الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الأطماع التركية.. إلى أين؟

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كانت ولا تزال المنطقة العربية بموقعها الفريد وإمكانياتها الوفيرة محط أنظار ومصدر أطماع كل الدول والإمبراطوريات الاستعمارية بكل أشكالها المتنوعة على مدى التاريخ وفى المقدمة في هذه المنطقة، دائمًا وأبدًا، مصر، فدائما مصر مع كل المستعمرين تعتبر الجائزة الكبرى التى إذا سقطت، لا قدر الله، تسقط معها باقى وكل الدول العربية، وذلك لما لمصر من دور مميز واستراتيجي سواء على المستوى السياسى أو السكانى أو الثقافى، ولذلك رأينا بعد اتفاقيات السلام مع إسرائيل أن النتيجة هى انفراط العقد العربى، حيث استغلت كل القوى المعادية للعرب تلك الفرصة من غياب مصر، ولعب الجميع على كل الضعفات الأمنية والقبلية والطائفية في العالم العربى تكريسًا للانقسام وتأكيدًا للتشتت وسعيًا للفرقة،حتى إننا نرى الآن ما يشبه إعادة التاريخ لذاته الاستعمارية مثلما تم قبل مائة عام بما يسمى باتفاقية سايكس بيكو الفرنسية البريطانية، تلك الاتفاقية التى تم فيها وبها تقسيم المنطقة وشرذمتها بين الإمبراطورية الفرنسية والإمبراطورية البريطانية حيث كانتا القوى الاستعمارية حين ذاك، وكان من النتائج الكارثية لهذه الاتفاقية زراعة الكيان الصهيونى الاستيطانى في المنطقة كأداة ومخلب قط للاستعمار البريطانى، ثم حل الآن الاستعمار الأمريكى الذى أخذ أشكالًا استعمارية أخرى تتوافق مع التطورات العالمية بعد حلول أمريكا بديلًا لبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ولكن ما يحدث الآن لإعادة تقسيم المنطقة مرة أخرى على اُسس طائفية لإعادة سايكس بيكو جديدة ومُحدثة هو استغلال واختراق العالم العربى من خلال مشكلاته الطائفية واللعب على ورقة حماية المنطقة أمنيًا وعسكريًا، ثم الإعلان الرسمى بلا خجل لكل الرؤساء الأمريكان عن أطماع أمريكا في البترول العربى الذى تمتلك منه المنطقة أكبر احتياطى في العالم من الغاز والبترول، ولضمان هذه المكاسب والأهم لحماية الدولة الصهيونية في المنطقة كانت ما يسمى بالفوضى الخلاقة الأمريكية التى كانت بروفتها الحقيرة عند إسقاط العراق، وهو القوى العربية الرادعة في الشرق العربي، في عام 2003، وإسقاط العراق الذى كان خطأ استراتيجيا للغرب وللمنطقة، حسب تصريحات رئيس وزراء بريطانيا ووزير خارجية أمريكا، اللذين تشاركا في إسقاط العراق بحجة امتلاكه اسلحة نووية، الشيء الذى سهل الأمر ومهد الطريق للحلم بإحياء إمبراطوريات قد ولى زمانها في المنطقة وهما الإمبراطورية الفارسية والتركية، هنا جاء ما يسمى الربيع العربى الذى تمت هندسته في الغرب لتفتيت المنطقة واستغلال الأصولية الدينية الإسلامية التى تتزعمها جماعة الإخوان، فكانت البداية في تونس ونرى الآن، بالرغم ما حدث، في تونس وصول جماعة الإخوان التونسية إلى رئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء التى تملك من الصلاحيات أكثر من رئيس الجمهورية، وكانت مصر التى تسارعت فيها الأحداث حيث اختطف الإخوان حكم مصر خلال عام أسود بهدف أن تكون مصر هى البنية الأساسية والركيزة الأهم لإعادة ما يسمى الخلافة العثمانية، ولذا رأينا علاقة الإخوان بأردوغان في عام حكمهم، ومازلنا نرى الآن مواقف أردوغان من حمايته واحتضانه للجماعة على كل المستويات،  والأهم هو موقف إردوغان من مصر بعد 30 يونيو ومن السيسي والجيش الوطنى المصرى الذى وقف مع الشعب المصرى لإسقاط الإخوان، وبعد سقوط الإخوان في مصر كان البديل المؤقت لتركيا أردوغان هو لعب الدور الحقير في احتضان الإرهاب لإسقاط سوريا وللتدخل في العراق لاكتساب أى مكاسب على الأرض، بادعاء أن هذه الأرض كانت يومًا يحكمها العثمانيون، هنا فوجئ إردوغان بأن الله قد أكرم مصر وشعبها بالاكتشافات الغازية في شرق المتوسط مما أحدث تحالفًا بتروليًا بين مصر واليونان وقبرص،إضافة للنقلة النوعية التى حدثت في مصر خاصة بعد عودة الدولة وعودة الاستقرار وزيادة الاحتياطى الأجنبي، وهو الشيء الذى حطم أحلام أردوغان ومن معه في إسقاط الدولة المصرية، فلم يجد غير التدخل في الشأن الليبى بعد الاتفاقية غير القانونية مع السراج وحكومة الميليشيات وإرسال قوات عسكرية مع التدخل الجوى في منطقة شرق المتوسط بحجة الاتفاقية البحرية مع ليبيا،وهنا الهدف هو مصر وفقط محاصرتها من الغرب ومحاولة استفزازها عسكريًا لتعطيل الاتفاقيات البحرية المصرية في المتوسط مستغلًا المشكلات المحيطة بمصر سواء من الشرق بعد الضربات الموجعة للإرهاب أو من الجنوب حيث الأمور في السودان ما زال أمامها الكثير، والأهم مشكلة سد النهضة الذى تمد يد العون فيه تركيا وإسرائيل وغيرهما لإثيوبيا على حساب مصر.
هنا قد حانت ساعة الجد والجهاد والنضال، فالآن الخطر محدق بالوطن الغالي، ومن يختلف مع النظام السياسي، له ذلك، ولكن هذا غير الدفاع من أجل الوطن الذى هو ملك كل المصريين، الآن لا يجب أن يكون هناك مؤيد ومعارض بل يجب أن يكون الكل أسودا مصرية تدافع عن سلامة الوطن وكرامته وكرامة شعبه، نعم هناك من يؤيدون أردوغان وهؤلاء هم أعداء مصر وليسوا ولن يكونوا أبناءها، ولذا لا بد من الانتباه للخطر الخارجى والداخلى وأن يقوم الشعب بمقاطعة سريعة للبضائع التركية والالتفاف حول القيادة حتى تظل دائمًا مصر حرة ملكا لكل المصريين.