الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

الأخبار

علماء الأوقاف: الواجب يحتم علينا الوقوف صفًّا واحدًا

جاتنب من الندوزة
جاتنب من الندوزة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عقدت وزارة الأوقاف، بمسجد مولانا الإمام الحسين رضي الله عنه بمحافظة القاهرة، أمس، ندوة للرأي تحت عنوان: "وحدة الوطن سبيل قوته"، حاضر فيها: الدكتور شوكت المصري أستاذ النقد الأدبي بأكاديمية الفنون، والدكتور يد على خليفة إمام وخطيب مسجد الإمام عمرو بن العاص (رضي الله عنه)، والدكتور ياسر مغاوري عبد الحميد إمام وخطيب مسجد مولانا الإمام الحسين رضي الله عنه، وأدار الندوة الإعلامي عمر حرب.
وأكد شوكت المصري أن الدين الإسلامي هو دين السلام، والسلام جزء لا يتجزأ من الإسلام، وتَرَسُّخ هذا الفعل يكون في الشكل السلوكي لا القوليّ فقط، والرسول صلى الله عليه وسلم جاء سلاما ورحمةً للبشرية ولإنقاذها وإخراجها من الظلمات إلى النور حتى يصل الناس جميعا إلى أعلى مراتب الأخلاق الإنسانية في كل تعاملاتهم في الحياة، حيث يقول الله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".
وتابع أن واجب الوقت وفقه الأولويات يحتمان على جميع أبناء الوطن المخلصين المدركين لطبيعة المرحلة أن يقفوا جميعًا صفًّا واحدًا، حتى تتحقق الكفاية لوطنهم كل في مجال عمله، فهذا يعمل بيده، وذاك ينفق من ماله، وهذا يعلم الناس، وبهذا يتم توظيف جميع الطاقات والمواهب لخدمة الوطن، فهذا من صميم ديننا، حيث خاطبنا الله تعالى جميعًا بصيغة الجمع التي لا تستثني أحدًا من العمل والجد، فقال سبحانه: “هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ”.
وفي بداية كلمته قال الدكتور عيد على خليفة أن الإسلام حث على الاجتماع والاعتصام والوحدة، فالاجتماع والاتفاق سبيل إلى القوة والنصر، وما ارتفعت أمة من الأمم وعلت رايتها إلا بالوحدة والتلاحم بين أفرادها، وتوحيد جهودها، والتاريخ أعظم شاهد على ذلك، ولذا جاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله (عز وجل)، وسنة رسوله (صلى الله عليه وسلم) تدعو إلى هذا المبدأ العظيم ؛ فوحدة الصف، وتكاتف الجهود واجب الأمة في كل زمان ومكان، فهذا أمر الله تعالى في القرآن الكريم، حيث يقول سبحانه: “وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا”، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا ؛ فَيَرْضَى لَكُمْ: أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، وَيَكْرَهُ لَكُمْ: قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ، وَإِضَاعَةِ الْمَالِ”، ولقد ضرب النبي (صلى الله عليه وسلم) مثلا للأمة في اتحادها وتماسكها وتآزرها بالبنيان المرصوص، فقال (صلى الله عليه وسلم): “الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ ؛ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ”، مبينا أن العبادات الإسلامية توحد ولا تفرق ؛ فإذا نظرنا إلى شعيرة الصلاة وجدنا أنها تشرع في وقت محدد وأن كل مسلم يتوحد مع إخوانه في هذه الأوقات، وكذلك شعيرة الصيام والحج وسائر العبادات في الدين تجمع ولا تفرق وتوحد صفوف المسلمين، كما دعا الإسلام إلى نشر الألفة والسلام بين أبناء المجتمع على اختلاف عقائدهم، حيث يقول الحق سبحانه: “وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا”، ويقول سبحانه: "لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ"، وكان النّبي (صلى الله عليه وسلم) يتعامل مع غير المسلمين من هذا المنطلق القرآني، فكان (صلى الله عليه وسلم) يحسن إليهم، ويقبل هديتهم، ويجيب دعوتهم، ويعود مريضهم ؛ إظهارًا لسماحة هذا الدين، وحفاظًا على وحدة المجتمع وتماسكه.
وفي كلمته أشار الدكتور ياسر مغاوري عبد الحميد أن حب الوطن غريزة فطرية في الإنسان، وما من إنسان إلا ويعتز بوطنه؛ لأنه مهد صباه، ومرتع طفولته، وملجأ كهولته، ومنبع ذكرياته، وموطن آبائه وأجداده، ومأوى أبنائه وأحفاده، حتى الحيوانات لا ترضى بغير وطنها بديلًا، ومن أجله تضحي بكل غالٍ ونفيس، والطيور تعيش في عشها في سعادة ولا ترضى بغيره ولو كان من حرير.
وأكد أن حب الأوطان من الإيمان، وأن الحفاظ على الوطن واجب على كل إنسان، موضحًا أن الله (عز وجل) جعل الخروج من الوطن في سياق واحد مع قتل النفس، قال تعالى: "وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ"، وها هو رسولنا (صلى الله عليه وسلم) لما أخبر ه ورقة بن نوفل أن قومه ـ وهم قريش ـ مخرجوه من مكة، قال (صلى الله عليه وسلم): "أوَ مخرجِيَّ هم؟!" قال: نعم، لم يأت رجل قطّ بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزَّرا"، ويؤخذ من هذا الاستفهام شدّة مفارقة الوطن على النفس ؛ فإنّه (صلى الله عليه وسلم) سمع قول ورقة أنهم يؤذونه ويكذبونه فلم يظهر منه انزعاج لذلك، فلما ذكر له الإخراج تحرّكت نفسه لحبّ الوطن وإلفه، فقال: “أوَمخرجِيَّ هم؟!”، وجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) المحبة بين الناس شرطًا لكمال الإيمان، فقَالَ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): "لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ"، وجعل الخيرية لمن يسارع في تحقيق التصالح والوئام، فقال (صلى الله عليه وسلم): "لاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ".