الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

نحو استعادة ذهب مصر المنهوب من الترك

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حددت محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة جلسة 15 فبراير الجارى لنظر دعوى لاتخاذ إجراءات التقاضى الدولى ضد تركيا لمطالبتها برد الأموال التى حصلت عليها دون وجه حق تحت مسمى الجزية، التى كانت تسددها مصر للدولة العثمانية إبان الاحتلال العثمانى لمصر. وبحسب الدعوى التى نشرت تفاصيلها عبر وسائل إعلام مختلفة بلغ إجمالي ما دفعته مصر في تلك الفترة بالجنيهات الذهبية، 23 مليونا و174 ألفا و984 جنيها ذهبيا، وذلك وفق ما نقلته. هذه الملايين من الجنيهات الذهب إذا تم تقويمها بالدولار أو الجنيهات هو مبلغ لو تعلمون عظيم.
لاحظ هنا أن دولة الاحتلال التركى قد نهبت أموال المصريين تحت مسمى «الجزية» رغم أن مصر دخلت الإسلام قبل أن يعتنقه الأتراك بأمد بعيد، كما أن مصر كانت عامرة بعلماء الفقه واللغة وحفظة القرآن الكريم ولم يكن بتركيا في ذلك الوقت أي من هذا وما زالت علاقتها بالإسلام علاقة هامشية تتاجر بها فقط على عباد الله العرب والمسلمين.
الغريب أن تلك الأموال التى اعتادت تركيا نهبها من بلاد المسلمين التى احتلتها بالإرهاب وقوة السلاح والقتل والعنف المفرط ظلت تذهب لتركيا بطريق الخطأ لمدة تزيد على 40 عاما وهذا هو السبب الرئيسى الذى دفع المحامى لرفع الدعوى المذكورة.
لكن ما لم تذكره الدعوى ودونه التاريخ أن الأتراك كانوا قد اعتبروا مصر منجم الذهب الذى يحقق لهم الثراء السهل وهو ما رصده المؤرخ المصرى ابن إياس في كتابه «بدائع الزهور في وقائع الدهور» وعاصر ابن إياس فترة احتلال العثمانيين لمصر ورأى بعينيه أعمال السلب والنهب والتدمير التى مارسوها ضد الشعب المصري.
يقول ابن إياس: بدأت عملية نهب مصر فور دخول سليم الأول القاهرة يوم الاثنين 26 يناير 1517. وبعد دخولهم القاهرة هجم عساكره على بيوت الناس وطردوهم منها ليسكنوا فيها هم وطرد أصحابها منها كما هجموا على الجوامع واقتحموا الجامع الأزهر وجامع أحمد بن طولون ومدارس القاهرة، بل أشعلوا النار في جامع شيخا والبيوت المجاورة له وظلوا يقتلون الناس في الشوارع وكانت الجثث ملقاة في شوارع القاهرة ومصر القديمة قدر عددها بنحو 10 آلاف إنسان. 
ويضيف ابن إياس: ونهب العثمانلية الغلال لإطعام خيولهم، فأصبح الناس لا يجدون ما يأكلونه من خبز ودخلوا القرى وسرقوا مواشى وطيور الفلاحين» ويصف ابن إياس جنود العثمانلية فيقول بلهجة دارجة: «إن عساكر العثمانية كانوا جيعانين ونفسهم قذرة.. وعندهم عفاشة زايدة في نفوسهم وقلة دين.. وكانوا همج مثل البهايم».
يتابع ابن إياس «انفتحت للعثمانية كنوز الأرض بمصر من نهب قماش وسلاح وبغال وعبيد وغير ذلك من كل شىء فاخر، واحتووا على أموال وقماش ما فرحوا بها قط في بلادهم». وفك العثمانلية رخام قاعات القلعة وبيوت القاهرة ونهبوا الكتب والمخطوطات اللى كانت موجودة في المدارس، وقبضوا على الصنايعية والحرفيين والتجار والموظفين وغيرهم مسلمين ومسيحيين ومعهم أعداد من أعيان مصر والمشايخ والفقهاء ورحلوهم على الإسكندرية ونقلوهم بالمراكب من هناك بالنهايب على قاعدتهم في إسطنبول التى هى أصلا كونستانتينوبل التى نهبوها من البيزنطيين قبل ما غزو مصر بـ 64 سنة. المراكب نقلت المصريين على أنطاليا ومن هناك إلى إسطنبول، وهناك مراكب غرقت في البحر كان منها مركب عليها 400 واحد من ضمنهم جماعة من أعيان مصر. ويقول ابن إياس عن موضوع نقل المصريين لإسطنبول: «ولم يعرف أهل مصر شدة من قديم الزمان أعظم من هذه الشدة، ولا سمعت بمثلها في التواريخ القديمة». في اسطنبول كان شاويشيتهم يحتالون على المصريين الأسرى ويوهمونهم بإعادتهم وتهريبهم إلى مصر سرا، فكانوا يأخذونهم وفى الطريق يسرقون أموالهم وما معهم من متاع ويقتلونهم ولا يظهر لهم بعدها أثر.
ويشير ابن إياس إلى أن سليم الأول أقام في مصر يخرب فيها نحو 8 أشهر قضاها في لذاته وشرب الخمرة وعيشته مع الصبيان المرد. ويقول: إنه خرج من مصر في 10 سبتمبر 1517 ومعه ألف جمل محملة بالذهب والفضة والتحف والرخام ومنهوبات كتيرة جمعها في فترة إقامته في القاهرة..
كما أخذ معه الخليفة العباسى القاهرى المتوكل على الله وعائلته إلى إسطنبول وأخذوا منه الآثار النبوية وهى «البيرق والسيف والبردة» ومفاتيح الحرمين الشريفين».
كل ما سبق هى ديون لمصر على المحتل التركى ومن حق مصر أن تستعيدها منها بالمطالبة بها بكل السبل والوسائل التى تعيد ولو بعض الحق لأصحابه.