الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

تقرير: الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية تكشف معضلات الحزب الديمقراطي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كشفت الانتخابات التمهيدية للرئاسة الأمريكية التي شهدتها ولاية آيوا في الثالث من فبراير الجاري، في افتتاح ماراثون السباق للبيت الأبيض للعام الجاري، عن معضلات حقيقية يواجهها الحزب الديمقراطي، حاصداً نتائج سياسات خاسرة دأب على اعتمادها منذ ما قبل هزيمة مرشحته الرئاسية هيلاري كلينتون أمام الرئيس دونالد ترامب عام 2016.
لماذا أيوا؟
يٌمنح من حصل على نتائج جيدة في هذه الولاية فرصة ودفعة قوية للمرشح نحو تحقيق انتصارات أخرى في الولايات التي تصوّت تباعاً، وهي ولاية نيوهامبشير بعد عدة أيام. 
وهنا يطرح المراقبون تساؤلاً وهو: لماذا ولاية آيوا الأولى في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي؟ مرد ذلك أن الرئيس الأسبق جيمي كارتر عندما ترشح للرئاسة في عام 1976، عن الحزب الديمقراطي أدرك فريقه أن بإمكانهم الحصول على زخم من خلال الحملة الانتخابية في وقت مبكر في ولاية آيوا، ومن ثم فاز هناك وأدهش المراقبين عندما فاز بالرئاسة.
معضلات الديمقراطيين
ووفقاً للمراقبين، تتمحور معضلات الحزب الديمقراطي في مجموعة من المعضلات المتشابكة وهي على النحو التالي:
أولا: أن مشكلة الحزب الديمقراطي، ليست فقط في وجود شخصية قوية وقادرة على هزيمة ترمب، كما قال الرئيس السابق لحملته عام 2016 ومستشاره الاستراتيجي ستيف بانون، موجهاً كلامه للديمقراطيين، إنما تظل مشكلة الحزب الديمقراطي في حدة توجهاته السياسية نحو القضايا الداخلية والخارجية وهشاشة انتماءاته الحزبية والبنيوية والهيكلية. 
فمنذ اليوم الأول لتولي ترامب سدة الحكم، مارس الحزب الديمقراطي حريته السياسية ودافع عن قضاياه ومبادئه، ووضع نصب عينيه مناكفة الرئيس ترمب وخاض معارك سياسية وقضائية ضده، ولكن لم يُكتب لها النجاح.
وكانت بداية السجالات السياسية الأمريكية فور تولي ترامب الرئاسة، إثارة الحزب الديمقراطي قضية التحقيقات في ملف التدخل الروسي المفترض في انتخابات عام 2016، مروراً بالمعارك القضائية ضد قرارات ترامب بشأن الهجرة ومعارضة خططه لإلغاء اتفاقيات تجارية عدة وسياساته تجاه تغير المناخ، وأخيراً معركة عزله التي انتهت بتحقيق ترامب فوزاً كبيراً على منتقديه من الديمقراطيين. 
ثانياً: أن الحزب الديمقراطي لديه مشكلة في كيفية إظهار التميز عن خطاب الجمهوريين، والتباين في الرؤية السياسية ومدى تجانسها مع تشابكات القضايا الأمريكية على المستويين الداخلي والخارجي، فالحزب الديمقراطي يميل إلى الليبرالية الحديثة، ويؤمن بتدخل الدولة وتوفير الرعاية الصحية للجميع وتأمين التعليم برسوم غير باهظة، وببرامج مساعدات اجتماعية، وسياسات لحماية البيئة، وبوجود نقابات عمالية. 
أما الحزب الجمهوري، فيتبنى ما يعرف بالاتجاه المحافظ، الذي يحد من تدخل الحكومة، ويشجع خفض الضرائب والسوق الرأسمالية الحرة، والحق في امتلاك السلاح وإلغاء النقابات العمالية، وفرض قيود على الهجرة والإجهاض.
ثالثا: أن الجانب البنيوي في الحزب الديمقراطي يضم جزءا من الطبقة السياسية "الدولة العميقة" التي لا تزال تمسك بسياسات واشنطن، وتخوض صراعاً مزدوجاً داخل الحزب ومع الجناح الجمهوري. 
ورغم الاختلافات التي قد يكون بعضها مهماً كالموقف من قضية تغير المناخ، أو ثانوياً كالموقف من الاتفاق النووي مع إيران أو من الخلاف الشكلي حول القضية الفلسطينية، فإن الحزبين بما فيه التيار التقدمي الديمقراطي، متفقان على القضايا الرئيسية.
يشمل التوافق في المواقف، موقف الحزبين من إعادة النظر بالاتفاقات التجارية الثنائية أو المتعددة، والعلاقة التجارية مع الصين ومع أوروبا وكذلك العلاقة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) والحرب ضد الإرهاب والخروج من منطقة الشرق الأوسط، والاستراتيجية الدفاعية الجديدة التي تركز على مواجهة صعود الصين وروسيا. 
ويسعى كلا الحزبان الديمقراطي والجمهوري لقيادة الخيارات الاستراتيجية الجديدة في المرحلة المقبلة، في مواجهة التحولات التي يشهدها المجتمع الأمريكي، مع احتدام أزمة الديمقراطية الغربية والتنافس مع قوى كبرى في لحظة دولية تسعى الولايات المتحدة خلالها لإعادة تجديد قيادتها للنظام الدولي.
بدايات أولية مهمة
ليس من المستغرب أن يكون المرشح الجمهوري هو دونالد ترامب ثانية، رغم وجود منافسين له، إلا أنه يتمتع بشعبية كبيرة بين الجمهوريين، ويتقدمهما بشكل واضح، لذلك فإن الانتخابات التمهيدية داخل الحزب الديمقراطي هي الوحيدة التي تستحق المتابعة.
فقبل عام كامل من الانتخابات التمهيدية، ظهر أول المرشحين وعلى مدار عام، برز آخرون، وأعلن 28 شخصاً في نهاية المطاف أنهم ينوون خوض السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لمنصب الرئيس،لكن التمويل اللازم للحملة الانتخابية والصراع الداخلي للحزب الديمقراطي، أدى إلى انسحاب 16 مرشحاً من السباق.
ومع انطلاق المرحلة الأساسية، ثمة 12 مرشحاً يخوضون التأهل نحو السباق، ومن أبرزهم: بوتيدجيدج (38 عاما) الرئيس السابق لبلدية ساوث باند في ولاية إنديانا، والمرشح اليساري بيرني ساندرز (78 عاما) عن ولاية فيرمونت، والليبراليين، جو بايدن وإيمي كلوباشر، ونائب الرئيس السابق جو بايدن.
وكشفت المناظرات بين المرشحين الديمقراطيين عن تصاعد التوتر داخل الحزب الديمقراطي مع الصراع حول خيار تبني سياسات تقدمية يقترحها ساندرز، فيما تصادم المتناظرون، غاب مرشحون آخرون عن المنصة، لكن اختار الرئيس السابق لبلدية نيويورك مايكل بلومبرج تجاهل مناظرات الترشيح الأولى، وأنفق أموالا طائلة على الإعلانات، آملا أن يحدث ضجة عند مشاركته في "الثلاثاء الكبير" يوم 3 مارس المقبل الذي تصوّت خلاله 14 ولاية.
يبقى القول إنه بعد ماراثون ولاية أيوا، ستشهد نيو هامشاير في الحادي عشر من فبراير الجاري الانتخابات التمهيدية الأولى وبعدها يتوجه المرشحون إلى نيفادا في 22 فبراير، تليها كارولاينا الجنوبية في 29 فبراير ثم "الثلاثاء الكبير" في الثالث من مارس المقبل.
ولأنه تاريخ مهم في تقويم الانتخابات التمهيدية، عندما تبدأ 16 ولاية ومنطقة أو جماعة بالتصويت لصالح مرشحها المفضل في الانتخابات التمهيدية أو المؤتمرات الحزبية، وسيكون ثلث جميع المندوبين المتوفرين في الموسم الأساسي محور تنافس المرشحين، وقد تصبح الصورة أكثر وضوحاً بحلول نهاية اليوم بخصوص من سيكون المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية.