السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

25 يناير وقراءة التاريخ

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يقول ميلان هوبل «إن أردت أن تلغى شعبًا ابدأ أولًا بشل ذاكرته ثم تلغى كتبه وثقافاته وتاريخه ثم يكتب طرف آخر كتبًا أخرى ويعطيه ثقافة أخرى ويخترع له تاريخًا آخر، عندها ينسى هذا الشعب من كان وماذا كان والعالم ينساه أيضًا»، التاريخ هو الحدث الذى يتم تأريخه ممن شارك وشاهد ودرس وبحث ولكن هناك من يسجل هذا الحدث وذاك التاريخ حسب رؤيته وموقفه وانحيازه لمصلحة عامة أو رؤية ذاتية يرى فيها الحق كل الحق. كما أن الحدث الذى يتم تأريخه لا يظل هكذا ثابتا لقراءة واحدة طوال الوقت ولكن يتم قراءة الحدث على ضوء المتغيرات والمكتشف من حقائق جدية تضيف أو تؤثر أو تكتشف ما هو جديد لذلك الحدث، الأهم في كل ذلك تلك القراءة الموضوعية والعلمية وغير المنحازة لغير الحقيقة ولكن كيف تكون هذه القراءة تجاه حدث يكون الخلاف حوله على أرضية مباراة صفرية بين طرفين، أما أن يكون هذا الحدث هو الخير كل الخير أو هو الشر كل الشر، وهنا تتوه القراءة الموضوعية وتظل قراءة تحكمها المصلحة الآنية القصيرة التى لا تستطيع الصمود أمام التاريخ الحق والصحيح من خلال قراءات متعددة ستحدث بلا شك، و25 يناير 2011 حادثة تاريخية سيظل الخلاف حولها قائما ليس بالوقت القصير حيث إن الحدث ما زال جديدًا أو لا زالت معلوماته غير مكتملة كما أن الصراع والخلاف حول الحدث لا زال قائمًا،الشيء الذى حوله إلى صراع صفرى لا ينتج خيرًا للوطن وللشعب المصرى حيث إن الوطن وفى ظل تلك التحديات الخطيرة التى يواجهها داخليًا وخارجيًا يحتاج إلى توافق وتوحد من الجميع لضمان سلامة الوطن الذى هو ملك الجميع، كما أن هذه القراءة الصفرية لـ 25 يناير خلقت صراعًا لا لزوم له ولا وقته بين 25 يناير و30 يونيو في الوقت الذى خرج فيه الشعب المصرى بتلقائيته المعروفة لكى يعبر عن نفسه في لحظة تاريخية فارقة في عمر الوطن أى أن كليهما فعلًا جماهيري يكملان بعضهما البعض، ولذا وجب توضيح بعض الأمور باعتبار كان لى الشرف بالمشاركة السياسية في الحياة السياسية منذ السبعينيات، بداية لا توجد ثورة أو انتفاضة أو هبة شعبية بنت لحظتها أو عن طريق الريموت، ولكن هذا نتيجة لعوامل تراكمية ولنضال متراكم يأخذ أشكالًا متعددة من الممارسات والنضال السياسى ناهيك عن الجينات الثورية القابعة في الضمير الجمعى المصرى منذ ثورة بيبى الثاني، منذ الأسرات المصرية الأولى، رغمًا عن صبر وهدوء المصرى المستمد من النيل والزراعة، وطوال السبعينيات وحتى 25 يناير كانت هناك نضالات سياسية من معتقلات وسجون ومظاهرات واعتصامات دفع ثمنها مناضلون مصريون وصولًا إلى آخر سنوات مبارك حيث كان الظرف الموضوعى قد نضج أى أن الفساد والاستبداد وإسقاط القانون وبوادر الفوضى وتزاوج السلطة مع الثروة وصولًا لمحاولة التوريث، ولكن مع ذلك لم تكن هناك بوادر نضوج حقيقى لظهور الظرف الذاتى وهو ذلك التنظيم الذى يمتلك منهجًا ثوريًا وآليات عملية للتلاحم الجماهيرى الذى من خلالها يكون بديلًا للنظام الذى سيسقط، ولذا 25 يناير لم يكن غير دعوة لمظاهرة مثل تلك المظاهرات التى كانت تقوم بها كفاية، ولكن لأن الظرف الموضوعى كان قد نضج خاصة بعد التزوير الفج لانتخابات مجلس الشعب 2010 وبعد تصريح مبارك في هذا المجلس «خليهم يتسلوا»،وكان الأمل في مظاهرة لا تتعدى خمسة آلاف، ولذلك لمعرفة الإخوان بهذا، وهم ملوك الانتهازية، فقد رفضوا النزول في 25 حتى يمسكوا العصا من المنتصف كعادتهم، ولكن خروج خمسة عشر آلاف متظاهر أحدث مفاجأة، مع العلم أن الشرطة في 25 لم يحدث منها أى موقف ضد هذه المظاهرات بل كانت تحرسها، هنا خروج هذا العدد غير الأمر، فدفع الإخوان إلى ركوب الموجة خاصة بعد تزايد الأعداد في جمعة 28 يناير هنا ركب الإخوان الهبة التى بدأت بمطالب إصلاحية فقط ليس ضد الشرطة أو لإسقاط النظام «عيش، حرية، عدالة اجتماعية» ولكن حول الإخوان الهبة الإصلاحية إلى فوضى حقيقية في 28 يناير وتم حرق القاهرة وتحولت العملية كنوع من تصفية حسابات الجماعة مع الشرطة باعتبار الشرطة هى القوى المصرية التى تواجه تلك الجماعة منذ نشأتها، وباعتبارى مشاركًا منذ السبعينيات وحتى 25 يناير فيوم 28 يناير وفى أحد تصريحاتى لإحدى الفضائيات، وبعد ما تم من حرق قلت «الآن تحولت الهبة إلى فوضى حقيقية» حيث كنت أدرك لمعرفتى بالنخبة، التى أنتمى اليها، أنها لن تكون بديلًا لأى تنظيم ثورى يكون بديلًا للنظام، والأخطر أن هذه النخبة لعدم تواجدها الجماهيرى أو الحزبى الحقيقى كان البديل الذى ارتمت في أحضانه هم الإخوان وهذه هى الطامة والخطيئة التى دفع الجميع ثمنها، هنا هل هناك مؤامرة؟ نعم هناك مؤامرة ولكن هل كان الشعب بعيدًا عن بعض هذه النخبة من العملاء والممولين؟ نعم الشعب خرج ليعبر عن نفسه بكل براءة والشباب نزل في مشهد تم استغلاله من قوى المؤامرة والتى كانت الجماعة جزءا فيها، ولذلك وجدنا الشعب والشباب الطاهر هو الذى أكمل وصحح المسيرة في 30 يونيو تضامنًا وتلاحمًا مع الجيش الوطنى ومع الشرطة التى رد لها الشعب كرامتها التى هى كرامة المصريين في 30 يونيو، هنا لا بد من قراءة موضوعية بعيدًا عن ذلك الصراع الصفري، 25 /30 صناعة مصرية بمساندة الجيش والشرطة، ودليل ذلك صورة الدبابة التى يقف أمامها الشباب وهى تحميهم ولا تسحقهم، هذه هى مصر، فهل نعيد القراءة ونعيد اللحمة من أجل مصر وطن كل المصريين؟