الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الاقتصاد المصري من حافة الانهيار إلى ثالث أقوى نمو اقتصادي خلال 2019.. انهيار المؤشرات الاقتصادية في أعقاب الثورة.. وبرنامج الإصلاح وضع مصر على الطريق الصحيح

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
9 سنوات مرت على 25 يناير، كان لتردى الأوضاع الاقتصادية قبل 2011 نصيب لاندلاع أحداثها؛ حيث أشارت التقارير إلى أن نحو 40% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر في 2010؛ يعتمدون على دخل قومى يعادل نحو 2 دولار للفرد الواحد يوميًا، وأن جزءًا كبيرًا من السكان يعتمد على السلع المدعومة، فيما كانت مؤشرات الفساد تؤكد أن مصر في المرتبة 98 من أصل 178 دولة، بتقييم 3.1 نقطة من أصل 10 نقاط، وفقًا لتقرير منظمة الشفافية، في 2010، استنادًا إلى درجة الفساد من رجال أعمال ومحللى الدولة.



وخلال الأسابيع الأولى من 25 يناير 2011، تعرض الاقتصاد إلى ضرر بالغ في جميع قطاعاته ومؤشراته، فخسائر البورصة المصرية تخطت 72 مليار جنيه خلال الأيام الأولى منذ اندلاع الأحداث، وارتفعت خسائر قطاع النقل إلى 15 مليون جنيه يوميًا، ومنيت السكك الحديدية بخسائر يومية 4 ملايين جنيه، إضافة إلى خسائر الموانئ المصرية نحو 10 ملايين جنيه يوميًا، فضلًا عن خسائر شركات الطيران، وخسارة أخُرى بلغت 90 مليون دولار نتيجة لقطع شبكة الإنترنت خلال الأيام الأولى من الاحتجاجات الشعبية الواسعة.
فيما كان تراجع مؤشرات الاقتصاد المصرى خلال الشهور التالية لـ٢٥ يناير دليلًا على أزمة كبيرة، لحقت بقاطعي؛ الصناعة والسياحة نتيجة توقف المصانع والاضطرابات السياسية والأمنية في أرجاء البلاد؛ حيث أشارت التقارير الرسمية إلى تراجع معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى الحقيقى لتسجل ١.٤٪، كما تراجع مستوى الاحتياطى من النقد الأجنبى ليغطى ٣ أشهر فقط من الواردات، فضلًا عن ارتفاع العجز المالى إلى ما يقرب من ١٤٪ من الناتج المحلى الإجمالي، وكذلك ارتفاع معدل البطالة الرسمى إلى ١٣.٣٪.
مؤخرًا، وبعد مرور ٩ سنوات على ٢٥ يناير، فإن المؤشرات الرسمية للاقتصاد أظهرت ارتفاع النمو خلال العام المالى ٢٠١٨/٢٠١٩ إلى ٥.٦٪، ووصول احتياطى مصر من النقد الأجنبى إلى ٤٥.٣٥ مليار دولار، وارتفاع إيرادات السياحة لنحو ١٢.٦ مليار دولار، وتراجع معدل التضخم السنوى إلى ٢.٧٪ خلال نوفمبر ٢٠١٩، إضافة إلى تراجع معدلات البطالة خلال الربع الثالث من ٢٠١٩ إلى ٧.٨٪، وخفض مستوى الدين العام من الناتج المحلى إلى أقل من ٩٣٪ بنهاية يونيو ٢٠١٩ مُقابل ١٠٨٪ في يونيو ٢٠١٧.
كما استطاع الاقتصاد المصرى اكتساب ثقة المؤسسات الدولية والعالمية، التى أشادت بتحسن أدائه، ورفعت من حجم التصنيف الائتماني، فيما أشار تقرير أعده بنك «ستاندرد تشارترد»، نشرته وكالة بلومبرج، عن تصدر الاقتصاد المصرى المركز السابع عالميًا، بحجم اقتصاد يصل إلى ٨٫٢ تريليون دولار، ضمن قائمة أكبر ١٠ اقتصادات عالمية مع حلول عام ٢٠٣٠، مُتخطيًا دول؛ روسيا واليابان وألمانيا.

يقول الدكتور رضا لاشين، الخبير الاقتصادي، مدير منتدى الدراسات الاقتصادية والسياسية المصرية، إن ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وما تلاها من أحداث وانفلات أمني، أثرت في المؤشرات الاقتصادية التى كادت أن تتوقف وانعدم فيها النمو، ما أدى إلى تراجع حركة الاقتصاد بطريقة سيئة، موضحًا: «أحداث ٢٥ يناير نتج عنها توقفت الحركة في البنوك لنحو أسبوعين، وأيضًا الحركة في البورصة المصرية توقفت لنحو شهر، ما أدى لخسارتها ٢٠٠ مليار جنيه، كما أن الاحتياطى النقدى الذى كان يبلغ ٣٦ مليار دولار تراجع بعد استنزافه، ليصل إلى ١٤.٥ مليار دولار، والدين الداخلى تخطى عجز الموازنة ليبلُغ تريليون و١٠٠ مليار جنيه».
ويُتابع لاشين، لـ«البوابة»: «الانفلات الأمني بعد ٢٥ يناير تسبب أيضًا في بالغ الضرر لقطاع السياحة؛ فالأرقام انهارت بسبب الغياب الأمني وشبه أنها توقفت مُقارنة بالدخل الذى كانت تديره سنويًا قبل أحداث يناير بنحو ١٢.٥ مليار دولار تمثل ١٢٪ من الناتج المحلى، ويعمل بها ما يزيد على ٤ ملايين مصرى، ورغم أن قطاع المقاولات كان القطاع الوحيد المتماسك بعد ٢٥ يناير إلا أنه تسبب في زيادة البناء العشوائي؛ حيث إن ٢٥٪ من العقارات تم بناؤها حتى بداية ٢٠١٦، وهو ما تسبب في ظهور أزمة التسكين بعد زيادة المعروض».
ويشير مدير منتدى الدراسات الاقتصادية والسياسية إلى أن عودة الأمن والاستقرار السياسى أعاد الاقتصاد المصرى مرة أخرى لنحو المسار الصحيح؛ مضيفًا: «وجود مجلس النواب ساهم في صدور قوانين وتشريعات اقتصادية مهمة ساعدت على زيادة الاستثمار في القطاعات المُختلفة، حتى أصبح الاقتصاد مؤخرًا ضمن أهم ٣ اقتصاديات في العالم من حيث النمو بعد دولتي؛ الصين والهند، بمعدل ٥.٦٪، كما تخطى حاليًا الاحتياطى النقدى الأجنبى ٤٥ مليار دولار، وعودة قطاعي؛ السياحة والصناعة للعمل بقوة».
ويضيف «لاشين» أن الدولة اتخذت قرارات اقتصادية قاسية خلال السنوات الأخيرة، وفى مقدمتها؛ تحرير سعر الصرف «تعويم الجنيه» في نوفمبر ٢٠١٦، ورغم ما سببه من مشكلات في السوق إلا أن الأمور بدأت في العودة إلى طبيعتها مرة أخرى؛ خاصة أن الجنيه المصرى ارتفع أمام الدولار خلال الشهور القليلة الماضية، وهو ما أثر على استقرار السوق، كما أن الميزان التجارى تحسن كثيرًا بعد زيادة الصادرات المصرية وتراجعت الواردات بعد الاتجاه للتصنيع؛ فبدلًا من استيراد ما يزيد على ٨٠٪ من الاحتياجات، تراجعت تلك النسبة إلى ٦٥٪، وهو دليل على عودة الاقتصاد المصرى إلى ما قبل ٢٥ يناير، بل إلى الأفضل.
وينوّه الخبير الاقتصادى إلى أهمية المشروعات القومية التى نفذتها الدولة خلال السنوات الأخيرة، ممثلة في طُرق وكبارى وأنفاق ومحطات كهرباء ومياه ومعامل تكرير بترول وموانئ ومطارات وإنشاء مدن في الصعيد، موضحًا: «كل تلك المشاريع كانت لها آثار إيجابية على الاقتصادية، كما أن معدلات الفائدة في البنوك تراجعت لمعدلات ما قبل ٢٥ يناير، فضلًا عن ضخ الدولة لسيولة في جميع القطاعات، خاصة الصناعي، وقوانين وتشريعات الاستثمارات، ما ساهم في عودة حركة السوق وتحسن المؤشرات الاقتصادية بشكل عام».

ويقول الدكتور مصطفى أبو زيد، الخبير الاقتصادى ومدير مركز مصر للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إن ٢٥ يناير تسببت في آثار فادحة على الاقتصاد المصري، ويضيف أبوزيد «البرنامج الاقتصادى للدولة بعد ثورة ٣٠ يونيو صحح مسار الاقتصاد المصرى مرة أخرى؛ حيث ساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية، ما ساهم في تنشيط القطاع الصناعى مجددًا، فضلًا عن القضاء على السوق السوداء للعملة الأجنبية بعد تحرير سعر الصرف نهاية ٢٠١٦، فضلًا عن إطلاق الدولة للعديد من المبادرات في قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بالشكل الذى ساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية على حد سواء، وسياسات الحكومة لزيادة الصادرات وخفض الواردات».
ويشير مدير مركز مصر للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، إلى أن ثمار البرنامج الاقتصادى للدولة تجلى في المشروعات القومية الكبرى التى تم تنفيذها خلال السنوات القليلة الماضية؛ كمشروع أنفاق قناة السويس، والمناطق الصناعية، ومشروعات الصوب الزراعية والاستزراع السمكى وغيرها من المشاريع التى أدت إلى تراجع نسبة العجز الكلى إلى ٨.٢٪ من الناتج المحلى الإجمالي، وأيضًا تراجع في نسبة الدين العام إلى ٩٠.٥٪ من الناتج المحلى الإجمالي، بجانب تراجع معدل التضخم إلى ٣.٤٪ بدلًا من ١٣٪.
ويكمل أبوزيد: «بلغ النمو الاقتصادى ٥.٦٪ مُقارنة لما وصل إليه السابق «٢٪» في عام ٢٠١٣/٢٠١٤، وهو ما ساهم في تراجع معدل البطالة إلى ٧.٥٪، كما استطاعت مصر جذب نحو ٣.٦ مليار دولار خلال النصف الأول من ٢٠١٩، إضافة إلى ارتفاع قيمة الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكي، وأيضًا ارتفاع إيرادات قناة السويس لـ٦ مليارات دولار، وزيادة تحويلات المصريين من الخارج إلى ٢٦ مليار دولار، وتحسن قطاع السياحة خلال العام ٢٠١٩ ليعود مرة أخرى لما كان عليه في ٢٠١٠، وكُلها مؤشرات جيدة أكدتها تقارير محلية وأخرى دولية صادرة عن مؤسسات وبنوك دولية كالبنك الدولى وصندوق النقد الدولي».

من جانبه، قال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، إنه في عام ٢٠١٠ كانت المؤشرات الاقتصادية للاقتصاد المصرى جيدة، حيث كان الاحتياطى المصرى من النقد الأجنبي يبلُغ نحو ٣٦.١ مليار دولار، ومعدل النمو الاقتصادى يبلغ ٥.٥٪، ومعدل البطالة نحو ٩.٣٪، وعجز الموازنة ٩.٢٪، لكن ما كان يفتقده الاقتصاد خلال تلك الفترة هو عدم شعور المواطن المصرى بتلك المؤشرات نتيجة استغلال رجال الأعمال لها، وهو ما ساهم في خروج المواطنين في ٢٥ يناير.
وأضاف عبده، لـ«البوابة نيوز»: «تسببت الفوضى التى شهدتها البلاد بعد ٢٥ يناير، على المستويين السياسى والأمني، في تأثر الاقتصاد المصرى بشكل سيئ، حتى أن وصل معدل النمو إلى ١.٨٪ في فترة حكم الإخوان، وعجز الموازنة إلى ١٤٪؛ والبطالة إلى ١٤.٣٪، وهو ما جعل مصر على شفا الإفلاس، لكن بعد ٣٠ يونيو اتخذت الدولة مجموعة قرارات اقتصادية مهمة ضمن برنامج الإصلاح؛ أدت في النهاية إلى تحسن النمو الاقتصادى وبلوغه نسبة ٥.٦٪، وتراجع البطالة إلى معدل ٧.٥٪، فضلًا عن ارتفاع احتياطى مصر من العملة الصعبة لما يزيد على ٤٥ مليار دولار، بجانب ارتفاع تحويلات المصريين في الخارج».
ونوّه الخبير الاقتصادى إلى ضرورة اهتمام الدولة بالمواطن والطبقة المتوسطة منهم خلال الفترات المقبلة، والسعى دائمًا إلى خلق فرص عمل جديدة للشباب عن طريق؛ تطوير تسهيلات الاستثمار لجذب مستثمرين جديد، فضلًا عن الاهتمام بالخدمات المباشرة التى تخص المواطنين في الصحة والتعليم والمواصلات والتأمين الصحي، حتى يلمس المواطن جدوى إجراءات برنامج الإصلاح الاقتصادى التى ساهموا فيها ماديًا.