الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

لن يستطيعوا هدم الدولة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الدولة هى المواطن والإقليم والحكومة والسيادة والاستمرارية السياسية، هذا هو التعريف القانونى للدولة الخاص بالقانون الدولي، ولكن هناك مقومات أخرى تمايز وتُميز دولة عن دولة أخرى، فهناك التاريخ والحضارة والهوية والثقافة التى تراكمت بمرور آلاف السنين عن طريق إبداع الإنسان وإنتاجه ومستوى تحضره عن الآخر ومدى انتمائه لهذا الوطن، هنا يصبح الوطن /الدولة ملكا لكل أبنائه بلا استثناء ولا تمييز، ومن هذا المنطلق وعلى هذه الأرضية تعاملت العلوم السياسية على مدى الأزمان ومن خلال التطور الطبيعى للفكر الإنسانى والفكر السياسي، وهنا ينبغى التميز بين الدولة والحكومة رغم أن المفهومين يستخدمان بالتناوب كمرادفات في كثير من الأحيان، فمفهوم الدولة أكثر اتساعًا من الحكومة، حيث إن الدولة كيان شامل يتضمن جميع مؤسسات المجال العام وكل أعضاء المجتمع بوصفهم مواطنين، وهو ما يعنى أن الحكومة ليست إلا جزءا من الدولة أى أن الحكومة هى الوسيلة أو الآلية التى تؤدى من خلالها الدولة سلطتها وهى بمثابة عقل الدولة، إلا أن الدولة كيان أكثر ديمومة مقارنة بالحكومة المؤقتة بطبيعتها حيث يفترض أن تتعاقب الحكومات وقد يتعرض نظام الحكم للتغيير أو التعديل مع استمرار النظام الأوسع والأكثر استقرارًا ودوامًا الذى تمثله الدولة، ولذا يصبح من الطبيعى جدًا أن يكون هناك الرأى والرأى الآخر تجاه الحكومة، أى حكومة أيا كان النظام السياسى الذى تنتهجه هذه الحكومة، فهذا حق دستورى وقانونى حصل عليه المواطن عبر التاريخ بالنضال والكفاح السياسى سواء كان هذا ضد المستعمر الأجنبى أو ضد أنظمة الحكم الاستبدادية التى لم يصبها أى تطور سياسى متقدم، أما الوطن أو الدولة فلا مجال هنا للنزاع أو المعارضة أو المناكفة حيث إن الدولة ككيان تاريخى مستقر ودائم هو ملك المواطن ولكل الأجيال القادمة، ولذا وجب الدفاع عن الأبقى والأدوم، ولذا فعندما تتقاذف الدولة التحديات وتواجهها المصاعب وتحوطها المشكلات الداخلية والخارجية التى تهدد سلامتها وتستهدف بقاءها يصبح وجوب الاستنفار الجماعى ضرورة بكل ما تملك وبلا حدود ولا حواجز، فهل هناك مخاطر حالة ومحيطة الآن على مصر الوطن العزيز؟ نعم بالتأكيد فالآن يحوط الوطن وتواجه الدولة تحديات عاتية من كل الاتجاهات وفى كثير من المجالات، فالدولة كيان حى يتأثر بالمعطيات الداخلية سلبًا أو إيجابًا وكذلك يتأثر بالمتغيرات الإقليمية والدولية، خاصة الآن وبعد النظام العولمى الذى ابتدعته الدول الكبرى كنظام بديل ومطور للنظام الاستعمارى التقليدى القديم، فالاستعمار القديم كان يحصل على الثروات عن الطريق والأسلوب الاستيطاني، أما الآن فهناك أنظمة وأساليب ووسائل عدة ومتعددة منها السياسى والاقتصادى والثقافى والحروب عن طريق الوسطاء القريبين والبعيدين ناهيك عن تطور أنواع وأسماء الحروب وصولًا إلى الحروب التى تعتمد على الهدم والفوضى متاجرةً بقيم إنسانية كاذبة مثل حقوق الإنسان والديمقراطية، تلك الشعارات التى لخصت تحت مسمى الفوضى الخلاقة التى اعتمدت على إسقاط الأنظمة السياسية عن طريق العملاء بغير بديل سياسى مما يجذر للفوضى والهدم والتفتيت والتمكن من إعادة تقسيم المنطقة على أسس طائفية وقبلية وعرقية ومناطقية ودينية، وهذا ما نراه الآن في المنطقة، وعندما نتحدث عن منطقة الشرق الأوسط والعالم العربى هنا تكون مصر الوطن هى عمود الخيمة ليس من منطلق شوفينى منحاز ولكن هذا هو منطق الجغرافيا ومعطيات التاريخ، هنا نرى تلك التحديات من الشرق حيث سيناء التى جعلوها ويريدون أن يجعلوها بؤرة إرهاب عالمى إضافة إلى المستجد الذى أراده الله لمصر وهو غاز شرق المتوسط والذى يتم التنازع حوله من الدولة العثمانية التى تتقمص وتستعيد الدور الاستعمارى القديم توقفًا عند مرحلة تاريخية انتهت واضمحلت، بل لم يكتف أردوغان بهذا بل دوّر في دفاتره العثمانية فاكتشف أن ليبيا العثمانية هى أقرب جغرافيا لتركيا من مصر، ولذا يريد أن يدافع واهمًا عن شعبه الليبى العثمانى في مواجهة مصر ناسيًا ومتناسيًا خطورة ذلك على الأمن القومى المصرى الذى تمتد حدوده مع ليبيا التى يريد أن تحكمها الميليشيات الإرهابية المُصدرة من سوريا وتركيا، ناهيك عن مشكلة سد النهضة الذى لعبت وتلعب فيه قوى لا تريد الخير لمصر مهما تذوق الكلام بالمعسول أو تدثرت المصالح بالاتفاقيات، حيث إن سد النهضة قضية وجود ولا تقبل أى تنازل، هذا إضافة إلى تلك القوى التى بالداخل والتى تستقوى بالخارج والتى تريد أن تعيد زمن الجماعة، هذه القوى التى لا يغريها وطن ولا تعرف معنى الدولة، فهى لا تعى غير التنظيم والخلافة، تلك الأنظمة والأهداف التى تهدف إلى إسقاط مصر الدولة وهدم الوطن لصالح أردوغان، فهل توجد تحديات ومواجهات ومخاطر أكثر من هذه خطورة على الوطن والدولة والمصريين؟ لا أعتقد، هنا يكون التلاحم الشعبى والتوحد الوطنى والتوافق المصرى هو السلاح الأمضى الذى يساعد ويضع السلاح العسكرى المتقدم والقواعد العسكرية «محمد نجيب، برنيس» في الموضوع اللائق، فالسلاح بالرجال والقوات المسلحة يحتاج إلى ظهير وسنيد شعبى يعلو بروحه المعنوية إلى عنان السماء حبًا في مصر ودفاعًا عن الدولة وحفاظًا على كيان وكرامة الوطن الذى هو ملك لكل المصريين.
الظروف خطيرة والتحديات قاسية ولكن مصر وشعبها وجيشها هم خير أجناد الأرض على مدى التاريخ، حفظ الله مصر وشعبها وجيشها.