الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

خالد العيسوي يكتب.. البرلمان وخلية النحل

خالد العيسوي
خالد العيسوي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لدينا مثل شعبي يقول إن "من رأى ليس كمن سمع"، حقيقة مطلقة في كل الأحداث التي تمر بحياتنا اليومية، وكلما تتقابل مع أحد يقول لك سمعت كذا وكذا، وطبعا من باب "عارف كل شىء"، وأعلم كل حاجة، الكل يسمع بعضه دون الاطلاع، أو دليل.. وده بصراحة مرض للأسف الشديد أغلبنا وإن لم يكن الكل مصاب به.. وأنا بصراحة.. حتى وقت قريب جدا كنت من هؤلاء واسمع وخلاص وربما أردد ما سمعت بعيدا عن أنه صح أم خطأ، كنت حتى أيام قريبة أسمع عن مجلس النواب.. اللى كان معروف من زمان مجلس الشعب وتغيير اسمه في الدستور الجديد.. كنت أسمع دون رؤية بسبب قرار المجلس منذ البداية عدم إذاعة الجلسات العامة وهو قرار اتخذه المجلس بأغلبية الأعضاء مع بداية دورته الأولى من فصله التشريعي الأول، بسبب ظرف ما وقتها.
لكن منذ أن بدأت عملي داخل البرلمان وبدأت أكون مُطلع على جلساته العامة ولجانه، وجدت شيئا يحتاج إلى مراجعة هو أن يقدم المجلس نفسه للجمهور، فالحقيقة لم يعد الإعلام قادرا على توصيل الرسالة ولم تعد التغطيات الصحفية للمجلس على نفس المستوى الذي يحدث في المجلس، كان يُقال عن المجلس في الشارع إنه مجلس "سلق القوانين"، وكنت باسمع ذلك وربما كنت أصدق وأضيف على ذلك بأن ذلك ما يدور داخل أروقة البرلمان، ولكن بعد الاطلاع لا وألف لا، مجلس النواب يقوم عبر رئيسه وأعضائه ولجانه وأمانته ورجال إعلامه وموظفيه بجهد لا يستطيع أحد أن يتحمله كونه يأتي في مرحلة مهمة للغاية وتحتاج لثورة تشريعية تتواكب مع ثورة 30 يونيو والتحديات التي تواجه الدولة المصرية.
والحقيقة التي لا يعرفها معظم الشعب المصري وإن لم يكن كله، أن هذا المجلس عبارة عن خلية نحل تكاد تعمل ليل نهار من أجل وضع مشاريع القوانين ومناقشتها ودراستها والموافقة عليها وإرسالها إلى الجهات الدستورية والعودة مرة أخرى لإقرارها، بالعربي كده رحلة طويلة لا يعلم عنها المواطن غير التطبيق وأن المجلس صاحب هذا القانون.. والحقيقة أن المجلس برئاسة الدكتور علي عبدالعال يقوم بدور محوري ورئيسي وشاق ووطني وانتحاري في نفس الوقت من أجل إخراج القوانين بصورة تلبي طموحات المواطنين في تحقيق أهدافهم التي دائما وأبدا هي تحدٍ كبير بالنسبة للدولة في ظل هذه الظروف.. ولكي أكون معكم على أرض الواقع، خلال الأسبوع الماضي على سبيل المثال.. جاء التعديل الحكومي في مقدمة عمل الجلسة العامة، وكيف حرص رئيس المجلس على أن يكون الموافقة على التعديل عبر التصويت من قبل الأعضاء بعد عرض الأسماء وأن تكون الموافقة أيضا دستورية ولا تحمل أى مشكلات، بل وصل الأمر إلى أن رئيس المجلس أصر على عدم رفع الجلسة إلا بعد أن يأتي النائب الذي تم اختياره كوزير دولة للإعلام هو النائب أسامة هيكل (قبل الموافقة على استقالته) الوزير بعد التصويت عليها بعد حلف اليمين أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، حيث طالب الدكتور علي عبدالعال من النواب التصويت على قبول استقالة هيكل.
وفي نفس الجلسة العامة التي تم التصويت فيها على التعديل الوزاري حتى لا يقع المجلس في مخالفة دستورية وهذا لم يكن أمام الشعب على الهواء بل كان في الجلسات المغلقة، وهذا يحسب للمجلس ورئيسه، تم اتخاذ الإجراءات لشغل مقعد الوزير هيكل، أيضا تم الاستماع إلى النواب حول رأيهم في قانون الإدارة المحلية، وكان هناك مناقشات عنيفة للغاية وجادة بين من هو مؤيد لمناقشة القانون وبين الرافض، وكانت الأجواء تدل على مدى الحرية في الرأى والديمقراطية الواضحة وأن كل عضو صوته من دماغه كما يقال، بل وصل الأمر إلى أن بعض وسائل الإعلام تحدثت عن خلافات بين رئيس المجلس وبين رئيس أحد الأحزاب ذات الأغلبية في المجلس، وللأسف كما هي العادة، تم تصوير المشهد على أنه موقف متجمد من رئيس المجلس وبل ومتعنت، والحقيقة التي رأيتها بعيني ولم أسمعها كغيري، أن رئيس المجلس كان حريصا كل الحرص على وضع الأسس الدستورية والبرلمانية حسب لائحة المجلس فيما يخص رفض مناقشة مشروع القانون أو الموافقة عليه، بعد أن تمت المناقشات وكانت الأغلبية ترفض مشروع القانون، كان الموقف حسب لائحة المجلس هو إعلان الرفض في شكل يوضح من يدير المجلس هو رجل قانون دستوري كبير ذو خبرة عالمية يسعى فقط لتنفيذ القانون، وتأكيد الدكتور علي عبدالعال أن قانون الإدارة المحلية استحقاق دستوري لا يجوز رفضه من حيث المبدأ وإقراره رسالة بمكافحة الفساد واستكمال لمؤسسات دستورية وجودها ضروري، ولا علاقة بين إقرار القانون وتوقيت إجراء الانتخابات، كانت رسالة من رئيس المجلس للنواب عنوانها مصلحة المواطن.
موقف آخر رأيته لم أسمعه كغيري، هو عند مناقشة قانون خاص بالزراعة وآخر بالشارع، كانت عبارة عن قنبلة موقوته قام رئيس المجلس بتفجيرها في وجه الحكومة، بسبب غياب الوزراء، هو أن الحكومة مازالت تريد تصدير المشاكل للمجلس، وإن كنت يعني (هذا ليس مجاملة للحكومة وإنما من باب الحرص على إعطاء الفرصة) أن مناقشة قانوني الزراعة هذا والأخر التابع لوزارة التنمية المحلية جاءت بعد ساعات قليلة من التعديل الوزاري وأعتقد يعني أن كل وزير كان مشغولا بوضع وزارته بعد التعديل الوزاري وخصوصا أن وزير الزراعة كان جديدا، ولكن الدكتور علي عبدالعال أراد أن يضع النقاط على الحروف منذ الساعات الأولى للعمل مع الحكومة الجديدة ورفض مناقشة القوانين في غياب الوزراء المعنيين، وفي الوقت نفسه أراد إعادة هيبة المجلس بالقول للنواب: "على النواب عدم الانحناء أمام الوزراء، لأن مجلس النواب عندما يكون قويا يستطيع أن يفرض إرادته على الحكومة"، الحقيقة أنني شهدت هذا الموقف في لجنة الزراعة بحضور وزير التموين الدكتور علي المصيلحي لمناقشة طلب إحاطة بشأن أسعار قصب السكر والبنجر، وكان الوزير المصيلحي خير مثال للاستماع للأعضاء دون أي أزمة أو مشكلة رغم كلماتهم الشديدة، بل طلب من رئيس اللجنة ترك الأعضاء يتكلمون بكل حرية وراحة.
الحقيقة أن المواقف كثيرة ومتعددة وربما لا يسمح المقال بسردها كلها، لكن الحق أمام الله، المجلس برئيسه ونوابه ولجانه وأمانته وإعلامه، ينحتون في الصخر من أجل المواطن في غياب تمام عن عيون المواطنين بسبب عدم بث جلسات البرلمان، وهنا أستطيع القول إن المجلس ظلم نفسه ويتعرض "لظلم بيِن" من قبل المتربصين، البث مطلوب وخصوصا في هذه المرحلة لرفع الظلم.
ملحوظة مهمة: "الدولة العميقة مجموعة من الموظفين، وهم قلة، يقفون أمام كل إصلاح وتطوير، ولهم مصلحة في استمرار الأوضاع المخالفة للمواطنين لابتزاز أصحابها، ويظهرون عقب الثورات، والبيروقراطية الإدارية سبب إعاقة كل تقدم"، كلمات من ذهب لرئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال لمن هم خارج أروقة البرلمان.. والسلام ختام.