الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

المستقبل وسيدات أعمال مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مكان سيدات الأعمال في السوق محفوظ في كل مكان في العالم، بل يحتاج له الاقتصاد على الدوام، تبرع المرأة أكثر من الرجل في السوق حين تكون الأعمال ذات طابع قصير المدى مثل الملابس وبعض السلع التجميلة أو متشعب العلاقات مثل أعمال الوساطة والمصارف، إنها تجيد بشكل كبير تحريك السلعة في السوق في دورات حياة قصيرة، لذا نجد سيدات أعمال تظهر أسماؤهن وتلمع ثم ينطوين سريعًا، إذ انقضت دورة حياة ما يقدمن ولم يعطهن السوق الفرصة لتكرارها لأسباب تتعلق بالسوق وليس بهن.
إن الملكة حتشبوت يذكرها الكثيرون كأول سيدة أعمال معروفة في مصروأفريقيا بأسرها. تولت الحكم بعد وفاة زوجها الملك تحتمس الثانى كوصية على الملك تحتمس الثالث ثم استأثرت بالحكم لنفسها عام 1404 قبل الميلاد. أطلقت على نفسها «حتشبسوت» أى أول النساء المحترمات وقد راعين في ذلك شخصيًا إشارة واضحة منهن إلى أن المرأة تصبح محترمة حين تكتمل حقوقها ومن هذه الحقوق الحق في تولى الحكم حتى لو لم تتولاه، فهى تستحق التمتع بحقوق دستورية كاملة متساوية مع الرجل. دخلت تلك الملكة العظيمة مجال الأعمال عبر إطلاقها مجموعة من الرحلات الواسعة المدى للتبادل التجارى مع الدول المحيطة. بدأت بتنظيف قناة تربط بين البحر الأحمر وآخر دلتا النيل ليتحرك الأسطول المصرى حتى خليج السويس بسلاسة. وصلت تجارتها حتى المحيط الأطلسى ورأى المصريون في عهدها أسماكًا لم يروها من قبل. لعل أشهر تلك رحلات حتشبسوت التجارية بعثتها إلى بلاد بونت (الصومال وجنوب اليمن) التى صُورت على جدران معبد الدير البحرى بجلال. إذ أرسلت لملك تلك البلاد خدايا مصرية كورق البردى والكتان وعادت البعثة محملة بكميات من الحيوانات المفترسة والأخشاب والبخور والأبنوس والعاج والأحجار الكريمة. 
إن هذه الرؤية الموسعة لقدرات المرأة اعتمدتها مصر قبل الميلاد بما يزيد على الألف عام ببضع مئات من السنوات، وما تزال سيدات الأعمال في مصر يحتضن الفكرة ويسعىن لنشرها إيمانًا بقدرات المرأة المصرية في مجال الأعمال والتجارة التى لا تقل عن قدرتها في مجالات أخرى نجحت فيها. ونجد ذلك جليًا في أنشطة جمعية «سيدات أعمال مصر» التى أقامت مؤتمرها الرابع في مطلع العام الماضي، كان هدف هذا المؤتمر تدبير ملتقى بين سيدات الأعمال من العالم كله لتبادل الخبرات حول الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تبرع النساء في إدارتها، وهو أمر ناسب إطلاق المؤتمر مشروع Waste to wear الذى يشير لفكرة تحويل زجاجات البلاستيك لخيوط وملابس تستغل في مجالات شتى. إن هذه الجمعية تفهم جيدًا تفرد المرأة في بعض المشاريع وتعمل على توجيهها نحو ما تتفرد به مباشرة، وتفتح المجال أمامها للاتقاء بخبرات عالمية. وليس أدل على هذا من الفكر الذى أنتج مؤتمرها وأداره.
لا شك أن مصر تذخر بأسماء سيدات أعمال لهن ثقل دولى أشارت لهن تصنيفات دولية في مجال أنشطة سيدات الأعمال في العالم ومنهن السيدة أمانى الترجمان في قطاع السياحة والسيدة سحر السلاب في القطاع المصرفى وصاحبة لقب «الأقوى تأثيرًا» على مستوى الشرق الأوسط، كما أطلقت عليها ذلك مجلة Arabian Business. لم يكن مفاجئًا والحال كذلك أن تحصد 16 سيدة أعمال مصرية أماكن في قائمة فوربس لأقوى سيدات الأعمال لعام 2017م.
قالت الدكتورة يمنى الشريدي، رئيس جمعية سيدات أعمال مصر ٢١، إن استثمارات سيدات الأعمال بالجمعية تفوق الثلاثة مليارات جنيه مصري، وتوفر استثماراتهن أكثر من عشرين ألف فرصة عمل في أعمالهن المختلفة، ويزيد عدد أعضائها حاليًا على مائتين وخمسين عضوة. كما أكدت خلال جلسة الشراكات الفعالة بين المنظمات لتحقيق التنمية المستدامة من فعاليات اليوم الثالث للأسبوع العربى للتنمية المستدامة في نهاية العام الماضي، على أن الشراكات الفعالة هى التى تؤهل المنظمات للنجاح وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وأنه من خلال الجمعية نجحت في إنجاز العديد من خلال الشراكات خلال الفترة السابقة ومنها مع مجلس سيدات الأعمال السعودى والألمانى التى ساعدت في اتخاذ القرارات الصحيحة وتبادل الخبرات.
إن المتابع لتصريحات سيدات الأعمال المصريات يجد أنهن يشرن كثيرًا إلى أن الدولة المصرية لا تعوق تقدمهن، وأن قوانينها لا تسمح للعنصرية في مجال ريادة الأعمال بأن تتسبب في القضاء على طموحاتهن. بل إنهن يحاولن جمع طاقاتهن من أجل مساعدة وإرشاد أية امرأة تريد أن تسير على خطاهن. يا نساء مصر لا تنسين أبدًا أن القرب من الأقوياء قوة. أؤمن جدًا بالمقولة الفرنسية: «إذا أردت أن تنظر لحال بلد فانظر إلى نسائها» ولتجعلن حال بلادكن أجمل بأن تكن أجمل في كل مجال.