الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

دير القديسة دميانة بالبراري شاهد على الرحلة المقدسة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يحتفي الأقباط هذه الأيام بذكرى استشهاد القديسة دميانة، والتي يطلق اسمها على العديد من الأديرة القبطية ذى المكانة التاريخية والخصوصية، ولعل دير القديسة دميانة هو أحد أهم هذه الأديرة.
أنشئ هذا الدير في القرن الرابع الميلادي حين جاءت الإمبراطورة هيلانة إلى براري بلقاس وشيدت مقبرة خاصة بالقديسة دميانة والأربعين عذراء، كما شيدت كنيسة على هذه المقبرة، ودشنت على يد البابا إلكسندروس التاسع عشر.
ولم يظل البنيان كما هو ولكن تم إعادة بناء الدير في عهد البابا خائيل الأول البطريرك 46 من باباوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ديرًا للراهبات في أول جلسة له في يوم 20 فبراير 1979 م، وقد وصل عدد الراهبات داخل الدير نحو 80 راهبة وطالبة.
ويختلف هذا الدير عن غيره فهو له خصوصية نسبة إلى مكانه المتميز ذو الخصوصية في التاريخ القبطي والذي شهد الكثير عن رحلة "العائلة المقدسة"، في مصر أثناء تواجدهم في منطقة الدلتا بالتحديد بمنطقة البراري وتسمية هذه المنطقة يرجع إلى أن أجزاء كبيرة من هذه المنطقة كانت أراضي بور خالية من الزراعة وبعضها أراضي منخفضة عن مستوى البحر وكانت تغمرها المياه وتكسوها النباتات المائية وخصوصًا كلما اقتربت من بحيرة البرلس.
فعندما جاءت العائلة المقدسة لمصر، مرت بمنطقة البرلس حين أتت من منطقة سمنود منطقة البراري التي أُريقت فيها دماء القديسة دميانة والأربعين عذراء، ولقد تقدّست هذه المنطقة وتباركت بهذه الزيارة.
وشهد القرن الرابع الزيارة المباركة للعائلة المقدسة، وجاء إنشاء الدير بحرى مدينة الزعفرانة التي كانت بمثابة عاصمة لمنطقة البرلس وبها كرسى أسقفى، سكن فيها والدا القديسة وكان والدها مرقس هو الحاكم عليها.
يذكر أن القديسة دميانة هي واحدة من قديسات القرون الأولى في المسيحية ارتبط اسمها بقصة الأربعين عذراء ووُلدت من أبوين مسيحيين تقيين وكان والدها هو مرقس واليًا على البرلس والزعفران وكانت وحيدة والدها وعندما بلغت عمها الأول في دير الميمة جنوب مدينة الزعفران وأقام لها والدها مأدبة فاخرة للفقراء لمدة ثلاثة أيام.
وعندما أتمت عامها الخامس عشر أراد أن يزوجها فرفضت وأعلمته أنها قد نذرت نفسها عروسا للسيد المسيح وفى سن الثامنة عشر كشفت عن عزمها على الحياة البتولية فرحب والدها بهذا الاتجاه وطلبت منه أيضا ان يبني لها مسكنا منفردا تتعبد فيه هي وصاحباتها، فأجاب سؤالها وبنى لها المسكن الذي أرادته، فسكنت فيه مع أربعين عذراء اللاتي نذرن البتولية، كي يقضين أغلب أوقاتهن في مطالعة الكتاب المقدس والعبادة.
لم تكتف بذلك فكرست حياتها إلى الرهبانية في الدير الذي قامت بإنشائه ولم يكن آنذاك أى أديرة أو رهبان وعلى الرغم من أنها بدأت طريقًا جديدًا إلا أنها استطاعت أن تجذب إليه جميع الفتيات الروحيات وتأثرن بها وبالفكر الرهبانى، إلى أن أرسل الملك دقلديانوس الذي أحضر مرقس والد القديسة دميانة وأمره أن يسجد للأوثان فامتنع أولًا ثم انصاع لأمره بعد أيام علم الملك أن دميانة قد سعت لعودة أبيها للمسيحية ولم تكن تهدف لهداية والدها من أجله فقط بل كانت تخشى أن يضع أبناء الولاية التى يحكمها فأرسل إليها بعض الجنود ومعهم آلات التعذيب للانتقام منها ومن العذاري اللاتي يعشن معها.
أمر الإمبراطور بسجن وتعذيب القديسة ومعها الأربعين فتاة وتحملت الآلام حتى لا تضعف ويضعف بعدها العذارى الأخريات كما ذكرت كتب التاريخ المسيحي أن الملائكة كانت تشفيها وهى تُعذب لذلك ظهرت قوية وهى تجلد حتى جاء الأمر فاستشهدت هى ومن معها من الأربعين عذراء.
واستشهدت القديسة دميانة مع العذارى ودُفنت أجسادهن في المكان الذي تعبدت فيه، إلى أن جاءت الإمبراطورة هيلانة أم الملك قسطنطين وبنت مقبرة خاصة بهن وكنيسة على هذه المقبرة وذلك أثناء قيامها ببناء كنيسة القيامة بأورشليم ثم طلبت من القديس ألكسندروس بابا الإسكندرية التاسع عشر (313-326م) تدشين هذه الكنيسة فقام بتدشينها ورسم أسقفًا للمنطقة لأن أسقفها كان قد استشهد مع القديسة دميانة.
وفى القرن السادس، في عهد الأنبا يوحنا أسقف البرلس زمن البابا دميانوس رقم 35 (563-598م) كتب مخطوطة تشمل تتابع أحداث سيرة القديسة دميانة، وخبر تكريس كنيستها في اليوم الثاني عشر من شهر بشنس في أيام قسطنطين الملك، ثم بعد ذلك عندما أعيد البناء في أيام الخليفة سنان وتوجد نسخ من هذه المخطوطة في مكتبة دير القديسة دميانة نسخة يعود تاريخ نسخها إلى سنة 1449 ش، أي سنة 1732م، أى أنها نُسخت منذ نحو 273 سنة ميلادية. ونسخة أخرى يعود تاريخ نسخها إلى سنة 1498 ش، أي سنة 1781م، أى أنها نُسخت منذ نحو 224 سنة ميلادية.