الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

النائب البطريركى للكاثوليك سابقا: الحكمة وحرية التفكير واحترام الآخر.. أجمل ما فى الدين الأنبا يوحنا قلته: الرئيس السيسى رجل وطنى.. وأرى فيه مصر الحقيقية

الأنبا يوحنا قلته
الأنبا يوحنا قلته في حواره لـ«البوابة نيوز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رحلة عقلية متنوعة، تبحر بأذنيك بين الدين والفلسفة وأيضًا السياسة، يأخذنا إليها الأنبا يوحنا قلتة، النائب البطريركى للكاثوليك سابقًا، الذى حصل على الدكتوراه فى اللغة العربية والدراسات الإسلامية من جامعة القاهرة، التى جعلت منه نبراسًا للمعرفة، «البوابة» حاورت الأنبا يوحنا لكى تسمع آراءه المستنيرة، وليتحدث عن علاقة الدين بالمجتمع، ومواجهة الكنيسة الكاثوليكية لتحديات العصر، وقانون الأحوال الشخصية لغير المسيحيين، فإلى نص الحوار.

< مشروع قانون الأحوال الشخصية بات يشغل الرأى العام بشكل كبير..إلى أين وصل الآن؟
- قانون الأحوال الشخصية لا توجد به مشكلة مع الحكومة أو الجهات الرسمية، لأن الجهات الرسمية ووزير العدل والحكومة أيضًا، تركوا لنا حرية صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية بدون أى تدخل نهائيًا، أو فرض سيطرة ولا ولاية، ولكن كان هناك اختلاف بيننا وبين بعضنا، مثل الطلاق، فالكنيسة الكاثوليكية، لا توافق بالطلاق النهائى إلا لعلة الزنا، ولكن يوجد بند اسمه بطلان زواج، أما الكنيسة الأرثوذكسية لديها بعض المبررات ولديها شروط للطلاق، والكنيسة الإنجيلية لديها طلاق مباح فى أحوال كثيرة، وهذه هى نقطة الخلاف بيننا، أرفض كل من يقول بأن لدينا حكومة متعصبة، فالقضية أن يتفق جميع الطوائف على نص القانون.
< وما الذى توصلتم إليه بعد كل هذا الخلاف؟
- توصلنا إلى أن القاضى يحكم بما ينص به العقد، بمعنى أنه إذا كان العقد وقع فى الكنيسة الكاثوليكية فيطبق القانون الكاثوليكي، ولو فى الإنجيلية فيطبق قانون الكنيسة الإنجيلية، ومن هنا يأتى الإصلاح، لأن الأمر فى هذا القانون هو فى يد الكنائس الثلاث، فقمنا بالاتفاق على عدم تغيير المذهب، عدم الانتقال من كنيسة إلى كنيسة ليتم الطلاق، وكل ذلك تم منعه، ما عدا جزئية متى يتم الطلاق أو الزواج للمرة الثانية، فهنا مربط الفرس، فنحن نؤمن بأن ما جمعه الرب لا يفرقه إنسان، والتحايل على ذلك أمر سيئ، ولكننا لدينا بطلان زواج فى حاله الغش أو النصب أو الكذب أو عدم الرضا أو فرض الزواج على المرأة، هنا نعطيها بطلان زواج، لكن الإنجيليين يتساهلون تماما فى الطلاق وبدون شروط أو مبررات كثيرة، والكنيسة الأرثوذكسية لديها شروط كثيرة جدًا.

< لكن هل القضاة مؤهلون لتطبيق قانون الأحوال الشخصية؟
- القضاة على دراية أكثر منا كمواطنين، وكرجال دين أيضًا، القضاة المصريون فى المرتبة الثالثة على مستوى العالم، لدينا علماء متميزون، ولكنهم لم يأخذوا فرصًا جيدة، فلدى كل قاض 500 قضية ليبت فيها خلال 7 أيام، ولكنى أثق تمامًا فيهم بشكل كبير فى تنفيذ القانون بشكل جيد، وأود أن أشيد بوزراء العدل، الذين قابلتهم، فقد كانوا حريصين جدا على إحساس المسيحيين وهم يتركون لنا الحرية لمن يتزوج أو يطلق، لأن الله خلق لآدم زوجة واحدة كنموذج وقدوة، وأن الشريعة الإسلامية تقول وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، وللأسف البعض يركز على زواج المثنى وثلاث ورباع، لأن الحديث الشريف يقول آفة الأديان المفسرون».
< تجديد الخطاب الدينى يشغل عقول رجال الدين هذه الأيام.. كيف ترى دورهم؟
- مشكلتى مع بعض رجال الدين، أن الدين ليس مهنة ولا تجارة، هو رسالة ودعوة، فالله يدعوك أن تبشر بالدين وتدعو الناس لمحبته، فرجل الدين هو القدوة، ومن هنا لا أرى مسألة الجدية فى تجديد الخطاب الديني، نحن نحتاج لتجديد ثقافة رجال الدين، وشئنا أم أبينا سيأتى عشرات من نصر حامد أبوزيد، وعشرات من إسلام بحيرى، وفرج فودة، لأنه تيار الحضارة المتدفق، إنما التيار السلفى فما زال مسيطرًا على مجتمعنا، أنا لست ضد الدين، بل أقف مع حرية الإنسان، لكم دينكم ولى دين، وأنا لا أعامل بالدين بل بالإنسانية، فتحولت ساحات العبادة إلى نشر الرعب والتخويف من الله، والله محبة وليس مرعبًا، خلق الخطأ لنا حتى نفعله ونتوب عنه.

< كيف لنا أن نصلح ما أفسده رجال الدين؟
- بالفعل بدأت أوروبا، حمل الفلاسفة رءوسهم على أيديهم، ووقفوا جميعا فى وجه السلطة وضد رجال الدين والملك، دفاعًا عن وحدة الجنس البشرى، فالمسلم ليس أفضل من المسيحي، والمسيحى ليس أفضل من البوذي، ومن نحن كبشر كى نقيم هؤلاء البشر أمثالنا، فلو شاء ربك لجعلنا أمة واحدة، بمعنى أن نستخدم العقول، فأجمل ما فى الدين، هو الحكمة وكذلك حرية التفكير وأن نحترم الآخر مهما كانت ديانته، ولنا أن نتحرر من فرض الكفر لمن يحمل ديانة تختلف عن الآخر.
< الدين والخرافة أصبحا وجهين لعملة واحدة.. فكيف حدث ذلك؟
- الخرافات لن تنتهى، رغم ثقافة البعض العالية، فإن الناس تحب الغيبيات، ولديها فضول تجاهها، وعندما يكون الإنسان مثقفًا يسمع ولا يقتنع، فالأساطير موجودة والخرافات فى كل الأديان لا نستطيع أن نمحوها فى وقت قصير لأن توارثها أسرع من تلاشيها.

< كيف تواجه الكنيسة الكاثوليكية تحديات العصر مثل الإلحاد والانتحار؟
- أنا من أكون حتى أقيم غيري، هناك الله وحده من يدين الأشخاص التى تقوم بالمثلية والإلحاد، لكنى أنا أدين الأفعال، والمثليون بشر، ما بهم من ميل جنسى لنفس الجنس، هل هو مرض أم تربية أم ثقافة؟ مهما يكن من أمر، نحن لا نحاكم الناس بل الفعل، وهو مشين ومرفوض من الأديان، ولدينا آية واحدة الذين يضاجعون الذكور لا يدخلون ملكوت السموات، لكن الإنسان له احترامه حتى فى ظل اختلافه عن سائر البشر، سواء كان ملحدًا أو مثليًا لا علاقة لى بتصرفاته، وكرامة الإنسان لا يلغيها ضعفه أو اختلافه ولا أحب استغلال رجال الدين هذه التصرفات وفرض عقوبات على ما يقوم بها، لأن الله لم يحكم عليهم حتى الآن، وعلينا أن نترك لهم طريقًا للتوبة، مثل ما نفعل مع الجميع، ولا أستطيع أن أقيد حرية أحد أبدا.
< فما تعقيبك على قضية رسامة المرأة قسيسة؟
- أقدس المرأة جدًا، ولا مانع لدى من أن أصلى خلفها، ولكن المانع تقليدى وليس دينيًا، فكيف لنا أن نحطم تقليدًا راسخًا منذ آلاف السنين، ولكننى أعرب عن سعادتى للمرأة التى بدأت تأخذ خطوات فى الخدمة بالهيكل وتوزيع الأسرار، ولا أرى شخصيًا مانعًا فى رسامتها، فعلينا أن نحترم رغباتهن ولكنى عن نفسى لا أمانع من رسامتها قسيسًا فهى عاقلة ومؤمنة ومحبة ولديها من العلم ما يؤهلها لذلك.
< الزواج المدنى حوله خلافات متعددة.. فما تعليقك؟
- ما تعملوا "قانون مدنى" للأحوال الشخصية، ويخضع له المسلم والمسيحي، أما باقى الطوائف فعليها أن تقدم لوزارة العدل تحفظاتها التى تريدها، وعلى القضاة احترام عقد الزواج، فإذا عقد الزواج كاثوليكيًا يعالج القاضى الموضوع كاثوليكيًا، ولا أرى فى ذلك عيبًا فهل تقبلين الزواج بدون المسجد والمأذون، لأن القانون سيكون احتراما لكرامة الإنسان، الذى يريد أن يتزوج زواجًا دينيًا فهو حر، والزواج المدنى حل آخر، وبما أننا كمسيحيين أقلية، يخشى بعضنا أن يتزوج الأقباط زواجًا إسلاميًا، لذلك يرفضون الزواج المدنى وكـأنه فخ، وهو تصور خاطئ، والدولة تحتاج لقانون واحد يحترم فى بند خاص تحفظات كل طائفة مسيحية.

< تقدم الكنيسة كورسات المشورة التى تسبق الزواج.. فما دورها؟
- خطوة أولى من خطوات الحل للمشكلات الزوجية، ففى أوروبا مكاتب تستقبل المقبلين على الزواج لتعلمهم أسس الارتباط، وهذا ما نقوم به على أيادى متخصصين فى هذا الشأن، وهى مفيدة، ولكنها لا تكفى بالتأكيد فنحتاج دعما من الأسرة وتوعية من الجامعات والمدارس.
< هل توفر للمقبلين على الزواج ثقافة جنسية فى كورسات المشورة؟
- بالتأكيد سوف نقوم بعمل ذلك فنحن كشرقيين لا نعرف الثقافة الجنسية، والكثير منا يعتبرون المرأة وعاء فقط لفض رغباتهم فقط لا غير، وهذه الثقافة ينبغى أن تنتهى تماما، فليس فى جسد الإنسان عيب، والله لا يخلق شيئًا قبيحًا أو نجسًا، النجاسة فى الضمير.
< كيف تقيم الرئيس عبدالفتاح السيسي؟
- الرئيس السيسى رجل وطنى مائة بالمائة، وأرى فيه مصر الحقيقية، وأرجو من الرئيس أن يحسن اختيار وزرائه، وأن يستعين بالشباب، وأن يعطى وقتًا أكثر للداخل، وعشقى للسيسى دائم، وأرى أنه هبة من الله لمصر.