الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

جرائم السلطان التركي (6).. «سجون العثمانلي».. أردوغان على خطى أجداده.. تركيا الثانية عالميا في عدد المعتقلين

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أصبحت تركيا، في ظل رئاسة رجب طيب أردوغان، ثالث أكبر دولة أوروبية من حيث عدد السجناء مقارنة بالسكان، ويمتلئ سجل النظام التركى بتجاوزات خطيرة، في قطاع السجون، إذ تجرى أعمال تعذيب وتنكيل وقتل، تطلق عليها السلطات التركية صفة الانتحار للهروب من المساءلة.
ويجرى التعذيب في سجون النظام التركى، بشكل ممنهج، فقد تم رصد ألفين و196 واقعة، خلال عام 2018، و1123 واقعة تعذيب خلال العام الجارى، وتؤكد هذه الأرقام استمرار عمليات التعذيب، التى لم تعد تقتصر على السجون الثلاثة الشهيرة في إسطنبول وأنقرة وديار بكر فحسب، والتى تدخل ضمن قائمة أسوأ 10 سجون في العالم.



زنازين السلطان العثمانى.. تعذيب وتنكيل واغتصاب
سجل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، أرقاما قياسية في القمع وانتهاكات حقوق الإنسان، منذ توليه زمام القيادة عام ٢٠٠٣، وازدادت ضراوتها بعد مسرحية انقلاب ١٥ يوليو ٢٠١٦، ضاربا التحذيرات والانتقادات الدولية عرض الحائط.
فالسجون التركية تضم ٢٨٠ ألف معتقل، بينما الطاقة الاستيعابية القصوى لها ٢٢٠ ألف فقط بزيادة ٦٠ ألف معتقل، وهناك سجون طاقتها الاستيعابية ٥ آلاف فقط، ولكنها تضم ١٠ آلاف سجين.
وأصبح التعذيب في سجون العدالة والتنمية، يجرى بشكل ممنهج، فقد تم رصد ألفين و١٩٦ واقعة، خلال عام ٢٠١٨، و١١٢٣ واقعة تعذيب خلال العام الجارى، وهذه الأرقام مؤشر سلبى خطير على استمرار عمليات التعذيب، التى لم تعد تقتصر على السجون الثلاثة الشهيرة في إسطنبول وأنقرة وديار بكر فحسب، التى تدخل ضمن قائمة أسوأ ١٠ سجون في العالم، بحسب النائب التركى سازجين تانريكولو.
وكشف تقرير حديث نشره موقع «نورديك مونيتور»، عن تفاصيل عمليات التعذيب الممنهجة التى يتعرض لها ضحايا النظام في السجون، في مراكز سرية أنشئت خصيصا لتعذيب المعتقلين.
حيث أنشأت هيئة الأركان العامة التركية، مركز سرى للتعذيب داخل مقرها استخدمت فيه أساليب الإيهام بالغرق والصدمات الكهربائية على الضباط المؤيدين لحلف الناتو، حسبما كشفت الوثائق، وذلك وفقا لبيان صادر عن ضابط يعمل في إدارة التخطيط بالأمانة العامة برئاسة هيئة الأركان، أكد فيه أن العديد من زملائه الذين تم احتجازهم في أعقاب مسرحية انقلاب ٢٠١٦ تعرضوا للتعذيب من أجل إكراههم على تقديم اعترافات كاذبة.
وسائل التعذيب لم تقف عند هذا الحد، بل يتم الاعتداء الجنسى عليهم بعد وصلات العنف الجسدى، وكل ذلك لمجرد وجود شبهة علاقة بحركة فتح الله جولن المعارضة للنظام.
وهذا ما كشفته نقابة المحامين في محافظة أورفا التركية، إذ تلقت بلاغات بتعرض ٥٤ شخصا للاعتداء الجنسي، وحفلات تعذيب وإهانة، كما تم تهديدهم من قبل بعض الضباط، كى لا يتحدثوا عما تعرضوا له من تعذيب وإهانة.
وسلطت المنظمة الحقوقية الأمريكية «Advocates of Silenced Turkey»، الضوء على عمليات الاعتقال الجماعية والتعذيب التى تشهدها تركيا ولاسيما منذ محاولة الانقلاب المزعوم، إذ توفى ٩٣ شخصًا نتيجة عمليات التعذيب داخل السجون، نتيجة التعذيب المتواصل. 
ورصد التقرير تعذيب السيدات داخل السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للسلطات، من بينهم آيتان أوزترك، التى تم اعتقالها في مطار بلبنان أثناء سفرها لإحدى الدول الأوروبية هروبًا من الأوضاع المأساوية في سوريا.
وتعرضت أوزترك للتعذيب نحو ستة أشهر، من خلال احتجازها عارية، وخنقها بالمياه، وحرق أصابعها، ووضعها في صندوق يشبه التابوت لفترات طويلة حتى لا تتمكن من التحرك، إثر مزاعم تتعلق بارتباطها بحزب العمال الكردستاني، وتم تأجيل محاكمة أوزتورك إلى ٣ أكتوبر ٢٠١٩ وما زال احتجازها مستمرا.
«أردت الموت، ولم أعد أندهش لماذا ينتحر الأشخاص خلف القضبان»، هذا كان تعليق ظابط كيشي، وهو مواطن تركي، ظل مختفيا لمدة تزيد على المائة يوم، ثم ظهر ليعلن أنه كان رهينة لدى المخابرات التركية طوال هذه الفترة، حيث فوجئ باختطافه يوم ٣٠ سبتمبر ٢٠١٧، على يد عناصر من المخابرات التركية التى اعتادت تنفيذ عمليات بهذا الشكل، ضد معارضى إردوغان، أو منتقديه، أينما كانوا حول العالم، يراقبونهم، ثم يختطفونهم، ويأخذونهم في سلخانات التعذيب المنتشرة في مقار المخابرات والأمن التركي.

حزب العدالة والتنمية يحول البلاد إلى «قفص كبير»

بلغ عدد السجناء داخل السجون التركية، عند تولى حزب العدالة والتنمية، مقاليد الحكم في تركيا عام ٢٠٠٢، ٥٢ ألف سجين، في الوقت الذى أكدت فيها التقارير الحكومية التركية أن أعداد السجناء تضاعفت أكثر من ٥ مرات إذ بلغت ٢٨٠ ألف سجين، في ١٧ عاما فقط من حكمهم.
وتزايد عدد المعتقلين في تركيا عقب الحملات الأمنية الواسعة التى أطلقتها السلطات بعد انقلاب عام ٢٠١٦، والتى طالت عددا كبيرا من المواطنين من كل الأطياف بتهمة التورط في محاولة الانقلاب، إذ يوجد أكثر من ٦٠ ألف سجين صادر بحقهم مذكرات اعتقال.
ولاستيعاب الزيادة الكبيرة في أعداد السجناء، إذ يضطر آلاف السجناء إلى الاستلقاء على الأرض لأنهم لا يجدون لهم مكانا، أعلنت المديرية العامة للسجون ومراكز الاحتجاز التابعة لوزارة العدل التركية، أنها تخطط لبناء ١٩٣ سجنا جديدا خلال ٥ سنوات، ليُصبح إجمالى عدد السجون في تركيا ٥٨٢ سجنا، ومن بين هذه السجون، ١٢٦ سجنا في مرحلة الإنشاء و٢٣ سجنا في مرحلة المناقصة و٣٥ سجنا في مرحلة المشروع و٩ سجون في مرحلة التخطيط، بتكلفة إجمالية، ٢٦ مليار ليرة، حيث باتت عمليات إنشاء السجون تشكل قاطرة قطاع الإنشاء في البلاد.
وافتتحت السلطات التركية خلال الفترة الممتدة بين عامى ٢٠٠٦-٢٠١٩ (١٦٦) سجنًا جديدًا، وتعمل مصلحة ورش السجون التى تقوم بتوظيف السجناء على إقامة ٤٣ سجنًا حاليًا في مدن تركية مختلفة، ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من هذه السجون بحلول عام ٢٠٢١، على أن تصل تكلفتها إلى ٤ مليارات و٥٩ مليون ليرة.
وأرسل نائب حزب العدالة والتنمية في مدينة أغرى أكرم شلبي، رسائل نصية للمواطنين في المدينة بعنوان بشرى سارة، الغريب في الأمر أن بشارته كانت بناء سجن جديد في المدينة، ما يعكس عقلية الحزب.
وأثارت تلك السياسة اعتراضات بالجملة من المعارضة، إذ أكد نائب رئيس حزب الشعب الجمهورى تيكين بينجول رفضه لسياسات الحزب الحاكم قائلا: «من يريد أن يرى حقيقة هذا البلد، عليهم أن يلقوا نظرة على السجون، فقد تم الإعلان مسبقًا عن إنشاء ٣٧ سجنًا جديدًا خلال ٥ سنوات، إن هذا البلد لم يعد يشيد المصانع، لم يعد ينتج»، مؤكدًا أن أوضاع السجون تكون مؤشرا عن كيفية إدارة أى بلد، مشيرا إلى أن تعداد المحتجزين داخل السجون التركية تضاعف أكثر من مرة منذ وصول حزب العدالة والتنمية للحكم في ٢٠٠٢، رغم إطلاق سراح ٢٨٠ ألفا و٦٧٥ شخصا بسبب عدم وجود أماكن شاغرة داخل السجون التركية.

18 ألف امرأة خلف القضبان.. والاغتصاب والتحرش عقوبة جاهزة

المرأة التركية ليست أسعد حظا من الرجال، إذ لم يتورع النظام التركى في الزج بها في غياهب السجن، وتعرض كثير من النساء المحسوبات على حركة «الخدمة» للاعتقال، بلغ عددهن ١٨ ألف امرأة، شملت كل فئات المجتمع من ربات بيوت إلى صحفيات ومعلمات وأكاديميات وطبيبات ومهنيات وسيدات أعمال، بلا أى سندٍ قانوني.
وتشير أدلة موثوقة إلى أن العديد من النساء المحتجزات في أعقاب أحداث يوليو ٢٠١٦، يتعرضن بصورة روتينية للتعذيب وسوء المعاملة، ويصل الأمر إلى حد الاعتداء الجنسى، وتعد الكرديات والمدافعات عن حقوق الإنسان منهن، أكثر النساء تعرضا للقمع الحكومى.
ويعد سوء الرعاية الصحية وعدم تقديمها للسجينات أحد أنواع العقاب، ففى حالات عديدة كشف المحامون وأفراد عائلات الضحايا ونشطاء حقوق الإنسان مزاعم خطيرة، تتعلق بالتمييز وسوء معاملة النساء أثناء الحمل والولادة، ولاسيما فترة ما بعد الولادة.
وتتراوح حالات التمييز وسوء المعاملة بين القبض على النساء الحوامل، وحرمان النساء المحتجزات من الخدمات الطبية، واعتقال النساء مباشرة بعد الوضع. وبعد حملات القمع، اكتظت السجون المخصصة للنساء بالسجينات، وفقدت قدرتها على الاستيعاب، وقامت الحكومة التركية في سابقة خطيرة بسجن النساء في السجون المخصصة للرجال، لا سيما بعد أن وصل عدد السجينات إلى ١٨ ألف امرأة، وهو الأمر الذى يُمثِّل عقوبة إضافية تطبق على النساء، لأنها غير مجهزة لتلبية احتياجاتهم، فضلا عن أن أمن السجن يكون في يد الرجال غالبًا، بالإضافة إلى أنهن يتعايشن مع النزلاء من الرجال السجناء، وهكذا تعيش النساء في بيئة خطرة، حيث يكثر التحرش الجنسى بهن وأحيانًا يصل الأمر إلى درجة اغتصابهن، حيث يحرص مأمور السجن على تذكير المحامين الذين يمثلون النساء بهذه الرسالة لإبلاغها للنزيلات: «أبلغوا السجينات ألا يقاومن، فهذا سجن للرجال، وأمن السجن من الرجال، ونحن غير مسئولين عما يمكن أن يحدث».

تكميم الأفواه.. غلق الصحف والقنوات وحبس الإعلاميين

«حجر واحد وأهداف عدة»، هكذا استغل الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مسرحية انقلاب ٢٠١٦ الهزلية، في التخلص من جميع خصومه في ضربة واحدة، إذ كان بمثابة فرصة ذهبية لإعادة تشكيل الجيش، وتفريغ كامل الحياة السياسية من أية قوة يمكنها أن تنافسه في الشارع، خصوصا حركة الخدمة، التى يتزعمها حليف أردوغان القديم فتح الله جولن، والتى تنهل من نفس الأيديولوجية الإسلامية لحزب العدالة والتنمية، وتكميم الصحافة بالقبض على الصحفيين وإغلاق الصحف والمنصات الإعلامية.
الأمر الذى أدى إلى انتقادات دولية واسعة لما يحدث داخل السجون التركية، التى تحولت إلى مراكز تعذيبٍ للأصوات المنتقدة، أو المعارضة، مثل أكاديميين، ومعلمين، ومثقفين، ومفكرين، وصحفيين، ونقابيين، وناشطى حقوق الإنسان، ورؤساء بلديات، وأعضاء برلمان. وكشف مركز ستوكهولم للحريات، أن تركيا أصبحت أكثر دول العالم سجنا للصحفيين والإعلاميين وفقا للعديد من التقارير الدولية فرار عشرات الآلاف من المواطنين الأتراك إلى الخارج نتيجة الحملات القمعية في البلاد. وخضع ١١٠ صحفيين خضعوا لمحاكمات في تركيا في سبتمبر الماضى فقط، كما اعتقلت السلطات ٤ آخرين بتهم جاهزة ومعدة مسبقا. وتُظهر الأرقام التى وثقها المركز أن ٢٣٦ صحفيا وعاملا يقبعون في السجون، بينهم ١٦٨ قيد الاحتجاز في انتظار المحاكمة. فمن هذه الحالات التى تم الكشف عنها عائشة نور باريلداك، وهى صحفية شابة قبض عليها في ١١ أغسطس ٢٠١٦ بتهمة انتمائها لجماعة إرهابية، واتهمت بأنها تمتلك حسابًا في بنك آسيا، ويتابع حسابها على موقع التواصل الاجتماعي تويتر شخصية صحفية مجهولة تدعى فؤاد عونى.
وأرسلت عائشة رسالة من السجن تم تسريبها إلى صحيفة يومية خلال شهر أكتوبر ٢٠١٦، شرحت فيها تعرضها لسوء المعاملة والتحرش الجنسي.