الأربعاء 17 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

عن الديمقراطية ومتطلباتها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
•لمن لا يعلم، ويريد أن يعلم فالديمقراطية «بذرة «برسم الزرع، وليست أبدًا ولن تكون «ثمرة» برسم القطف، فهى بذرة (تغرس) وليست ثمرة (تقطف)، وهى لا بد وأن توجد في المجتمع قبل أن توجد في السياسة، حيث لا ديمقراطية، ولا نظام ديمقراطيا دون ديمقراطيين يحملون قيمها أصلا. 
• فالديمقراطية لا بد وأن توجد في الثقافة قبل أن توجد في السياسة. 
• ورغم كون الديمقراطية محض عملية إجرائية، إلا أنها لا تخلو من قيم.
• وقيم الديمقراطية لا بد وأن تأتى أولا في نظامنا التعليمى قبل أن نطلبها في نظامنا السياسى. 
• والديمقراطية لن توجد بكثرة طلبها والإلحاح عليها في خطبنا السياسيه!!.
• وللديمقراطية الدستورية صندوقان، الأول صندوق الرأس والثانى صندوق التصويت (الانتخاب)، ولا بد من إعداد الصندوق الأول إعدادًا جيدًا قبل الذهاب للصندوق الثاني، وذلك عن طريق تعليم حداثى ووعى وطنى يجعل الفرد مواطنا (متجاوزًا) لكل انتماءاته الأولى إلى العائلة أو إلى العرق أو إلى الدين أو الطائفة أو إلى الجنس والنوع أو إلى اللون أو.... الخ، حيث يدخل إلى رحابه الانتماء الوطنى الوهاج والانتماء الإنسانى العالمى الرحب، يغرس فيه قيم الحداثة والعقلانية ويذوده بثقافة مدنية تجعله قابلا للتعايش والاندماج والتفاعل وقبول الآخر المختلف، والتفريق بين المجالين العام والخاص للفرد.
• وبحيث يجعله ذلك التعليم يختار يوم الانتخاب على أساس معيار واحد فقط وحصرى هو «الكفاءة « منحيا ما دونه من معايير غير انتخابية أصلا كالاشتراك الجغرافى مع المرشح (ابن البلد أولى من الغريب !!!!) أو التشابه الدينى (مسلم مثلى) أو (مسيحى مثلى) أو التطابق الطائفى (سنى مثلى) أو (أرثوذكسى مثلى) أو التطابق الجنسى (رجل مثلى) أو (امرأة مثلها) أو التشابه العرقى (أصول واحدة) أو الاشتراك الطبقى مع المرشحين (غنى أو فقير) وتنحية كل ذلك عند الاختيار والتصويت والمفاضلة والترجيح.
• وتتطلب الديمقراطية الدستورية أغلبية سياسية (مؤقتة) و(متغيرة) طوال الوقت وتبادلا للأدوار والمهام فالحزب الحاكم لن يظل حاكمًا حيث التفويض الديمقراطى مؤقت ومحدود، وأحزاب المعارضة لن تعيش طول عمرها في مقاعد المعارضة.
• والديمقراطية الدستورية لا تعرف أغلبيات غير سياسية فهى لا تعترف بأى أغلبيات دينية في العدد أو أى أغلبيات طائفية عددية كل أو أغلبيات عرقية، حيث إن ذلك لا يعنى شيئا في النظام الديمقراطي، الجميع مواطنون والأغلبية هى أغلبية سياسية حصرًا وهى مؤقتة مدة ٥ سنوات ومتغيرة طبعا. 
• والديمقراطية الدستورية من منظور ليبرالى تقوم على (حكم الأغلبية مقرونًا بحمايه حقوق الأقلية والفرد).
• كما تتأسس على (المشروعية) التى تعنى (اتساق قرارات الحاكم المنتخب مع الدستور والقانون)، فلا شرعية بلا مشروعية هذا هو مبدأها الهام والأكبر، حيث يؤدى غياب المشروعية إلى سقوط الشرعية فورا وتلاشيها.
• وتوأم الديمقراطية هو «العلمانية» والتى تعرف على أنها (حياد الدولة الإيجابى في الشأن الدينى للمواطنين واحترام حرية الضمير) والمساواة أى «المواطنة» وعدم التمييز بين المواطنين لأى سبب كان في الحقوق والواجبات، عدم التمييز بسبب الدين أو الطائفة أو الجنس أو العرق أو الطبقة أو اللون أو......إلخ
• حيث لا ديمقراطية دونما علمانية، شيء لزوم الشيء وإذا كانت الديمقراطية عملية إجرائية أى أنها (مجموعة من الإجراءات) فإن العلمانية (حياد الدولة تجاه معتقدات مواطنيها) هى أحد أهم أدواتها ومكوناتها حيث لا تستطيع الديمقراطية أن تخطو بغيرها أو تكتمل بدونها. 
• وتتأسس الديمقراطية (الدستورية) على عقد بين الحاكم والمحكوم تضعه جمعية تأسيسية منتخبة وفقًا لشروط محددة سلفًا، وتقوم على احترام الوثيقة الدستورية ومبدأ سيادة القانون. والفصل بين السلطات والتوازن والتكامل بينها بحيث لا تطغى سلطة على باقى السلطات. 
• والديمقراطية كقيم، لا تألفها ثقافتنا وطبيعتنا، فلا وجود في ثقافتنا للغيرية لا يوجد غير، ولا يسمح للمختلف أن يوجد أصلًا، ثقافتنا تتأسس على انعدام الغيرية، ونحن مثلا لانقبل الهزيمة أبدًا ولانرضى النتيجة ولا نقبل أن تحل خلافتنا عبر التصويت ونخون المختلف ولا نؤمن بالتعدد ونعتبره فتنة ونقول بالتوحد والاصطفاف ولا نحترم حقوق الأقلية السياسية والفرد حالة فوزنا بالأغلبية، ولانحترم قانونا أو دستورا وثقافتنا طائفية وثقافتنا المدنية منعدمة واجتماعنا مشوه وقيمنا تأبى الغيرية وتقتل المختلف أو قل توئد المختلف في المهد صبيًا، وتنظر للمختلف على أنه خائن وعميل. 
• ورغم أنها تقوم على النقد والتشكيك في سياسات الحزب الحاكم ومحاولة إقناع الناخبين بفشله وبعيوب حلوله وطرقه وإقناع الناخبين بضرورة انتخاب الحزب المعارض كى يتحول إلى أغلبية ويتولى القيادة إلا أننا أمة لا نعرف قيمة النقد أصلا بل نجهلها تمامًا ونعتبر النقد أداة هدم ونأبى المراجعة والتفنيد وتكوين وعى علمى ونرفض الحساب ودفع الفواتير وتحمل التبعات ودفع الثمن، ونقتل الشواذ الفكريين ولا نسمح لهم بالنمو أو بالوجود أصلا ونغفل قيمتهم لحياتنا وتطورها، ونحن نطلب الديمقراطية في السياسة ونرفضها في المجتمع وهذا عجيب وغريب وشاذ.
• والديمقراطية «الدستورية» تتطلب عقدًا «دستورًا» وسلطات ثلاثا وفصلا تاما بينهما وتوازنا تاما وتكاملا تاما بينهما أيضا ومحكمة دستورية هى الحكم بين السلطات، وهى المحتكر الوحيد لتفسير النص الدستورى عند الاختلاف، ودستورا هو المرجعية الحصرية، وتتطلب هيئة مستقلة محايدة لا تتبع أى سلطة لإجراء العمليات الانتخابية، ومؤسسات مجتمع مدنى فاعلة وفعالة ونشطة وعريقة وأحزابا حقيقية لها برامج معروفة لدى الهيئه الناخبة، وتنظيمات حقيقيةة وأنصارا على الأرض.
• وتتطلب الديمقراطية مواطنا يقظا ومتابعا ومشاركا ومراقبا، ومرشحا يملك رؤية تشريعية وثقافة دستورية تمكنه من أداء دوره وبرلمانا محترفا وقادرا على إصدار التشريعات اللازمة لتطوير وتحديث وبناء المجتمع - والدولة دولة المؤسسات لا دولة الحاكم الفرد وإنهاء عذابات مواطنيه أو محاولة تخفيفها- وقادرا أيضا على أداء دوره الرقابى. 
• وتقاس جودة أى نظام ديمقراطى بمدى احترام الأغلبية الناتجة عن أى انتخابات لحقوق الأقلية والفرد. 
• وتتطلب الديمقراطية جيشًا حارسًا محتكرًا للقوة يضمن التداول السلمى للسلطة ويؤمنه ويحمى الشرعية الدستورية ويصونها وشرطة تحتكر العنف القانونى. 
• وأخيرًا تتطلب الديمقراطية كائنا مدنيا قابلا للتعايش لا كائنا طائفيا جاهزا ومتأهبا للصدام، وعدم وجود ذلك الكائن المدنى وتوفره، يحول صندوق الديمقراطية الانتخابى إلى (نعش) لها يواريها التراب.