الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مسئول بهيئة الطاقة الذرية في حواره مع "البوابة نيوز": ندرس إنشاء مدفن للنفايات المشعة الناتجة عن محطة الضبعة النووية.. المدافن آمنة تمامًا ولا خطورة منها على صحة الإنسان

الدكتور ياسر توفيق
الدكتور ياسر توفيق محمد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور ياسر توفيق محمد، مسئول النفايات المشعة على مستوى الجمهورية، وأستاذ معالجة النفايات المشعة بهيئة الطاقة الذرية، ضرورة مواكبة التطور التكنولوجى والصناعى في مجالات إنتاج البترول والغاز وما ينتج عنه من تراكم المواد المشعة الطبيعية (النورم) الذى يعد أحد أهم المخاطر الناتجة عن الأنشطة الخاصة بصناعة البترول والغاز بكل مراحله والتعامل الآمن مع هذه المواد المشعة لضمان سلامة العاملين والبيئة المحيطة بهذه المجالات.


وأضاف "توفيق" في حواره لـ«البوابة نيوز» أن إعادة استخدام تلك المعدات بعد إزالة التلوث الإشعاعى يعظم فائدة موارد الدولة الاقتصادية ويؤدى إلى النمو الاقتصادى للدولة تحقيقًا لمبدأ التنمية المستدامة، والتزامًا بأداء الدور الوطنى لدعم القضاء على المخاطر الخاصة بالنفايات المشعة الطبيعية (النورم) في مصر.
وأوضح أن صور النفايات المشعة قليلة المستوى هى الأنابيب والمعدات المستخدمة في عمليات الحفر والكشف عن البترول والغاز الطبيعى والمياه الجوفية والملوثة عادة بمواد مشعة طبيعية مثل اليورانيوم والثوريوم وخاصة الراديوم مما يستلزم حسب القواعد التنظيمية لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية التوقف عن استخدام هذه الأنابيب والمعدات بعد فترة من العمل وتخزينها في أماكن خاصة وعدم القدرة على التخلص منها لحماية العاملين والبيئة من الآثار الضارة للأشعة المؤينة.
وإلى نص الحوار..

■ ما الدور الرئيسى لوحدة إزالة التلوث الإشعاعى؟
- في البداية، أود الإشارة إلى أن فكرة إنشاء وحدة إزالة التلوث، جاءت منذ فترة، خاصة بعد أزمة تراكم المواسير الملوثة إشعاعيًا في شركات البترول والتى تراكمت بكميات ضخمة جدًا، حتى أصبحت تحتل مساحات كبيرة جدًا من الأراضى التى لديها، ولا توجد شركة في مصر حتى الآن تعمل على هذا الموضوع وكيفية التخلص من هذه الملوثات، وإذا قامت به يتم بطريقة غير آمنة سواء للعاملين أو للبيئة المحيطة بهم، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء الوحدة داخل الهيئة وذلك من خلال التحكم في إزالة التلوث الإشعاعى الموجود بالمواسير البترولية بصورة آمنة وتحت رقابة عالية من الطاقة الذرية وبنفس الوقت تكون جهة آمنة ومعتمدة ومرخصة من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية.
ويتمثل عمل الوحدة الرئيسى في حل المشكلات الإشعاعية التى تواجه شركات البترول من خلال تنظيف المواسير الخاصة بهم، وإعادة استخدام تلك المعدات بعد إزالة التلوث الإشعاعى منها، وإعادة استخدام «الحديد الخردة» لأن مصر تستورد كثيرا من الخارج، وأيضًا لدينا الكثير في شركات البترول، الأمر الذى يساعد في تعظيم موارد الدولة الاقتصادية ويؤدى إلى النمو الاقتصادى وتحقيق مكاسب كبيرة بإعادة بيعها أو استخدامها من جديد بعد هذا الإجراء الآمن.

■ كم تبلغ نسبة عمليات فحص المعدات الخاصة بشركات البترول؟
- توجد نسب مختلفة خاصة فيما يتعلق بـ «الحديد الخردة» الذى تستورده مصر، خاصة أن هناك كميات كبيرة جدًا من السفن تأتى محملة بهذا النوع داخل مصر، ولهذا فإنه يقع على عاتقنا دور كبير للغاية، فيما يتعلق بفحص ومعالجة وإزالة التلوث الإشعاعى الخاص بالحديد الخردة المستورد، ويتم تنظيفه نهائيًا من الإشعاع لكى يكون صالحًا للاستخدام لعدم وصوله لعملية الحدود المسموح به ولأعلى درجة من الأمان، مما يجعل الشركات قادرة على بيعه من جديد بأسعار باهظة الثمن أو إعادة تصنيعه، لكى يحقق انتعاشًا جديدًا للاقتصاد المصرى تنفيذًا لمبدأ التنمية المستدامة.
■ وماذا عن عملية إزالة التلوث الإشعاعى خاصة من ناحية سلامة العاملين؟
- هذه العملية لها إعدادات وطرق عدة لضمان الأمان وللحفاظ على سلامة العاملين، بداية من الزى المخصص للعاملين بالوحدة والذى يكون مجهزًا كليًا لضمان سلامته حتى الهواء الذى يحتاجه للتنفس، ويأتى من خارج وحدة الإزالة، وفى حالة وقوع أى حادث يتم غلق الوحدة أوتوماتيكيًا وتقف تمامًا عن العمل.

■ هل وحدة إزالة التلوث قادرة على التعامل مع كل المعدات الموجودة بمصر والملوثة إشعاعيًا؟
- الوحدة لا تزال في بداية عملها وبالتالى لا تستطيع الانفراد بمعالجة كل المعدات الموجودة بمصر، ولكننا مثل أى شركة لدينا وحدة نقوم باختبار ما يأتى إلينا من معدات، ومع زيادة حجم السوق سيترتب عليه زيادة حجم عمل الوحدة وما زلنا في انتظار النتائج من أجل التوسع في العمل.
■ ما موقف النفايات المشعة منخفضة المستوى الناتجة عن المستشفيات؟
- تسبب النفايات الناتجة من المستشفيات عناءً كبيرًا لوحدة إزالة التلوث لأنه يتم الحصول على هذه النفايات بتكاليف منخفضة جدا، مما يجعل الهيئة في أغلب الأوقات مضطرة لتحمل تكاليف إضافية على حسابها الخاص في إطار حرصها الشديد على عدم إلقائها في الشارع، نظرًا للخطورة التى قد تسببها نتيجة هذا الأمر خاصة فيما يتعلق ببعض النفايات شديدة الخطورة والتى من أبرزها «القطن الملوث» الذى يوجد به مواد مشعة قد تشكل خطورة على العاملين بمجال صناعة ألعاب الأطفال التى تباع بأسعار رخيصة الثمن، وبالتالى الوحدة حريصة جدا بالحصول على هذه النفايات ومحاولة دفنها بطريقة آمنة حتى إذا وصل الأمر بأن تتحمل جزءًا من التكاليف.


■ هل لدينا نفايات متوسطة الإشعاع؟ وكيف يتم التخلص منها؟
- النفايات الملوثة متوسطة الإشعاع تنتج من مكان واحد فقط داخل مصر وهو ما يسمى بـ«Radioprotection facility» ـ في الطاقة الذرية، وبكميات متوسطة ونحن حتى الآن نحصل عليها ونقوم بمعالجتها وتخزينها بطريقة آمنة، حتى يتم التخلص منها في المدفن الآمن الخاص بها، ومع برنامج المحطات النووية الموجود في الضبعة سيتم إنشاء مدفن النفايات المشعة والمتوسطة، ويقع في أى مكان في مصر. 
■ كيف يتم التخلص من النفايات متوسطة وعالية الإشعاع في مصر؟
- للأسف لا يوجد مدفن نهائى في مصر للنفايات متوسطة وعالية الإشعاع خاصة التى قد تنتج من البرنامج النووى بمحطة الضبعة، ولكننا بصدد إنشاء مدفن لدفن هذا النوع من النفايات بصورة آمنة نهائيًا.


■ هل هذا المدفن سيكون موقعه بجوار محطة الضبعة داخل محافظة مطروح أم سيتم اختيار أماكن أخرى؟
- مكان المدفن سيكون مختلفًا عن مكان إنشاء المحطة النووية، ومن الممكن أن يكون في أى مكان بمصر.
■ كيف يتم إدارة النفايات المشعة؟
يتم ذلك بطرق متعددة ومختلفة، خاصة فيما يتعلق بالنفايات منخفضة المستوى الإشعاعى عن المتوسطة والعالية «تكون في كل دول العالم»، فقليلة المستوى نقوم بدفنها في منطقة بعيدة عن السكان والمناطق الصناعية ويصل عمق دفنها من ٥ إلى ٦ أمتار من الأرض، ويتم تسويتها بالأرض، إلى جانب عمل عدد من الدراسات لها قد تصل من ١٠ إلى ١٥ سنة حتى نضمن ألا تصل المواد المشعة المدفونة إلى المياه الجوفية باعتبارها «رعب المدفن».
■ لماذا يُطلق عليها «رعب المدفن»؟
- نظرًا لأن من يدفن المواد المشعة يكون رعبه الأساسى في أن تنزل هذه المواد للمياه الجوفية خاصة أن هذه المياه ليس عليها أى تحكم وبالتالى نقوم بعمل دراسات مشددة وعميقة جدا لتفادى أى تسريبات للمياه.


■ وهل ينتهى دور هيئة الطاقة الذرية بعد دفن النفايات المشعة منخفضة المستوى تحت الأرض؟
- على الإطلاق، لأن النفايات المشعة منخفضة المستوى تخضع لتحكم هيئة الطاقة الذرية لمدة ٣٠٠ سنة على الأقل لضمان الأمان للمواطنين، وبالتالى فإن دفن هذه النفايات يعتبر مكلفًا جدًا على الهيئة.
■ وماذا عن دفن النفايات المتوسطة وعالية المستوى؟
- النفايات المتوسطة المستوى تحتاج إلى تكنولوجيا مختلفة نقوم بدراستها حاليًا، خاصة أن دفنها يحتاج إلى مناجم قديمة سواء في الصحراء الغربية أو الشرقية والوحدة تجرى البحث عليها، حتى نتمكن من التعامل معها كمدفن آمن لمثل هذا النوع، أما دفن النفايات عالية المستوى فتكون تحت سطح الأرض أى تدفن تحت عمق يصل من ١٥٠ إلى ٢٠٠ متر، وهذا يحتاج أيضا إلى دراسات قوية جدا خاصة أن عمقها يصل لما بعد المياه الجوفية أى بعمق أكبر ليكون تحت المياه الجوفية.
■ هل ذلك يعنى أن مصر ليس بها مدفن للنفايات عالية المستوى؟
- بالفعل، الدولة المصرية ليس بها حتى الآن مدفن للنفايات المشعة متوسطة وعالية المستوى. 


■ كم يبلغ حجم النفايات المشعة الموجودة بمصر؟
- من الصعب جدًا حصر أعداد النفايات المشعة سواء من المستشفيات أو شركات البترول والمصانع التى تستخرج المصادر المشعة عالية الإشعاع وهذه نقوم بتخزينها في مخازن الهيئة حتى يصل المستوى الخاص بها إلى مستوى منخفض لكى يتم دفنه بمدافن خاصة به وبشكل آمن.
ومن ناحية أخرى، فإن حجم المصادر المشعة المغلقة غير المستخدمة في مخازن الهيئة قد يصل إلى ١٦٠٠ مصدر عالى الإشعاع أما النفايات الطبية فقد يصل لنحو ٢٠ كيلو مترًا في السنة ودخل الطاقة الذرية قد يصل إلى ٣٠ كيلو مترًا في السنة، وهذا دليل أن هناك كميات كبيرة من النفايات المشعة ويجب معالجتها بحرص حتى لا تضر بالبيئة.
■ هل هذه النفايات لها أى تأثير ضار على المواطنين؟
- على الإطلاق لأن دورنا الأساسى هو حماية المواطن حيث إن أهم شيء هو إدارة الإشعاع بطريقة مبررة للغاية من أجل الحماية الآمنة لجميع المواطنين.


■ هل تم التعاون مع وزارة البترول أم أن التعاون فقط مع الشركات فقط؟
- نتعاون مع وزارة البترول في أشياء متعددة ومشتركة ولكننا نتحدث عن تسويق خدمات معالجة النفايات والتلوث الإشعاعى للشركات وهذا يحتاج إلى سوق جماعية، وهو غير متوفر في معظم شركات البترول الحكومية، وبالتالى بعض الجهات الحكومية مثل الطاقة الذرية تلجأ للشركات الخاصة لكى تروج لها المنتج الخاص بها مثلما حدث في البروتوكول مع المجلس المشع.
■ وماذا عن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية؟ 
- الاستخدامات السلمية للطاقة النووية ينتج عنها نفايات مشعة قليلة ومتوسطة وعالية المستوى الإشعاعى كما يحدث في كل دول العالم «المستوى الإشعاعى العالى»، وطبقًا للقانون النووى المصرى فإن هيئة الطاقة الذرية هى الجهة الوحيدة المنوط بها إدارة النفايات المشعة على مستوى مصر والتى تشمل النقل والتخزين والمعالجة والدفن الآمن، طبقا لقانون ٧ لسنة ٢٠١٠ موضحًا أن الاتفاقية تقوم على التعاون في مجال إزالة المواد المشعة الطبيعية (النورم) التى تتراكم داخل المعدات البترولية في مجالات إنتاج البترول والغاز.