الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

اقتصاد الفقراء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نوبل في الاقتصاد ٢٠١٩: تم الإعلان عن فوز ٣ اقتصاديين بجائزة نوبل في الاقتصاد، هما الأمريكى من أصول هندية ابهجيت بانيرجى المولود في الهند، والفرنسية الأمريكية إستر دوفلو، والأمريكى مايكل كريمر، الثلاثة فازوا بالجائزة عن مجمل أعمالهم نحو مكافحة الفقر.
ويقول الباحث هانى شعبان‏:
- العلماء الثلاتة بيتشغلوا من عقود على فهم ظاهرة الفقر بشكل معمق لتحديد الطرق السليمة لمكافحتها، الجديد في شغل الثلاثة اقتصاديين دول هو أنهم حاولوا أن يفهموا الفقر بطريقة مختلفة تمامًا عن المعتاد، بدل ما تكون فيه روشتة واحدة لكل الدول وكل الأماكن، هما أسلوبهم كان طريق تقسيم مشكلة الفقر لمشكلات أصغر بحسب تعبيرهم «مشكلات ميكروسكوبية»، وبالتالى طرح أسئلة صغيرة محددة لكل حالة، فنلاقى الوسيلة الأكثر فاعلية والأقل كلفة.
كتاب «اقتصاد الفقراء» poor economics واللى صدر في ٢٠١١ وكتبة أبهجيت بانيرجى وإستر دوفلو، هنحاول نعرض لكم بشكل بسيط أهم أفكار الكتاب، وليه لازم في مصر نهتم بالحاجات اللى زى دي؟
- غالبية النظريات السابقة للحد من الفقر وقعت في خلاف شهير، بين أتباع نظرية الاقتصادى الأمريكى جيفرى ساكس اللى تبنى إن المشكلة تتحل بدفع فلوس لحكومات الدول الفقيرة، وفى كتابة «نهاية الفقر» قال لو الدول الغنية قدمت ١٩٥ مليار دولار مساعدات للدول الفقيرة في أفريقيا ممكن ده ينهى الفقر.
على الناحية الثانية أتباع نظرية العالم الاقتصادى الأمريكى ويليام استريلى واللى موجودة في كتبه زى «عبء الرجل الأبيض» واللى بيقول فيها إن المساعدات اللى زى دى بترسخ من التبعية الاقتصادية للدول الأفريقية للغرب، وبتزود فساد كبار المسئولين في الدول دى اللى هيستغلوا المعونات لصالحهم وبالتالى عمرها ما حتكون مفيدة في محاربة الفقر.
- الجديد في الكتاب إنه بيقول إنه إحنا مش مضطرين نجاوب على الأسئلة الكبيرة، وإنه عشان نفهم الفقر لازم نقسم الأسئلة الكبيرة اللى ممكن تكون إجابتنا عليها خاطئة لأنها مش منطلقة من فهم موضوعى للفقراء وعاداتهم الاستهلاكية واقتصادهم يعنى طريقتهم في العيش والأكل والاستهلاك إلخ. زى ليه الفقراء في منطقة معينة ممكن يشوفوا إن من مصلحتهم الإنجاب الكتير؟ وليه ممكن فقير أول ما يجيله مبلغ يشترى تليفزيون مش أكل؟
- يعنى إيه؟ يعنى لازم نفكر في الفقر على إنه شيء فريد في كل مجتمع، وبالتالى بنحدد صفات الشريحة المستهدفة، وبعدها ناخد عينات من الفقراء في أماكن مختلفة، ونصمم تجربة عملية لقياس عامل واحد زى مثلا تأثير مستوى الدخل على التسرب من التعليم، أو تأثير الوقاية من الأمراض زى الملاريا في أفريقيا على المستوى الاقتصادى للأسرة.
- من أشهر الأمثلة في الكتاب هى مسألة طريقة الوقاية السليمة من الملاريا في أفريقيا، كان بيتم توزيع الناموسيات مجانا فيلاقوا إن بعض الفقراء بيستخدموها كشبكة لصيد السمك!.. طيب هل نقعد نشتم في الناس ونقول هما سببوا المرض لنفسهم؟ ولا نبيع الناموسيات؟ ولا الحل إيه؟
- صمموا تجربة في قرية كينية عشان يفهموا الناس بتتعامل إزاي، عن طريق إنهم كانوا بيدوا النموسيات بالمجان لناس، وناس تانى تاخد ٢٠ ٪ خصما على الثمن، وناس تانى تاخد خصم ٥٠ ٪ وهكذا، وبعدين يرجعوا بعد فترة يشوفوا الناس تعاملت إزاي، واكتشفوا أن مسألة التوزيع بفلوس خاطئة تماما، وإن بالأرقام كل ما زادت نسبة الخصم بتزيد نسبة أن الناس تستخدم الناموسيات فعلا للوقاية من الملاريا، وأنه رغم وجود حالات سابقة فعلا الناس استخدمت الناموسيات للصيد فده نابع من عدم توفير شبكات الصيد والغذاء بشكل كاف، بالتالى الحل بيشمل إن الناس بحاجة أكثر للتوعية وتوفير مصادر للغذاء بجانب الناموسيات.
- تجربة تانية في الهند، كانت لمحاولة الارتقاء بالمستوى التعليمى للطلاب في المناطق الفقيرة، التجربة شملت أكتر من وسيلة على أكتر من مجموعة، لحد ما وصلوا إن أفضل نتايج تحققت بإجراء بسيط هوا إعادة توزيع الطلاب بناء على تحديد للمستوى الدراسي مش بناء على السن، فممكن ساعتها طفل عندة ٨ سنوات يقعد في نفس الفصل مع طفل عنده ١٢ سنة لأنه مستواهم واحد، ده في النهاية جمع الطلاب اللى ظروفهم التعليمية أفضل في فصول لوحدهم بالتالى يتخصص لهم طريقة تدريس ومناهج تناسبهم، وجمع الطلاب الأقل حظا في فصول تانية ومناهج تانية ومدرسين أكثر قدرة على الشرح المناسب لمستواهم وهكذا.
- عندنا نسبة الفقر حسب الأرقام الرسمية وصلت ٣٢.٥٪، يعنى تقريبا ١ من كل ٣ مصريين هو تحت خط الفقر، بالتالى الكلام ده مهم لينا جدا، لأنه بيمس أكثر مشكلة اقتصادية ملحة في الوقت الحالي، ممكن نستفيد كثيرا من الشغل اللى عمله الاقتصاديون دول في تصميم السياسات العامة لمكافحة الفقر في مصر.
- معظم السياسات العامة لمكافحة الفقر في مصر كانت فاشلة لأسباب تتعلق بسوء تخطيط السياسات دي، ونظرتها العامة للفقر على أنه مشكلة فلوس بس، وإما يتقال احنا معناش فلوس وخلاص يصبروا، وإما يتقال ندى الناس شوية فلوس الموضوع هيتحل.
- السلطة الحالية لازم تلتفت لنماذج وأفكار علمية، وتخلى الباحثين والأكاديميين المصريين يشتغلوا على الفقر في مصر بدون معوقات إدارية أو أمنية، أو حتى الحكومة نفسها لو غير واثقة من الباحثين المستقلين تتفضل تعمل هى مراكز بحثية تشتغل على الموضوع ده.
- حاجة تانية مهمة لازم نفهمها من الكتاب ده، وهو إن صياغة أى سياسة عامة ناجحة لازم تاخد في اعتبارها أصحاب المصلحة، مينفعش نفكر في مكافحة الفقر بدون ما نسأل الفقراء ونفهم بيفكروا إزاي؟ أنماط استهلاكهم إيه؟ بيشتغلوا في إيه؟ إيه علاقة فقرهم بالتعليم؟ حتى بيعملوا إيه في أوقات فراغهم؟
ده زى مثلا رفض أهالى بعض المناطق العشوائية الانتقال لمناطق تانية لأنها بعيدة جدا عن مكان شغلهم، ودور الدولة تعرف إيه بالضبط المشكلة ونراعى حلول لها.
- تفكيك أسباب الفقر هو اللى بيخلى الحكومة تصمم سياسات عامة ناجحة للفقر، مش نبقى عاملين سياسات عامة إمكانية نجاحها معدومة ونرجع نقول: إن الفقراء هما سبب فقرهم.