الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

كيف تختار النظام الانتخابي «صديق المرحلة»؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
• تتعدد النظم الانتخابية ولكل نظام انتخابى عيوبه ومميزاته، فلا يخلو نظام انتخابى من عيوب، ولا يوجد نظام انتخابى أفضل من نظام.
• ولكن هناك نظاما مناسبا للمرحلة وآخر لا يتناسب معها، وإننا عندما نختار نظامًا بعينه، فإن اختيارنا ليس معناه أننا نفضله.
• فأنت تشترى ما يتفق وإمكانياتك، وليس ما يتفق ورغباتك، وعلينا أن ندرك أن هناك فرقًا بين ما تريده والواقع، وفرق بين أن تناقش أى موضوع منطلقًا من أرضيه حقوقية، وأن تناقش نفس الموضوع منطلقًا من أرضية سياسية تراعى الاعتبارات السياسية وتنطلق من الواقع ومفرداته وتعقيداته.
• فرق بين أن أتعامل مع الواقع (فلسفيًا) وإمبيريقيًا فانطلق من مفرداته وأبحث ملابساته وتعقيداته فاختار ما يناسبه، وأن أتعامل معه (أيديولوجيًا) فأقوم بتلبيس نظريتى الجاهزة مسبقًا على الواقع أى واقع عنوة!!
• كذلك يجب إدراك أن لكل حالة سياسية ما يناسبها من النظم الانتخابية، فقد يصلح نظام انتخابى في مكان ولا يصلح في آخر، وقد يؤدى تطبيق نظام انتخابى في مرحلة ما إلى سلبيات عديدة وقد يؤدى تطبيق «نفس النظام» في نفس البلد في مرحلة مغايرة إلى مميزات حميدة وهكذا.
• وعلينا أن ندرك أن هناك عوامل عديدة تدخل وتؤثر في اختيارك للنظام الانتخابى المناسب للمرحلة «صديق المرحلة» التى تعيشها الآن، حيث يأتى في مقدمتها، ما يمكن أن نطلق عليه «طبيعة المرحلة سياسيًا» التى تمر بها البلاد، وهل هى مرحلة طبيعية عادية، أم مرحلة استثنائية (انتقالية لثورة) تسعى لتحقيق أهدافها وترسيخ دعائمها وتفادى انتكاسها وتحقيق مبتغى الإرادة الشعبية منها؟!
• كذلك فإن «طبيعة حالتك الحزبية» حاكم للغاية وحاسم أيضا في اختيارك بشكل جذري، فهل لديك تعددية حزبية عريقة وراسخة، ومبان حزبية برامجية، وانحيازات حزبية يعرفها الناخب لديك تمامًا، وتنظيمات حزبية قوية ومتماسكة وراسخة وضخمة، أم أحزاب وليدة تسعى لاستكمال بنائها، وتحاول جاهدًا بنيانها والحفاظ على تماسكها ونموها وتمكينها؛ كى تملأ فراغًا سياسيًا عارمًا لديك يتهدد أمنك القومى كلما حلت عليك انتخابات على مستوى قومى.
• كذلك عليك أن تدرك ذلك الإطار الدستورى الذى يقيد اختياراتك، فأنت لا تختار في المطلق فقد يضطرك الإطار الدستورى الذى تتقيد به لاختيار ما، تحقيقًا لاشتراطات دستورية بعينها.
• وفى النهاية عليك أن تراعى مستوى وعى الناخب لديك، فهو معيار حاكم ومؤثر جدًا لديك، وفى كل الأحوال والظروف عليك أن تختار نظامًا انتخابيًا يتواءم وينسجم مع كل ما سبق من اعتبارت «الواقع» و«اللحظة واعتبارات «الحالة السياسية» واعتبارات «الحالة الحزبية» و«القيود الدستورية التى لديك وكل ما ذكرنا من اعتبارات سالفة الذكر، مع الاهتمام للغاية بثلاثة أمور إستراتيجية لا مناص من الالتزام بها وهي:
• أولًا: أن تختار نظاما انتخابيا «سهلًا» وبسيطا على ناخبيك، نظام غير معقد وغير منفر.
• وثانيًا: نظام يشجع مواطنيك على المشاركة والإدلاء والانخراط في العملية الانتخابية وأن تتحسب إلى إمكانية أن يهجر الناخبون العملية برمتها.
• ثالثًا: ألا تغفل تحسين تلك الظروف أو ما نسميه (المناخ العام) الذى تجرى خلاله العملية الانتخابية، وأن تزيد من الضمانات والشفافية وأن تقوم بعمل كل ما من شأنه دعم الثقة في جميع مراحل العملية الانتخابية برمتها، وتحرص على توفير الضمانات الكافية للناخبين والمرشحين في آن معًا.
• وإذا حاولنا وفقًا لكل ما سبق أن نختار نظامًا يتناسب وما نمر به من مرحلة انتقالية لثوره ٣٠ يونيو ونسعى لتحقيق أهدافها مدركين كل التحديات التى تهدد تلك المرحلة، فإنه لا بد أن ندرك أن تطبيق النظام الفردى بشكل كامل وحصرى سوف يأتى لك بنواب مستقلين لا تجمعهم جامعة، ولا تضمهم توجهات أو برامج أو اتجاهات سياسية آمنة وطبيعية ومعروفة للناس.
• كذلك فإن تطبيق نظام القائمة النسبية بعتبة كبيرة أو صغيرة أو بدون عتبة الآن سيمزق الأحزاب الوليدة ويدخلها إلى معركة «الدكة الأولي» في مدارسنا الإلزامية عند بدايه العام الدراسي، والتى تضطر بعض مديرى المدارس إلى الاستغاثة بالشرطة، فمن سيكون صاحب الحظوة الذى سيحتل رأس القائمة.
كما أن الاتجاه إلى القائمة النسبية سوف يحول لا محالة أيضا ويمنع كل أحزاب ثورة ٣٠ يونيو من الاتحاد والدخول في ائتلافات كبيرة لنفس السبب المذكور.
• وسوف يفرض نظام القائمة النسبية حالة تطبيقه على الشركاء (شركاء الثورة الواحدة) منافسة ضارية يخرجون منها جميعًا مفتتين متخاصمين وهو ما يتسبب في تمزيق لحمتهم وتفتيت أصواتهم لمصلحة أطراف أخرى هى الأخطر على تلك الثورة الشعبية التى لم تنجز أهدافها كاملة بعد.
• كما أن تطبيق القائمة النسبية يجعل المرشحين في المراكز المتأخرة ينصرفون تمامًا ويهملون ويرفضون التعاون وبذل أى مجهود يذكر كما يمتنعون عن المشاركة والانخراط في تحمل أعباء العملية الانتخابية.
• كذلك فإن حصة المرأة الدستورية وضرورة تحقيقها وإنفاذها، وتمكين فئات التفضيل الدستورى الستة: (المسيحيون/ العمال/ الفلاحون/ الشباب/ ذوو الإعاقة/ المصريون بالخارج) تفرض عليك الذهاب دون مناقشة إلى نظام (القائمة المغلقة المطلقة) كى تستطيع تحقيق تلك الحصص، وعليه فستجد نفسك مضطرًا إلى نظام القائمة المطلقة بنسبة لا تقل عن ٤٠٪ مثلًا كى تتمكن من تحقيق النسب الدستورية لسبع فئات مطلوب تمييزها تمييزًا إيجابيًا، وهى كلها فئات ضعيفة ومطلوب دعمها سياسيًا؛ كى يكون لها صوت ووجود وتمثيل نيابى وفى هذا الحالة سيتبقى ٦٠٪ من المقاعد لنظام القائمة النسبية، الذى نرفضه حاليًا للاعتبارات سالفة الذكر أو للفردي، وعليه سيحسم الأمر للفردى ولكنها نسبة غير مقبولة في وقت نسعى فيه لتمكين الأحزاب السياسية.
• وهنا سيضطرك إدراكك لطبيعة النظام السياسى الذى ينص عليه الدستور في مادته الخامسة، وهو أن النظام السياسى في مصر يتتأسس على أساس (التعددية السياسية والحزبية)، وليس تعدد (المستقلين)، حيث سيضطرك ذلك ويدفعك إلى محاولة تمكين الأحزاب السياسية ودعمها وتقليص ظاهرة الفردى وعليه ستذهب فورًا إلى إذكاء حجم القائمة المطلقة على حساب الفردي، ولن يرضيك أن يتقاسم النظام الفردى النسبة مع نظام القائمة المطلقة، وسوف تذهب إلى ترجيح حصة القائمة على حساب النظام الفردى فتقلب النسبة إلى ٦٠ ٪ بالقائمة مطلقة و٤٠٪ بالفردى، ولكن ستعانى من كبر حجم دائرة الفردى واتساعها.
• ولكن في النهاية لا بد أن تحاول أن توازن بين (ما تريده والواقع) فتختار أحد أمرين إما قائمة مطلقة بنسبة ١٠٠٪، مع إلغاء الفردى تمامًا؛ كى تتفادى ضخامة حجم دوائر الفردى وإما مناصفة بين النظامين القائمة المطلقة والفردى وهذا لن يتناسب ونظام الحكم في الدستور وسعيك لدعم الأحزاب.
• لتبقى هنا فقط
وأخيرًا اعتبارات السياسة ومراعات المواءمة والتحالفات الانتخابية ومراعاة الاتجاه العام لشركائك، وحرصك على عدم شق الصف الوطنى والصالح العام الوطنى
وعليه، عليك أن تصل إلى نسبة لا تقل عن ٦٠٪ للقائمة المطلقة وقد تزيد
لتصل إلى ٧٥٪ من الأعضاء المنتخبين.