الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"العصر الذهبي".. حكايات الصعلوك الفيلسوف

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى مقدمة لا تقل براعة عن النص نفسه، قدَّم المترجم الدكتور أحمد السعيد، الأديب الصينى الكبير وانغ شياوبو، والذى يُطلَق عليه النسخة الصينية من امتزاج كافكا وجيمس جويس؛ ويُعتبر من أكثر الكُتَّاب تأثيرًا فى الصين على مدى الثلاثين عامًا الأخيرة؛ ليُشعر القارئ بالكثير من الشغف والفضول نحو أولى ترجمات روايات شياوبو «العصر الذهبي» والتى ترجمها عن الصينية على ثابت، وصدرت عن منشورات المتوسط- إيطاليا، بالتعاون مع مؤسسة بيت الحكمة.
الكتاب هو أول أعمال الكاتب التى تُنقل إلى العربية، ويضمُّ مجموعة من الروايات القصيرة لكاتب يبتكر موضوعات تُقارِبُ الحياة المعاصرة، وعبرها يمكن اكتشاف لذَّة القص والقَنْص فى آنٍ واحد، حيث يأخذ القارئ نحو الأمور المسكوت عنها دومًا فى أكثر المساحات الإنسانية تعقيدًا، ويضرب بعرض الحائط الكثير من التابوهات والثوابت فى ثقافات الشرق المختلفة، سواء تعلّقت بالذات الإنسانية فى أقصى لحظات ضعفها أو بالصور النمطية التى تُصدرها المؤسسات عن نفسها، وتُخفى خلف نفوذها الكثير من الهشاشة؛ حيث يحتفى شياوبو بالضعف الإنساني، ويزهو ببطله فى الخسارة، وصنع من ندوب الحياة أفقًا للتحايل فى البلد الكبير الذى يحوى أكثر سكان العالم.
بطل العصر الذهبى وانغ آر يتنقل بالزمن فى رواياته الثلاث، ففى «ما بعد الثلاثين» يتقدّم الزمان عشرين عامًا، ويصير أستاذًا جامعيًا متمرّدًا على الواقع، ومعترضًا على راديكالية كل شيء فى الصين داعيًا إلى اللّيبراليّة، بينما هو مطحون تحت قبضة زوجته المتسلّطة، وغارق فى مشكلات صديقه الأبله، فيما يحلم بالجنس الجنونى مع صديقته القديمة.
وفى «الحبّ فى زمن الثورة» -التى استعار اسمها على غرار رائعة ماركيز «الحبّ فى زمن الكوليرا»- فهو يعمل فى مصنع صغير منبوذًا من المؤسّسة والمجتمع، ويشترك فى المواجهات الثورية مع الحرس الأحمر، ويحمى مدينته، وتمرّ بحياته ثلاث نساء تتباين كل منهنّ فى دلالتها عن جانب من الثورة ودور «المؤسّسة» - أيّ مؤسّسة - فى تقويض العقول؛ وفى الرواية الأخيرة «عالمى المنير.. عالمى المظلم» نجده مصابًا بعجز جنسى نتيجة صدماته النفسية السابقة، فتظهر له مَنْ تُساعده فى التّغلّب على عجزه، ولكنها تتحوّل فى النهاية إلى كابوس لا يقلّ بشاعة عن سابقيها؛ لتبقى فكرة الثورة والجنس والإنسان هى المسيطرة على المشهد الإبداعي.