الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

وسط تحذيرات فلسطينية وترحيب إسرائيلي.. ترامب يعلن تفاصيل صفقة القرن

 ترامب
ترامب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يبدو أن الأيام القادمة ستكون حافلة بالكثير من التطورات المثيرة والدرامية فيما يخص مستقبل القضية الفلسطينية ومصيرها بالكامل، وذلك على ضوء خطة السلام المثيرة للجدل ،والتي سيعلن عن تفاصيلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غدا الثلاثاء، وسط تحذيرات ومخاوف فلسطينية وترحيب إسرائيلي . ومن المنتظر أن تتضمن بنود هذه الخطة ،التي باتت تُعرف إعلاميا باسم" صفقة القرن" ويجرى الحديث عنها منذ أكثر من عامين ، خطوات وأفكارا لتسوية نهائية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ورغم أن الجانب الأمريكي لم يكشف عن تفاصيل وبنود هذه الخطة بشكل رسمي، فقد تحدثت تقارير صحفية إسرائيلية عن الجوانب السياسية لهذه الخطة، حيث كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت " الإسرائيلية في تقرير لها أمس / الأحد / عما قالت إنها بنود الخطة المرتقبة ، والتي تقترح " إقامة دولة فلسطينية بلا جيش أو سيادة، على مساحة 70 في المائة من الضفة الغربية المحتلة، ويمكن أن تكون عاصمتها بلدة "شعفاط" شمال شرقي القدس".
ووفقا لما ذكرته الصحيفة، نقلا عن مصادر إسرائيلية لم تسمها ، فإن خطة السلام الأمريكية المقترحة تسمح لإسرائيل بضم ما بين 30 إلى 40 بالمائة من أراضي المنطقة "ج" بالضفة الغربية، وكانت اتفاقية أوسلو للسلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين قد قسمت الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق، هي: "أ" و"ب" و"ج"، وتمثل المنطقة "أ" نحو 18 في المائة من مساحة الضفة، وتسيطر عليها السلطة الفلسطينية أمنيًا وإداريًا، بينما تمثل المنطقة "ب" 21 في المائة وتخضع لإدارة مدنية فلسطينية وأمنية إسرائيلية، أما المنطقة "ج"، والتي تشكّل 61 في المائة من مساحة الضفة، فتخضع لسيطرة أمنية وإدارية إسرائيلية، وهو ما يتطلب موافقة سلطات الاحتلال الإسرائيلي على أي مشاريع أو إجراءات فلسطينية فيها.
ووفقا للخطة الأمريكية ، فإن الدولة الفلسطينية ستكون- حسبما تقول "يديعوت أحرونوت"- بدون جيش أو سيطرة على المجال الجوي والمعابر الحدودية، وبلا أية صلاحية لعقد اتفاقيات مع دول أجنبية. كما تنص الخطة - وفق الصحيفة الإسرائيلية - على الإبقاء على مدينة القدس المحتلة تحت "سيادة إسرائيل"، بما في ذلك الحرم القدسي الشريف والأماكن المقدسة التي تدار بشكل مشترك بين إسرائيل والفلسطينيين. ولا تتحدث الخطة عن تقسيم القدس ، لكن سيحصل الفلسطينيون على كل ما هو خارج حدود جدار الفصل المحيط بالمدينة المقدسة.
وقد استبق الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي الاعلان عن خطة السلام الأمريكية بشكل رسمي ، بموقفين متناقضين بشكل كامل. فبينما حذر الفلسطينيون من أن هذه الخطة تهدف لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل وأنها تشكل حربا مفتوحة على الشعب الفلسطيني ، وتوعدوا بالتصدي لها ، اعتبرها الجانب الاسرائيلي– في المقابل- فرصة تاريخية لن تتكرر.
ولا شك أن هناك الكثير من الأسباب والعوامل التي يمكن أن تبرر هذا التناقض الحاد بين طرفي النزاع إزاء هذه المبادرة. وهذه الأسباب التي تدفع الفلسطينيين لرفض المبادرة والتشكيك فيها، واعتبارها تصب في صالح إسرائيل وتهدف لتصفية قضية فلسطين، هي ذاتها التي تفسر التأييد والترحيب الإسرائيلي اللافت بالمبادرة حتى قبل أن تُعلن تفاصيلها بشكل كامل .
وأول هذه الأسباب هو موقف الإدارة الأمريكية الحالية من القضية الفلسطينية، وهو موقف بدا معاديا للجانب الفلسطيني، ومنحازا بشكل سافر للجانب الاسرائيلي، منذ مجىء ترامب إلى البيت الأبيض.
وقد تجلى هذا الموقف المعادي للحقوق الفلسطينية من جانب إدارة ترامب في العديد من القرارات، وكان على رأسها قرار نقل السفارة الأمريكية في اسرائيل إلى القدس، وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وتأييد ضم المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية، وإعادة التعريف الأمريكي للمستوطنات الإسرائيلية بما يعني شرعنة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، فضلا عن إلغاء الاعتراف بالتمثيل الوطني الفلسطيني.
وفي مؤشر على ما ستضمنه هذه الخطة المثيرة للجدل ،من بنود مرفوضة فلسطينيا قال ترامب إن رد فعل الفلسطينيين قد يكون سلبياً في البداية على خطته، لكنه قال إنها ستعود عليهم بالنفع. وأضاف: «إنها خطة عظيمة.. إنها خطة ستحقق النجاح في واقع الأمر».
ومما يعزز الشكوك الفلسطينية تجاه هذه الصفقة أو الخطة ، هو الطريقة التي اختارها الرئيس الأمريكي للإعلان عن خطته ، فضلا عن توقيت هذا الإعلان الذي يبدو توقيتا إسرائيليا بامتياز. فقد دعا ترامب كلا من رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو وخصمه السياسي ومنافسه في الانتخابات التشريعية الجنرال "بيني جانتس" لزيارة واشنطن، حيث ينتظر أن يجتمع بهما اليوم الاثنين، للتباحث معهما بشأن خطته للسلام قبل اعلانها، وهو ما فسره مراقبون بأنه حرص من الرئيس الامريكي على اطلاع الجانب الإسرائيلي على هذه تفاصيل الخطة والحصول على دعمه له قبل الاعلان . في حين لم يدع أي مسئول فلسطيني إلى واشنطن للتباحث معه بشأن هذه الخطة .ورغم أن ترامب قال إن الجانب الأمريكي تحدث بايجاز عن الخطة مع الجانب الفلسطيني، نفت السلطة الفلسطينية بشدة هذا الأمر، وقال الرئيس محمود عباس إن واشنطن لم تتحدث معنا لا بإيجاز ولا باسهاب عن هذه الخطة.
ومن حيث توقيت الإعلان عن الخطة، يبدو العامل الإسرائيلي حاضرا بقوة ، فرغم ارتباط هذا التوقيت باستحقاقات وتحديات سياسية داخلية أمريكية، سواء فيما يتعلق بمسألة محاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ، أومساعيه لحشد دعم أنصار اليمين المسيحي له بهدف اعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة العام المقبل، الإ أن التوقيت يبدو أيضا مرتبطا بالظرف السياسي الإسرائيلي الراهن، إذ يرى محلللون سياسيون أن ترامب اختار للاعلان مبادرته توقيتا يساعد إسرائيل على وضع قرارات صعبة موضع التنفيذ، وأهمها ضم منطقة الأغوار والمستوطنات الاسرائيلية في مناطق «ج» إلى إسرائيل، كما الإعلان عن الخطة يهدف ربما لدعم الموقف الانتخابي لنتنياهو، حيث يأتي قبل شهر من الانتخابات الإسرائيلية المقررة في الثاني من مارس المقبل، وفي اللحظة التي كان من المنتظر أن يعقد فيها الكنيست جلسته للنظر في نزع الحصانة عن نتنياهو في مواجهة الإجراءات القانونية ضده.
وفي تعليقه على هذه الخطة قال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن "فرصة من هذا النوع لا تحدث إلا مرة واحدة في التاريخ ولا يمكننا تفويتها ، مضيفا "هناك اليوم في البيت الأبيض أكبر صديق لإسرائيل، وبالتالي الفرصة الأعظم التي حظينا بها على الإطلاق" وذلك في إشارة للرئيس ترامب. ومن جانبه قال الجنرال "بيني جانتس رئيس حزب "أزرق أبيض" الإسرائيلي ،إن خطة السلام التي وضعها ترامب، "ستكون علامة فارقة في التاريخ، وتتيح لمختلف الأطراف في الشرق الأوسط المضي قدماً في النهاية مع اتفاق إقليمي تاريخي" على حد تعبيره.
في المقابل حذر مسئولون فلسطينون من أن الخطة الأمريكية المرتقبة تعد بمثابة "حرب مفتوحة"على الشعب الفلسطييني، وتعني نهاية حلم الدولة الفلسطينية. وتعهد هولاء المسئولون ومعهم فصائل فلسطينية اخرى بإسقاط هذه الخطة، التي قالوا إنها تتجاوز كل «الخطوط الحمراء».
وقالت الرئاسة الفلسطينية إن الموقف الفلسطيني واضح وثابت من رفض قرارات ترامب المتعلقة بالقدس وغيرها من القضايا وبكل ما يتعلق بـ"صفقة القرن" المرفوضة. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية : "إذا ما تم الإعلان عن هذه الصفقة بهذه الصيغ المرفوضة، فستعلن القيادة الفلسطينية عن سلسلة إجراءات للحفاظ على حقوقنا الشرعية". وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، واصل أبو يوسف، إن القيادة الفلسطينية وضعت خطة لمواجهة خطة السلام الأميركية، موضحاً أن الخطة الفلسطينية تقوم على تجسيد «دولة فلسطين على الأرض» ومقاومة إسرائيل ومقاطعتها بشكل شامل، حتى لو أدى ذلك إلى انهيار السلطة الفلسطينية.وأضاف أبو يوسف أنه "إذا استمرت هذه الحرب المفتوحة علينا سنتحرك بشكل فوري في ثلاثة اتجاهات..الأول على المستوى الدولي، بهدف حث المجتمع الدولي لاتخاذ القرارات الهادفة لحماية حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وثانياً، تفعيل كل أشكال المقاومة الشعبية، وتطبيق قرارات المجلسين المركزي الفلسطيني والوطني، بما في ذلك وقف التنسيق الأمني والسياسي مع سلطة الاحتلال، وسحب الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل.
وبانتظار تفاصيل الخطة التي سيعلنها الرئيس الأمريكي، يرى محللون أن الجانب الفلسطيني يبدو حاليا أمام خيارات كلها بالغة الصعوبة ودونها الكثير من المخاطر، وهو مايعني أن الأمر يتطلب توحيد الصف الفلسطيني وتجاوز الانقسامات الراهنة لمواجهة هذا الاستحقاق الجديد والخطير. أما عربيا فإن على الدول العربية، ومن خلال مؤسسات العمل المشترك، أن تستعد بخطة واضحة لمواجهة التداعيات التي قد يحدثها الاعلان عن تلك الصفقة، على حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.