الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

يهود مصر في التاريخ -3

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في المقالين السابقين رأينا كيف نجح يوشع بن نون تلميذ نبى الله موسى وخليفته في دخول أرض كنعان بالشعب اليهودى، حيث اتبع خطة غير مألوفة باختراق كنعان من طرفها الشرقى وليس الغربى القريب من الجبهة المصرية، وبعد معارك ضارية مع سكانى هذه الأرض تمكن يوشع ومن معه من فرض سيطرتهم على هذه المساحة التى تمتد من البحر المتوسط غربا وحدود الشام شمالا وشبه جزيرة سيناء جنوبا ونهرالأردن يمينا، وهى تضم – ألوانًا شتى – من التضاريس، فثمة واد خصيب حول نهر الأردن وثمة غابات في الجليل وثمة سهل ساحلى في الغرب، وقد حمل هذا الإقليم عددًا من الأسماء على مر العصور، فقد سماه الأكاديون «عمورو» بمعنى الغرب في اللغة الأكادية أو أرض العموريين، وسماه المصريون «رتنو» و«كنعان» وهو الاسم الذى أطلقه العبريون على هذه المنطقة والتى استطاع يوشع أن يحتلها وأن يكون فيها أمة جديدة،لم يكن لها ملك أو نظام إداري، فكل إنسان يفعل ما يراه ملائمًا ووفقًا لهواه، ولكن رغم هذا فإن التاريخ يؤكد أن كالب بن يوفان هو من تولى أمر اليهود في كنعان بعد موت يوشع، وكالب وهو أحد أصحاب موسى عليه السلام، ثم من بعده جاء حزقيل ثم شمويل أو أشمويل، أى سمع الله دعائى وقد ذكر في القرآن الكريم غير مصرح وذلك في قوله تعالى: «أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ # وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِى الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِى مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ «(البقرة: 246-247) ونبى الله المذكور في الآيات الكريمة السابقة هو شمويل أو أشمويل، وكان اليهود في حالة يرثى لها عندما سألوا نبى الله في ذلك الزمان أن ينصب لهم ملكا يكونوا تحت طاعته ليقاتلوا من ورائه ومعه وبين يده الأعداء ولاسيما جالوت ولما أخبرهم نبى الله شمويل بأن الله قد بعث لكم طالوت ملكًا اعترضوا وطعنوا في إمارته وقالوا نحن أحق بالملك منه وذكروا أنه فقير لا سعة له من المال، ولكن أثناء المعركة مع جالوت ظهر نجم داود وهو الذى استطاع بشجاعته وبسالته أن يقتل جالوت «وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ» صدق الله العظيم (البقرة 251)
وكثيرة هى الآيات القرآنية التى تحدثنا عن نبى الله داود الذى هو من سلالة يهودا بن يعقوب عليه السلام، وقد ظهر نجمه في حياة شمويل والملك طالوت وهو الذى استطاع أن يقتل جالوت وقد ألان الله له الحديد حتى كان يفتله بيده دون الحاجة إلى نار أو مطرقة، فصنع الدروع والسيوف وكان مع ذلك تقيًا يسبح الله بالعشى والإشراق وقد وهبه الله من الصوت العظيم مالم يعطه أحدا بحيث إنه كان إذا ترنم به يقف الطير في الهواء يسبح بتسبيحه واستطاع داود أن يجمع اليهود مرة أخرى حوله فصار له الملك بعد طالوت وصار مرشدهم ومثلهم الأعلى وقد جعلهم إلى جانب احترامه يخافونه لقوته واتخذ داود مدينة حبرون عاصمة لمملكته الجديدة وأطلق على هذه المملكة اسم «يهوذا» واستطاع داود أن يأمن حدود ملكه لاسيما بعد توحيده لقبائل بنى إسرائيل، وكان هذا على الأرجح في عام1000 قبل الميلاد حيث امتد حكم داود أربعين عامًا وبعده جاء ابنه سليمان، والذى قرر أن يستكمل طريق والده وقد شهد عصره تقدما ماديًا كبيرًا، وقصة سليمان عليه السلام مع الهدهد وعرش بلقيس معروفة وقد ذكرت في الكثير من الآيات القرآنية التى تناولت شخصيته وآثاره وعبادته لله وقدراته التى وهبها الله له، وجاء بعد سليمان ابنه رحبعام والذى حاول أن يستفيد من ملك أبيه إلا أنه فشل في تثبيت مبدأ الوراثة بالرغم من مساندة سبطى يهوذا وبنيامين لبيت داود وأن يكون الملك فيه، فبقية الأسباط أنكروا هذا، فانقسم اليهود فيما بينهم وظهر ضعف رحبعام وفشله في الحفاظ على مملكة أبيه وجده وكان أحد الثوار ويدعى يربعام قد فر إلى مصر في عهد الملك سليمان ثم جاء بعد ذلك ليقاتل رحبعام بن سليمان وهكذا نجح يربعام في تفكيك أواصر المملكة، فقامت في البلاد دولتان، دولة في الشمال تسمى «سماريا» تحت قيادة يربعام ودولة يهوذا في الجنوب تحت قيادات متفرقة بعد سقوط رحبعام، ووجدت الدولة الجنوبية نفسها مضطرة للتحالف مع الأشوريين الذين حولوا هذا التحالف إلى ما يشبه الاحتلال ففرضوا الجزية على أهل يهوذا وبعد سنوات تهاوت قوة أشور أمام البابليين، الذين ألحقوا بهم الهزيمة تلو الأخرى وإن كانت أشور قد حاولت الاحتفاظ لنفسها بأى نصر مزعزم فقررت احتلال المملكة الشمالية (سماريا) وبالفعل قضى الملك الأشورى (سرجون) نهائيًا وتمامًا على المملكة الشمالية بينما اقترب نبوخذ نصر البابلى من المملكة الجنوبية (يهوذا) ولم يكن عصر الأنبياء قد انتهى حتى ذلك الوقت الذى ظهر فيه الملك البابلى الشهير نبوخذ نصر والذى تسبب في شتات اليهود ومنهم طائفة كبيرة نزلت مصر مرة أخرى..وللحديث بقية