الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

2019 عام أسود على الجماعات التكفيرية.. ضربات استباقية ناجحة في مصر.. وتونس تنجو من الإخوان بانتخابات نزيهة.. والسودان ينهي أسطورة البشير.. وحفتر يواصل الزحف لإنقاذ ليبيا.. وأردوغان على حافة الهاوية

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم الجرائم المروعة التي ارتكبتها الجماعات الإرهابية، في مختلف دول المنطقة، خلال 2019، فإن هذا العام شهد تراجعا في أنشطتها التخريبية، مما يمكن وصفه بـ"العام الأسود" على مختلف الجماعات التكفيرية، والإرهابية، نظرا لما تكبدته هذه الجماعات من خسائر.
وما بين ضربات استباقية، وتجفيف لمنابع التمويل، والنجاحات الأمنية في مواجهة العناصر المتطرفة، تمكنت عدد من دول المنطقة، وفي مقدمتها مصر من إسقاط خطط الإرهاب لتدمير المنطقة، خلال 2019، وهو ما نحاول رصده في السطور التالية:


مصر 
حققت الجهود الأمنية في مصر، خلال عام 2019، فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، نجاحات جبارة، وهو ما بدا واضحا في انخفاض عدد العمليات الإرهابية، وشدتها.
وخلال هذا العام لم تشهد مصر، سوى عمليتين إرهابيتين من العيار الثقيل، هما تفجير معهد الأورام، الذي راح ضحيته 19 شخصا، وأصيب 30 آخرون، والتفجير الانتحاري الذي وقع بمنطقة الدرب الأحمر، وكان خلال مطاردة أمنية، مما أسفر عن استشهاد 3 من رجال الشرطة، وإصابة 6 آخرين.
تونس
ورغم أن تونس شهدت عمليات إرهابية في العام الماضي، فإن الشعب التونسي نجح في أن ينقذ وطنه من إرهاب جماعة الإخوان، حينما أسقط مرشحي الجماعة في الانتخابات الرئاسية، وأعطى أصواته إلى المرشح المستقل، قيس سعيد، الذي تعهد للتونسيين بعدم التحالف مع الإخوان، في ظل ما بدا واضحا من رفض الشعب التونسي لهم، بدليل عدم نجاح أوفرهم حظا، وهو عبدالفتاح مورو، في الحصول على أكثر من 12% من أصوات الناخبين، خلال الجولة الأولى من الانتخابات.

ليبيا
أما في ليبيا فرغم أنه لم يتم حسم الصراع، بين الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الإخوانية، والمدعومة بميليشيات مسلحة تمدها قطر وتركيا بالمال والمقاتلين المرتزقة، فإن النجاحات الميدانية التي تحققها قوات حفتر، في طريقها إلى قلب طرابلس لتحريرها من الإرهاب، تشير إلى أن العام الجديد، هو عام الحسم، الذي ستنهار فيه خطط السراج، وداعميه من أجل تقسيم ليبيا، ونهب ثرواتها، وتوزيعها على الطامعين.


عام أسود
ويرى عمرو فاروق، الخبير في شئون الجماعات الإرهابية، أن عام 2019، شهد بداية العد التنازلي للقضاء على الإرهاب بشكله التقليدي، في المنطقة العربية والشرق الأوسط، مشيرا إلى أن الجماعات الإرهابية التي أراقت دماء الأبرياء، مثل: الإخوان، وداعش، والقاعدة، والنصرة، وغيرها، لم تعد ذات تأثير واسع، بمناطق نفوذها، بسبب الجهود الأمنية المكثفة، التي تم بذلها خلال هذا العام.
وأوضح لـ"البوابة نيوز"، أن الضربات الأمنية الاستباقية التي نفذتها مصر على سبيل المثال، ضد العناصر الإرهابية الموجودة ببعض المحافظات، مثل: شمال سيناء، كان لها أثر واضح في تقليص قدرات هذه الجماعات، وفشلها في تنفيذ عمليات كبيرة.


بدوره أوضح الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، بجامعة القاهرة، أن الجماعات المتطرفة تلقت في 2019 ضربات قوية، ليس فقط على صعيد المواجهات الأمنية الناجحة، سواء استباقيا، أو ردا على عمليات نفذوها، ولم يفلتوا من العقاب الفوري، بتصفية عناصرها، وإنما أيضا بخسارتها عدد كبير من الداعمين، والمساحة السياسية، التي كان هؤلاء الداعمين يوفرونها، مثلما جرى في تونس، وفي السودان، على الصعيد الإقليمي. 
وقال بدر الدين لـ"البوابة نيوز": "الخسائر التي تكبدتها الجماعات الإرهابية، في 2019، ستكون بالغة التأثير هذه المرة، لأنها لم تقتصر على فقدان عناصر يسهل تعويضهم، وإنما امتدت إلى خسائر هيكلية، وقيادات، بالإضافة إلى نجاح الجهود في تجفيف منابع تمويل الإرهاب، أو على الأقل فضح الكثير من الطرق التي تلجأ إليها هذه الجماعات للحصول على تمويل، وهو ما حد من تدفق المال على الجماعات الإرهابية.
وأشار إلى أن دعم قطر وتركيا للإرهاب، يبقى هو العقبة الوحيدة للقضاء عليه بشكل مبرم خلال 2020، بالإضافة إلى أن الإرهاب يعتمد على فكرة التكفير، والقضاء على الأفكار يحتاج لعشرات السنين، مضيفا: "لكنني أتوقع أن تنخفض حدة، وعدد العمليات الإرهابية بالمنطقة، خلال العام الجديد، باستثناء ليبيا، واليمن، التي تعاني كل منها من حرب بالوكالة، تمولها دول خارجية، وتدار داخليا بأيدي عملاء، سواء كانوا الحوثيين الموالين لإيران في صنعاء، أو السراج الموالي لتركيا وقطر، ومليشياتهم في طرابلس.
خسائر داعش
عام 2019 شهد خسائر فادحة للجماعات الإرهابية، طالت الهيكل التنظيمي لها، ومن ذلك مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، وهو ما أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في أكتوبر الماضي.
مقتل زعيم "داعش"، جاء نتيجة لعملية نفذتها القوات الأمريكية الخاصة في سوريا، حيث خرج ترامب في تغريدة على "تويتر"، ليزف الخبر الذي انتظره ملايين الأشخاص طويلا، خاصة في سوريا والعراق، حيث كان التنظيم المتطرف يؤرق حياة الناس.
وخلال العام نفسه، قتل أبو دجانة، القيادي مخطط المجازر في داعش، وهو أحمد العبيدي، الملقب بـ"أبو دجانة الزر"، الذي قتل في فبراير الماضي، وكان عنصرا بارزا في التنظيم وعرف بدمويته وعنفه، كما أنه كان المخطط للمجازر ضد السوريين.
ولم يعرف كيف قتل أبو دجانة، إلا أن الترجيحات تفيد بأنه قتل بنيران عناصر قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
وفي الأيام الأولى من شهر ديسمبر 2019، استخدمت القوات الأمريكية صاروخ هيلفاير النادر والفتاك لاستهداف القيادي في حركة تحرير الشام أبو أحمد المهاجر.
ولم تستعمل القوات الأمريكية هذا الصاروخ الذي يحتوي على 6 شفرات قابلة للطي بدلا من رأس حربي، إلا مرات قليلة. 
وكان المهاجر مدربا في الأكاديمية العسكرية المركزية لـ"هيئة تحرير الشام" التي تصنفها الولايات المتحدة الأمريكية منظمة إرهابية، وبمقتله يكون التنظيم تلقى ضربة قاصمة تضعف جهوده لتنشئة متطرفين.

خسائر القاعدة
رغم أن داعش تصدر العناوين وبات مهيمنا على ساحة الإرهاب الدولي في 2019، ظلت تنظيمات أخرى تشكل تهديدا رغم تراجع تأثيرها.
وتلقى تنظيم القاعدة ضربة قوية بمقتل حمزة بن لادن في سبتمبر الماضي، في عملية لمكافحة الإرهاب نفذتها الولايات المتحدة في منطقة بين أفغانستان وباكستان.
ويعد حمزة، بالإضافة إلى كونه ابن زعيم القاعدة أسامة بن لادن، مسئولا كبيرا في التنظيم.
وقال البيت الأبيض: إن حمزة "كان مسئولا عن التخطيط والتعامل مع باقي المجموعات الإرهابية"، واعتبر أن مقتله "يقوض قدرة القاعدة على إدارة عملياتها ويحرمها من مهارات قيادية، ورمزية والده".
وكانت وزارة الخارجية الأمريكية كشفت أن حمزة حث في رسائل على الإنترنت، على شن هجمات ضد الولايات المتحدة وحلفاء غربيين.
حرب الإنترنت
الخسائر الميدانية، دفعت التنظيمات الإرهابية إلى نقل حربها إلى الإنترنت، الذي كان يوما ما أبرز ما يميز تنظيم داعش، عن باقي التنظيمات الإرهابية الأخرى، وذلك لامتلاكه القدرة على استغلال الإنترنت في الدعاية لفكره المتطرف.
ولعب عناصر التنظيم لعبة القط والفأر مع أجهزة مكافحة الإرهاب العالمية، في العالم الافتراضي.
وفي نوفمبر الماضي وجهت الشرطة الأوروبية ضربة قاصمة لداعش على الإنترنت، بعد أن أغلقت عددا من الخوادم التي كان يستخدمها.
وتمكنت السلطات البلجيكية بتعاون مع الشرطة الأوروبية، من إغلاق خادم موقع وكالة أنباء "أعماق"؛ المنصة التي كان داعش يستخدمها لترويج جرائمه.
وفي 2019 بات جليا أن العمليات العسكرية لن تكون كافية ضد التنظيمات المتطرفة، طالما استمرت في الحصول على التمويل المالي للقيام بأنشطتها.
وبالتوازي مع العمليات الخاصة ضد قادة التنظيمات الإرهابية، شهد 2019 تشديد المراقبة على مصادر تمويل هذه التنظيمات.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على عدد من الجماعات الإرهابية من بينها داعش، وحماس، والقاعدة وحزب الله والحرس الثوري الإيراني.
وشملت العقوبات قياديين في هذه الحركات المتطرفة، كما شملت شركات ومكاتب صرافة ساعدت التنظيمات الإرهابية، ووفرت لها غطاء لتحويل الأموال والحصول على الدعم المالي.
وتأتي الخطوة، بحسب ما أعلنت واشنطن، من أجل تحديد هوية مرتكبي الإرهاب في جميع أنحاء العالم ومعاقبتهم وردعهم.

هل تنهي هذه الخسائر خطر الإرهاب؟
تعتقد البلدان التي تشكل التحالف الدولي ضد الإرهاب، أن مقتل زعيم داعش لن ينهي الخطر الإرهابي.
وقال الجنرال كينيث ماكنزي قائد القيادة المركزية الأمريكية، إن التنظيم الذي سيطر في وقت من الأوقات على ثلث سوريا والعراق المجاور ما زال يمثل خطرا.
ويجمع مراقبون على أن مقتل البغدادي يشكل نهاية مرحلة، لكن لا يزال الخطر قائما.
مستقبل تركيا 2020
من جانبه قال محمد ربيع الديهي، باحث في الشأن التركي، إن عام 2019 كشف القناع عن الكثير من افعال النظام التركي، والتدخلات في المنطقة، بل إن الغزو التركي للشمال السوري أثبت للعالم كله العلاقة الوثيقة بين أنقرة والتنظيمات الإرهابية في العالم، حيث كان إحدى أهداف التدخل التركي في الشمال السوري هو المساعدة في هروب المساجين الدواعش الذين تحتجزهم قوات (قسد)، وبالفعل سهل الغزو التركي للشمال السوري في هروب عدد من المقاتلين الدواعش الموجودين في سجون قوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف الديهي في تصريحات لـ"البوابة نيوز"، أن علاقة تركيا بالإرهاب في عام 2019 ربما تزايدت، وسوف يستمر النظام التركي بدعم الجماعات الإرهابية بالأسلحة والأموال وتقديم مأوى لهم في تركيا في حالة استمرار النظام التركي الحالي في الحكم.
وأشار "الديهي"، إلى أن النظام التركي يسعى إلى نقل الصراع والإرهاب من سوريا إلى أماكن أخرى حول العالم منها أفريقيا بهدف الاستيلاء على الثروات الطبيعية في الدول الأفريقية.
وأضاف "المدقق في الشأن التركي يكتشف أن الاستراتيجية التركية لم تكن تهدف فقط إلى نشر الإرهاب في الدول العربية بل في الدول الأفريقية والأوروبية، ويبدو أن فشل أردوغان في إخضاع دول عربية وخلق نزاعات فيها جعله يتراجع قليلا عن استراتيجية دعم الإرهاب في الدول العربية الكبرى مثل مصر التي قضت على الإرهاب في سيناء، وسيسعى خلال العام المقبل لخلق أزمات في الجوار العربي من خلال دعم نزاعات مسلحة في دول عربية تشكل عمقا استراتيجيا للأمن القومي المصرى".
وتابع أنه من المؤكد أن عام 2020 سيشهد أيضا أعمال إرهابية في الداخل التركي بتعليمات من أردوغان، في محاولة لإخراس الداخل المطالب بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة نتيجة سياسات أردوغان الداخلية والخارجية التي أودت بالاقتصاد التركي إلى حافة الهاوية، وأثرت بصورة مباشرة على المواطن التركي.
وقال حسب تصريحات أحمد داوود أوغلو، فإن الفترة من الأول من يونيو حتى الأول من نوفمبر من عام 2015، تعد أخطر وأصعب الفترات السياسية في تاريخ تركيا، في إشارة إلى الفترة التي أطلقت خلالها حكومة "العدالة والتنمية"، اتهامات بالإرهاب ضد أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي".
وتابع "من الواضح أن المجتمع الدولي بات الآن يدرك الخطر التركي، من خلال دعم أنقرة لما يسمى بـ"الذئاب المنفردة" حول العالم، وذلك في ظل عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم، بعد تحرير أسرهم من السجون على يد الغزو التركي بشمال شرق سوريا".
وأضاف "الديهي" أن تركيا تعد هى المحرك لفكرة عودة الذئاب المنفردة، حيث تسعى أنقرة إلى تيسير عودة عدد من الإرهابين الأجانب إلى بلادهم، بعد فتح السجون الكردية في سوريا، وتحرير أسرى داعش، وتهديد اردوغان، عشرات المرات الدول الأوروبية، بملفات الإرهاب واللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين وإعادتهم إلى الدول الأوروبية. 
وأكد أن فكرة عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدانهم الأوروبية يعني إحياء لفكرة الذئاب المنفردة خاصة أن بعضهم لم يشارك في عمليات إرهابية ولكن تشبع بالفكر الداعشي لذلك من الوارد أن الأشخاص الذين لم يشاركوا في عمليات إرهابية يتم الإفراج عنهم في الدول الأوروبية لعدم ارتكابهم جرائم يعاقب عليها القانون، وبالتالي تعرض بلدانهم لعلميات إرهابية.
من جانبه قال مصطفى أمين، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن أهم وسائل داعش للوصول إلى الشباب وسائل التواصل الاجتماعي.
وأكد "أمين"، لـ"البوابة نيوز"، أن المواجهة الحقيقية للإرهاب لن تحدث إلا إذا اتفق المجتمع الدولى على اتخاذ موقف حازم تجاه الدول الداعمة والممولة للإرهاب، كما أكد الرئيس السيسي خلال كلمته في منتدى شباب العالم، والذي حذر مرارًا من تضرر جميع الدول من الإرهاب، والعناصر الإرهابية التي ستعود بعد انتهاء مهامها في سوريا وليبيا وغيرها من الدول وهو ما يحدث حاليا.
وأشار إلى ضرورة أن تؤخذ تصريحات السيسي بعين الاعتبار، وأن يكون هناك تحرك دولي حقيقي تجاه القوى والدول الداعمة للإرهاب إذا أردنا أن نقتلعه من جذوره.
وقال طه على، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، إن القيادة السياسية تدرك أهمية الشباب في مواجهة الحملة التي تقودها الدولة المصرية لمواجهة الإرهاب داخليا وإقليميا. 
وتابع أن الإرهاب وهو إحدى القضايا الخطيرة التي تواجه المجتمع المصري، مشيرا إلى أن الشباب في مصر يمثلون 60% من عدد السكان الأمر الذي يجعل منهم عنصرا مهما لمواجهة خطر التطرف.
وأشار أمين إلى أن أهم ما ميز 2019 هو حرص القيادة السياسية على انخراط الشباب في الأحداث السياسية وصنع القرار والتطورات العالمية مثل الثورة الصناعية، إضافة إلى حمايتهم من الأفكار المتطرفة.
وأكد أن 2019 كشف الوجه القبيح لأهل الشر، ومخططات قطر وتركيا وجميع الدول والجهات التي تستهدف أمن مصر القومي والعالم برمته، لافتا إلى أن الإرهاب ترعاه أجهزة استخبارات عالمية لتغيير منطقة الشرق الأوسط بخريطتها الديموغرافية والسياسية.