها بالبعد الخارجى، وسياستها الخارجية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يأتى بالسلب على الشأن الداخلى، فالبعض يرى أن كل مجهود يوجه للخارج ينتقص من خطط التنمية والتطوير في الداخل التركى، الذى يعانى مؤخرًا من ضغوط وتراجع اقتصادى على مستويات عديدة، لذا يوجه البعض سهام النقد للإدارة الحالية لهذا السبب، ويخشى البعض إن انتشر الفيروس أن تكون الدولة التركية غير جاهزة لمواجهته، وهو الأمر الذى تنفيه الحكومة التركية، التى تؤكد استعدادها الكامل لمواجهة الفيروس وتداعياته. ختامًا: تتعدد الصور التى يمكن أن يتسبب فيها فيروس كورونا بالنسبة لتركيا ما بين عدم جاهزيتها لمواجهة خطر هذا الانتشار سواء في الداخل التركى أو في مخيمات اللاجئين التى تتعرض بصورة كبيرة لسلسلة من الإهمال من جانب الحكومة التركية، وهو ما جعلها تلجأ إلى توظيف هذه القضية في اتجاه بعض المسارات الخارجية، وبخاصة تلك المتعلقة بالعلاقات مع دول الاتحاد الأوروبى.