الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

علي الدين هلال لـ"البوابة نيوز": الرئيس السيسي أفسد طبخة أردوغان بالمنطقة.. الصراعات في الدول العربية تحولت إلى حروب عرقية وطائفية.. أمريكا تلعب دورا سياسيا وعسكريا لا يناسب قدراتها الاقتصادية

علي الدين هلال خلال
علي الدين هلال خلال حواره لـ«البوابة نيوز»
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر تحولت إلى مرتع لمخابرات دول العالم في 2011.. وجميع المنظمات الدولية على رأسها الأمم المتحدة ليست لها إرادة مستقلة
«أردوغان» يمارس البلطجة ويسعى للتوسع التركى في الدول العربية وآسيا.. المنطقة العربية تتمزق من داخلها والحكومات ما زالت تتناحر فيما بينها
ما حدث في الدول العربية عقب 2010 تم بتدخل أطراف خارجية مولت واستغلت الموقف لبسط نفوذها
اقتحام السجون فجر يوم 28 يناير في مصر مخطط له مسبقًا من عناصر خارجية.. وأمريكا أنفقت
60 مليون دولار على منظمات أهلية مصرية
العالم يمر بمرحلة إعادة توزيع القوى.. والصين تنشئ كيانات اقتصادية عالمية وتلعب أدوارًا دبلوماسية مع العالم
العالم تحكمه المصالح ذات طابع مرن وتكتيكى.. ولا تحالف بين دولتين بنسبة 100 %
الصراع «الإيرانى - الخليجى» سياسى ضد مطامع التوسع الفارسى.. ومن يروجون لخلاف «شيعى- سنى» يخدمون المنظمات الإرهابية
تركيا مولت «داعش» ووفرت له الغذاء والسلاح والعلاج.. وقطر تلعب دورًا مريبًا لخدمة مصالح دول كبرى في المنطقة
يشهد العالم حالة من الاضطرابات السياسية، والصراعات والحروب الأهلية، والتهديدات بتدخلات عسكرية في دول، وأصبح العالم على شفا فوهة بركان، في ظل تصاعد قوى اقتصادية كبيرة في الشرق تنافس القوة الأمريكية في إدارة العالم.
الشرق الأوسط والدول العربية، أصبحت ساحة لصراعات وحروب بين دول، خاصة في ظل بزوغ مطامع إيران وتركيا الاستعمارية، «البوابة نيوز» حاورت الدكتور على الدين هلال، المفكر السياسى الكبير أستاذ العلوم السياسية، للوقوف على تحليل سياسى للحالة السياسية في العالم والمنطقة.. وإلى نص الحوار...

■ كيف ترى المشهد في النظام العالمى؟
- العالم يمر بمرحلة اضطراب لا سابق لها، من نوع جديد، جوهرها تغير توازن القوى على مستوى العالم، فالنظام العالمى عاش لمدة ٤٠ عاما منذ الحرب العالمية الثانية، على أساس أن أمريكا هى القوى العظمى الوحيدة، وكان إنتاجها يمثل ٥٠٪ من الناتج القومى العالمي، وهى قادة العالم لوجود أكثر من ١٠٠ قاعدة عسكرية لها في معظم دول العالم، وانتشار جنودها في هذه الدول، وهى تمتلك أكبر تجارة وأساطيل وتسليح، وبالتالى كان هناك توافق بين القدرات العسكرية الأمريكية والدور السياسى الأمريكى من ناحية، وقدراتها الاقتصادية من ناحية أخرى، إلا أن هذا الدور تراجع في العشرين عاما الأخيرة، حيث استنزفت القدرة الاقتصادية الأمريكية، وأصبحت تنتج ١٨٪ من الناتج العالمي، وتصاعدت الصين كقوة اقتصادية، فأصبحت الولايات المتحدة تلعب دورًا سياسيًا وعسكريًا لا يؤهلها له قدراتها الاقتصادية، وبالتالى بدأت تتحدث على استحياء بدعوة الدول للمشاركة في الأعباء الأمريكية، إلى أن جاء عهد «دونالد ترامب»، فتحدث بصراحة «لازم تدفعوا»، وفرض ٣٪ من ميزانية كل دولة تخصص للإنفاق الدفاعى وتوفير ميزانية حلف الأطلنطي، من كل حلفائه بما فيهم الدول العربية الثرية.
أمريكا الآن تشعر بالأزمة، بعد تصاعد قوة الصين الاقتصادية، وفى نفس الوقت إعادة إحياء القوة الروسية عسكريا واستراتيجيا، وظهور مجموعة دول «البيركس»، وبدأت الصين تنشئ كيانات عالمية اقتصادية، توازى الكيانات العالمية الأمريكية، وتطرح وتنفذ مشروع «الحزام والطريق»، الذى يعتبر مفهوما وتصورا آخر للعولمة.
■ ما تأثير الاضطراب العالمى في سياسات الولايات الأمريكية؟
- الاضطراب العالمى له مظاهر عديدة، منها عنف الولايات المتحدة مع الخصوم والحلفاء، فمثلا ضغطت واشنطن على حلفائها ألمانيا وفرنسا، لتأييدها في قراراتها ضد إيران، أو فرض ٢٥٪ ضريبة على السيارات الواردة منهما، وهذا تهديد اقتصادى مباشر، وبالفعل تغير الموقف الأوروبى نسبيًا، فهى تريد أن يلتف حولها حلفاؤها الأوروبيون.

■ أين روسيا من الاضطراب الذى يشهده العالم؟
- العالم يمر بمرحلة إعادة هيكلة توزيع القوى الاقتصادية التى تعتبر الأساس للقدرة العسكرية والسياسية، وفى هذا الاتجاه نجد روسيا رغم قوة «بوتين» الشخصية، والإستراتيجية السياسية؛ لاستعادة النفوذ، وتصدير الغاز إلى أوروبا، أو من خلال السيطرة على بعض المناطق في الشرق الأوسط، إلا أنها دولة مصدرة للمواد الخام، وقدرتها الاقتصادية محدودة، بالتالى لجأت إلى التحالف الاستراتيجى مع الصين.
■ الصين معروف أنها من دول الريف العالمي.. ولا تدخل في الصراعات، هل لها أهداف عسكرية وسياسية؟
- نعم.. لكن الشرق الأوسط لا يشعر بها، إنما المشكلة موجودة في بحر الصين العظيم، فأمريكا تتهمها أنها تنشئ جزرا صناعية، حتى تمد بها المياه الإقليمية، وأيضا تتحالف مع كوريا الشمالية في العديد من المجالات، كل هذا بالإضافة إلى ما لديها من قوة عسكرية في كل المجالات منها الفضاء والقوى السبرانية، وعلوم الذكاء الاصطناعي، وأصبحت تنافس أمريكا بشراسة في هذا الأمر، ولا يجب أن ننخدع في السلع التى تأتى إلينا من الصين فهذه فرز رابع بشروط المستورد المصري، إنما ما تصدره إلى أمريكا وأوروبا يتطابق مع الجودة.
■ هل ستصبح الصين القوى الأولى في العالم؟
- الصين قصة نجاح مبنية على العقل والعرق، واللطيف أن صدر عدة بحوث أمريكية، عنوانها ماذا سوف يحدث في العالم، عندما تصبح الصين رقم واحد في العالم، وجاءت كلها عبارة عن تخيلات ماذا ستصنع في النظام العالمى، فتجد الآن تمويلها للمنظمات الدولية يزداد بصورة كبيرة، بعد مرورها بعدة مراحل، المرحلة الأولى تسمى الثورة الصينية، منذ عام ١٩٤٩، واستمرت لمدة ٧٠ عاما، وبعدها المرحلة الثانية، كانت الانكفاء على الذات، وهذه استمرت ٤٠ عاما «وكأنهم غير موجودين»، منذ عام ١٩٧٩، وبعدها بدءوا يمدون نفوذهم إلى دول مجاورة لهم مثل: منغوليا، وكوريا الشمالية، وروسيا.
طوروا السلاح الصينى في كل المجالات، وبدأت الصين تلعب أدوارا دبلوماسية في العالم كله، فمثلا تجده دائم رئيسى للاستثمار في أفريقيا، وكل عامين يعقدون المؤتمر العربى الصيني، بحضور وزراء الخارجية العرب، والجديد في سياستها، أنها دول برجماتية بحتة، ليس لها علاقة بشكل النظام السياسي، أو نوعيته، كل ما يهمها التجارة والصناعة والنفوذ الأدبى، وهذا ما جعل لديها ممثلا لحل مشكلات الشرق الأوسط.

■ لماذا لا تتدخل الصين بنفوذها في قضايا الشرق الأوسط؟
- الصين لا يهمها إلا مصالحها، فتجدها لها علاقات وثيقة جدا بإسرائيل، وعلاقات وثيقة أخرى بالخليج ومصر، لكنها لا تقبل من أى طرف من الأطراف أن يضع عليها شروطا لاستخدام نفوذها تجاه قضية ما، مقابل المصالح.
■ كيف تستفيد مصر مما يحدث في العالم؟
- علينا أن نخلق مصالح لنا، فاللعب أصبح على المكشوف، والكل لا يهمه إلا مصالحه، فمنذ قديم الأزل كانت قائمة على هذا إلا أن اليوم أصبحت مصالح ذات طابع مرن وتكتيكي، ولا يوجد تحالف بين دولتين الآن بنسبة ١٠٠٪، فتجد اليوم أقرب الدول المتحالفة مع بعضها يحدث بينها خلافات، لكنها سريعا ما تتراجع بتغير الحسابات.
■ كيف ترى تغير الصراع في الشرق الأوسط؟
- منطقة الشرق الأوسط، مليئة بالصراعات منذ قديم الأزل، إلا أنها قبل ٢٠١٠ كانت أغلب الصراعات بين دول وبعضها، احتلال العراق للكويت، الجيش السورى يدخل لبنان، الجيش الإسرائيلى يغزو لبنان، لكن الجديد الآن أن الصراعات أشد مرارة هى داخل كل دولة، وتحولت لحروب وصراعات إثنية وعرقية وطائفية، فيها الولاءات القبلية والدينية والطائفية والمذهبية، حتى ضعفت الدول وتفككت المجتمعات، وظهرت تنظيمات التطرف والإرهاب، وزاد حجم الإنفاق الخارجي، من دول لها مطامع في المنطقة، لو دخلنا في التفاصيل، من يمول «داعش»، ويوفر لهم الغذاء والسلاح والعلاج، وهذا دور تركيا.
المنطقة الآن أصبحت تتمزق من داخلها، وما زاد الطين بلة، أن الحكومات العربية، ما زالت متنافسة ومتناحرة فيما بينها، ما تسبب في أن الدول غير العربية، أصبحت لها اليد العليا على العرب.

■ حتى ٢٠١٠ كانت الأمور هادئة إلى أن بدأت الشرارة الأولى في تونس، وبعدها مصر ودول عربية أخرى.. هل ما حدث كان مدبرا لإسقاط الشرق الأوسط في الصراعات؟
- أنا حذر جدا في إجابتى، لأنها في النهاية إجابة سهلة وستقع في دائرة المؤامرة، إنما إذا أخذت بها فهل تتصور أن هناك قوة خارقة تحرك ملايين الأفراد في أكثر من دولة، وأيضا تحرك رؤساء الدول وجيوش، لكن أنا أميل إلى أن التفسير معقد، لوجود مشكلات داخلية، ففى تونس، كانت هناك رغبات في التغيير، وجاءت مصادفة «مواطن» أشعل النار في نفسه، فتحرك الناس، وبالتالى هناك عوامل حقيقية لا أحد يستطيع إنكارها، لكن هناك من وجد الفرصة لدعم المظاهرات وتحريكها لما يتفق مع مصالحه ونفوذه.
أما في مصر، كان هناك العشرات من الحركات الصغيرة التى تضم أعدادا قليلة مثل كفاية وغيرها، وحدث صدفة أيضا، حادث لمواطن يدعى خالد سعيد، فجأة انتشرت صفحة باسمه على مواقع التواصل، ما يشير إلى أنه رمز لأمر ما، وبدأ متابعة جنازته ونشر كل قصته، لتهييج الرأى العام، وكون إن ردود الأفعال وقتها للدولة المصرية تأخرت، ما زاد من التهييج، وتدخلت بعض الأطراف الخارجية، فتم اقتحام السجون فجر يوم ٢٨ يناير، وهذا أمر مخطط له مسبقا من عناصر خارجية، لا أحد ينكر وجود عوامل داخلية حقيقية، وأيضا تدخلات خارجية إقليمية ودولية.
وفى شهادة لـ«آن باترسون»، أمام الكونجرس الأمريكى، قالت فيها، إن أمريكا أيدت الثورة المصرية من البداية، وأنفقنا ٦٠ مليون دولار على منظمات أهلية في خلال شهور، أيضا من دلائل وجود تدخلات خارجية، انتشار فروع كثيرة للمعهد الديمقراطى الأمريكى، دون وجود إذن من السلطات المصرية، وطوال عام ٢٠١١، تحولت مصر مرتعا لمخابرات أى دولة في العالم، ومنها المخابرات الإيرانية، وبعدها زارها رسميا الرئيس الإيرانى في عهد الإخوان.
هناك أحداث يمكن أن تطلق عليها مؤامرة ١٠٠٪، مثل العدوان الثلاثى على مصر، وأيضا يوجد تداعيات أحداث ببعضها بدأ بطريقة بريئة، يلتفت إليها قوة داخلية فيقفز عليها، وتنتهز الفرصة قوة خارجية لتوجيه الأحداث وفق مصالحها ومطامعها.
■ قطر شوكة في ظهر العرب.. كيف ترى دورها في المنطقة؟
- هذا الدور المريب تخدم به، مصالح دول كبرى في المنطقة، ولا بد أن يقف أى محلل سياسى، أمام المقاطعة الرباعية لقطر، أليس من الغريب أنه لا توجد أى دولة كبرى ناصرت موقف الدول الأربع على قطر، لكنهم يدعون الطرفين إلى التهدئة، لأنهم مستفيدون من هذا، وإذن انقسام المجموعة العربية والخليجية لا يضر أحد وربما ينفع آخرين.
أليس من الغريب أن المعلومات المؤكدة، تقول أن الطائرة الأمريكية التى اغتالت الإرهابى قاسم سليماني، خرجت من قطر، وإيران تجاهلت الأمر تماما، واستقبلت أمير قطر بعدها بأسبوع، إذن لما ذهب تميم، البعض يروج أنه ذهب بأموال لهم، وهذا غير صحيح؛ لأن الأمر لا يحتاج سفره، لكنه ذهب برسالة أمريكية شفوية إلى إيران، وزار المرشد الإيراني، في حضور الرئيس الإيرانى، وهذا دليل على الدور الذى يلعبه في المنطقة.
وبعدها هاجمت إيران، قواعد أمريكية، وأعلنت أن هذا هو الرد الأخير، وهو إجراء شو إعلامي، حتى لا تستدعى الغضب الأمريكي.

■ ماذا تريد إيران من منطقة الخليج العربى؟
- من الواضح أن الفاعل الرئيسى في هذا الصراع، هو أمريكا وتحديدا «ترامب»، وهذا وعد انتخابى له، ولو كانت استمرت حكومة ديمقراطية، كان استمر التفاوض الأمريكى- الإيرانى، لكن ترامب قال أثناء حملته «هذا أسوأ تفاوض في التاريخ»، وأيضا من زاوية أخرى الدول الحليفة لأمريكا في المنطقة تشاركها في سياسات الضغط على إيران، لا أعتقد أنها سعيدة بما يحدث، لأنها معرضة لأخطار كبيرة، وفى النهاية الأمن لا يحميه السلاح فقط، وإنما تحميه علاقات طبيعية بين الطرفين، وهذا لن يحدث إلا بتوقف إيران عن التدخل في شئون الدول العربية، واحترام سيادتها على أراضيها، والتوقف عن التحريض المذهبى والطائفى في المنطقة.
■ الصراع الإيرانى الخليجى طائفى أم سياسى؟
- يجب الكف عن الحديث بأن الصراع الإيرانى الخليجى طائفى أو مذهبى، وإنما لا بد من توضيح للرأى العام العربى أن الصراع في الأساس سياسى ضد مطامع التوسعية الفارسية، والذين يروجون لخلاف «شيعى- سنى»، يغزون روح التطرف ويخدمون المنظمات الإرهابية في المنطقة، سواء بقصد أو دون قصد، وأكثر من يكتبون عن هذه الأمور تجدهم الكتاب الغربيون. 
التحدث في أمور الطائفية يقسم ولا يوحد، يضعف ولا يقوى، ويفكك المجتمعات العربية.
وليس من حق إيران التدخل في شئون دول الخليج العربى، ولا يحق لها أن تخاطب طائفة من المواطنين في السعودية أو البحرين أو الكويت أو الإمارات.
 ■ كيف تفسر تصرفات أردوغان في المنطقة؟
- الأسهل على أى إنسان «السب والقذف»، لكن «الفهم» صعب، لا بد أن نفهم ما يفعله ونوضح للناس ما يريده، فلا بد أن نعلم أنه لا شبهة في أطماع ومخططات «أردوغان» التوسعية في المنطقة، وهذا ليس محل خلاف، وكون أن بعض الناس اكتشفه اليوم فهذا خطأهم، الأمر ممتد منذ سنوات، فمن الناحية التاريخية كانت كل الدول العربية تخضع بالولاء الأسمى لتركيا، وهذا كان في زمن معين وانتهى، وبعد الحرب العالمية الأولى هزمت تركيا، ثار العرب ضد الدولة العثمانية، وتم توقيع معاهدة لوزان وسكيبر، وكمال أتاتورك ألغى الخلافة العثمانية عام ١٩٢٤، بعد فرض دول الحلفاء شروطهم، وتم وضع بعض الدول العربية تحت الانتداب الفرنسى والإنجليزي، ووضعوا الحدود بين الدول العربية، وأيضا احتلت تركيا بعض المناطق العربية مثل أدنة وأطنة ولواء الأسكندرونة، ويزعم أن بعض المناطق في العراق تابعة له، ويتحدث عن ليبيا كانت جزءا منه..

■ إذن المخطط التوسعى التركى موجود منذ قديم الأزل؟
- منذ السبعينيات من القرن الماضى، ظهر ما أطلقوا على أنفسهم «العثمانيون الجدد»، وكانوا يتحدثون أن أوروبا لم تقبلهم، والمجال الطبيعى لهم هو آسيا الوسطى والدول العربية والإسلامية، وروجوا لإحياء الصلات الثقافات الدينية والروحية التى تربط بين الدول وبعضها، ولم يكن أردوغان مؤلف هذا الأمر.
■ لكن «أردوغان» يتدخل في شئون دول ويهدد بالحرب وليس ترويجا ثقافيا؟
- أردوغان بدأ يتقبل هذه الأفكار بعدما أظهر عن وجهه الإسلامى المتطرف، فهو تمكن من الحكم بوجه وبدأ من فرض سيطرته على الدولة ونقل كل سلطات ووضعها في يده، واستغل الانقلاب المزعوم في القضاء على كل معارضيه، وأصبح هو السلطان الأمر الناهى في تركيا، وبعدما فعل هذا كله، أخذ يبحث عن رداء «إيديولوجى» لمطامعه التوسعية، ووجد ضالته هذه في «العثمانية الجديدة»، معتمدًا على القدرات الاقتصادية والعسكرية للبلاد.
■ هل ما يفعله يتوافق مع القانون الدولى؟
- موقفه في ترسيم الحدود مع قبرص واليونان، وإرسال بوارجه لمنع شركات التنقيب عن البترول، ليس له أساس قانونى، وإنما بلطجة دولية، وأيضا اتفاقية ترسيم الحدود مع ليبيا، فيها استغباء للآخرين، وألغى جزيرة كريت، والمعاهدة التى أبرمها مع حكومة السراج غير الشرعية.
تجده يرسل قوات إلى العراق دون موافقة الحكومة العراقية منذ ٤ سنوات، وأيضا غزو سوريا أكثر من مرة، وهذا استعمار بشكل صارخ، ولديه قاعدة عسكرية في الصومال وحاول إنشاء قاعدة عسكرية في سواكن، وكل هذه أدلة على التوسعية والاستعمار ومطامعه في الشرق الأوسط، وكل هذا بمزاعم حماية حدوده وأمنه.

■ لماذا يحاول أردوغان السيطرة على ليبيا الآن؟
- وجد أن الصراع السياسى والتوازن يسمح له بهذا، ووجد في فايز السراج، ضالته، لعمل العملية التوسعية والاستعمارية، ودخول ليبيا بحجج ليس لها أساس قانونى، وإذا نجح في دخول ليبيا، سيحاول ضم باقى الدول المجاورة لها، فهو ينهب من خيرات هذه الدول لدعم اقتصاد بلاده، مثلما حدث في سوريا والعراق.
■ ما تعليقك على التحالف الإسلامى الذى دعا إليه أردوغان بمشاركة إيران وقطر وماليزيا وإيران؟
- هو دائما يروج للغرب أنه أصل الإسلام الحقيقي، في حين أنه متطرف وداعم للإرهاب، وهذا التحالف لم يتم، ومن الخطأ تسمية الأشياء بغير حقيقتها، فمهاتير محمد، كشف عن وجهه الحقيقي، برغم عدم حضوره، أما عن وجود محاور للتعاون بين قطر وإيران وتركيا، فهذا حقيقى لكن كل منهما له أهدافه الخاصة به، ويتنافسون فيما بينهم، فعلى سبيل المثال، العلاقة بين تركيا وإيران في سوريا متوترة، وإيران أصدرت بيانا من وزارة الخارجية تتهم فيه تركيا بالتطهير العرقي.
■ ما سر هجوم أردوغان باستمرار على مصر عقب يونيو ٢٠١٣؟
- هناك ثأر بين أردوغان والرئيس عبدالفتاح السيسي؛ لأن مصر أفسدت له «طبخة» أعد لها على مدى ١٠ سنوات، وهى أن معظم الدول العربية كان يحكمها تيارات إسلامية في عام ٢٠١٢، بما فيها مصر.
كان الرئيس التركى يقدم نفسه للغرب، منذ ٢٠٠٢ على أنه زعيم حزب إسلامى جاء بالصندوق، وأنه يفيد الغرب أكثر من النظم الأخرى، في نفس الوقت كان يظهر في منظمات الرأى الحديث عن الإسلام المعتدل، الذى يراه الغرب، وبعد ٢٠١٠، وصلت تيارات وأحزاب إسلامية للحكم، في العديد من البلدان، فتصور أردوغان أنه ما بين مصر وتركيا، أصبحت هذه الدول بين فكى الكماشة، للسيطرة على كل الدول العربية، وكانت الخريطة تسير في اتجاه إعلان الخلافة، حتى ظهر عبد الفتاح السيسي، وأزاح حكم الإخوان الفاشى.

ومصر الآن تنعم بالاستقرار بفضل الجيش المصرى، في حين ما حولنا من دول يعانى تمزقا وهزات داخلية، واختراقات خارجية، وعالم تحكمه المصالح.



■ إسرائيل اختفت من الصراع في الشرق الأوسط.. ما دورها الآن؟
- هى المستفيد الأكبر مما يحدث في المنطقة، ولا أحد يتحدث عنها، بل بالعكس هناك من يتودد إليها، وأصبحت قوة تكنولوجية عالمية وليست إقليمية فحسب.
■ أين المنظمات الدولية من الصراعات التى يشهدها العالم؟
- جميع المنظمات الدولية ليست لها إرادة مستقلة، في نهاية الأمر من يدير الأمم المتحدة، مجلس الأمن به ١٥ دولة، ومنه ٥ هى المتحكمة في كل الأمور، وهى التى تملك حق «الفيتو»، وأى قرار يحتاج توافق الدول الخمس الكبرى، وهى: (أمريكا وروسيا والصين وإنجلترا وفرنسا)، وإذا نظرت إليها ستجدها منقسمة فيما بينها، وكل دولة لها مصالحها، فبالتالى لن تتفق أبدا، والجمعية العامة للأمم المتحدة، تصدر توصيات أدبية فقط، غير ملزمة التنفيذ.
■ ما الحل لتلك القضايا المعقدة في الشرق الأوسط؟
- الخلافات الآن مع الطموحات التوسعية سواء التركية أو الإيرانية، علينا أن نلتزم بالقانون لحل الخلافات، الطريق السلمية هى الآلية للحل، لا نتدخل في الشئون الداخلية للدول، وكل النزاعات والحروب ثبت قديما وحاضرا وسيثبت مستقبلا، أنها تنتهى بالجلوس على مائدة المفاوضات.
وفى النهاية سوف يظل العرب في المنطقة التى يعيشون فيها، وستظل تركيا وإيران في نفس مناطقهما التى يعيشان فيها.