الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

نظير عياد: «يسروا ولا تعسروا» تأسيس للأسرة على الاعتدال وعدم الإفراط.. المجمع نجح في استحداث المقاهى والندوات الثقافية لتحصين الشباب.. ولا نصادر سوى الأفكار الشاذة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
المجمع نجح في استحداث المقاهى والندوات الثقافية لتحصين الشباب
ولا تصادر سوى الأفكار الشاذة والساعية لترويج مذهب يخالف عموم المسلمين
أمين مجمع البحوث الإسلامية: تجديد الخطاب الدينى ضرورة دينية وحياتية



ينطلق غدا الاثنين المؤتمر السنوى للأزهر الشريف، في حضور الرئيس عبدالفتاح السيسي، تحت عنوان «مؤتمر الأزهر العالمى لتجديد الفكر والعلوم الإسلامية»، لمناقشة العديد من المحاور والقضايا الرئيسية، منها: قضايا التجديد في العلوم الإسلامية المختلفة، ضوابط التجديد وآلياته، تفكيك أصول الفكر التكفيرى ومناهجه، إلى جانب استعراض دور المؤسسات الدينية في تنظيم وتطوير الخطاب الدعوي، وأسس ومتطلبات تكوين الداعية المعاصر، إضافة إلى استعراض رؤية الفكر الإسلامى للتعايش الإنسانى بين الأديان والمعتقدات والمذاهب.

ومن خلال لقاء أجرته «البوابة نيوز» مع الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، أكد أهمية المؤتمر من خلال نتائجه التى ترتكز على قضايا تمت دراستها وفق الأولويات والقضايا المُلحة التى وضعتها كل جهة، إلى جانب إطلاق وثيقة التجديد وعدد من التوصيات الأخرى التى أشرف عليها مجموعة من العلماء، مشيرًا إلى أن اختيار الشيخ محمد متولى الشعراوى شخصية جناح الأزهر بمعرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام أبلغ رد على أولئك الذين يحاولون التقليل من قدره أو الانتقاص من مكانته. 

■ في البداية.. ونحن على مشارف مؤتمر الأزهر حول تجديد الفكر الإسلامي.. ما أهمية المؤتمر فيما يتعلق بدعوة الرئيس؟ 
- قضية تجديد الفكر أو مصطلح الخطاب الدينى هو واحد من القضايا والمصطلحات التى يتفق عليها كل من المؤيد والمعارض للدين، وكل يذهب في هذا مذهبه وفكره الذى يريد، لكن حينما تأتى من خلال مؤسسة علمية ذات تاريخ عريق كالأزهر فإنه يعطى للمصطلحات أهمية وأبعاد مختلفة أولها: أن التجديد ليس انسلاخًا من الدين، وثانيها أنه ليس مقتصرًا على ما نقل إلينا من العصور السابقة، إلى جانب استشعار واقع الأمة وإدراك هموم هذا الوطن.
كما يأتى المؤتمر بمحاوره استجابة للواقع، حيث إن التجديد ضرورة دينية وحياتية ولا توجد مؤسسة قادرة على ذلك خلاف الأزهر، وهذا ليس تعصبًا، فتلك المؤسسة لها تاريخها الطويل ومواقف واضحة ونضال معروف وعلم وسطى معتدل ينظر نظرة واقعية لطبيعة هذا الدين الذى يجمع بين الثبات والمرونة، وبالتالى يستطيع علماء الأزهر والمشتغلون بالفكر الإسلامى التمييز بين النصوص والأحكام التى تقبل التغيير والتى لا تقبله، مراعاة للزمان والمكان والأشخاص والأحوال دون إفراط أو تفريط بما يتوافق مع الشريعة دون وقوع في محظورات، وعلماء الأزهر في هذه القضية وفى مقدمتهم الإمام الأكبر قد وجهوا دعوة لمؤسسات الدولة المختلفة وعقدت ورش عمل بحيث تدلى كل وزارة وتقوم بحصر القضايا التى ترى أنها بحاجة إلى طرحٍ جديد ورؤية.
كما أننا في الأزهر نسعى إلى ألا يكون المؤتمر مؤتمرًا تقليديًا، وهذا كله نتيجة لمحاوره والبدايات التى تمت لحصر القضايا المُلحة للتجديد والعلماء الذين تم دعوتهم واستكتابهم والتوصيات التى «وثيقة التجديد» التى ستصدر من خلالها.
■ كيف ترون اختيار الشيخ محمد متولى الشعراوى شخصية جناح الأزهر لهذا العام؟
- اختيار العالم الجليل فضيلة الشيخ محمد متولى الشعراوى شخصية الجناح هذا العام أبلغ رد على أولئك الذين يحاولون التقليل من قدرة أو الانتقاص من مكانته، مع إيماننا الكامل بأن الشجرة المثمرة هى التى يقذفها الناس بالحجارة، وفضيلة الشيخ هو أحد أعلام الأزهر في العصر الحديث، وأحد من يشار إليهم بالبنان بسبب فكره وأسلوبه الذى يجمع بين الرؤية الإسلامية الواضحة وبين المحافظة على الثوابت الإسلامية.
فهو يتميز بمزايا عدة منها قدرته على قراءة الواقع وتطويع النصوص الدينية وفق هذا الواقع بما لا يقدح في الثوابت الدينية أو يصادم الرأى العام، عالم موسوعى وشخصية قل أن يجود الزمان بمثلها تطرق فكره إلى جل جوانب المعرفة أفاد فيها وأحسن في عرضها، لكن هذه الأقلام تحاول أن تقلل من قدره لا تنصيب لها إلا أنها تحاول أن يكون لها ذكر على أكتاف هذه الأعلام، دون أن يدروا أن ما يقومون به لن يزيد هؤلاء الأعلام إلا انتشارًا وبالبحث عن آرائه وقضاياه، وقد وقع الاختيار عليه إبراءً للذمة أولًا، اعترافًا بفضله، ثانيًا تأكيدًا على الدور المحورى لأعلام الحضارة الإسلامية في العصر الحديث خصوصًا علماء الأزهر، وفق توجيهات الإمام أحمد الطيب بأن أعلام الأزهر في العصر الحديث ينبغى أن يوضعوا في مكانتهم التى تليق بهم.
■ ماذا عن حملة «يسروا ولا تعسروا»؟
- فكرة الحملة أتت تنفيذًا لتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر بعد لقائه بوفد بيت العائلة المصرية ودار بينهم حديث تطرق إلى المشكلات الأسرية والواقع الذى يتعلق بالأسر، وجه بضرورة عقد أو إطلاق حملة تعنى بالأسرة المصرية والمشكلات الخاصة بها، وخاصة ما يتعلق بغلاء المهور باعتباره يأتى مرتبطًا بمجموعة من العادات السيئة وتفرز سلوكيات سيئة، ومن ثم أطلقنا الحملة التى يراد منها التيسير في أمور الزواج، خاصة أن الأسرة هى اللبنة الأولى لبناء المجتمع، وأن هذا البناء ينبغى أن يؤسس بطريقة معتدلة لا إفراط فيها ولا تفريط حتى لا يؤدى ذلك إلى شيوع الأفكار المنحرفة والآراء الشاذة والسلوكيات الخاطئة، إذ إن تأخر سن الزواج يلزم عنه انتشار العنوسة.
■ كم عدد المشاركين بالحملة؟
- الحملة تحمل شقين أحدهما إلكترونى عبر الصفحة الرسمية لمجمع البحوث الإسلامية بموقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، يشرف عليها المركز الإعلامي للمجمع، والآخر ميدانى يتمثل في نحو ٤ آلاف واعظ و٢٠٠ واعظة منتشرون بكافة أنحاء المحافظات.
■ ما آلية تفعيلها؟ 
- هذه الحملة تطلق من شقين، أحدهما إلكترونى ويتضمن أحاديث وحكما مقتضبة تصدر عن بعض العلماء والمصلحين وخواطر صغيرة مختصرة لتحقيق الغرض منها، لأن قارئ «السوشيال ميديا» يكتفى بقراءة العناوين إلا إذا وجد ما يحقق ضالته في عبارات مقتضبة، ونحن بدورنا نقوم بما يضمن تحقيق رسالتنا التى تهدف إلى الترغيب في الأمر والحث عليه، ومن ثم يأتى دور الوعاظ والواعظات كل في موقعه سواء في المدارس أو النوادى أو المقاهى أو ما يتم تنظيمه من ندوات ولقاءات جماهيرية حيث يتم توجيههم من الإدارات المختصة بالموضوعات وطرق معالجتها بصورة سليمة وصحيحة وبما يخدم المجتمع في المقام الأول. 
■ ماذا عن مواجهة الأفكار المتطرفة؟
- قضية مواجهة الأفكار المتطرفة والآراء الشاذة هى قضية تجد دورًا فعالًا وتكثيفًا للجهد من كافة مؤسسات الدولة ومن بينها الأزهر وقطاعاته المختلفة التى تبذل أقصى الجهد لتحقيق الدور المنوط بها في هذا الإطار، من خلال مناقشة الحجة بالحجة والدليل بالدليل، فيعرض الرؤى ومناقشتها بموضوعية والقوافل هى إحدى تلك الأدوات، حيث تسير إلى المناطق المختلفة بالتعاون مع كافة المؤسسات ومنها وزارة الأوقاف للتواصل مع الشباب وتحصينهم وأيضًا الاستماع إليهم وتوضيح ما يعلق بأذهانهم من أفكار.
وتم تدريب الوعاظ والواعظات على اللغة التى يتحدث بها الشباب واستحدث منذ فترة ما يعرف بالمقاهى الثقافية، والتى صار لها أكبر الأثر في هذا الجانب، كما تم استحداث المنتديات الثقافية لمناقشة القضايا المختلفة من بينها قضايا الإلحاد والمخدرات وخلافه.
كما تم عقد أول المنتديات تحت عنوان: «لماذا يُلحد الشباب؟»، ولم يعد الحديث مقتصرًا على رجال الدين فحسب، بل يتم الاستعانة بالعلماء والمتخصصين في تلك القضايا والاستفادة من وجهات النظر، وهناك مؤتمرات وملتقيات مقبلة نحرص على تنوع أماكنها لتغطية أكبر قدر من المناطق على مستوى الجمهورية.
■ ما الخريطة المستقبلية لتلك المنتديات واللقاءات؟
- المجمع بصدد عقد مجموعة من اللقاءات والندوات التى تستهدف فئة الشباب وفى مقدمتها طلاب الجامعات المختلفة، من خلال بروتوكولات التعاون التى تم توقيعها مع رؤساء تلك الجامعات، ومن المقرر عقب انتهاء معرض القاهرة الدولى للكتاب، ومؤتمر التجديد للأزهر الشريف، عقد لقاءين بجامعتى أسيوط، ثم كفرالشيخ، للوصول لكافة الشباب في الجامعات وتحصينهم والمناطق التى يظن أو تشتهر بوجود جماعات من شأنها نشر الفكر المتطرف.
■ ماذا عن لجان مراجعة الكتب؟ وهل هناك كتب تم مصادرتها خلال الفترة الماضية؟
- هناك بعض الكتب التى تتهم حضاراتنا الإسلامية وتراثنا الإسلامي، والمجمع يضم لجانا متعددة إحدى هذه اللجان لجنة إحياء التراث، وهذه اللجنة تقوم بتحقيق التراث والنظر فيه، والعمل على تنقيحه وتهذيبه وتنقيته مما قد يوجه إليه نقد، وذلك وفق ما أسنده القانون من مهام، حيث نص على أن البحوث الإسلامية هى الهيئة المنوط بها العمل على تنقية الثقافة الإسلامية من الشوائب وعرض صحيح الدين.
أما النقطة الأخرى، فبالفعل هناك العديد من الكتب التى يتم مصادرتها، وتفد من الجهات المختصة لمراجعتها، وكثير منها يسعى للترويج ونشر مذهب معين يخالف ما عليها عموم المسلمين، أو تلك التى تتعرض لتراثنا الإسلامى بما يتضمن التشويه والترصد دون مراعاة لما يكون عليه أسلوب النقد الموضوعى والقيم والأعراف المجتمعية. 
■ كم يقدر عدد مبعوثى الأزهر؟
- لدينا ما يقرب من ٦٧٣ مبعوثًا، في ٥٦ دولة حول العالم، نعول من خلالهم على تقديم الدور التوعوى وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام وتنقيته من كل ما يلصق به من ادعاءات باطلة، مع تقديمه في صورته الحقيقية السمحة التى تدعو إلى السلام والمحبة، ونبذ العنف والتطرف، والعمل على التأثير في تلك المجتمعات وتلبية احتياجاتهم المعرفية، من خلال المنهج الوسطى للأزهر الذى يقوم بالتواصل المعرفى والحضارى مع مختلف الشعوب لترسيخ معالم السلام والعيش المشترك بين الناس.
■ ما دوركم في مواجهة التطرف وظاهرة الإسلام فوبيا؟
- مواجهة تلك الظاهرة تحتاج إلى تكاتف الجهود وتغليب الموضوعية، فلا يمكن لنا أن ننكر أن هناك بعض المنتسبين للإسلام ظلموه بسبب جملة من الأفعال الشاذة والأعمال المنكرة، مما نتج عنه اتهام الإسلام ووصفه بما ليس فيه، وبالتالى نسعى إلى تكثيف العمل على تصحيح صورة الإسلام، عن طريق بعض المؤلفات العلمية التى تجلو الحقائق، وإقامة مؤتمرات علمية دولية للرد على هذه المزاعم، فضلًا عن اللقاءات الداخلية والخارجية التى ترد على هذه الاتهامات وتقدم الإسلام بصورته الصحيحة البعيدة عن التطرف.
كما أن للمجمع إصدارات علمية تعالج مثل تلك القضايا، من بينها معالجة القضايا الفكرية وفق الضوابط والقواعد المنطقية التى ترفض السطحية في القراءة والفهم، ومعالجة المشكلات المجتمعية من خلال رؤية ومنهج القرآن في التعايش بين الناس وفى إقرار السلم والأمن المجتمعي، وأزمات الإنسانية وما قدمه القرآن في هذا الشأن من حلول واقعية ترتبط بحياة الناس ارتباطًا مباشرًا.