الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

بلد الـ100 مليون| كثرة الإنجاب.. عائق للتنمية أم قوة غير مستغلة؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعد الزيادة السكانية واحدة من أهم الأعباء التى تقف أمام خطوات الإصلاح الاقتصادى التى تتخذها الحكومة خلال السنوات الأخيرة، فبينما كانت تتوقع الأمم المتحدة عام، أن يصل عدد سكان مصر إلى ٩٦ مليون نسمة عام ٢٠٢٦، تجاوزت مصر تلك التوقعات ووصل تعداد مصر لـ١٠٠ مليون نسمة.

الحكومة من جانبها تسعى وخلال السنوات الماضية، لمواجهة عبء الزيادة السكانية، ففى مايو ٢٠١٨، أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي مشروع؛ «اتنين كفاية»، للحد من الزيادة السكانية، بتكلفة إجمالية تبلغ ١٠٠ مليون جنيه، ويستهدف البرنامج الذى جرى تمويله من خلال صندوق إعانة الجمعيات بوزارة التضامن وصندوق الأمم المتحدة للسكان، ١.١٥ مليون سيدة من السيدات المستفيدات من برنامج؛ تكافل، الذى تنفذه التضامن.


ونفذت التضامن برنامجها في ١٠ محافظات؛ أسوان والأقصر وقنا وسوهاج وأسيوط والمنيا وبنى سويف والفيوم والجيزة والبحيرة، وهى المحافظات التى تعد الأكثر احتياجًا من حيث معدلات الإنجاب وبها أكبر عدد من السيدات المستفيدات من تكافل وكرامة.

ويرى الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى ورئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، أن السكان هم ثروة بشرية كباقى الثروات الأخرى، مشيرًا إلى أن ألمانيا التى تمثل أكبر اقتصاد في أوروبا فتحت أبوابها لمليون لاجئ جديد بسبب «الشيخوخة السكانية» التى تعانى منها؛ وعدم توافر أيد عاملة.

وتابع: «الصين التى يبلغ تعدادها نحو مليار و٣٠٠ مليون مواطن صُنفت كثانى أفضل اقتصاد على مستوى العالم، بعدما أزاحت اليابان، كما أن الدراسات العالمية تشير إلى أن اقتصادها سيفوق حجم الاقتصاد الأمريكى في ٢٠٢٤-٢٠٢٥.

وشدد رشاد على أن السياسات الاقتصادية وحدها القادرة على تحويل القوى المستهلكة إلى منتجة، فضلًا عن ترسيخ ثقافة العمل الحر، مضيفًا أن الصين حتى ١٩٧٩ كانت من أفقر دول العالم وخلال أقل من ٥٠ سنة استطاعت الوصول عن طريق فتح الباب للاستثمارات الأجنبية، والسياسات التوسعية، والاستعانة بمستشارين من الدول الأخرى مثل سنغافورة وأمريكا، استطاعت الوصول للنهضة.

وأضاف عبده: «أزمة الزيادة السكانية أزلية، السكان نقمة أم نعمة؟ هذا يتوقف على السياسات المتبعة من الدولة، من خلق فرص عمل والتشجيع على المشروعات، لذا لا بد من تفعيل السياسات الاقتصادية مع حملات وبرامج تنظيم الأسرة، لا سيما وأن برامج التوعية اختفت منذ ٢٠ عاما، وبالتالى لا بد من إعادتها وتوجيه الإعلام».


وقال الدكتور صلاح الدين فهمي، الخبير الاقتصادي، إن الزيادة السكانية لها بعدان، أولهما التأثير الإيجابى بتوافر قوى بشرية وعمالية تزيد من الإنتاجية وتوفر قيمة مضافة للاقتصاد، وأخرى سلبية حال كانت الإنتاجية منخفضة.

وأشار إلى ضرورة وجود حال من الضبط للتعداد السكانى لتحويلهم من قوة إنمائية ضعيفة إلى قوة إنمائية دافعة للتنمية في مصر، والتعزيز من المورد البشرى خاصة وأن عديدا من الدول تفتقره بينما أخرى، كالصين والهند وإندونيسيا وماليزيا، على الرغم من الكثافة السكانية لديهم والتى تقدر بالمليارات إلا أن العنصر البشرى لديهم قوى يعزز من الإنتاجية.

وأكد فهمى أهمية تأهيل العناصر البشرية في مصر بما يدفع الإنتاج للأمام والاهتمام بالتعليم الفنى والاقتصاد المعرفى والتدريب؛ لدفع عملية التنمية للأمام، لا سيما وأن الـ١٠٠ مليون الذين تذخر بهم مصر عناصر سالبة على التنمية، ما يتطلب الاهتمام بالتعليم والتدريب والرعاية الصحية لتحويلهم إلى عنصر دافع للنمو.


وأكد الدكتور مصطفى أبوزيد، الخبير الاقتصادي، أن الزيادة السكانية آثارها سلبية على عوائد التنمية خاصة وأن الدولة المصرية تسابق لزيادة المشروعات القومية؛ وزيادة فرص التشغيل، إذ إن الدولة تستهدف في إطار الإستراتيجية الخاصة بالتنمية المستدامة على المدى القصير في ٢٠٢٢ توفير ٩٠٠ ألف فرصة عمل سنويًا، وهو ما يصعب تنفيذه مع الزيادة السكانية من توفير تلك الاحتياجات.

وأشار إلى أن معدلات تزايد السكان تسير بوتيرة أسرع من معدلات التنمية التى تسعى الدولة من خلالها إلى التوسع في المشروعات وزيادة حجم الإنتاج، وتوفير الكثير من فرص العمل التى تستوعب تلك الزيادة، بجانب أن الزيادة السكانية تستهلك الخدمات العامة فلا تكفى لاستيعاب كافة تلك الأعداد، من إنشاء الطرق والكباري، أو العمل على تطوير الخدمات التعليمية والصحية وبالتالى الزيادة السكانية غير المخططة تمثل عائقا وتحديا كبيرا أمام الحكومة في ظل تكثيف الجهود الخدمية لتلبية كافة احتياجات المواطن اليومية في كافة القطاعات.

وتابع أبوزيد: «نحتاج دراسة وتخطيطا فيما يتعلق بالزيادة السكانية ليشمل أعداد المواليد، بالإضافة إلى الاهتمام بوجود برامج توعية أكثر من جانب المجتمع المدنى والمؤسسات الأهلية إلى جانب المؤسسات الحكومية في توعية المواطنين بمخاطر الزيادة السكانية؛ وكيفية التغلب عليها وتحويل العائق واستيعابه وتطويره ليخدم المنظومة العامة للدولة أو الرؤية العامة للدولة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة على حد سواء».


وقال الدكتور رضا لاشين، الخبير الاقتصادي، إن الزيادة السكانية في مصر تتطلب تكثيف الجهود المستمرة لتغطية متطلبات المواطنين واحتياجاتهم الخدمية، وهو ما تسعى إليه الدولة من رفع قيمة البنية التحتية من محطات كهرباء ومياه وطرق وكبارى وأنفاق ومحطات المياه، وتزويد مصادر الطاقة من غاز وبترول، لاستيعاب الزيادات والتى تمثل عبئا كبيرا على الدولة.

وقال الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن الساعة السكانية لا تعبر عن الواقع الحقيقي، فاستهلاك مصر من القمح من سنة ٢٠١١ التى بلغ عدد السكان حينها ٨٠ مليونا حتى الآن هو نفس عدد استيرادنا الحالى (١٤ مليون طن)، فضلًا عن أن مصر لديها ٥ ملايين وافد خلال السنوات الأخيرة أكثرهم من سوريا والعراق واليمن.

وتابع: «كان لدينا ٨ ملايين فدان تم تبوير ٢ مليون فدان منها بسبب الهجوم والتعديات على الأراضى الزراعية، ورغم ذلك مصر لدينا فائض خضراوات، وارتفاع في أرقام الحاصلات الزراعية؛ ما يتعارض مع تلك الأرقام، بجانب أنه لا يتم حذف الوفيات منها، وبالتالى وصول أعدد المصريين لـ١٠٠ مليون أمر غير محسوم حتى الآن.

وتابع النحاس: «كيف يكون لدى الحكومة حصر لعدد المصريين، في حين أن وزارة التموين لا تستطيع حصر المنتفعين من البطاقة التموينية، كما أن عدد الوحدات في مصر ٣٣ مليون وحدة، منها ١٠ ملايين وحدة مغلقة للمصايف و٢٣ مليون وحدة فقط المفتوحة، وهذا لا يمنع أن نؤكد أن الزيادة السُكانية في مصر بشكل عام، تعتبر عبئًا اقتصاديًا مضاعفًا على الدولة خلال الفترة الحالية والقادمة، وأن الحكومة لن تستطيع بأى حال من الأحوال توفير حماية اجتماعية جيدة للمواطن الفقير الذى لا يعبأ بكثرة إنجابه للأطفال.