الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

نظام الحمدين يقر بانهيار ألاعيبه.. كواليس فشل محاولات قطر الوقيعة بين الرباعي العربي بحجة المصالحة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
شهدت الأشهر الثلاثة الأخيرة، محاولات مضنية من قطر للتوصل إلى اتفاق مصالحة مع المملكة العربية السعودية وحدها، بغرض عزلها عن الرباعي العربي الذي يضم مع المملكة، مصر، والبحرين، والإمارات، بحيث يتم تفتيت هذه الجبهة، وإنقاذ الاقتصاد القطري الذي أُصيب بالإجهاد، جراء إغلاق منافذ الاتصال مع العالم.


وأقر وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن، خلال الأيام القليلة الماضية، بفشل جهود دولته لحل الأزمة مع السعودية، بل ومع الإمارات، كاشفًا عن أنه بحلول منتصف يناير الماضي، تم تعليق جميع الاتصالات المتعلقة بإيجاد حل للأزمة.
وزعم الوزير القطري في تصريحات لوكالات الأنباء، أن الدوحة ليست المسئولة عن فشل تلك الجهود، وأنها مستعدة لاستئناف المحادثات، فيما أشار المراقبون إلى أن سبب توقف هذه المحادثات، هو أن الرياض أدركت أن مسئولي قطر يرغبون في إبرام اتفاق أحادي مع السعودية، أو ثنائي على أفضل تقدير بانضمام الإمارات أيضا، بشكل يحقق للدوحة هدفها الرئيس، وهو تخفيف الضغط عليها بفتح الحدود لكن في الوقت ذاته، دون أن تقدم أي تنازلات تذكر.
مراوغات الدوحة، واجهتها السعودية بالتمسك بأن يكون الحل شاملا، ويتضمن تحقيق مطالب الرباعي العربي بأكمله، لعدم منح الدوحة فرصة شق الصف العربي، وهو ما واجهته قطر بعدم الجدية، والمراوغة كعادتها، مما أغضب السعودية، ودفعها إلى إيقاف أي تفاوض بين الجانبين.
وطبقا للمراقبين فإن آخر ما وصل إلى الدوحة، من رسائل سعودية، هو تمسك الرياض بضرورة التجاوب فيما يتعلق بالنقاط التي تهدد الأمن القومي للرباعي العربي، وضرورة تخلي الدوحة عن المراوغات التي سيطرت على أداء مفاوضيها، إذا كانت تريد العودة إلى التفاوض مجددا.
المصادر المطلعة على تفاصيل التفاوض، أدلت بتصريحات إلى الوكالات العالمية، لكن دون أن يكشف أي منها عن هويته، حيث أفادت هذه المصادر بأن المباحثات بين السعودية وقطر بدأت في أكتوبر الماضي، بهدف تسوية النزاع، لكنها انهارت عقب القمة الخليجية السنوية، التي استضافتها الرياض، بسبب تغيب أمير قطر عنها، الأمر الذي اعتبرته القيادة السعودية، رسالة سلبية تشير إلى تمسك حاكم قطر بموقفه.
وأشارت المصادر إلى أن سببا آخر دفع الرياض إلى التيقن من أن الدوحة لا تريد حل الأزمة كليا، وهو أن المحادثات انصبت من جانب الخارجية القطرية، على استعادة حرية انتقال مواطنيها، عبر فتح المجال الجوي للمملكة أمام طائرات الدوحة، وإعادة فتح الحدود البرية بين البلدين، حيث لم تطلب قطر سوى هذا، ولم تبد أي رغبة في تقديم أي مقابل لتحقيق ذلك.
في المقابل فإن الرياض، وبحسب المصادر ذاتها، أرادت من الدوحة أن تُظهر تغييرا جوهريا في مسلكها، لا سيما سياستها الخارجية، التي تساند فيها الدوحة جماعة الإخوان، والمنظمات الإرهابية، التي تهدد الأمن القومي العربي، وفي مقدمتها تنظيم داعش، بالإضافة إلى تحالفها مع تركيا، ضد المصالح العربية.

ألاعيب فاشلة
وتعليقا على هذه المعلومات أكد الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن السعودية أرادت أن تضع قطر أمام مسئولياتها الإقليمية والدولية، عن طريق تعهد الدوحة بالالتزام بمفردات الأمن القومي العربي، وهو ما دفع الأخيرة إلى التلاعب والمراوغة لأنها تريد أن تأخذ ولا تعطي.
وقال بدر الدين لـ«البوابة نيوز»: «قطر تعهدت بالتخلي عن الإخوان، وعن دعم حركات الإسلام السياسي، إلا أنها تراجعت»، مشيرا إلى أن الإصرار السعودي على هذا المطلب، كان السبب وراء عدم حضور تميم بن حمد حاكم قطر، للقمة الخليجية التي انعقدت في ديسمبر الماضي، بعد أن أدرك تميم أن حضوره سيمثل اعترافا منه بقبول المطالب السعودية، في وقت كان يريد فيه الانفراد بحل أحادي يمنحه ما يريد فقط، ودون مقابل.
ولفت بدر الدين، إلى أن العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبدالعزيز، عندما دعا أمير قطر للمشاركة في اجتماعات القمة الخليجية، كان يريد أن يمنحه فرصة للخروج من كبوته، بناء على مطالبة قطر بالتباحث لإيجاد حل للأزمة، مضيفا: «لكن في الحقيقة، فإن عدم حضور تميم وعدم استجابته للدعوة السعودية، أغضب المملكة، وأكد لها أنه لا أمل في إصلاح السياسة القطرية، وهو ما لم ترد المملكة أن تكشف عنه من باب الإبقاء على الباب مواربا، حيث استقبل الملك سلمان رئيس الوزراء القطرى».
وكشف بدر الدين عن أن قطر لم تطلب التفاوض مع السعودية، من تلقاء نفسها، وإنما يعود ذلك إلى نوعين من الضغوط تتعرض لهما الدوحة، الأول ضغط داخلي مرتبط بتوتر الأوضاع نتيجة تذمر القطريين جراء حالة التضييق التي يعيشونها، سواء في سفرهم بسبب إغلاق الحدود البرية، والمجال الجوي في وجههم، والثاني ضغط دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعو قطر إلى التواصل مع أطراف الأزمة لحلها، لعدم تعطيل المصالح الأمريكية في المنطقة.

وقيعة في ثوب المقاطعة
بدوره أكد الدكتور فتحي العفيفى، أستاذ التاريخ المعاصر بجامعة الزقازيق، أن محاولات قطر للتباحث مع السعودية حول المصالحة، لا يعدو كونه لعبة من الدوحة للوقيعة بين الرباعي العربى.
وأوضح لـ«البوابة نيوز»، أن الدوحة لا تفكر في المصالحة، لاعتيادها على المراوغات في تحقيق أهدافها، مشيرا إلى أن حاكم قطر، لا يفكر سوي في إيجاد مخرج يضمن له استعادة السيولة في حركة النقل، من أجل تعزيز اقتصاده، عن طريق تقليص تكاليف النقل الباهظة التي يدفعها حاليا، وكذلك زيادة حركة التبادل التجاري مع حلفائه مثل، تركيا بما يضمن عودة التدفقات المالية إلى سابق عهدها، حتى يستطيع دفع المزيد من المال لإنقاذ الإخوان، بعد أن أوشك حلمهم على الانهيار تماما في المنطقة، على أثر التطورات الجارية في ليبيا، وسوريا، والسودان.
وقال العفيفى: «دق إسفين في العلاقات بين الرباعي العربى، عن طريق إقناع الرياض بإبرام اتفاق منفرد، يغضب الإمارات ومصر والبحرين، لتسعي كل منها إلى حل الأزمة بمعرفتها، هو الهدف الرئيس للدوحة، بما يمكنها من ممارسة اللعبة الاستعمارية القديمة فرق تسد»، مضيفا: «لكن يقظة المملكة، وإدراكها لألاعيب الدوحة، والخبرة التي تتمتع بها القيادة السعودية الحالية، جعلت الدبلوماسيين القطريين، ينكشفون بسهولة تامة، وهو ما حال دون نجاح الدوحة في إتمام خطتها».
وأضاف العفيفى: «خلال زيارة وزير الخارجية القطرى، محمد بن عبدالرحمن، إلى الرياض في أكتوبر الماضى، تعهد للمملكة بوقف دعم الإخوان المسلمين، وكان ذلك خلال لقاء له مع ولي العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، إلا أن السعودية لم ينطل عليها العرض القطرى، حيث طلبت من الوزير القطري اتخاذ خطوات عملية مرضية في هذا الاتجاه، لكن سرعان ما تراجعت الدوحة من جديد».
وأشار العفيفي إلى أن السعودية كانت تنتظر جدية من الدوحة، باتخاذ إجراءات ملموسة حول دعم تنظيم الإخوان، وتغيير سياساتها فيما يتعلق بالتحالف مع تركيا ضد المصالح العربية، في ليبيا، إلا أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الدوحة، بعد أسبوعين من زيارة وزير الخارجية القطري السعودية، جعلت السعودية تفهم أن الدوحة ما زالت تعول على الوجود التركي العسكري على أراضيها، وهو ما يغضب الرباعي العربى، لا سيما في ظل الموقف التركي الأخير من الأزمة الليبية، وإصرار أنقرة على دعم حكومة الوفاق بالسلاح، والمرتزقة، الأمر الذي يحول ليبيا إلى بؤرة جديدة للإرهاب، تهدد الأمن العربى، خاصة في ظل ما وصلت إليه سوريا أيضا من انهيار بسبب سياسات أردوغان وتميم.



العلاقة مع إيران
خطأ آخر وقعت فيه الدوحة خلال مباحثاتها مع السعودية، وهو بحسب ما أوضح الدكتور عبدالراضي عبدالمحسن، أستاذ الفلسفة الإسلامية، وعميد كلية دار العلوم بجامعة القاهرة، أن قطر لم تتطرق لموقفها من العلاقات مع إيران، التي تناصب المملكة العربية السعودية العداء بشكل سافر.
وأوضح لـ«البوابة نيوز»، أن العلاقة القطرية الإيرانية، تمثل مصدر قلق للسعودية بوجه خاص، في ظل ما يجري من حرب مفتوحة بين الرياض وطهران، في اليمن، وهو ما منح السعودية إشارة واضحة على أن قطر تراوغ، ولا تريد التخلي عن سياساتها المناوئة للأمن القومي العربى.
ولفت عبدالمحسن إلى أن إنهاء الموقف بمصالحة شاملة، يستدعي مفاوضات تضم كل الأطراف، في ظل اختلافات جوهرية بين مطالب كل دولة على حدة تجاه الدوحة، وإن اتفق الرباعي العربي على مطالب مشتركة، فإنها تبقي مجرد مدخل لإنهاء باقي المشكلات التي تتعلق بكل دولة بمفردها.
وقال أستاذ الفلسفة الإسلامية: «في الوقت الذي تريد فيه المملكة من قطر أن تتخلي عن الإخوان، وهو ذاته المطلب المصرى، فإن السعودية لها مطلب إضافي خاص، هو قطع العلاقات مع إيران، ووقف دعم الشيعة في اليمن، والأخير مرتبط بالأزمة القطرية مع البحرين، التي ترفض الدعم القطري للشيعة، لأنه يصب ضد استقرار المنامة، وفي الوقت ذاته يرتبط هذا الطلب بالإمارات التي تريد الضغط على إيران حتى تسترد منها الجزر التي تحتلها طهران».
وأضاف: «كما أن مصر تريد من الدوحة التوقف عن التحالف مع تركيا، ضد المصالح المصرية، والعربية في ليبيا، وهذا كله يشير إلى أن كل دولة من دول الرباعي العربي لها مطالب خاصة لدي قطر، لن تُحل بمجرد الاتفاق على الأهداف العامة التي تربط الرباعي ببعضه البعض، وهو ما يعني بالضرورة، أن تكون هناك مفاوضات مباشرة بين الأطراف كافة، في مرحلة ما من مساعي البحث عن حل، وهو ما تريد الدوحة الابتعاد عنه، بسعيها لإبرام اتفاق خاص مع السعودية، ومع الإمارات إن اضطرت لذلك، متصورة أنها قادرة على التخلي عن مصر والبحرين، في ظل عدم حاجتها لهما فعليا، سواء فيما يتعلق بمشكلة النقل، أو التحسن الاقتصادي الذي تطمح إليه الدوحة».
ولفت عبدالمحسن إلى أن هذه المعطيات تؤجل المصالحة مع قطر، في ظل إدراك الجميع إلى أنه لا يمكن السير في اتجاه دون الآخر، وأن الدوحة مطالبة بالحصول على رضا وموافقة الرباعي العربي ولو فيما يتعلق بالكليات الأساسية، كخطوة أولي لبناء الثقة، يتبعها خطوات ثنائية تجمع قطر بكل دولة على حدة.
وشدد عبدالمحسن على أن الوصول إلى المربع الأول، بعد إعلان وزير الخارجية القطرى، انهيار ما وصفه بالمحادثات مع السعودية للمصالحة، يعني أن الوساطة الكويتية وصلت إلى طريق مسدود، بسبب تعنت الدوحة.

المبادئ الـ6 قائمة
من جانبه، أكد عمرو فاروق، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن ما تم الكشف عنه خلال الأيام القليلة الماضية، حول المباحثات السعودية القطرية، وفشل مراوغات الدوحة لإيجاد منفذ ينقذها بمفردها دون أن تقدم أي تنازلات، يؤكد تمسك السعودية باعتبارها الدولة التي استهدفتها الدوحة بالتباحث بالمبادئ الستة للرباعي العربى.
وأضاف لـ«البوابة نيوز»: الموقف السعودي يؤكد تمسك الرياض بالمبادئ المشار إليها، وهى:
الالتزام بمكافحة التطرف والإرهاب ومنع تمويلهما أو توفير الملاذ الآمن لقادتهما، إيقاف أعمال التحريض الإعلامي وخطاب الحض على الكراهية والعنف، الالتزام الكامل باتفاق الرياض لعام ٢٠١٣ والاتفاق التكميلي وآلياته التنفيذية في إطار مجلس التعاون الخليجى، الالتزام بمخرجات القمة العربية الإسلامية الأمريكية التي عقدت بالرياض في مايو ٢٠١٧، الامتناع عن التدخل في الشئون الداخلية للدول العربية أو دعم الكيانات الخارجة عن القانون، وأخيرا الإقرار بمسئولية المجتمع الدولي في مواجهة كل أشكال التطرف والإرهاب بوصفها تمثل تهديدا للسلم والأمن الدوليين.
وتابع: هذه المبادئ، تمثل ركنا أساسيا لن تحيد عنه المملكة، أو غيرها من دول الرباعي العربى، في ظل حقيقة شديدة الأهمية، وهي أن هذه المبادئ هي أقل ما يمكن أن تطالب به دول الرباعي العربى، إن أرادت استعادة الاستقرار والسلام، والخروج بالمنطقة من دائرة العنف التي وقعت فيها منذ عام ٢٠١١، بفعل مؤامرات بعض دول العالم، ومن بينها، قطر.
ولفت فاروق إلى أن وجود أي تواصل بين الرياض والدوحة لا يشير بالضرورة إلى الترتيب لحل انفرادي للأزمة، خاصة أن مساعي السعودية لحل الأزمة مع قطر تنطلق من مبادئ الرباعي العربي الستة، المشار إليها.
وأوضح فاروق أن قطر عندما تحدثت عن انهيار المباحثات مع السعودية، كانت تريد أن ترمي بآخر كروت الوقيعة، وهو الإيحاء بأن هناك ما كان مخفيا بين الرياض والدوحة، ولا تعلم به باقي دول المقاطعة، وهذه حيلة أخري للوقيعة، لكنها من السذاجة بمكان، حتى لا تنطلي على دول الرباعي العربى، بما تملكه من اتصالات وثيقة، وخبرات واسعة في إدارة مثل هذه الأزمات، فضلا عن الثقة المتبادلة بين قادة الدول الأربع.
وشدد عمرو فاروق على أن المراوغات والألاعيب القطرية لن تستطيع الصمود أمام الموقف العربي الموحد، الذي يعد من أكثر المواقف العربية تماسكا وصلابة، ربما خلال العشرين عاما الأخيرة، مضيفا: «ما لا يدركه البعض، هو أن دول الرباعي العربى، لا تملك رفاهية التنازل عن مطالبها الستة، لأن هذه المطالب تمثل أقل ما يمكن أن يطلب من الدوحة، للحفاظ على أمن العالم العربى، ودول الرباعي العربى، تدرك جيدا أنها لا تملك القدرة على التنازل عن أي من هذه المطالب، لأن التنازل يعني استمرار تعرض الأمن الإقليمي لخطر الإرهاب، والتحالفات التي تضر بمصالح المنطقة.