الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

رولاند لومباردي يكتب: ليبيا.. هل يستطيع أردوغان تنفيذ تهديداته؟ لست متأكدًا

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

هناك صراع حاسم يدور حاليًا فى العالم العربى الإسلامى بين كتلتين: الأولى مؤلفة من مصر بقيادة السيسى والمملكة العربية السعودية بقيادة محمد بن سلمان والإمارات العربية المتحدة بقيادة محمد بن زايد والكتلة الأخرى تتكون من تركيا وقطر. الكتلة الأولى تدعم القوى العسكرية والأنظمة القوية فى المنطقة، والثانية ترغب فى إطلاق المرحلة الثانية من الربيع العربى، واستيلاء الإسلاميين على السلطة بشكل نهائى (كما حدث فى تونس مؤخرًا)، هذه الكتلة شهدت فى السنوات الأخيرة سلسلة من المحاولات الفاشلة خاصة منذ ثورة ٣٠ يونيو والنجاحات العسكرية والدبلوماسية الروسية فى سوريا، ويبدو أن الدوحة وخاصة أنقرة ترغبان فى إعادة تأكيد نفوذهما فى المنطقة وهو ما أدى إلى تفاقم الانقسام السنى الحالى.


وفى هذا السياق، أعلن الرئيس التركى أردوغان، أنه مستعد لإرسال قوات لمساعدة حكومة الوفاق الوطنى التى يقودها فايز السراج فى طرابلس (والمدعومة من قبل الإخوان المسلمين) على مواجهة هجوم المشير حفتر، أثار هذا التصريح مخاوف كبيرة لدى المجتمع الدولى، ولكن هل تستطيع تركيا الشروع فى هذه المغامرة؟ الإجابة لا! فحتى لو سمح البرلمانيون الأتراك لأردوغان بالتدخل العسكرى فى ليبيا كما حدث يوم الخميس الماضى، فإن المعارضة السياسية فى تركيا تعارض بحسم مثل هذه المغامرة. وإذا كان «السلطان الجديد» قد عزز من سلطته منذ محاولة الانقلاب فى يوليو ٢٠١٦، فقد ظل معزولًا على الصعيد الداخلى (على سبيل المثال هزم حزبه مؤخرا فى الانتخابات البلدية فى إسطنبول)، بالإضافة إلى ذلك، فإن الاقتصاد التركى فى أسوأ حالاته على الرغم من الدعم المالى القطرى، ومنذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تغيرت السياسة الأمريكية فى ليبيا، فقد صرح الرئيس الأمريكى علنًا أنه يفضل وجود مارشال ليبى على رأس البلاد بدلًا من الفوضى أو دولة يقودها الإسلاميون! هكذا أدان ترامب أردوغان وهدده بعقوبات اقتصادية فى حال تدخلت تركيا فى ليبيا.

لن ينسى أردوغان الهجوم الأمريكى على العملة التركية الذى كان له تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة..


ما هى القوى الموجودة على الأرض؟ دعونا لا ننسى أن المارشال حفتر يسيطرعلى أكثر من ثلثى البلاد، إنه يسيطر على المناطق الغنية بالنفط. وأخيرًا، يحظى حفتر بشعبية كبيرة لدى الغالبية العظمى من الليبيين الذين سئموا من الفوضى، لقد تمكن الجيش الوطنى الليبى من كسب تأييد القبائل الرئيسية فى البلاد، والتى هى مفتاح الحل المستقبلى للصراع.

على المستوى العسكرى، استفاد حفتر من دعم فرنسا ومصر (التى هددت أيضًا بالتدخل إذا نفذت أنقرة تهديدها)، والمملكة العربية السعودية بقيادة محمد بن سلمان، والإمارات العربية المتحدة وأيضا إسرائيل، التى وقعت مؤخرا اتفاقا تاريخيا عن الغاز مع خصوم تركيا وهى اليونان وقبرص! أخيرًا، دعونا لا ننسى أن حفتر غالبًا ما يتم تقديمه على أنه رجل موسكو! فى الواقع، تدعم روسيا المارشال الليبى عسكريا وترسل له أسلحة وطائرات بدون طيار ومستشارين وحتى رجال الميليشيات الخاصة!

إن أى تدخل تركى فى ليبيا سيكون وقعه سيئًا للغاية فى العالم العربى، خاصةً لأسباب تاريخية (الاحتلال العثمانى)، سوف تدين جامعة الدول العربية حتما هذا التدخل.


لقد وضعت الجزائر (وهى شريك آخر لموسكو) جيشها فى حالة تأهب على الحدود لن يكون من مصلحة أردوغان، المعزول دبلوماسيًا فى أوروبا وداخل الناتو، الدخول فى مشكلات مع الشريك الروسى. ومن الواضح أن هناك علاقة بين هجوم بشار الأسد وحليفه بوتين فى سوريا على آخر جيب للمتمردين فى إدلب ومحاولات تركيا الأخيرة توسيع نفوذها فى منطقة البحر المتوسط. يحاول أردوغان نقل آخر الجهاديين السوريين إلى المسرح الليبى قبل سقوط المدينة. إن الإعلان عن اعتزامه التدخل مباشرة لدعم طرابلس هو بالتأكيد وسيلة لطمأنة وتحفيز الإسلاميين الذين يبحثون عن «أرض الفتح»، لكن فى النهاية

هل أردوغان وجيشه مستعدون حقًا للذهاب إلى ليبيا؟ هل هم مستعدون لمعارضة الجيش الروسى مرة أخرى؟ لست متأكدا من ذلك، دعونا لا ننساق وراء الأوهام.

فبعد أن تتم تسوية الملف السورى جزئيًا وفى السياق الإقليمى الحالى (عجز أوروبا، ودعم ترامب ومصر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والجزائر وإسرائيل)، قد تتمكن روسيا من تكرار سيناريو ٣٠ سبتمبر ٢٠١٥ لكن هذه المرة... فى ليبيا!