الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

البوابة القبطية

"حسن طلب" يهنئ الأقباط بعيد الميلاد بقصيدة "ارسم صليبًا كالهلال"

الشاعر حسن طلب
الشاعر حسن طلب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كتب الشاعر حسن طلب عبر صفحات المواقع للتواصل الاجتماعي قصيدة من قصائده بعنوان "ارسم صليبا كالهلال"، معربا عن سعادته باحتفال الأقباط بعيد الميلاد المجيد.
وتقول القصيدة:
ارسُمْ صليبَكَ يا رفيقُ..
وإن يكنْ يَعْنِيكَ رأىُ أخيكَ فيكَ.. إليكَ فاعْلمْهُ:
الصليبُ أنا وأنتَ.. نَعمْ
فإن صدَّقتَنى حقًّا.. وإلا فاتَّخذْ وضعًا عموديًّا
وقفْ.. واجعلْ ذراعيْكَ: امتدادًا جانبيًّا
واعتدِلْ.. تُصبحْ صليبًا آدميًّا!
إن يكُنْ لابدَّ من رسمِ الصليبِ الآنَ فلترسُمْ على جسدِى
ولو بِيدى
لكنت أقمتُ دارًا للعبادةِ تجمعُ الأديانَ في بلدِى
فتلكَ كنيسةٌ بجوارِها ديْرٌ.. بجانِبِ مسْجدٍ أو معبَدٍ
فلعلَّها تَتزوَّجُ الجِيرانُ من جيرانِها في مشهَدٍ!
ولعلَّ– من يدرِى-
يكونُ الدِّينُ والمتَديِّنونَ كمثلِ ذلك في غدٍ
لمَ لا يكونُ الدينُ للديَّانِ مُنزِلِهِ.. وللوطنِ الجَميعُ!
وكيف لا نسعَى إلى ما– لو أردْنا– نستطيعُ!
ارسمْ صليبًا فيه خطُّ المطلق الرأسِىِّ.. يقطعُ ضدَّهُ الأفُقىَّ والنسبِىِّ
حتى تُوجِزَ الإيمانَ في خطَّيْنِ للمتَشَككِينَ..
ارسُمْ صليبًا نيِّرًا ومُدوَّرًا مثل الهلالِ..
ولكن اسْتدرِكْ فلا تُشرِكْ صليبَكَ– أو هلالَكَ– في الجِدالِ..
ارسُمْ صليبًا في الخيالِ تراهُ وحدَكَ.. ثُم بالسَّبَّابةِ اكتُبْهُ:
أشِرْ فوق الجَبينِ إشارةً عجْلَى
فمِن أعلَى لأسفَلَ.. ثم جِهة اليسارِ إلى اليمينِ..
ارسُمْ صليبًا تسطيعُ بسِرِّ رُوحِ القُدْسِ فيهِ..
أن تُميِّزَ وجهَ "قيصَرَ" عن قناعِ الرَّبِّ..
ثم تُميزَ الدُّنيا عن الدِّينِ..
الملاكَ عن ابْنِ آدمَ.. والخيالَ عن امتلاكِ الواقعِ
اصْحبْنى إلى بهوِ الكنيسةِ يا صديقى
مثلما أمسِ اصطحبتُكَ نحو صحنِ الجَامعِ..
ارسمْ.. وارْوِنى برحيق سرِّ السرِّ.. واذكُرْ لى نبيذَ المعْمدَانيِّينَ..
أَسْمعْنى تراتيلَ الصَّلاةِ..
أعِدْ على سمْعِى رَنيمَ الرَّاهباتِ..
وجَوْقةَ المتَرنِّماتِ من البناتِ مع البنينَ
ارسُمْ.. وصوِّرْ لى بهاءَ المرْيَماتِ.. وهاتِ ذكِّرْنى
بما قد جاءَ في الإصحاحِ حولَ خِيانةِ الأجسادِ لِلأرواحِ..
أَسْعدْنى بـ "يُوحنَّا الحبيبِ" وما تَواترَ عنهُ في الكتُبِ..
اسْقِنى واشربْ وأشبعْنى من الأدبِ..
اسْتعِدْ كلماتِ "متَّى".. واجْتهِدْ في شَرحِ أحْلامِ الحواريِّينَ..
حدِّثْنى عن اسْتشهادِ "بَرنابا"
وخُذْ في سِيرةِ المحمودِ: "يُوحَنا العمودِ"..
وثَنِّ بالممدُوحِ: "يُوحنّا فمِ الذَّهبِ"
الْتَمستُ إليكَ: زِدْنى من كُنوزِ سَميِّهِ: "يُوحنا سَابا"
والدِّمشقىِّ الذى قد أكرمَ الصُّورَ..
اسْقِنى واشربْ.. وقُلْ لى.. ثم مثّلْ لى
فمِثلى يعشُقُ الغُرَرَ..
ارْوِنى من ذلكَ الدَّنِّ العتيقِ.. ويا أخى
إن تنْسَ.. لا تنْسَ الْتياعَ النفْسِ
والصَّدأَ الذى أكلَ الحواسَّ الخَمسَ..
والظمأَ الذى تَدْريهِ.. فاشرَبْ واسْقِنى
وارسُمْ صليبًا كالهلالِ
وأَبْقهِ حُرًّا أَمامَ الذَّاهبينَ الرائحينَ
هناكَ في خطِّ الزوالِ.. وأَبْقِنى
وارسُمْ.. ودَعْهُ كى يَسُودَ على الحدودِ
بشكلِهِ البكرِ الجديدِ.. بما يُميِّزُهُ عن الأشكالِ..
أبْق عليهِ حرًّا كى يميلَ إلى اليمينِ أو الشَّمالِ..
فيسْتضىءَ الرائحونَ الذاهبونَ بهِ.. إليهِ ينتمونَ
ارسُمْ وزَوِّدْنى من السِّحرِ الحلالِ.. ودَاوِنى بجوامعِ الأمثالِ..
قد حانَ اعترافى أننى: دنَّسْتُ رُوحى بالخطيئةِ..
أيها الآبُ المقدَّسُ نَقِّنِى
أسلمتُ نفسى للغَوايةِ.. كانَ ما قد كانَ والشيطانُ حاصَرَنى
فيا ابْنَ أبِى: قِنِى
ارسمْ صليبًا.. ثم دعْهُ لى
لألتمسَ الخلاصَ بهِ وأغْنمَ خَيرَهُ
دعنى لأَنجوَ يا أخى بصليبِكَ المحطوطِ.. وارسمْ غيرَهُ
وتعال ننسِجْ في الطريقِ شِباكَنا
من بعض هذا الغزْلِ أو تلكَ الخيوطِ..
فربَّما نصطادُ معجزةً تبزُّ المعجزاتِ جَميعَها
بمسِيحِها وصَليبِها
تعلُو على كلِّ الشروطِ..
لكىْ نردَّ الكائناتِ بِقضِّها وقَضيضِها
لبراءَةِ الكيْنونةِ الأُولى.. نُعيدُ نَعيمَ ما قبْلَ السقوطِ
إذ السَّلامُ سبيلُها.. والحبُّ قوتُ قُلوبِها
ولعلَّ– من يَدرى!–
فقد يَتحولُ الوحشُ الذى في داخلِ الإنسانِ عن غاياتِهِ
فتكُفُّ عن سفْكِ الدماءِ نُيوبُهُ
ويُبدِّلُ الحيوانُ في الغاباتِ من عاداتِهِ
و الطيرُ والحشراتُ من أُسلوبِها!
فارسمْ صليبًا وادْعُهُ: شبَحَ الحقيقةِ
حين يسقطُ ظلُّ صالبِها على مصْلوبِها
فَتذوبُ شمعَتُها.. يَغيبُ شعاعُها ويُطلُّ باطلُها
ليُشعِلَ شرَّ معركةٍ يَحيدُ الحقُّ عن مغلوبِها
وارسمْ صليبا من تَعاشيق الزُّجاجِ..
يكونُ مرآةً لمن يأتى من الأجيالِ والأفواجِ..
أو نَجمًا يُضىءُ.. علامةً لقوافلِ الحُجَّاجِ
ثم انثُرْ عليهِ من الزهورِ.. أو اطْلِهِ بدمٍ
وقُلْ: هو رمزُ تأبينٍ على مرِّ الدُّهورِ..
لخيْرِ مصلوبَيْنِ قد ماتا عليهِ: "يسوعَ" و"الحلاجْ"
................
ارسُمْ صليبًا جامعًا.. لا مانعًا
هو للإناثِ والذكورِ..
وللقريبِ والبعيدِ.. وللغنىِّ والفقيرِ..
فإنْ رسمتَ.. فَوفِّهِ حقَّ الأَرُومةِ.. صِلْةُ بالنّسَبِ..
اجتنِبْ شَطحاتِ أَهْلِ الفنِّ في تصنيعِهِ
لا تَسْتجبْ لمغامراتِ الشكلِ..
كىْ يَبقَى يذكِّرُ بالصليبِ الأصلِ: (مِفتاحِ الحياةِ)
ارسُمْ صليبًا وادْعُهُ: عيْنَ المعاناةِ
التى– شيئًا فشيئًا– قد تكوَّنَ ماؤُها
من كلِّ ذرَفَ الدموعَ.. وعاشَ: لم يشْكُ الضنى والجُوعَ..
أو من كلِّ نزفَ الدماءَ..
وظلَّ بين مدينةِ الأحياءِ والأمواتِ..
حتى ماتَ.. أوفقدَ الرجاءَ..
ارسُمْ كأنَّ الأرضَ قد وَبِئتْ.. وقُلْ:
طُوبَى لمن شَهِدَ الوباءْ!
طوبَى لمن شهدَ الوباءْ!