الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"أزمة نسب".. أطفال يدفعون ثمن انفصال الأب والأم.. موظفو الصحة يتعنّتون في تسجيل المواليد.. وخبراء: يزيد من قضايا التشرد بلا سبب حقيقي

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يعتقد الكثير أن قرارات الطلاق تؤثر على الكبار فقط، وأنهم أصحاب الحق الأصيل في تحديد حياتهم لكن يتناسون أن هناك أرواحا معلقة في رقابهم، وبعض الآباء يستغلها كورقة ضغط للخروج من الطلاق بأقل خسائر ممكنة كما لو كانت صفقة يحاول الحصول منها على أكبر المكاسب وأقل الخسائر.

عاصفة من الغضب اجتاحت رواد السوشيال ميديا، بعد تدوال العديد صورة لطفلين القاتهم أمهم على سلم منزل ابيهم نوفمبر الماضي، نكاية في ابيهم المطرب الشعبي، لتبدا القصة والتي يقر فيه الأب "شادي الأمير" بأنه رفض تسجيل طفله الصغير البالغ من العمر 4 أشهر كنوع من الضغط على الأم لترك الحضانة للأب، ليقوم محامى الزوجة بإقامة دعوى إثبات نسب الطفل لوالده بعد إنكاره ورفضه إثبات نسبه له رغم ولادته منذ أشهر. 
لتعرف الأب في تصريحات صحفية سابقة، إنه تنعت في تسجيل الابن الأصغر، حتى يساومها على ضم الطفلين لحضانته وعندما رفضت الأم قرر عدم الذهاب لتسجيل الطفل، وبعد واقعة السلم الشهيرة رفعت الأم قضية إثبات نسب أمام محكمة الغريبة والتي لم تقم بالحكم بنسب الطفل حتى الآن وتأجيل انطق بالحكم في فبراير المقبل، ليظل الطفل ما يقرب من العام دون شهادة ميلاد، بسبب ثغرة في تنفيذ القانون. 

"تزوجت بعد قصة حب كبيرة لكن اختلفنا بعد شهور من الزواج وذهبت إلى منزل أهلي وطلبت الطلاق مرت شهور الحمل، ووضعت طفلتي وذهب اخي إلى مكتب الصحة لتسجيل المواليد ببطاقتي ووثيقة الزواج وإخطار الولادة الصادة من مستشفى حكومي، ليفاجأ ان أهل الأم لا يتم الاعتداد بهم إطلاقا في تسجيل المواليد ويجب أن تكون الأم ومعها بطاقة الأب أو أحد أفراد عائلة الأب أو الأب منفردا، ذهبت إلى الصحة بعد أسبوع في محاولة لكتابة الطفلة، أخبروني بضرورة وجود الزوج أو أهله أو بطاقته الشخصية على أقل تقدير، لتبدأ المفاوضات من جانب الأب الذي رفض تماما أن يكتب الطفلة، وبعد محاولات مع الجد الذي قال لي حرفيا" مقدرش أزعل ابني وأجاي معكي أكتب البنت" لتمر المدة المقررة لكتابة الطفلة وأقوم برفع قضية إثبات نسب وتم الحكم بعد وقت قصير لكنها تسببت أن الطفلة تتأخر في التسجيل والتطعيم، وهو قانون وقواعد لا تهتم بكتابة الطفل".

رحاب "البنت عينيها مش خضرا"
في الدعوة رقم 791 لعام 2019، إثبات نسب، قصة أغرب من الخيال وتدق ناقوس خطر في مواجهة قوانين غير معروف لمن تعمل أو لما تضع حياة طفل قيد تصرف أب قد يكون غير مسئول، رحاب الموظفة وتبلغ ثلاثون عاما، أقامت الدعوة التي لم يحكم فيها حتى كتابة هذه السطور، أمام محكمة الأسرة بالتجمع الخامس، لأن الزوج رفض تسجيل البنت لأن "عينيها" ليست خضراء مثله ومثل أسرته.
لتؤكد أن يوم ولادة الطفلة كان أسوء أيام حياتها حمل زوجها المولودة، ونظر في وجهها ورأى عيناها فوجدها سوداء فتركها بسرعة شديدة وقال "أنا مش عايزها"، فاعتقدت أنه يمزح معنا، لكني فوجئت برفضه تسجيلها واستخراج شهادة ميلاد لها، وتركنا أنا وطفلتي لدى أسرتي.
استكملت رحاب: ذهبت إلى الأحوال المدنية كي أسجل طفلتي ومعي قسيمة الزواج وإخطار الولادة، ولكنهم رفضوا تسجيل طفلتي، قائلين "لازم الأب يحضر أو شخص من أسرته من الدرجة الأولى"، فذهبت إلى والد زوجي وطلبت منه أن يسجل حفيدته لكنه رفض وقال "إبني هيزعل مني"
أضافت الزوجة: حاولت كثيرًا مع زوجي كي يسجل طفلتنا، وقلت له الطفلة ليس لها ذنب أن تُدمر حياتها بسبب أن عينها ليست خضراء، فكان رد فعله أنه قام بتطليقي وعندما ذهبت إلى منزلي لكي أحصل على أشيائي فوجئت بقيامه ببيع شقة الزوجية، لذا قمت برفع الدعوى.

صفية أحمد " دفعنا رشوة للتسجيل"
تقول صفية، ذهبت تاني اليوم الولادة ومعايا قسيمة الزواج لأن زوجي كان مسافرا خارج القاهرة ويجب عمل تحليل للطفل وتطعيمه قبل24 من الولادة، وتحملت على نفسي وذهب لمكتب الصحة، ومعي إخطار المستشفى، ليقول لي الموظف أنه ممنوع تسجيل الابن بدون وجود الأب أو أحد من أهل الزوج، لأنتظر حتى حضور الزوج من المحافظة الأخرى بعد عدة أيام ودفعنا "رشوة" للتسجيل وعمل التحليل والتطعيم للطفل.
أسماء عبد الستار تعرضت لموقف لن أنساه ما حييت، كنت في منزل والدي طالبة الطلاق بعد استحالة العشرة بيني وبين أبو بنتي، قرر أنه مستعد لتسجيل الطفلة لكن في المقابل أتنازل عن حقوقي وحقوق طفلتي من شقة الزوجية والنفقة والمؤخر والشبكة وكل مستحقاتي المادية.
وتضيف.. بالرغم من آلام الوضع ذهبت إلى مكتب الصحة لتسجيل الطفلة، لتبدا رحلة 12 يوما لتسجيل الطفلة، قبل المهلة القانونية التي تحدد14 يوما للتسجيل وبعدها ندخل في دائرة أخرى، بدأت الرحلة من مكتب الصحة الذي رفض تسجيل الطفلة بدون أب أو أحد من عائلته، قمت بعمل محضر امتناع عن التسجيل في القسم وبعدها النيابة وقامت بحفظه، كل هذا مخالف لقانون الطفل، ذهبت للمحامي العام الذي أكد عليّ أنني أسجلها قبل مرور14 يوما حتى لا أضطر لرفع دعوى إثبات نسب، وأخذت الطفلة كل تطعيماتها في عيادة طبيب خاص لأنها غير مسجلة، حتى ذهبت إلى إدارة الصحة التابعة لمحافظة وأعطاني خطابا موجها للمكتب الصحة التابعة له وقمت بتسجيل الطفلة الحمدلله.
مشيرة إلى أنها وجدت سيدات لم تعرف كيفية التصرف خاصة أنهن لا يجيدن القراءة والكتابة، ويعانين من تعنت الموظفين بالرغم من أن قانون الطفل، يسمح للأم بتسجيل الطفل بوثيقة الزواج.
في محاولة منا لمعرفة الحقائق ذهبنا مكاتب الصحة الأول كان مكتب صحة أرض اللواء، وتساءلنا حول إمكانية تسجيل طفلة للأب مسافر
ليرد موظف المكتب والطبيبة الموجودة بأنه لا تسجيل بدون أب أو أحد أفراد عائلة الأب، وبعد محاولات قال الموظف أنه قد يتسامح نظرا للظروف وأن الوالد مسافر، أن تكون بطاقة الأب موجودة أو صورة منها وفي حالة عدم وجودها لن يسمح بكتابة الطفلة، ويجب أن تتم العملية خلال 14 يومًا وإلا ستواجه الأم المصير بأن ترفع دعوى إثبات نسب.
مكتب العمرانية توجهنا للموظف المسئول تسجيل المواليد أخبره عن الإجراءات المتابعة لتسجيل طفل، فقال أولا بيان ولادة من المستشفى أو الطبيب الذي باشر عملية الولادة، بالإضافة إلى وثيقة الزواج وبطاقات الرقم القومي للزوجين، على أن من يقوم بالتسجيل الزوج أو أحد أفراد أسرته مثل الأب الأخ الأخت.
أكدت أن والد المولودة مسافر، أصر على أنه لن يتم كتابة أي مولود إلا بوجود والده أو أحد أقارب الزوج من الدرجة الأولى كالجد والعم والعمة، أما عائلة الأم فهي لا تملك ذلك، والأم منفردة لا ويجب أن يصاحبها أهل الزوج، السؤال الأهم أن اللائحة الخلفية له كانت تحمل أن للأم الحق، أكد أنه تعليمات شفوية من مصلحة الأحوال المدنية ووزارة الصحة حتى لا يقع محظور أو تحدث مشكلات، مع التأكيد على ضرورة تطعيم الرضيعة قبل 24 ساعة من ولادتها سوا تم تسجيل شهادة ميلاد لها أو لا.
توجهنا لمكتب صحة جيزة ثالث الكائن بشارع الهرم، ليكون الرد من حق الأم استخراج شهادة ميلاد الرضيع طالما معها وثيقة الزواج وبطاقة الأب، مشيرا إلى أنه يطبق القانون واللائحة وأن هناك تعليمات شفوية من وزارة الصحة ومصلحة الأحوال المدنية بضرورة وجود الأب أو أحد ممن عائلته حتى لا تقع مشادات ويتم اختصام المكتب في حالة وجود نزاع بين الطرفين، مؤكدًا أن هناك من يطبق التعليمات الشفوية ومن لا يطبقها.

البينة على من ادعي
يقول تامر الخطيب المحامي، إن وجود الأب ضرورة حتى لا يحدث لغط أو رفع دعوي رفض نسب من الأب أو عائلته تحت أي ظرف، ولكن يجب أن توضع محاذير حتى لا يصبح الأب أداة ضغط على الأم ويستخدم الطفل كوسيلة، منها أن تقوم الأم بعمل محضر للأب كإثبات أنه يتنعت في تسجيل الطفل، وبالمحضر يتم التسجيل دون الحاجة إلى رفع قضايا إثبات نسب كما يحدث الآن.
وأضاف لـ"البوابة نيوز"، أن المادة 4 من قانون الطفل، تنص على أن للطفل الحق في نسبه إلى والديه الشرعيين والتمتع برعايتهما، وله الحق في إثبات نسبه الشرعي إليهما بكافة وسائل الإثبات بما فيها الوسائل العلمية المشروعة.
انتصار السعيد محامية ورئيس مجلس أمناء مؤسسة القاهرة لتنمية والقانون، تقول إن الإعداد للإثبات النسب بين الأزواج الشرعيين غير دقيقة، حيث يوجد في المحاكم ما يقرب من 15 ألف قضية نسب، وهو رقم كبير للغاية.
وأضافت لـ"البوابة"، أنه من الممكن تفادي تعنت الأب بأن تتمكن الأم من إصدار شهادة الميلاد في خلال المدة الرسمية المحددة، ويكون للأب دعوة إنكار نسب في خلال ثلاثة أشهر من إخطار الولادة، بدلا من الوضع الحالي الذي ينتج عنه أبناء بلا شهادات ميلاد فترة طويلة.
هبه عادل محامية، رئيس مجلس أمناء مؤسسة المحاميات المصريات لحقوق المرأة، تقول إن الأصل المتعارف عليه أن البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فالقاعدة الصحيحة أن الطفل للفراش في حالات الزواج العرفي، والزواج الرسمي وقانون الطفل منطلق من قاعدة المصلحة الفضلي للطفل، والأسهل أن الأب في حالة إنكار النسب أن يتم اللجوء إلى القضاء وإلغاء جميع الأوراق الثبوتية.
وتضيف لـ"البوابة" أن الأب له الحق الكامل في رفض النسب من خلال القضاء لكن أن يظل الطفل بدون شهادة ميلاد وتقوم الأم بإثبات النسب هو تنعت غير مبرر للطرف الأضعف، ومن ينكر عليه أن يلجاء إلى القضاء وليس العكس.
وأوضحت أن هناك قصورا في التشريع وهناك متضررون في الزواج العرفي أو الرسمي أو الزواج من أجانب ويدفع الثمن أبناء بلا شهادات ميلاد كما لو كانوا لقطاء، مع العلم أن من حق اللقيط أن يكون له شهادة ميلاد.
وتقول إن هناك حالات بيتم التواصل مع الأب ونحاول إقناعه بعمل شهادة الميلاد وهناك حالات تشكك في النسب بيتم عمل تحليل "دي إن ايه" للتأكد ويقوم الأب بتسجيل الطفل، والحالات تكون أكثر تفاهما في المستويات الاجتماعية الأعلى وكلما قل المستوى الاجتماعي أو التعليمي يضيع الطفل بين رحي الخلافات.
وفي السياق ذاته يقول إكرامي كشك، المحامي بالنقض والدستورية العليا، إنه ما يحدث في مكاتب الصحة هو مخالف لقانون الطفل، رقم 12 لسنة 1996 بإصدار قانون الطفل والمعدل بالقانون رقم 126لسنة 2008، 
مضيفا أن قرارات وزارة الصحة بشان وجود الأب مع الأم أو بطاقته الشخصية أو أي عقبات تخل المواد التي نص عليها القانون هي إجراءات غير جيدة ويجب أن يتم تعديلها فورا، حتى لا تتكدس المحاكم بقضايا إثبات نسب لطفل من زواج رسمي دون ذنب.
هاني هلال، أمين عام مجلس حقوق الطفل، أكد أن ما يحدث في مكاتب الصحة هو مخالف لكل قوانين الطفل، ويجب أن يتم تغييرها.
وأضاف لـ"البوابة نيوز"، هناك 17 ألف حالة إثبات نسب في المحاكم، ويجب أن يتم وضع حلول لمثل هذه المشكلات، وطالما الأم لديها إثبات للزواج الرسمي، وفي غير وقوع طلاق يجب أن يتم تسجيل المولود فورا دون تباطوء.
مشيرا إلى أنه سيتقدم بطلب إحاطة للمختصين للوقوف على أسباب هذه الممارسات من قبل الصحة، وإنهائها في أقرب وقت.