الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

فيروس كورونا يعزل شرق آسيا كبيئة معادية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مع ازدياد الإصابة بفيروس كورونا، هيمنت على عناوين الصحف الرئيسية في العالم حالة من القلق والذعر، والتحذيرات من السفر لشرق آسيا أو حتى مجرد التعامل معهم، على سبيل المثال في الحافلة التى كنت أستقلها الأسبوع الماضي، بينما جلس بجوارى شاب شرق آسيوى، سارع الرجل المجاور لنا على الفور لجمع أغراضه والوقوف لتجنب الجلوس بجواره.
في القطار أثناء سفرى من الفيوم إلى القاهرة، جلست مجموعة أمامى تتحدث عن خطط عطلة نهاية الأسبوع، نصح أحدهم الباقى بجدية: «لن أذهب إلى الحى الصينى بالعباسية، فهم مصابون بمرض خطير».
وبينما كنت أشق طريقى نحو وسط البلد، كانت امرأة مسنة وصديقتها على السلالم المتحركة في محطة مترو الشهداء تتحدثان عن مدى خطورة التعامل مع الصينيين، واشتكت من أنها مضطرة للذهاب لإحدى المناطق التى يقطنونها لحضور اجتماع، وضحكت قائلةً: «على الأقل أنا كبيرة السن، ليس لدى أى شيء أخسره».
أثناء محادثة نقاشية صاخبة أخرى بإحدى عربات المترو، سمعت امرأة تتحدث عن مدى رعبها من أن صديقتها، التى قضت بعض الوقت في العمل مع الطلاب الصينيين لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، ربما تكون قد أصابها الفيروس.
في ضوء الأحداث الحالية، هاتفتُ صديق صينى يدرس بجامعة الأزهر أكد أنهم في حالة تأهب قصوى، يولون اهتمامًا كبيرًا لكيفية تفاعل الناس معهم، ليس قلقهم بشأن الصحة هو المشكلة، ولكن القوالب النمطية المعروفة عن جميع الآسيويين الشرقيين تشكل تفرقة خطيرة أكبر من فيروس كورونا، في مثل هذه الأوقات الحرجة، حتى رحلة حافلة بسيطة يمكن أن تشعر بأنها بيئة معادية.
واجه صديق في مكتبة الجامعة شيئًا مشابهًا: بمجرد أن جلسوا على مكتب، حزم الشخص الموجود أمامهم أشياءهم للمغادرة، نلاحظ أشياء غريبة مثل هذا لم نرها تحدث من قبل.
ربما لم يحدث ذلك لبعض هؤلاء الأشخاص من قبل، رأيتهم في معرض الكتاب سعداء جدًا بالتحدث بصوت عالٍ أمامي، لدرجة أننى كنت قلقًا أيضًا بشأن الفيروس أو لأننى كمواطن مصري، لم أكن أتحمل منهم أكثر من الإصابة بالفيروس.
مؤخرا انتشر الفيروس الذى نشأ في ووهان إلى ثمانى دول أخرى على الأقل، بما في ذلك تايلاند واليابان وأستراليا والولايات المتحدة، ومن المحتمل جدًا أن يصل إلى المملكة المتحدة، وفقًا لوزيرة الصحة العامة في إنجلترا.
مع انتشاره، كشف الفيروس عن المزيد والمزيد من الأحكام النمطية عن الشعب الصيني، لقد سمعت أيضًا روايات من شرق آسيويين، أن حالة من الخوف تنتاب الجميع بمجرد رؤيتهم حتى لو لم يكونوا من الصينيين، وحالة من الرعب تسيطر على الموجودين حال رؤيتهم أثناء السفر في المطارات أو في القطارات بسبب التصور الجاهل بأن جميع الآسيويين الشرقيين صينيون.
لا تعكس هذه الصور المهينة حقيقة كونك صينيًا على الإطلاق، ويشجع التصور الخاطئ بأن أكثر من مليار شخص يمثلون مجموعة متجانسة ومفردة يتكلم فيها الجميع ويتصرفون ويبدون نفس الشيء، في الواقع، هناك تنوع واختلاف كبير للغاية.
اللغة والثقافة مثلا تختلف بشكل كبير داخل المنطقة الواحدة، فلا يتمكن متحدثو شيانغ من التحدث مع أشخاص يتحدثون هاكا، وعلى الرغم من أن لغة الماندرين هى لغة مشتركة، إلا أن هناك أكثر من 200 لهجة مستعملة في جميع أنحاء الصين، في الواقع في مدينة ووهان نفسها، وهى مدينة جميلة ومتنوعة حضارتها تتجاوز أكثر من 3500 عام من التاريخ، يتحدث العديد من سكانها البالغ عددهم 11.8 مليون نسمة لهجات مختلفة عن لهجة ووهان.
في أماكن أخرى، يبدو سكان أكسو مختلفين تمامًا عن غالبية الهان الصينيين، والطعام أيضًا: تختلف أنظمة الغذاء في جنوب الصين اختلافًا كبيرًا عن نكهات الشرق وسيتشوان اللذيذة والحارة.
هذا الأسبوع، جعلنى أشعر بتفشى العرقية وأن سكان شرق آسيا جزءًا من كتلة مهددة ومرضية، حالما رؤيتى لشاب يشبه الصينيين على الفور أعتقد أنه شخص يحمل الفيروس لمجرد أنه شرق آسيوي، إنه مجرد شعور بالعنصرية.
مع إقامة احتفالات العام القمرى الجديد في جميع أنحاء العالم، دعونا نتوقف لحظة للتفكير في الطريقة التى ينظر بها إلى شرق آسيا ومدى أهمية رؤيتنا في كل تنوعنا، كبشر مختلفين، وتحدى الصور النمطية، إن الفيروس الوبائى مأساة إنسانية، لذلك دعونا لا نسمح للخوف بتوليد الكراهية والتعصب والعنصرية...