الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مبادرة "إسقاط الديون" الحل النهائي لأزمة المصانع المتوقفة.. علي حمزة: المبادرة الأفضل في تاريخ مصر.. عبدالله الغزالي: المصانع غير المستفيدة من المبادرة لا تملك دراسات جدوى

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في ديسمبر الماضي، أعلن البنك المركزي، عن مبادرة دعم القطاع الصناعي، والتى أُطلق عليها اختصارًا «مبادرة إسقاط الديون»، لتُشكل المنقذ والحل النهائى لأزمة المصانع والمُتعثرة منذ أكثر من ١١ عامًا، حسبما أكد عدد من الخبراء الاقتصاديين ورجال الأعمال. يأتى ذلك، بعد مُطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسي، منذ ما يقرب من ٥ أشهر، خلال منتدى شباب العالم، الذى أُقيم بشرم الشيخ في سبتمبر الماضي، بضرورة العمل على حل أزمة المصانع المتوقفة.


ومن المتوقع أن يستفيد من المبادرة ٥ آلاف مصنع متوقف، فضلًا عن الإسهام في تشغيل وتوظيف الملايين من العاملين من الشباب والخريجين، حيث تسبب توقف المصانع في تشريد نحو ٥ ملايين عامل بها.
مبادرة إسقاط الديون 
وفقًا للبنك المركزي، تتضمن المبادرة دعم القطاع الصناعى عبر تخصيص ١٠٠ مليار جنيه، عن طريق تقديم البنوك تسهيلات ائتمانية للمشروعات الصناعية لتمويل رأس المال العامل لنحو ٩٦ ألف مؤسسة صناعية بسعر فائدة ١٠٪ متناقصة سنويًا، كما تتضمن المبادرة إسقاط ديون الفوائد عن المصانع المتعثرة، والتى يبلغ عددها ٥١٨٤ مصنعًا بإجمالى فوائد ٣١ مليار جنيه. 
كما تشمل المبادرة، إزالة المصانع من القائمة السلبية للبنك المركزي، التى تحظر على الأشخاص المذكورين فيها الاقتراض من البنوك، بشرط سداد ٥٠٪ من أصل الدين.
واشترط البنك المركزي، إسقاط الديون عن المصانع الذين تقل مديونياتها عن ١٠ ملايين جنيه، وأن تسرى المبادرة على الأشخاص الاعتبارية سواء المُتخذ أو غير المُتخذ ضدهم إجراءات قضائية من العملاء المديونين للبنوك، وأن يتم التنازل عن كل القضايا المرفوعة من البنوك أو من الحكومة ضد هذه المصانع.
وبحسب بيانات البنك المركزى يبلغ عدد القضايا الخاصة بالمستثمرين إلى نحو ٦٧ ألف قضية مع البنوك فقط؛ في حين يصل إجمالى الديون المُستحقة على المصانع المُتعثرة نحو ٣٥.٦ مليار جنيه، بالإضافة إلى أصل الديون البالغ ٤.٤ مليار جنيه.


٩ بنوك فقط 
يرى الدكتور عبدالمنعم السيد، مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، أن الصناعة أحد الأعمدة الرئيسية لزيادة حجم التنمية الاقتصادية في مصر، لافتًا إلى نسبة مساهمة قطاع الصناعة في الناتج القومى الإجمالى ١٨٪، ومن المُفترض أن يزيد خلال السنوات المقبلة حتى يصل إلى ٣٥٪. 
ويقول إن الدولة بدأت تهتم بالصناعة سواء من خلال عمل مبادرات لإنقاذ المصانع المتعثرة، وإنشاء مناطق صناعية جديدة، إضافة لتهيئة العناصر القانونية واللوجستية لزيادة نمو الإنتاج الصناعي. 
ويُوضح «السيد» أن البنك المركزى قام بتنفيذ مبادرتين لإنقاذ المصانع المُتعثرة، الأولى أطلقها في ٢٠١٧، بحجم ٢٠٠ مليار جنيه، وهدفها، تمويل المشروعات والمصانع والشركات بفائدة تبدأ بـ ٥٪ من خلال شراء الآلات والمعدات «السلع الرأسمالية». وأضاف أن هذه المبادرة عملت عليها الحكومة والبنك المركزى لمدة عامين، استفاد منها ١٩٣ مصنعًا، أما المبادرة الثانية، فتم إطلاقها في ديسمبر ٢٠١٩ وهى بالتعاون بين البنك المركزي، باعتباره ممثل البنوك، ووزارة المالية باعتبارها الجهة التى ستتحمل الجانب المالى لهذه المصانع، وهدفها تنمية الصناعة وتنشيط السياحة والقطاع العقاري، لافتًا إلى أن البنك المركزى كان يهدف إلى تسوية مديونيات المصانع. 
وأشار مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية إلى أن هذه المصانع متوقفة بسبب «ديون بنكية متراكمة» عليها، بالإضافة إلى وجود قضايا مرفوعة عليها في المحاكم الاقتصادية أو العادية، سواء من جانب الحكومة أو البنوك أو من أصحاب الشركات الذين يحررون قضايا لمعرفة أصل الدين والمديونية مع البنوك. 
وأضاف أن البنك المركزى يهدف من خلال المبادرة الثانية إلى إسقاط ١٠٠٪ من فوائد الديون على المصانع المُتعثرة، وأن يدفع ٥٠٪ من أصل الدين المُستحق عليه، مشيرًا إلى أنه عند حساب إجمالى هذه المبالغ وصلت إلى ١٠٠ مليار جنيه، هى قيمة الفوائد المستحقة، إضافة إلى ٥٠٪ من أصول الديون. 
ويُوضح «السيد»، أنه من المتوقع أن يستفيد من هذه المبادرة أكثر من ٥ آلاف مصنع، وأن المصانع بدأت في التقدم لهذه المبادرة بدءا من ديسمبر الماضي، سواء عن طريق إدارة الديون المتعثرة في البنك المركزى أو في إدارات الديون المُتعثرة والمخاطر في البنوك المختلفة. 
ولكنه قال إن الإشكالية الموجودة في هذه المبادرة، هى عدم اشتراك كل البنوك وعددها ٣٩ بنكًا في هذه المبادرة، بحسب مدير مركز القاهرة، مضيفًا أن عدد البنوك التى وافقت على الاشتراك في المبادرة ٩ بنوك فقط ما بين قطاع حكومى وخاص. وهذه الإشكالية تضع عائقا أمام بعض المصانع المتعثرة، لأن البنوك غير المشتركة في المبادرة غير ملتزمة ببنودها، وبالتالى لن يستطيع المصنع الحصول على مزايا مبادرة إسقاط الديون؛ لكن مع ذلك حصلت بعض الشركات على تخفيض لحجم الديون من بعض هذه البنوك في بعض المناطق الصناعية. 
وعن عدم اشتراك بعض البنوك في المبادرة، قال إن البنك المركزى لا يستطع إلزام البنوك بتنفيذ مبادرة إسقاط الديون، لأن كل بنك حر في اتباع السياسة المالية التى تعود عليها بالنفع، مضيفًا أن مبادرة إسقاط الديون تختلف عن مبادرة الـ٥٪ التى كانت كل البنوك مشتركة فيها.


فجوة تمويلية 
يرى الدكتور عبدالرحمن عليان، الخبير الاقتصادي، أنه لا توجد أوجه نقص أو قصور في مبادرات البنك المركزي، لكن الأزمة في تضخم حجم المديونية على المصانع، وبالتالى فهناك فجوة تمويلية، قد لا تكفى الموارد المتاحة حاليًا لتمويلها. 
ويقول إن عدد المصانع المتوقفة والمتعثرة وصل إلى قرابة ١٠ آلاف مصنع بعد ٢٠١١، معتبرًا أن هذه المصانع طاقة إنتاجية ضخمة، يجب على الحكومة إعادة تشغيلها، كونها تُسهم في توظيف الآلاف من العاملين. ويُشير إلى أنه رغم النية الطيبة للحكومة، لكنها لا تمتلك كل هذه الأموال لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة، لافتًا إلى أنه لا بد من إعادة تخطيط ووضع معايير لمن يحصل على الدعم من هذه المصانع المتعثرة.
ووضع «عليان» ٤ معايير لدخول المصانع ضمن المبادرات الحكومية، أولًا، حجم الأيدى العاملة، وثانيًا نوعية المُنتج ومدى قدرته على سد احتياجات ضرورية للسوق، أو توفير عملة أجنبية، وثالثًا إذا ما كانت المصانع ترغب في إعادة هيكلة وإدخال التكنولوجيا إليها، وأخيرًا حجم المبلغ الذى يحتاج إليه المصنع، مشيرًا إلى أنه يرى أن سد الديون على المصانع الصغيرة والمتوسطة الحل الأبرز، باعتبار أنها ستسهم في توظيف أيدى عاملة، إضافة إلى توفير منتجات متنوعة. 
ويُشدد الخبير الاقتصادى على ضرورة الرقابة على هذه المبالغ الضخمة، والتخطيط السليم لاستغلال الدعم الحكومي، وتحديد حجم الأولويات التى تحتاجها الدولة، لافتًا إلى أنه يجب تطوير وإعادة هيكلة مصانع القطاع العام، باعتبارها ثروة قومية، وتدخل ضمن المصانع المتعثرة والمتوقفة. 


فوائد الديون
يقول رجل الأعمال محمد المنوفى، رئيس جمعية مستثمرى ٦ أكتوبر الأسبق، إن أبرز سلبية موجودة في مبادرات البنك المركزي، هى البيروقراطية.. قائلًا: «يسهلوا الدنيا شوية على أصحاب المصانع، يطلبوا أوراق كثيرة جدًا، وهذا يُعطل سير المبادرة». ويُضيف، أن التعطيل من جانب بعض البنوك، يُفرّغ المبادرات من فحواها، مشيرًا إلى أنه فوائد الديون هى المشكلة الأكبر أمام أصحاب المصانع المتعثرة، باعتبارها تُمثل الجانب المادى الأكبر من الديون. 
ويرى «المنوفى» أنه يجب تخفيض نسبة الفائدة على القروض وخاصة للقطاع الصناعي، لأن النسب الحالية تفوق الأرباح، بالإضافة إلى زيادة الرسوم التأمينية لأكثر من ٤٠٪، فضلًا عن الضرائب العامة وضريبة القيمة المضافة. 
ويضيف أن بعض رجال الأعمال تعرضوا للإفلاس نتيجة لحجم الديون المتراكمة عليهم، لافتًا إلى انكماش حجم السوق المحلية في السنوات الأخيرة، وبالتالى هذا أثر على القطاع الصناعي. ويُشير إلى أن كل القطاعات الصناعية تُعانى من خسائر، مشيرًا إلى أن باب التصدير مغلق أمام المصدّرين أيضًا، بسبب عدم تراجع صندوق دعم الصادرات عن القيام بواجبه، منذ مايقرب من عامين.


الرسوم القضائية
يقول المهندس محمد جنيدي، نقيب المُستثمرين الصناعيين، إن العائق الأبرز في تنفيذ مبادرات البنك المركزى تتلخص في «الوقت»، ذلك أن البنوك تستهلك الكثير من الوقت في إنهاء الديون أو التأكد من أوراق المصانع أو غيره. مؤكدا أن مبادرة إسقاط الديون فرصة ذهبية لعمل طفرة في القطاع الصناعى المصري، وعلى الرغم من سرعة قرارات الحكومة والبنك المركزي، لكن البنوك لا تتخذ القرارات بهذه السرعة، وهذا مايُشكل أزمة عن أصحاب المصانع المغلقة. 


تعدد الجهات 
يعتبر المهندس سطوحى مصطفى على، رئيس جمعية مستثمرى أسوان، «المبادرات مضيعة للوقت»، قائلًا: «بعض المصانع زهقت من كثرة هذه المبادرات». ويُضيف، أن كثرة الجهات المشتركة في المبادرات يعرضها للفشل، ذلك لأن هناك مبادرات تتم من خلال البنوك، أو من المناطق الصناعية، أو هيئة الاستثمار، أو من اتحاد الصناعات، أو من اتحاد المستثمرين، وهكذا. 
ويقول إنه مع ذلك يرى أن مبادرة إسقاط الديون جدية أكثر من أى وقت مضى، لكن بعض رجال الأعمال تململوا من طول الوقت الذى تطلبه هذه المبادرات، ذلك بسبب الأوضاع السيئة التى تعرضوا لها خلال السنوات الماضية. 


«إسقاط الديون».. المبادرة الأفضل
إلى ذلك، يضيف المهندس على حمزة، رئيس جمعية مستثمرى أسيوط، أن مبادرة إسقاط الديون كان لها مفعول السحر على المصانع المُتعثرة والمديونة، معتبرًا إياها المبادرة أو القرار الحكومى الذى نُفذِ بطريقة مناسبة. وقال إن محافظ البنك المركزى طارق عامر، اجتمع مع ١٤٠ شركة لإسقاط الديون المتراكمة عليها، وحل تعثر المصانع الأخرى، موضحًا أن أهمية هذه المبادرة يكمن في كون أغلب المصانع المتوقفة والمُتعثرة هى نتيجة لتراكم الديون البنكية عليها.
ويرجع «حمزة» أسباب تراكم الديون البنكية إلى أن هناك محورين إما مصانع حصلت على قروض ولم تستطع السداد، وإما مصانع تحتاج إلى رأس مال عامل لإعادة تشغيلها وتوظيف عمال، وتحتاج اقتراض، مضيفًا أن البنك المركزى قام بإسقاط كل فوائد الدين، وإلزم المصانع بتسديد نصف أصل الدين فقط على مراحل، كل ذلك تسهيلًا لإعادة تشغيلها. 
ويرى أن المبادرة أيضًا ساهمت في عدم إدخال أصحاب هذه المصانع ضمن ما يُعرف بـ«القائمة السلبية» وهى قائمة تضعها البنوك للأشخاص غير المرغوب في إعطائهم قروض، لافتًا إلى أن بعض رجال الأعمال يُعانى من عدم قدرته على الاقتراض من البنوك، بسبب وجود اسمه في هذه القائمة السلبية. 
ويعتبر رئيس جمعية مستثمرى أسيوط، مبادرة البنك المركزى بإسقاط الديون، أنها المنقذ للقطاع الصناعى في مصر والمصانع المغلقة. ويشرح مدى تنفيذ المبادرتين السابقتين لإعادة تشغيل المصانع المغلقة قائلًا، إن مبادرتى الـ٥٪ فيما أقل، أو الـ١٠٪ تعدّ الأفضل ولكن لمن يريد البدء في تنفيذ مشروعه أو بناء مصنعه، ولكنها لاتُسهم في إعادة تشغيل المصانع المغلقة. 
ويضيف أن مبادرات البنك المركزى الثلاث عملت على إعادة تشغيل القطاع الصناعى مرة أخرى، بعدما أصابه الركود خلال السنوات الفائتة، لافتًا إلى أنه أحد حل مشكلات المصانع المُتعثرة يكمن في حلحلة أزمات التصدير والمصدّرين، وهى تأهيل الموانئ في الجنوب من أجل التصدير إلى أفريقيا، وحل مشكلات النقل مع الدول الأفريقية خاصة الدول الحبيسة منها.


زيادة فرص الناتج الصناعى 
تأتى تلك الخطوة في إطار خطة الحكومة لزيادة نسبة مساهمة الناتج الصناعى اعتمادًا على أربعة قطاعات رئيسية هى الصناعات الهندسية، والكيماوية، والنسيجية ومواد البناء، كأحد أهم الصناعات المطلوبة لتعميق الصناعة وترشيد الواردات لكونها صناعات داعمة لسلاسل التوريد المحلية وذات نمو سريع وتحقق المستهدفات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، حيث تمثل صادراتها نحو ٧٠٪ من إجمالى صادرات مصر الصناعية.
كما أطلقت الحكومة خريطة للاستثمار الصناعي، تشمل كل الفرص الاستثمارية المتاحة بالقطاعات الصناعية في مختلف محافظات مصر وتم تحديدها اعتمادًا على الميزات التنافسية والمقومات الاستثمارية لكل محافظة، وتضم الخريطة ٤.٢ آلاف فرصة استثمارية، في ثمانية قطاعات مختلفة. 
وتشمل الفرص الاستثمارية كل أحجام الصناعة، حيث تُمثل الصناعات الصغيرة الشريحة الأكبر في كل الفرص بنسبة تصل إلى نحو ٥٦٪ يليها الصناعات المتوسطة بـ٢٣٪ ثم الصناعات متناهية الصغر بنسبة ١٣٪ وأخيرًا الصناعات الكبيرة بنسبة ٨٪، ومن المخطط أن تُتيح ما يقرب من ٣٠٠ ألف فرصة عمل مباشرة.