الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

حواديت عيال كبرت 115.. لصوص ولكن ظرفاء

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت ليلة من ليالي الصيف الطويلة، تلك التي قرر فيها «موافي» المبيت في «الغيط» بجوار حظيرة البهائم، ربما وجد فيها الونس، نسيم الهواء المتقطع يداعب «شواشي» عيدان الذرة فيدندن «موافي» على وقع أنغامها وهو متكئ على ذراعه أمام «ركوة النار»: «وأنا كل ما أقول التوبة يا بوي»، يرتشف الشاي ويواصل غناءه، يضحك لا على شيء بعينه لكنه يضحك ويضحك، وفجأة يجد أمامه شابين: «سلام عليكوا يا عم الحاج، لو سمحت هو المولد منين؟».
يعتدل موافي: «مولد إيه يا حبيبي منك له اللي في الغيط، ده لازم مولد سيدك الكوز»، يضحك الشابان ويظنان أن «موافي» صيدا سهلا لهما، كما وشى إليهما أحد جيرانه، وهو يتفق معهما على سرقته، يستأذنهما موافي لحظة: «دقيقة واحدة بس هجيب العكاز من جوا وأجي معاكم أدلكم على المولد»، يتركهما ويدخل «حظيرة المواشي» ويخرج ببندقيته: «قولتلي بتسأل على مولد إيه يا حبيبي؟ شمر ياض إنت وهو وكل واحد فيكم يمسك فاس»، جلس موافي يدندن وهما يعزقان أرضية الحظيرة ويضعان أكل للبهائم.
ليلة كاملة قضاها اللصان يعملان وموافي يمسك بندقيته، ويردد: «ماما تعالي خديني يا ماما أنا بعيط يا ماما»، ثم يضحك ويعاود الغناء، بعدما فرغ اللصان من عملهما، أخرج موافي «جاموسة» من الحظيرة، وطلب منهما أن يمسكا بلجامها، «هنروح بيها فين يا عم موافي؟»، رد عليهما: «هنروح نطعمها يا كوتو موتو إنت وهو، اعتبروا نفسكم روحتوا المولد».
اصطحبهما موافي إلى قسم الشرطة ومعهما الجاموسة ليتم تحرير محضر تلبس سرقة، ضحك الضابط عندما سمع القصة من موافي، وقال له: «برافو عليك يا موافي، أنا عايزك تخلي عينيك مفتحة وأي حرامي تمسكه وتجيبه القسم»، خرج موافي منتشيا، ينشر ما فعله البارحة في كل جلسات القرية، يعاود قص الحكاية على الجميع رجال ونساء وأطفال، بات رمزا للشجاعة وأخذ يحدق في كل غريب ينزل القرية ويوقفه ويسأله عن اسمه ووجهته".
اشترى جلبابا جديدا وحذاء ليذهب بهما لصلاة الجمعة حيث أكبر حشد لأهل القرية، ولدى وصوله لباب المسجد، وجد رجلا يجمع الأحذية ويضعها في جوال، أسرع نحوه: «استنى عندك يا حرامي»، تظاهر الرجل بالبكاء: «أنا مش حرامي يا شيخ موافي، هو في حرامي يتجرأ ينزل البلد وإنت موجود، أنا واخد الجزم ألمعها وأخد ثواب»، برم موافي شاربه وقال له: «طب خد دي معاك لمعها وما تتأخرش»، خرج الجميع من المسجد يبحثون عن نعالهم، بينما ظل موافي يصلي النوافل دون أن يُسلم.
هرج ومرج في الخارج وهو يتظاهر بالخشوع، وقع في فخ سارق الأحذية لأنه صدق الكذبة التي ترضيه، في الأولى استخدم عقله وفي الثانية غرته عبارات الإطراء فسقط فريسة للص ضعيف.
أخذ موافي ينظر إلى كل الأقدام التي تقابله بحثا عن حذائه وعن السارق، ونسى أن «الثوب المسروق لا يرتديه السارق».