الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

سيناريوهات السياسة الخارجية الإيرانية بعد الانتخابات البرلمانية.. اكتساح التيار المحافظ ضربة موجعة لـ"روحاني".. طهران بين خياري زيادة العقوبات والعزلة وانفجار الشعب

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
بعد فوز التيار المحافظ التشددي في إيران بالانتخابات البرلمانية التي عقدت الجمعة الماضية، وباكتساح، باتت السياسة الإيرانية الخارجية محل جدل خلال الفترة القادمة، خاصة على صعيد العلاقات الإيرانية الأمريكية، وأيضًا كيف سيكون شكل إيران من الداخل وموقف الرئيس الإيراني، حسن روحاني الإصلاحي والمرفوض بشدة من جانب التيار المحافظ. 
تلك الانتخابات شهدت إقبالا ضعيفا في ظل أزمات متعددة يعاني منها الإيرانيون في الداخل والخارج، وشهدت تراجعًا كبيرًا في المنافسة التي صنعها المشرعون في النظام الإيراني، حيث تم استبعاد 7296 من بين 15000 شخص تقدموا للترشيح للبرلمان من قبل مجلس صيانة الدستور، وهو مجلس خبراء من 12 شخصًا في القانون الدستوري تم تعيينهم إلى حد كبير من قبل المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي الذي يتمتع بقوة كبيرة في السياسة الإيرانية.
انتخابات فاشلة 
شهدت تلك الانتخابات عزوفًا كبيرًا من الشعب الإيراني عن التصويت والتوجه لصناديق الاقتراع، وأعلنت وزارة الداخلية الإيرانية عن إقبال بنسبة 42.57 في المائة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهي المرة الأولى التي تقل فيها نسبة المشاركة عن 50 في المائة منذ "الثورة الإيرانية" عام 1979. 
ونسبة إقبال الناخبين ينظر إليها على نطاق واسع على أنها مقياس لكيفية نظر الإيرانيين إلى الحكومة الدينية المأزومة في البلاد، فيما يعتبر انخفاض الإقبال، وبحسب مراقبين، دليل على حالة عدم رضا واسعة النطاق مع الحكام الدينيين الإيرانيين والنظام الذي يترأسونه. سياسة إيرانية جديدة بعد فوز المتشددين جاءت تنحية المرشحين الإصلاحيين على نطاق واسع في الوقت الذي اعتقد فيه النشطاء السياسيون في إيران أن خامنئي سوف يستسلم للسماح ببعض التنوع من أجل مواجهة التوترات المتزايدة في السياسة الداخلية والسياسة الخارجية الإيرانية، ولكن تبين أن هذا التحليل خاطئ. 
وأثبتت الأحداث أن هناك إرادة لإنشاء برلمان محافظ بالكامل يتوافق مع سياسات خامنئي، مما ترتب عليه استبعاد السياسيين البارزين مثل النائبين الحاليين على مطهري ومحمود صادق الذي انتقد في بعض الأحيان خط الحزب وبعض المؤسسات القريبة من خامنئي. 
ويمكن أن يكون هذا تمهيدًا للعودة إلى حكم خامنئي المطلق، بالطريقة نفسها التي كان عليها في أعقاب انتخابات 2009 الرئاسية. في ذلك الوقت، كان هناك رئيس متشائم، محمود أحمدي نجاد المحافظ، وبرلمان متشدد "مجلس" كانا مكفوفين في الخدمة ضد خامنئي. وبين عامي 2008 و2011، كان أحمدي نجاد مطيعًا تمامًا لخامنئي وكانت المعارضة في المجلس ضئيلة. تم طرد الرئيس أكبر هاشمي رفسنجاني من مجلس الخبراء وتم التلاعب بمجلس تشخيص مصلحة النظام بطريقة تحد من سلطة رفسنجاني ومنح اليد العليا لأنصار خامنئي. 
سيناريو حكم عام 2009 يعود من جديد 
في تقرير أبرزته صحيفة راديو فردا، تناول ما حدث تحديدًا في عام 2009، وكان في هذا الوقت الحكم مطلق لخامنئي، وأدت نتيجة هذا في ذلك الوقت إلى واحدة من أوسع الانقسامات السياسية في إيران ما بعد الثورة التي تجلت في الاضطرابات التي أعقبت الانتخابات في عام 2009، والتي أدت إلى عزلة إيران الكاملة في المجتمع الدولي، وأزمات اجتماعية وأمنية واسعة النطاق وحملة صارمة على المعارضة. 
هل يعيد خامنئي سيناريو 2009 أم يتجرع من كأس السم؟ 
استبعدت طهران أي محادثات مع واشنطن ما لم ترفع العقوبات المشددة المفروضة على إيران بعد خروج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من الصفقة النووية الإيرانية. لكن الاستياء المتزايد من الصعوبات الاقتصادية، التي دفعت العديد من الإيرانيين إلى الامتناع عن التصويت يوم الجمعة، يمكن أن يجبر المسئولين في إيران على اختيار الدبلوماسية عن المواجهة التي أدت إلى حرب شاملة في يناير. 
وقال بعض المطلعين على الشأن الإيراني من الداخل إن الزعيم الإيراني على خامنئي قد يضطر إلى "تجرع كأس السم" من جديد في إشارة لتصريح شهير أدلى به سلفه الخميني عندما اضطر إلى الموافقة على هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة وأنهت الحرب العراقية الإيرانية التي دارت رحاها بين عامي 1980 و1988. إن الاقتصاد الإيراني الهش، الذي أضعفته حملة "الضغط الأقصى" الأمريكي الذي خنق صادرات النفط الحيوية والفساد وسوء الإدارة التي تسبب في ضجر كبير للإيرانيين، يترك للسلطات الإيرانية خيارات قليلة. 
وقال مايكل تانشوم زميل بارز في المعهد النمساوي للسياسة الأمنية الأوروبية لرويترز "إيران ليست سوى أزمة نظامية واحدة بعيدا عن نقطة الانهيار." "لتجنب نقطة الانهيار هذه، قد يقدم المتشددون الإيرانيون تنازلات أمريكية من أجل بقاء النظام". 
وجاء التقدم الذي أحرزه المتشددون في الانتخابات البرلمانية بعد تنحية الآلاف من المعتدلين وكبار المرشحين المحافظين من قبل هيئة التدقيق المتشددة، مجلس صيانة الدستور الذي يقدم تقاريره مباشرة إلى خامنئي. يضع نظام إيران المزدوج للحكم الديني والجمهوري السلطة الحاسمة في أيدي مؤسسة متشددة، والتي شددت في الماضي عندما تواجه تهديدات خارجية وداخلية. 
الرئاسة هدف المتشددين القادم
على الرغم من أن البرلمان ليس له تأثير كبير على الشئون الخارجية أو السياسة النووية، وهو ما يحدده خامنئي، فإن الانتصار في انتخابات يوم الجمعة قد يصوغ السياسة الإيرانية لسنوات قادمة من خلال منح المتشددين جائزة أكبر، وهي انتخابات الرئاسة الإيرانية عام 2021. 
وقال مسئول إيراني بارز رفض الإفصاح عن اسمه لـ "رويترز": "المتشددون يتطلعون إلى الرئاسة". وأضاف أن فوز المتشددين في الانتخابات الرئاسية، إلى جانب المصاعب الاقتصادية المتزايدة، قد يفتح صفحة جديدة بين إيران وأمريكا". 
وهناك دلائل سابقة على إمكانية رضوخ خامنئي في نهاية الأمر، فقد أجبر الاقتصاد الإيراني المتضرر من العقوبات المرشد الأعلى من قبل على تقديم دعم مبدئي للاتفاقية النووية التي صممها الرئيس البراغماتي حسن روحاني، والذي أنهى العزلة الاقتصادية والسياسية للبلاد حتى استقال ترامب من الصفقة في عام 2018. 
وأوضح المسئول أن القيادة الإيرانية يهمها البقاء على رأس النظام في إيران لذا فإنها من الممكن أن تقدم تنازلات. ازدياد الغضب قد يلجأ المحافظون إلى المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية بسبب الغضب الشعبي والذي تسبب في عدة احتجاجات خلال الفترة الأخيرة، مما أدت إلى حملة قمع واسعة من الحرس الثوري تسببت في مقتل الآلاف. 
لكن الاضطرابات هزت حكم رجال السلطة الإيرانية بتذكيرهم بمدى تعرضهم للغضب الشعبي بسبب الصعوبات الاقتصادية. قدم المرشحون المحافظون المدعمون من الحرس الثوري نتائج قوية في الانتخابات البرلمانية، حيث قادوا السباق في العاصمة طهران وعبر إيران. 
وقال على فتح الله نجاد، زميل زائر في مركز بروكنجز: "في هذه العملية المستمرة، سيصبح الحرس الثوري قوة متزايدة، ويمتد هيمنته في المجالات العسكرية والاستخبارية والاقتصادية إلى المجال السياسي، لكن من غير المحتمل تلبية مطالب العديد من الإيرانيين المؤيدين للإصلاح من أجل الحريات الاجتماعية والسياسية".