الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

صبري موسى.. جثم على الأرض منهارا

صبري موسى
صبري موسى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تعد رواية صبري موسى "فساد الأمكنة" نصا فريدا يحمل بداخله أسئلة كثيرة، هكذا اتفق معظم النقاد، جاءت الرواية عقب لحظة تأمل قضاها المؤلف مصادفة بجبل الدرهيب على حدود مصر الجنوبية الذي تدور فيه أحداث الرواية. 
صبري، الذي تحل الذكرى الثانية لوفاته اليوم السبت، أصر أن يعود مرة أخرى لهذا المكان المثير ليتعايش معه كي يشعر بتلك المعاني الجليلة التي داخلت الشخصيات تجاه ذلك المكان الذي وقف صامتا أمام عملية القتل والانهيار الصخري لينهي حياة إنسان ويكون مصدرا لحزن نيكولا، ومسمارا يثبت صاحبه في المكان، وكان مصدرا لكسب الآخرين الذين حلموا بالثراء من وراء الكنوز الموجودة في جوف الجبل، المعاناة التي بدأت تتداعى في ذهن نيكولا لتظهر جوهر الشخصية الجامعة لكل التناقضات، الظالم والمظلوم، الوفي والخائن، هكذا كانت تظهر شخصية الخواجة الذي هجر بلدته في روسيا مرورا بتركيا وصولا للجبل الحدودي مع السودان. 
نيكولا الهارب، هاجرت عائلته روسيا ليصبح عجوزا يختلط ريقه برمال الصحراء الناعمة، وتظل الصحراء إيقونة لدي العاشقين المتصوفين لهجر الذنوب، وفسحة للتأمل، كانت أرضا واسعة، كانت حلبة صراع يقف فيها نيكولا ليشهد صراعه الداخلي وتتجسد المعاناة التي تقضي عليه. 
يتحرك الكاتب خلال الرواية تحركا حرا في الزمن فيعتمد على الوقت الحاضر فينتقل منه بسهولة لوقائع الماضي "فلاش باك" ثم يظل باقيا كأنك تعيشه ليقفز قفزة إلى الأمام "استباق" ليصبح الزمن عجينة لينة يشكل منها تلك الأحداث وتتحرك فيه الشخوص دون قلق، لكنه انجذاب مستمر للمتلقى حتى تتم الرواية. 
اعتمد الكاتب على لغة عربية فصيحة مستفيدا من تراث الحكي الشعبي في توجيه الحكاية لجمهور المستمعين ليتداخل الحكي الحديث مع عناصر التراث العربي لتنشغل صورة الرواية بجو الأسطورة التي تروي صراع الشهوات أمام قيم الخير والبراءة، واعتمد أيضا على اللغة المجازية العميقة بالمعاني، جاءت الجمل القصيرة في سرد الأحداث وكأنها وحدات متألقة في قصيدة شعرية. 
ويبدأ صبري روايته بصورة تعد تمثيلا عظيما لضخامة المكان الصامد أمام عوامل التعرية آلاف السنين: "لو أتيح للملمح أن يكون مرئيًا لطائر يحلق عاليًا، محاذرًا في دورانه المغرور أن تصطدم رأسه المريشة بقمم الصخور ونتوءاتها، لرأى جبل الدرهيب هلالًا عظيم الحجم، لا بد أنه هوى من مكانه بالسماء في زمن ما، وجثم على الأرض منهارًا متحجرًا، يحتضن بذراعيه الضخمتين الهلاليتين شبه وادٍ غير ذي زرع، أشجاره نتوءات صخرية وتجاويف، أحدثتها الرياح وعوامل التعرية خلال آلاف السنين" 
والرواية تحوى أبعادا تاريخية واجتماعية واقتصادية وجغرافية في المقام الأول حيث يقف المكان كأحد شخوص الرواية، وتتشابك الأحداث بصورة سريعة ليتجلى ذلك الصراع النفسي والداخلي والأخلاقي مع الناس ومع الطبيعة الجامدة لتنجرف الإنسانية أمام شهوات النفس. 
صبري موسى، ولد في دمياط في العام 1932، عمل بالصحافة، كتب الرواية والقصة وأدب الرحلات والسيناريو، حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وتوفي في 18 يناير من العام 2018. 
تعد رواية صبري موسى "فساد الأمكنة" نصا فريدا يحمل بداخله أسئلة كثيرة، هكذا اتفق معظم النقاد، جاءت الرواية عقب لحظة تأمل قضاها المؤلف مصادفة بجبل الدرهيب على حدود مصر الجنوبية الذي تدور فيه أحداث الرواية. 
صبري، الذي تحل الذكرى الثانية لوفاته اليوم السبت، أصر أن يعود مرة أخرى لهذا المكان المثير ليتعايش معه كي يشعر بتلك المعاني الجليلة التي داخلت الشخصيات تجاه ذلك المكان الذي وقف صامتا أمام عملية القتل والانهيار الصخري لينهي حياة إنسان ويكون مصدرا لحزن نيكولا، ومسمارا يثبت صاحبه في المكان، وكان مصدرا لكسب الآخرين الذين حلموا بالثراء من وراء الكنوز الموجودة في جوف الجبل، المعاناة التي بدأت تتداعى في ذهن نيكولا لتظهر جوهر الشخصية الجامعة لكل التناقضات، الظالم والمظلوم، الوفي والخائن، هكذا كانت تظهر شخصية الخواجة الذي هجر بلدته في روسيا مرورا بتركيا وصولا للجبل الحدودي مع السودان. 
نيكولا الهارب، هاجرت عائلته روسيا ليصبح عجوزا يختلط ريقه برمال الصحراء الناعمة، وتظل الصحراء إيقونة لدي العاشقين المتصوفين لهجر الذنوب، وفسحة للتأمل، كانت أرضا واسعة، كانت حلبة صراع يقف فيها نيكولا ليشهد صراعه الداخلي وتتجسد المعاناة التي تقضي عليه. 
يتحرك الكاتب خلال الرواية تحركا حرا في الزمن فيعتمد على الوقت الحاضر فينتقل منه بسهولة لوقائع الماضي "فلاش باك" ثم يظل باقيا كأنك تعيشه ليقفز قفزة إلى الأمام "استباق" ليصبح الزمن عجينة لينة يشكل منها تلك الأحداث وتتحرك فيه الشخوص دون قلق، لكنه انجذاب مستمر للمتلقى حتى تتم الرواية. 
اعتمد الكاتب على لغة عربية فصيحة مستفيدا من تراث الحكي الشعبي في توجيه الحكاية لجمهور المستمعين ليتداخل الحكي الحديث مع عناصر التراث العربي لتنشغل صورة الرواية بجو الأسطورة التي تروي صراع الشهوات أمام قيم الخير والبراءة، واعتمد أيضا على اللغة المجازية العميقة بالمعاني، جاءت الجمل القصيرة في سرد الأحداث وكأنها وحدات متألقة في قصيدة شعرية. 
ويبدأ صبري روايته بصورة تعد تمثيلا عظيما لضخامة المكان الصامد أمام عوامل التعرية آلاف السنين: "لو أتيح للملمح أن يكون مرئيًا لطائر يحلق عاليًا، محاذرًا في دورانه المغرور أن تصطدم رأسه المريشة بقمم الصخور ونتوءاتها، لرأى جبل الدرهيب هلالًا عظيم الحجم، لا بد أنه هوى من مكانه بالسماء في زمن ما، وجثم على الأرض منهارًا متحجرًا، يحتضن بذراعيه الضخمتين الهلاليتين شبه وادٍ غير ذي زرع، أشجاره نتوءات صخرية وتجاويف، أحدثتها الرياح وعوامل التعرية خلال آلاف السنين". 
والرواية تحوى أبعادا تاريخية واجتماعية واقتصادية وجغرافية في المقام الأول حيث يقف المكان كأحد شخوص الرواية، وتتشابك الأحداث بصورة سريعة ليتجلى ذلك الصراع النفسي والداخلي والأخلاقي مع الناس ومع الطبيعة الجامدة لتنجرف الإنسانية أمام شهوات النفس. 
صبري موسى، ولد في دمياط في العام 1932، عمل بالصحافة، كتب الرواية والقصة وأدب الرحلات والسيناريو، حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وتوفي في 18 يناير من العام 2018.