الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

فتوى الأزهر يوضح حكم "بناء المقابر على طابقين"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أجاب مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكتروينة على فتوى «حكم بناء المقابر على طابقين».
وقال في إجابته نحيط السائل الكريم علمًا بأن الأصل الذي عليه جمهور الفقهاء، أن الميت تُحفر له حفرة تكتم الرائحة، وتحمي جثمانه.
واختلفوا في حجم وهيئة القبر:
فعند السادة الحنفية: يكون القبر مقدار قامةٍ، وطوله علىٰ قدر طول الميت، وعرضه علىٰ قدر نصف طول الميت؛ جاء في حاشية ابن عابدين رحمه الله:
"فَعُلِمَ أَنَّ الْأَدْنَى نِصْفُ الْقَامَةِ، وَالْأَعْلَى الْقَامَةُ،... وَهَذَا حَدُّ الْعُمْقِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْهُ المُبَالَغَةُ فِي مَنْعِ الرَّائِحَةِ وَنَبْشِ السِّبَاعِ... وَطُولُهُ -أي القبر- عَلَى قَدْرِ طُولِ المَيِّتِ، وَعَرْضُهُ عَلَىٰ قَدْرِ نِصْفِ طُولِهِ" [حاشية ابن عابدين على رد المحتار باختصار، (2/ 234)].
وذهب السادة المالكية إلىٰ أنه لا حدَّ لأكثره، لكن من مندوبات الدفن ألا يكون القبر عميقًا جدًا؛ يقول الإمام الدسوقي رحمه الله:
" وَعَدَمُ عُمْقِهِ -أَيْ الْقَبْرِ-؛ لأنَّ خَيْرَ الْأَرْضِ أَعْلَاهَا، وَشَرَّهَا أَسْفَلُهَا، لأنّ أَعْلَىٰ الْأَرْضِ مَحَلٌّ لِلذِّكْرِ وَالطَّاعَاتِ، يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بَرَكَةُ ذَلِكَ" [حاشية الدسوقي علىٰ الشرح الكبير، (1/ 419)].
وعند السادة الشافعية يستحب توسيع القبر وتعميقه قدر قامة وبسطة رجل معتدل الطول؛ قال الإمام الخطيب الشربيني رحمه الله:
" وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ، قَدْرَ قَامَةٍ وَبَسْطَةٍ مِنْ رَجُلٍ مُعْتَدِلٍ لَهُمَا بِأَنْ يَقُومَ بَاسِطًا يَدَيْهِ مَرْفُوعَتَيْنِ؛ لِأَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَىٰ عَنْهُ وَصَّىٰ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ؛ وَلِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْمَقْصُودِ مِنْ مَنْعِ ظُهُورِ الرَّائِحَةِ وَنَبْشِ السَّبُع" [مغني المحتاج إلىٰ معرفة معاني ألفاظ المنهاج (2/ 37)].
وذهب السادة الحنابلة إلىٰ أنه لا حدَّ لأكثره؛ يقول الإمام البهوتي رحمه الله:
"وَسُنَّ أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرٌ، وَيُوَسَّعَ قَبْرٌ بِلَا حَدٍّ؛ لقوله ﷺ في قتلىٰ أحد: «احفروا وأوسعوا وأعمقوا» [قال الترمذي: حسن صحيح]؛ لأن التعميق أبعد لظهور الرائحة وأمنع للوحوش، -والتوسيع: الزيادة في الطول والعرض، والتعميق: الزيادة في النزول، ويكفي -أي في التعميق- ما يمنع السباع والرائحة؛ لأنه يحصل به المقصود-" [شرح منتهىٰ الإرادات (1/ 372)].
مما سبق يتبين لنا، أن المقصود من الدفن بالصور المذكورة عند الفقهاء، هو حفظ جسد الميت من الانتهاك، وعدم خروج الرائحة التي قد تؤذي الحي، وهذا فيما إذا كانت الأرض تصلح لحفر القبور.
أما إذا كانت الأرض لا تصلح للحفر والدفن، كالأراضي الرخوة، أو التي بها مياه جوفية؛ فيجوز الدفن فوقها، لذا نجد الناس قد استحدثوا منذ زمن بعيد في مصر نظام (الفساقي أو الفسقيات)، وهي حجرات صغيرة تُبنىٰ فوق الأرض لدفن الموتىٰ؛ نظرًا لعدم صلاحية الأرض للحفر، ولا شك أن الدفن في هذه الحجرات جائزٌ للضرورة المذكورة، ويأخذ حكم القبر الشرعي، وهو ما عليه الفتوىٰ.
أما أن يُبنىٰ فوق تلك الحجرات أو العيون طابق آخر كما هو الحال في السؤال، فإن هذا الأمر لا يجوز إلا لضرورة قصوىٰ؛ وذلك بعد اتخاذ كافة البدائل التي أقرّها الشرع الشريف عند الضرورة، ومنها:
• جواز دفن أكثر من ميت في قبر واحدٍ عند امتلاء القبور؛ وذلك لضيق الأمكنة، أو عدم وجود قبور أخرىٰ في المقبرة.
• جواز دفن رجلٍ مع رجلٍ في قبرٍ واحد، أو امرأة مع امرأة في قبرٍ واحد، أو رجل مع امرأة في قبرٍ واحد، لكن بشرط أن يُوضع حاجز بين الميت والآخر.
فإن تعذر ذلك، وتعذر -كذلك- بناءُ أو شراءُ مقابرَ أخرىٰ، ولو في مكان آخر أو في قرية أخرىٰ، ففي هذه الحالة لا مانع شرعًا أن يُبنىٰ فوق المقبرة طابق آخر، لكن بشرط أن يُحكم البناء جيدًا، ويوضع فيه الكثير من الرمال والأتربة؛ لمنع خروج الرائحة، وحفظ جثة الميت من الامتهان.
وَمِمَّا ذُكِرَ يُعلمُ الجواب.
واللهُ تعالىٰ أعلمُ، وصلَّىٰ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.