الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الروائي حسام العادلي لـ"البوابة نيوز": التاريخ هو الأب الشرعى للمعرفة.. الأطماع التركية في استعادة العثمانية أوهام وخيالات.. صناعة الكتب والنشر مسألة انتقائية بحتة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

بزغ نجم الكاتب الروائى حسام العادلي، منذ روايته الأولى «أيام الخريف»، التى حققت نجاحًا لافتًا، دفعه لاستكمال مسيرته الإبداعية من خلال روايته الجديدة التى يستعد لإصدارها خلال الفترة المقبلة.. لم يقف العادلى عند الحقل الروائى فقط، وإنما امتدت إسهاماته إلى مجال الفكر الإنسانى والعلوم الاجتماعية والسياسية، إذ يستعد لإصدار كتاب مهم حول التاريخ الإنساني، فضلا عن تطرقه للكثير من القضايا التى يتناولها بعمق عبر سلسلة مقالاته التى بدأها من «البوابة»، وهو ما سيكون محور لقائنا معه خلال هذا الحوار.


هل تسعى لتغيير مجال اهتمامك من الحقل الروائى إلى مجال الفكر الإنساني؟

- بالطبع لا أسعى إلى ذلك؛ فمشروعى الروائى موجود وقائم وأعمل عليه، وأود هنا أن أوكد أن الحقل الروائى والأدب عمومًا لا يتجزأ عن الفكر الإنسانى في السياق العام، يكون التباين بينهما في طريقة العرض والتقديم فقط وليس في الفكرة، بل إن الكثير من القضايا والنظريات الإنسانية والسياسية استمدت مادتها من الأعمال الروائية، وكذلك العكس صحيح، وهناك نماذج كثيرة لروايات عظيمة أسست لأفكار كبرى.

تكتب المقالات بشكل منتظم كيف توازن بينها وبين إنتاجك الأدبى من الرواية والقصة؟

- هناك اعتقاد شائع بأن كتابة المقالات دائمًا ما تعطل الأديب عن إبداعه وتفقد قلمه الإحساس بالأدب، ولكن الواقع أن كتابة المقالات تحدث زخمًا فكريًا وتدفع إلى الاطلاع الذى يفتقده العديد من الروائيين، والعلاقة بينهما أيضًا وثيقة فالمقال ينقى قلم الروائى من الإسهاب ويجعله دقيقًا في فكرته، وكذلك كتابة الرواية تدفع الثراء اللغوى والفنى في جفاف سياق المقال كما هو معتاد، إذ نجد أن كبار الأدباء العالميين كانوًا حريصين على كتابة المقالات وتعد مقالاتهم بمثابة مادة خصبة للأفكار مثل: تشالز ديكنز وفيكتور هوجو وبرنارد شو وماركيز وكذلك يحيى حقى وتوفيق الحكيم وعباس العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ ويوسف إدريس.

تعتمد مقالاتك بشكل كبير على طرح الأفكار ورؤى التاريخ وربطهما بالواقع المعاصر فما دلالة ذلك؟

- التاريخ هو الأب الشرعى للمعرفة والأساس الذى يقيم عليه أى مفكر أو أديب مشروعه ونظرته الإبداعية والفلسفية، دراسة التاريخ بخلاف أنها ممتعة وملهمة تعطى للمتأمل فيها رؤية محكمة عن الواقع ونظرة استشرافية للمستقبل، ولكن للأسف الدراسات التاريخية في الوطن العربى والعلوم الاجتماعية إجمالا مهملة في الشرق الأوسط، ولا تحظى بالقدر الكافى من الاهتمام الذى عساه يمنح الرؤى الإستراتيجية الكثير من الوضوح في المشهد السياسى العالمي.

ما رؤيتك للأطماع التركية في المنطقة العربية في ضوء الخلفية التاريخية للدولة العثمانية؟

- الأطماع التركية في استعادة الدولة العثمانية عبارة عن أوهام وخيالات سرابية غير ممكنة التحقق، والعالم كله يعلم الويلات التى عانت منها الدول التى كانت تتبع الدولة العثمانية في السابق من تخلف وجهل وغياب الوعى الحضاري. وأن الأمة العربية تحديدًا هى من عانت من الدولة العثمانية ولولا تحكمها في مقدرات العرب لفترة طويلة لكان لهم الآن شأن آخر، فالدولة التركية في كل مراحلها التاريخية لا تعترف بالعِلم والأدب أو ترى فيهما أى قيمة تذكر.

ما تقييمك للخطوة المفاجئة التى قامت بها أمريكا باغتيال سليمان قاسمي.. وكيف سيؤثر على مستقبل المنطقة؟

- المحافظة على وجود إيران وإسرائيل في الشرق الأوسط هو ضرورة عالمية تحافظ عليها الولايات المتحدة الأمريكية، رغم اختلاف الخطاب السياسى الأمريكى تجاه إيران وإسرائيل، إلا أنه يتخذ فعليًا ذات الموقف السياسي؛ نجد أن موقف الغرب من الثورة الإسلامية غير واضح، رغم احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية، كانت تدعم إيران بالسلاح. في الوقت الذى فرضت فيه الولايات المتحدة عقوبات على العراق جعله ثالث أفقر دولة في العالم وطبقت عليه برنامج النفط مقابل الغذاء ثم دمرته عام ٢٠٠٣، بينما لم تخضع إيران إلى مثل تلك التدابير الصارمة، بل ساهمت الآلة الإعلامية العالمية في تضخيم قوة إيران الإقليمية، والترويج بوجود قنبلة نووية «وهمية» بدأ الحديث عن تصنيعها منذ عام ٢٠٠٦؛ لكى تكون فزاعة في وجه العالم العربى والرأى العام العالمي.

ما تفاصيل أحدث كتبك التى بصدد الإعداد لها في مجال الرواية والفكر؟

- اقتربت من إنهاء روايتى الجديدة ونشرها مع الدار المصرية اللبنانية، والمفترض أن يتم نشرها في الصيف المقبل. وقد اعتمدت مشروع مؤلف في فلسفة التاريخ، وهدفى أن أقدم مادة علمية مختلفة من خلال المؤلف المزمع نشره باللغة الإنجليزية مع دار نشر كبرى في لندن، تعتمد الدراسة على استقصاء العوامل التى تساهم في حركة التاريخ وتشكيل الأحداث الإنسانية الكبرى.

ما تقييمك المشهد الثقافى في مصر والعالم العربى؟

- الواقع أن المشهد مبشر إجمالًا، هذا العدد الكبير من المؤلفين والأدباء الذين تشهدهم الساحة الثقافية الآن على تباين أعمارهم واختلاف ما يقدمونه من مؤلفات يحدث زخمًا فكريًا ويجعل القارئ في حالة حرص دائم على المتابعة والقراءة بخلاف تجاوز عدد دور النشر لـ١٣٠٠ دار نشر دلالة كبيرة على انتعاش سوق الكتاب ورواجها من جانب القُراء.

وما شهده معرض القاهرة الدولى للكتاب باعتباره أهم حدث ثقافى عربى يدل على سطوع المشهد الثقافى فقد زار المعرض أكثر من ٤ ملايين زائر، وزادت نسبة الكتب المبيعة عن العام الماضى أكثر من ٢٠ في المائة.

في إطار حرب تزييف التاريخ التى تمارسها تركيا أنتجت الكثير من الأعمال الفنية لتمجيد الخلافة العثمانية بينما أنتج العرب مسلسلا واحدا وهو «ممالك النار».. فما تعليقك؟

- إلى جانب نشر الوعى الثقافى عبر الكتب والندوات نحتاج بالفعل إلى أعمال درامية كثيرة لتوثيق اللحظات التاريخية، لأنها وسيلة سريعة ومضمونة الوصول إلى قطاع كبير من الجمهور العادي، غير أن الأعمال الدرامية التركية ذات الطابع التاريخى تحمل دلالات كبيرة على وجود المشروع العثمانى والترويج له عن طريقها وكذلك له دلالات أيضًا على ضعف موقفه إذ يروج الأتراك إلى أسطورة الخلافة، من خلال بعض الأعمال الدرامية والسينمائية التى تغض الطرف عن مسالب الدولة التوسعية الفاشية وما جلبته على الأمم من ويلات الجهل والتخلف الذى نقلوه إليهم بطبيعة حالهم الفكرى والثقافى والحضارى المتردي.

كيف ترى دور المثقفين في قضية الإرهاب التى تخوض الدولة حربا شرسة ضدها الآن؟

- تخوض الدولة معركة شرسة ضد دعاة الفتنة والإرهاب الذين يظهرون بشكل دائم على منصات التواصل الاجتماعي وغيرها من الوسائل الإعلامية التى تبث من خارج مصر، على أنهم دعاة سلام وديمقراطية، والواقع أنهم جزء من عملية تضليل كبرى وممنهجة لإحداث فرقة وخلق أزمة ثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة ونفى كل إنجاز يتحقق على أرض الواقع أو التقليل منه. ودور المثقفين بكل أطيافهم يكمن أولا في إدراك أبعاد المسألة وخطورتها ثم التعامل معها بخلق قنوات للتواصل بينهم وبين الجماهير البسيطة بشتى الطرق الممكنة، ولقصور الثقافة دور مهم في مواجهة دعوات الفتنة والتطرف بما لها من انتشار في كل المحافظات.

قلت إن المشهد الثقافى مبشر اعتمادا على كم الأعمال المنشورة في معرض الكتاب.. في الوقت الذى يعتبر البعض هذا الكم جانبا سلبيا ومؤشرا على فوضى عملية النشر في مصر.. فما تعليقك؟

- عملية صناعة الكتب والنشر مسألة انتقائية بحتة، ولا يمكن الحد من وجود أو نشر أعمال هابطة أو لا تحمل قيمة ما، ولكن الأعمال الجيدة تفرض نفسها على الساحة بقوة وتضمن لأصحابها الاستمرارية، ولو كانت لم تحقق رواجًا في وقت صدورها، والعكس صحيح، أن الرواج اللحظى لبعض الأعمال لا يؤكد على أصالتها أو صلاحيتها للبقاء، فما زالت أعمال نجيب محفوظ والعقاد وإحسان عبد القدوس تحقق أعلى المبيعات إلى الآن، وهذا يؤكد أن الذائقة الأدبية والفكرية للقراء تعتمد على الجودة في الأصل.